هل جاء لك طفلك ذات يوم يردد لفظًا خارجًا سمعه من أحد الزملاء في النادي أو المدرسة؟ إن تقليد الأقران ووسائل الإعلام هو أحد سمات الطفل في المرحلة العمرية (6-11 سنة). من السمات الأخرى التي تميز تلك المرحلة أن الطفل يختم بها الطفولة ويكون على مشارف المراهقة. فما هي باقي تلك السمات، وكيف توجه سلوكيات طفلك ليعبر تلك المرحلة بسلام؟


تجنب الجنس الآخر

تعتبر هذه المرحلة فترة كمون أو خمول Latency سابقة للبلوغ الجنسي في مرحلة المراهقة، حيث يتجنب الطفل الجنس الآخر، ويميل إلى جنسه في اللعب والحديث واختيار الألعاب. يرتبط ذلك بإدراك الطفل الواضح لهويته الجنسية كولد أو بنت. ببلوغ 9 أو 10 سنوات، يكون لدى الطفل فضول نحو الجنس الآخر، ولكن القليل من الأطفال من يعترفون بهذا الاهتمام، أما البعض فيصرون على أنهم مذعورون من الجنس الآخر، والبعض يعبرون عن هذا الاهتمام بشكل غير مباشر، حيث يتفاعلون مع الجنس الآخر عن طريق التباهي، والتصرف بسخافة وتعمد إغاظته.

وعلى الرغم من ميل كل طفل إلى بني جنسه، فإنه من المهم إتاحة الفرصة للاختلاط بين الجنسين، حتى لا يتكون الحائط الوهمي الذي يفصله عن الآخر مما يرسب فيه فيما بعد عقدة «الآخر شيطان» أو عقدة «الممنوع مرغوب». هذا مع ضرورة متابعة تصرفات الطفل أثناء اختلاطه بالجنس الآخر، وتعليمه آداب الاختلاط حيث لا يكون هناك انفراد بين ولد وبنت، وإن حدث فبشكل غير متكرر ولمدة غير طويلة، وأن يكون هناك مادة موضوعية تربطهما كلعبة أو كتاب.


تعلم الخصوصية

تقل في مرحلة الخمول تلك بعض السلوكيات الشائعة عند الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، كالفضول الجنسي وممارسة الألعاب الجنسية خاصة عند البنات، ولكنها قد تستمر عند بعض الأطفال مع حدوثها بشكل أكثر سرية.

وإن نال الطفل في المرحلة السابقة المعلومات التي تروي شغفه عن جسمه وجسم الآخر، وتم توجيهه بمفاهيم سليمة، فإنه لا يحتاج أن يحتال ليكتشف جسم غيره. وإن فعل، فعلى والديه توجيهه ببساطة ودون تعنيف إلى احترام خصوصية الآخر، فإن دافعه في ذلك هو حب الاستطلاع وليس الشهوة. كما يهم تعليمه أنه من الطبيعي أن يكون لديك فضول نحو جسمك، ولكن ليس كل السلوكيات الاستكشافية مناسبة في كل مكان وكل وقت.


الأسئلة الجنسية

يهتم الطفل في هذه المرحلة بالحمل، والولادة، وأدوار الجنسين. ومع التقدم في السن قد تتجدد الأسئلة الخاصة بالولادة والجنس والجماع ولكن على مستوى أرقى. ينبغي اعتبار الناحية الجنسية جزءًا عاديًا من الحياة وليس أمرًا شاذًا أو قبيحًا، وتجنيب الطفل أي نوع من أنواع الشعور بالإثم أو الخطيئة في هذا الصدد. ومهم أن يعرف الطفل الفرق بين الأعضاء التناسلية الذكرية والأنثوية، والاسم الصحيح والوظيفة المحددة لكل عضو من أعضاء الجسم.


التأثر بالأقران ووسائل الإعلام

في هذه المرحلة يبدأ تأثير الأقران ووسائل الإعلام في التزايد. وإذا لم تكن مصدرًا يمكن الاعتماد عليه في المعلومات لطفلك فسيلجأ إلى الأطفال الأكبر سنًا للحصول على المعلومات التي لن تكون صحيحة في الغالب.

وقد يلتقط الطفل في تلك المرحلة نكاتا جنسية وكلمات غير لائقة من الأقران ووسائل الإعلام، ويرددها ربما دون معرفة معناها ودون إدراك أنها قد تؤذي بعض الناس. اشرح لطفلك بهدوء لماذا هذه الكلمات والنكات غير لائقة واقترح عليه بدائل أفضل، وكن قدوة له في ذلك.

من المهم في هذاالصدد أيضًا أن يتعلم الطفل تقبل جسمه والاعتزاز به وبجنسه، وتقبل الاختلاف في أشكال الأجسام وأحجامها وألوانها، ومقاومة ضغوط الأقران ووسائل الإعلام لتحديد قالب معين للجمال والشكل المقبول. تحتاج أن تطلب المساعدة المتخصصة إن وجدت لدى طفلك صورة مشوهة عن جسمه، كأن يعتقد خطأ أنه سمين، أو عندما تجده منشغلًا بشكل زائد بوزنه ومظهره وصورة جسمه.


الاستعداد للبلوغ

من سن 8 إلى 10 سنوات يبدأ وعي الطفل بالتغيرات التي ستحدث أثناء البلوغ. ولذلك، يجب البدء في هذا السن في إعداده لتلك المرحلة وإفهامه أن جسمه سيتغير كلما تقدم في العمر، وتقديم المعلومات الصادقة.

مهم جدًا أن يبدأ إعداد الطفل للبلوغ في هذه المرحلة، لأن التغيرات التي تحدث له أثناء المراهقة قد تشعره بالذنب أو بالنفور من نفسه أو تدفعه للانقياد وراء الغريزة إن لم يكن مستعدًا. كما أن الحديث في تلك المرحلة قبل أن يختبر الطفل حدة المشاعر والغرائز عندما يصبح مراهقًا، يعزز فرصه في الاستماع وطرح الأسئلة بحرية.

وإذا بلغ الطفل 9-10 سنوات، وكان لا يبدي أي علامات لهذا الوعي أو بدا خائفًا، يجب طلب المساعدة المتخصصة. كذلك يجب عرض الطفل على طبيب متخصص إذا أبدى علامات البلوغ المبكر (أي قبل 9 سنوات). وتشمل تلك العلامات نمو الثديين عند الفتيات (والتي غالبًا ما تكون العلامة الأولى)، ثم الحيض (والذي غالبًا ما يحدث بعد سنتين أو ثلاث من ظهور العلامات الأولى). وعند الذكور، تشمل تلك العلامات نمو الخصيتين والقضيب، ثم خشونة الصوت كعلامة متأخرة.


فهم طبيعة العلاقات

تعتبر مفاهيم الأسرة والصداقة وغيرهما من العلاقات الإنسانية مفاهيم جوهرية للتطور الجنسي الصحي في تلك المرحلة، والتي تعد المرحلة الأساسية التي يستكشف فيها الطفل اتجاهات أسرته نحو الجنس والعلاقات الإنسانية. وفي هذا الإطار، يتعلم الطفل أن احترام مشاعر الآخر مكون أساسي للعلاقات الصحية.

كما يتعلم أن يتجنب العلاقات المستغلة، وأن يعبر عن الحب والحميمية بطرق مناسبة، وأن ذلك يختلف حسب طبيعة العلاقة. يفهم كذلك حقوقه ومسئوليته عن جسمه، من حيث الحفاظ على صحته وحماية خصوصيته، وتوعيته ضد التحرش الجنسي.

اقرأ أيضًا: دليلك لفهم وتوجيه السلوكيات الجنسية للأطفال حتى 6 سنوات

المراجع
  1. https://brightfutures.aap.org/BrightFuturesDocuments/9-Sexuality.pdf
  2. https://www.brightfutures.org/tools/BFtoolsMC.pdf
  3. http://www.webmd.com/children/tc/growth-and-development-ages-6-to-10-years-what-to-expect#2
  4. http://kidshealth.org/en/parents/development.html#
  5. http://www.webmd.com/children/guide/causes-symptoms#2
  6. كتاب "كيف نعلم أبناءنا عن الجنس"؟