صرخة مدوية حملها جهاز اللاسلكي من القائد الميداني لغرفة القيادة المركزية بالقوات المسلحة، حملت استغاثة كبيرة مفادها أن إمداداً كبيرًا للعدو يلوح في الأفق. «لقد هجم العدو بقواتٍ لا حصر لها وخسائرنا فادحة ومُحققة».

لم تتأخر ِإجابة القائد كثيرًا، والذي تساءل عن طبيعة الإمداد الذي لحق بقوات العدو، «ما نوع قوات العدو وتعداده، فقوات الدعم في طريقها إليك». باغته القائد الميداني بأنه لا فائدة من المزيد من قوات الدعم، «لا داعي لذلك سيدي إنها قوات من الروبوتات ولا داعي للمدد إنه انتحار غير مبرر، فعددهم لا يمكن حصره».

هذا ليس مشهدًا من فيلم خيال علمي وإنما هو مستقبل قريب جدًا أقرب مما نتخيل.

يزداد اعتماد الإنسان علي الآلات يومًا بعد يوم في كل مجالات الحياة، ففي ترحاله ومصانعه تستبدل الأيدى العاملة بالآلات الحديثة ممكنةً الإنسانية من الإنتاج المتلاحق وبكميات كبيرة دون نصب أو تعب أو أخطاء تُذكر مقارنةً بالبشر.

يمكن تعريف الروبوتات بالمعنى الواسع على أنها الآلات الميكانيكية التى يمكنها القيام بأعمال قد حُددت لها سلفًا بواسطة برنامج صُمم خصيصًا ليتلاءم مع تلك الآلة والوظيفة الموكلة إليها. ولقد انتشرت الروبوتات بشكل كبير فى عالمنا اليوم مثل مصانع السيارات بل السيارات نفسها أصبحت روبوتات فائقة، وكمثال لذلك سيارات تسلا التى تستطيع القيادة منفردة وكذلك الروبوتات التى تتمثل بالبشر كأسيمو ASIMO من شركة هوندا والذي كان في استقبال الرئيس الأمريكي السابق أوباما سنة 2014.

وكذلك نُسخ أخرى منها على سيبل المثال لا الحصر، Atlas robot , Valkyrie robot , InMoov robot , NAO robot، والتى يمكن استعراضها فى الفيديو التالى وكذلك الكثير من المحاولات لصنع روبوتات محاكية للبشر.


الروبوت أسيمو

وكان الهدف الرئيسي من استخدام الروبوتات في السلم هو توفير جهد الإنسان وأن نستبدله فى الأعمال الخطرة والمهددة للحياة لتحاشي الأخطاء البشرية قدر المستطاع وتسخير تلك الآلات لتكون رفقاء وخدمًا. وبذلك تدخلت تلك الآلات فى شتى مناحى الحياة حتى أنها الآن تستخدم فى الزراعة كوجود أول جرار آلي لا يقوده بشر قادر على العمل طوال 24 ساعة 7 أيام في الأسبوع بلا تعب أو نصب!

بيد أن الإنسان اصطحب الآلات أيضًا للحرب لتشاركه المهمة الأقذر على الإطلاق، مهمة القضاء على الجنس البشري، فرأينا الدبابات والطائرات والأسلحة بأنواعها. والتي كانت تتميز فيما مضى وحتى الآن بخضوعها التام لإرادة الإنسان ووعيه. ولكن التطور التكنولوجي في مجال الحاسبات الآلية والاتصالات أغرى الإنسان بصنع آلات أكثر تعقيدًا وذاتية القرار وهدفها الأساسي هو القتل!

ولكن بنهاية الألفية المنصرمة عرف العالم أنواعًا من الأسلحة تحت التطوير في معظم أنحاء العالم لصناعة أسلحة قتل مباشرة أو دعم قوات بالإضافة إلى بحوث الجنود الخارقين.


الجنود الخارقون

تتمتع بعض الحشرات كالنمل بقدرات عالية على التحمل وذلك لأن الله حباها بهيكل خارجى صلب (Exoskelton) وتوجد الأعضاء الحيوية بداخله عكس الإنسان الذى يوجد هيكله العظمي بداخل الجسد.

فبدراسة خصائص تلك الحشرات والهياكل الكيتينية المكونة لها تمكن العلماء من تطوير نوع من البزات القادرة على تغيير أداء الجنود في المعارك ورفع لياقتهم البدنية بغض النظر عن اللياقة الفعلية للفرد. وذلك أنها تتحمل عنه وزن ما يحمل من مؤن وعتاد مما يزيد من سرعته وقوة احتماله كما أنها تمكن الجنود من حمل أثقال لا قبل لهم بحملها في أي من الأحوال. وكما أن هناك سيفًا فدائمًا توجد درع، وكذلك فإن هذا الهيكل يمكن العجزة أو المصابين من المشي أو الركض أحيانًا.

يتكون هذا الروبوت من وحدة التحكم والحساسات وكذلك الأجزاء الميكانيكية المسئولة عن تحريك المجسم بتطابق مع حركة الجسم. وفى بعض نسخه يقوم بقراءة إشارات المخ وتمييزها والاستجابة بالحركة فى نفس اتجاة الإشارات أي أنه باختصار يتحرك كما لو كان جزءا من جسدك!

وفى هذا الفيدو بيان للقدرات التي يمكن أن يمنحها هذا الربوت للبشر.


الآليون المصاحبون للجنود

تستخدم الآن الروبوتات في العمليات العسكرية الخطرة كاقتحام الأماكن الخطرة أو تفكيك القنابل عن بعد وغيرها، ولكن يطمح المطورون إلى أبعد من ذلك حيث تعكف بوسطن دينمك، وهي شركة رائدة في صناعة الروبوتات، على صنع آليين يكون دورهم الإنقاذ وحمل المؤن للجنود المقاتلة فكان نتاجها سلسلة متميزة من الروبوتات، بيج دوج أو الكلب الكبير، وهو روبوت على شكل كلب ذي أربعة قوائم يتمكن من الحركة وحمل المؤن حتى 200 رطل ويستطيع أن يحاكي حركات الجنود المصاحب لهم من حيث الجري أو الاختفاء كما يمكن توجيهه للوصول لمصاب فى ساحة الحرب وكذلك ركس وبيتمان و giraffe dog.

ويمكن مشاهد هذا النوع من الروبوتات وكيف يمكنه أن يتفادى الحواجز بسهولة.

بيج دوج giraffe dog من إنتاج شركة بوسطن دينمك؛ إن ما يميز هذة الآلات أنها تتصرف وفق برنامجها الخاص والمعد سلفًا دون تدخل فى قراراتها ولكن يبقى السؤال الأهم هل يمكن يومًا ما أن يقرر أحدهم إعطاءها سلاحًا وأمرها بالقتل، هل يمكنها أن تميز العدو من الصديق؟

من منا لم يُفتن بأفلام المدمر Terminator، ومن منا لم تأخذه إلى عالمها من الحرب بين البشر والآلات. ومن الواضح أن ذاك العصر قد بدأت بشائره. إن ما رأيناه إنما هو غيض من فيض مما هو آت من علوم صناعة الموت.