يقول عالم الحيوان الإنجليزي «ديسموند موريس»:

البشرة الخالية من العيوب هي أكثر الصفات البشرية المرغوبة عالميًا.

وطبقًا لداروين، هذا بالأحرى هو ما جعلنا نتطور من كائنات يغزو وجوهها الشعر إلى المظهر المستساغ الذي نحن عليه الآن. كلما كانت البشرة أكثر نقاءً، تجانسًا، وتألقًا، كلما بدوت أكثر صحة، وشبابًا – وبلا شك أكثر نجاحًا في جذب شريك وضمان استمرار النسل.

هذه الرغبة في امتلاك البشرة المثالية، قادت سوق منتجات العناية بالبشرة إلى نمو هائل لاسيما في الآونة الأخيرة، حيث وصل حجم الأرباح العالمية إلى 143.5 مليار دولار، ومن المتوقع أن يتعدى الـ 183.03 مليار دولار بحلول عام 2024. ففي دولة كالولايات المتحدة الأمريكية، تتعدى نسبة المستهلكين ممن يستخدمون منتجات العناية بالبشرة بشكل يومي الـ 50%، في حين أن قلة قليلة لا تتجاوز الـ 6% نفت استعمالها لمثل هذه المنتجات قط.

في القرن الحادي والعشرين، أصبحت صناعة التجميل ترتكز على تطوير مستحضرات تجميلية cosmeceuticals تتضمن موادًا لها تأثير بيولوجي أو علاجي لتستهدف إحدى مشاكل البشرة مثل البقع، والتجاعيد، والحبوب، والجفاف وغيرها. لكن في وسط مئات المنتجات التي تغزو رفوف المتاجر والتي يدعي معظمها القدرة على إحداث المعجزات ببشرتك، أصبح اختيار حتى أبسطها مهمة شاقة!

لذا قمنا باختيار خمسة من تلك المستحضرات التي ثبتت فعاليتها بواسطة العديد من الدراسات والتجارب السريرية. رؤية إحدى هذه المواد على الملصق قد يثبت ما إن كانت ادعاءات المُصَّنِع حقيقية أم مجرد خدعة لترويج منتجه.


1. فيتامين ج «Vitamin C»

هل سبق وسمعتِ عن مضادات الأكسدة من قبل؟ حمض الأسكوربيك أو المعروف باسم «فيتامين سي» هو واحد من أقوى هذه الدروع لحماية البشرة.

في يوم حافل، يكثر تعرض البشرة لمجهدات بيئية مثل أشعة الشمس، والتلوث، ودخان السجائر. تلك العوامل لها القدرة على إحداث الضرر بالجلد عن طريق إنتاج سلسلة من جزيئات نشطة تعرف بـ«الجذور الحرة free radicals»، لا تستقر قبل أن تقوم بإتلاف عدد لا بأس به من الخلايا.

مضادات الأكسدة مثل فيتامين سي لديها القدرة على ردع هذه الجزيئات قبل أن تقوم بأكسدة الحمض النووي، أو البروتينات والدهون، فتحمي الخلايا من التلف. وهو ما يجعله مثاليًا للوقاية من أضرار التعرض للشمس، تخفيف حدوث الالتهابات، وحتى التقليل من خطر الإصابة بسرطان الجلد.

يلعب فيتامين سي دورًا رئيسيًا في التئام الجروح وتحفيز تصنيع الكولاجين، وهو بروتين طبيعي موجود بالبشرة ويؤدي نقصانه مع التقدم في العمر إلى ترهل الجلد وظهور التجاعيد. كذلك، قد يساهم في التقليل من البقع الصبغية وتفتيح البشرة، عن طريق تثبيط إنزيم التيروسيناز «Tyrosinase» المسئول عن تصنيع صبغة الجلد «الميلانين Melanin».

يتراوح التركيز الفعال لفيتامين سي من 8%-20%، في حين أن التركيزات الأعلى قد تتسبب في اهتياج البشرة دون فائدة تذكر. ونظرًا لحساسية المركب وسهولة تأكسده، من المهم التأكد أنه معبأ في حاوية معتمة ومصممة بشكل يحد من نفاذ الهواء أو الضوء.

تحتوي التركيبة المثالية على مزيج من فيتامين سي مع فيتامين هــ Vitamin E، وهو مضاد أكسدة آخر يعمل في تآزر مع فيتامين سي لحماية البشرة من الجذور الحرة. إلى جانب إضافة حمض الفريوليك ferulic acid، الذي يحافظ على درجة حموضة pH المنتج أقل من 3.5، وهذا ضروري لمنع حمض الأسكوربيك من التكسر وتحسين امتصاصه بواسطة البشرة.


2. النياسيناميد Vit B3:

مستحضرات تجميل، أدوات تجميل، بشرة، صحة

في حين يذيع صيت عائلة فيتامين ب في المكملات الغذائية لعلاج الأنيميا والتهاب الأعصاب في مرضى السكري، يحظى أحد أفراد هذه العائلة باهتمام خاص من قبل خبراء التجميل. يقدم فيتامين ب 3 أو الأكثر شهرة بـ النياسيناميد العديد من الفوائد للبشرة، والتي تشمل: تحسين ملمس البشرة، وتنعيم الخطوط الدقيقة والتجاعيد، وتوحيد لون البشرة مع التخفيف من البقع التصبغية، والبقع الحمراء، والاصفرار (الشحوب).

يعتقد الباحثون أن خواص فيتامين بـ 3 المتعددة تعود لدوره في تصنيع مركبات (NAD P)، وهي عوامل محفزة للعديد من التفاعلات الإنزيمية التي تؤثر في مظهر ووظائف البشرة، كما أن لبعضها خصائص مضادة للأكسدة.

واحدة من أهم المزايا التي يقدمها النياسيناميد للبشرة هي تعزيز خصائص حاجز الجلد والحد من فقدان محتوى الرطوبة من الطبقة الخارجية للبشرة. يرجع ذلك لقدرة الفيتامين على تحفيز تجدد الخلايا الكيراتينية المكونة لحاجز الجلد وتصنيع مكونات البشرة من بروتينات مثل الكيراتين، ودهون مثل الأحماض الدهنية الحرة والكوليسترول. امتلاك حاجز جلدي صحي يساهم في تقليل الهيجان والاحمرار عند تعرض البشرة لمواد قاسية مثل المنظفات والصابون.

قد يقدم فيتامين ب 3 أيضًا بعض الحلول للبشرة الدهنية أو المعرضة للإصابة بالحبوب كونه يعمل كمضاد للالتهابات ويقلل من إفراز السيبوم، وهو المادة الدهنية التي يفرزها الجلد ويؤدي تراكمها لتكون الحبوب. ففي دراسة نشرت عام 2013 في صحيفة البحث في العلوم الطبية، أثبت جيل 5% نياسيناميد فعاليته في علاج حب الشباب بكفاءة تعادل جيل 2% كلينداميسين (مضاد بكتيريا معالج للحبوب) دون ظهور أية أعراض جانبية. هذا إضافة إلى مساهمته في تقليل الاحمرار والبقع الداكنة الناتجة عن الحبوب.

على عكس مواد أخرى، أكثر ما يميز النياسيناميد كمادة مثالية لمستحضرات التجميل، هو كونه لطيفًا على البشرة، لا يسبب تهيجًا، مستقر كيميائيًا، ويتوافق مع العديد من مكونات العناية بالبشرة الأخرى.

أحد التركيبات الممكنة -على سبيل المثال- هو المزج بين فيتامين ب3 ومركب «إن-أسيتيل غلوكوز أمين NAG»، حيث يلعب NAG دورًا هامًا في تثبيط تكون صبغة الميلانين، في حين يمنع النياسيناميد انتقال حويصلات الميلانين من الخلايا المُصّنِعة إلى الخلايا الكيراتينية. فقد نجح مزيج (4% نياسيناميد+ 2% NAG) في التقليل من مظهر فرط التصبغ والتعزيز من حماية واقي الشمس، طبقًا لدراسة نشرت في الصحيفة البريطانية للجلدية.


3. حمض الهيالورونيك Hyaluronic acid

سر البشرة الشابة هو الترطيب، هذا الاعتقاد هو ما يجعل حمض الهيالورونيك واحدًا من أكثر صيحات التجميل شهرة، خاصة حينما يتعلق الأمر بمكافحة الشيخوخة، وهذا الصيت لا يأتي من فراغ!

يحتوي الجلد على نصف ما يصنعه الجسم طبيعيًا من حمض الهيالورونيك أو الهياليورنان، كعامل لدعم وتنعيم أعضاء كالمفاصل، الأعصاب، الشعر، العينين- وبلا شك- الجلد. لكن مع تقدم العمر، مثل الكولاجين، تقل كميته بالبشرة حتى النصف قرابة الخمسين، مما يؤدي إلى جفافها وفقدانها القوام والمرونة.

يمتلك حمض الهيالورونيك قدرة هائلة على الاحتفاظ بالرطوبة، حيث يمكن لجرام واحد أن يمتص حوالي 6 لتر من المياه. هذا يجعل وضع كريم أو سيروم حمض الهيالورونيك على بشرة جافة أشبه بنقع حبة زبيب في الماء لتنتفخ وتستعيد مظهرها السابق.

يعزز حمض الهيالورونيك من البنية المحيطة بخلايا الجلد ليبدو أكثر نعومة ونضارة مع تخفيف مظهر الخطوط الدقيقة والتجاعيد على الفور. ففي دراسة، من جامعة ميونخ بألمانيا، لتقييم أربعة كريمات مضادة للتجاعيد تحتوي على حمض الهيالورونيك من (باليا، نيفيا، لانكوم، وشانيل)، أظهر الاستخدام المنتظم لأكثر من 3 أشهر تأثيرات واضحة وإيجابية على عمق التجاعيد وتماسك الجلد.

وفي دراسة أخرى، تم ملاحظة فاعلية عدة منتجات تحتوي على 0.1% من حمض الهيالورونيك ضد التجاعيد بمنطقة حول العينين لمدة شهرين. وقد اتضح أن جمعيها أدى لتحسن كبير في ترطيب ومرونة الجلد، مع ملاحظة أنه كلما تم تصميم جزيئات الهيالورونيك لتكون أكثر خفة، كلما قل عمق التجاعيد بشكل ملحوظ.

هذا بالأحرى يعود إلى قدرة الجزيئات الأكثر خفة على اختراق الجلد بشكل أفضل. وهو السبب الذي يدفع الشركات لاستخدام ملح هذا الحمض «هياليورنات الصوديوم»، كونه يمتلك الخواص الترطيبية ذاتها مع حجم جزيئي أصغر وامتصاص أفضل.


4. الرتينول Vit A

مادة أخرى تحظى بشهرة كبيرة في عالم التجميل ومكافحة الشيخوخة هي مادة الرتينول، أحد أشكال فيتامين أ. تنتمي مشتقات فيتامين أ إلى عائلة الريتينويد Retinoids، وقد استُخدمت تلك بشكل واسع على مدار السنين، كالآيزوتريتينوين والأدابالين، في علاج العديد من الأمراض الجلدية مثل حب الشباب والصدفية.

عند وضعه على الجلد، يتحول الرتينول إلى شكله الفعال «حمض الرتينويك». وعلى الرغم من أن استخدام حمض الرتينويك مباشرة يظهر فعالية كبيرة في التقليل من علامات التقدم في السن وإصلاح ما أفسدته الشمس، إلا أنه يسبب تهيجًا شديدًا للبشرة مما دفع الباحثين إلى استخدام الرتينول عوضًا عنه.

يحفز الرتينول من تكاثر الخلايا الكيراتينية مما يزيد من سمك البشرة، كما يعمل على تحسين الدورة الدموية، ومنع تكسر الكولاجين بواسطة الأشعة فوق البنفسجية، وزيادة ترسيبه هو وغيره من البروتينات التي تلعب دورًا هامًا في الحفاظ على قوام ومرونة طبقة الأدمة. وقد أثبتت التجارب السريرية فعاليته في مكافحة التجاعيد وتحسين مظهر البشرة المسنة.

لسوء الحظ، من الشائع أن تتسبب كريمات فيتامين أ في احمرار، أو جفاف وتقشر البشرة حتى تتأقلم على استعمالها. لتقليل هذه الآثار الجانبية، ينصح في بداية الاستعمال بوضع كمية بحجم حبة البازلاء على وجهك كل ليلة أو كل ليلتين لعدة أسابيع، مع وضع مرطب وواقي الشمس في اليوم التالي. ينبغي أيضًا تجنب استخدام الرتينول في فترة الحمل والرضاعة.


5. أحماض الفاكهة AHA

مستحضرات تجميل، أدوات تجميل، بشرة، صحة

واحد من أشهر مكونات التقشير الكيميائي في عيادات الجلدية ومراكز التجميل هي أحماض الألفاهيدروكسي α-Hydroxy acids أو المعروفة بأحماض الفاكهة، والتي تشمل: حمض الماليك (في التفاح)، حمض الجليكوليك (في قصب السكر)، حمض التارتاريك (في العنب)، حمض اللاكتيك (في اللبن).

تحرص شركات التجميل على إضافة واحد أو اثنين من هذه الأحماض- لا سيما حمض الجليكوليك واللاكتيك- إلى منتجاتها نظرًا لقدرتها على ترطيب البشرة وتقشيرها. وبدلاً من الترطيب التقليدي الذي يعتمد على مواد دهنية تمنع فقدان المياه عبر طبقات البشرة، تقوم أحماض الفاكهة بتحسين قدرة الجلد على الاحتفاظ بالرطوبة عن طريق زيادة حمض الهيالورونيك في طبقتي البشرة والأدمة (إحدى طبقات الجلد وتقع أسفل طبقة البشرة)، هذا بدوره يخفف من التجاعيد والخطوط الدقيقة ويزيد من سمك، لمعان وإشراقة البشرة.

تعمل أيضًا أحماض الفاكهة على تقشير البشرة من خلال تفكيك الروابط الأيونية بين الخلايا وبالتالي تحفيز انحلال الطبقة القرنية القديمة والسماح لطبقة جديدة أكثر نعومة وشبابًا بالظهور. يعطي تأثير كهذا ميزة إضافية لهؤلاء ممن يعانون من الحبوب، أو من بشرة مسنة ومجهدة من الشمس.

فقد أوضحت نتائج دراسة نشرت عام 2010، فاعلية كريم أحماض الفاكهة في علاج الحالات الخفيفة والمتوسطة لحب الشباب مع تقبل عالٍ من المرضى، سواء استخدمت بمفردها أو مصاحبة لعلاج دوائي. كما اقترحت احتمالية استخدامها كعلاج وقائي في الحالات الأكثر شدة من حب الشباب.

تحتوي مستحضرات التجميل التي تناسب الاستعمال اليومي على تركيزات تتراوح بين 5%-20% من أحماض الفاكهة، تلك قد تتسبب في بعض الأعراض الجانبية الخفيفة، تزداد مع زيادة التركيز، مثل: الشعور باللسع والاحمرار. أما التركيزات الأعلى يجب ألا تستخدم إلا بواسطة طبيب أو خبير تجميل، حيث تزداد حدة الأعراض وقد تحدث حروق، تقرحات، ندبات فضلاً عن خطر الإصابة بعدوى.

ينبغي أيضًا الأخذ في الاعتبار أن استعمال أحماض الفاكهة (خاصة الجليكوليك) قد يزيد من حساسية البشرة للأشعة فوق البنفسجية الضارة، لذا يفضل استعمال أقل التركيزات الممكنة (10%>) مع الحرص على وضع كمية وفيرة من واقي الشمس، طبقًا لهيئة مراجعة مكونات مستحضرات التجميل CIR.