مثَّل تاريخ الخامس من يونيو/حزيران 1967 مرحلة فارقة في تاريخ العرب الحديث؛ إذ انهارت فيه الأحلام القومية التي أشاعتها الناصرية طوال العقد السابق، وأفاق العرب على كارثة عسكرية مروعة ما إن انقشع غبارها حتى وجدوا الإسرائيليين داخل الأقصى وفوق الجولان وعلى ضفاف قناة السويس بعدما كانت الدعاية الناصرية المكثفة تعدهم بتحرير القدس ودخول تل أبيب.

وربما كان السكان الفلسطينيون في القدس والضفة الغربية وغزة هم أسرع من اكتشف زيف الدعاية، إذ إنهم هم من رأوا الجنود الإسرائيليون يدخلون القدس والضفة الغربية ويعلقون على أبواب بيوتها العريقة البلاغ العسكري رقم 1، في حين لم يستفق نظراؤهم المصريون والسوريون على حقيقة الكارثة إلا صبيحة الثامن من يونيو/حزيران.

في هذه المقالة تأريخ زمني بسيط للقوى والإجراءات التي واجهها السكان الفلسطينيون في القدس والضفة الغربية بُعيد تحقيق الانتصار العسكري؛ لضمان تحقيق السيطرة الكاملة في المناطق الفلسطينية المنضوية حديثًا في نطاق السلطات الإسرائيلية عبر تفريغها من سكانها بكل الطرق الممكنة خلال الشهور الأولى من الاحتلال وحتى نهاية عام 1967، وبعض أشكال المقاومة التي أبداها الفلسطينيون تجاه هذه الإجراءات، اعتمدنا فيه على ما قدمه أريئيل هاندل في ورقته «تأريخ زمني لنظام الاحتلال».

5 يونيو/حزيران 1967

اندلاع الحرب بين مصر وسورية الأردن من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، في نهاية الحرب سيطرت إسرائيل على الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان وشبه جزيرة سيناء.

7 يونيو/حزيران 1967

تعليق البلاغ العسكري الإسرائيلي رقم 1 على أبواب البيوت الفلسطينية أثناء تقدم قوات الجيش الإسرائيلي. جاء في البلاغ: «اليوم دخلت قوات الجيش الإسرائيلي المنطقة واضطلعت فيها بمسئولية ضبط النظام العام والأمن والحفاظ عليهما». وكان قد تم إعداد هذا البلاغ والأوامر الأخرى التي سيجري إصدارها لاحقًا في مكتب ممثل النيابة العامة الإسرائيلية في مطلع الستينات كجزء من بنية قانونية لحكومة عسكرية مستقبلية في مناطق محتلة، وفي نفس اليوم أيضًا صدر البلاغ العسكري رقم

2 الذي منح القائد العسكري الإسرائيلي السلطة التنفيذية والتشريعية الحصرية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، إضافة إلى سلطة إلغاء أو تعليق أي قانون محلي، وإلغاء أي قرار صدر بموجب القانون، وتجاهل القانون الدولي، وصرف أي مسئول، سواء كان منتخبًا أم معيَّنًا، ووضع النظم أو إلغائها.

وفيه أيضًا دمرت قوات الجيش الإسرائيلي ثلاث قرى (عمواس – يالو – بيت نوبا) في منعزل اللطرون، قرب الطريق الرئيسي بين القدس وتل أبيب، وأجبرت سكانها البالغ عددهم 8000 نسمة على الذهاب مشيًا باتجاه الشرق إلى منطقة رام الله، بهدف تحويل تلك المنطقة إلى منطقة عسكرية بالكامل. وعقب الحرب مباشرة انتشرت ظاهرة هدم المنازل حتى أنه بحلول أبريل 1968 كان قد تم هدم 5367 منزلاً، منها 1830 منزلاً في القرى الثلاث التي دُمرت بالكامل.

10يونيو/حزيران 1967

هدم حي المغاربة قرب حائط البراق من أجل تأمين منطقة خالية للمصلين اليهود.

13 يونيو/حزيران 1967

الحكومة العسكرية تعلن السماح لكل مواطني الضفة الغربية بالذهاب إلى الأردن، وتنظم خدمة وسائل نقل خاصة للفلسطينيين الراغبين في الرحيل. وأثناء الحرب وبعدها هرب أو طرد إلى الأردن ما بين 200000 إلى 2500000 فلسطيني.

15 يونيو/حزيران 1967

شُكِّلت لجنة من مديرين عوام لحل المشكلات المدنية والاقتصادية الناجمة عن الاحتلال. كانت اللجنة مؤلفة من المديرين العوام في وزارات متعددة، وكان يرأسها المدير العام في وزارة المالية الإسرائيلية، كما شكلت لجنة تنسيق برئاسة ضابط في الجيش، بهدف تنسيق أساليب التعامل مع المسائل السياسية والأمنية. وقد أصرت اللجنة الأولى على أن تتحمل الأراضي الفلسطينية تكلفة سد حاجاتها المدنية تحت الاحتلال وألا تقتطع أي من الوزارات المدنية الإسرائيلية شيئًا من مخصصاتها المالية لتمويل المهمات المدنية المتعلقة بالأراضي المحتلة.

18 يونيو/حزيران 1967

صدور الأمر رقم 25 الذي يحظر عقد أي صفقات تتعلق بالممتلكات والأراضي دون موافقة السلطات الإسرائيلية.

19 يونيو/حزيران 1967

الحكومة تصدر أول قراراتها المتعلقة بمصير الأراضي التي جرى احتلالها خلال الحرب، وورد في القرار أن الأراضي المذكورة ستظل وديعة إلى حين توقيع اتفاق سلام. وورد في القرار أيضًا أن قطاع غزة سيظل تحت السيطرة الإسرائيلية في أي حال من الأحوال.

20 يونيو/حزيران 1967

منظمة التحرير الفلسطينية تعلن أنها ستنقل مقرها الرئيسي إلى الأراضي المحتلة.

27 يونيو/حزيران 1967

إسرائيل تضم القدس الشرقية، إضافة إلى 28 قرية أخرى؛ أي مساحة تبلغ 70 كم مربع (مساحة القدس الشرقية التي كانت تابعة للأردن 6 كم مربع فقط)، رُسمت حدود المنطقة التي جرى ضمها على أساس مبدأ «أكبر مساحة من الأرض، أقل عدد من السكان العرب». وبنتيجة إحصاء جرى بعد وقت قصير من الضم، تبين أن 66000 فلسطيني يعيشون في المدينة عُرض عليهم الحصول على الهوية الإسرائيلية مقابل تخليهم عن المواطنة الأردنية. رفض كل الفلسطينيين تقريبًا هذا العرض، وهكذا مُنح الفلسطينيون المقيمون في المدينة بطاقات إقامة إسرائيلية وفرت لهم القليل من الحقوق المدنية والسياسية.

يوليو/تموز 1967

صدور الأمرين رقم 58 و 59، وينص الأمران، على التوالي، على أن أملاك الغائبين والممتلكات المدنية الخاصة بـ «العدو» سوف تُسلّم إلى الدولة. بموجب الأمر رقم 58، نقلت إسرائيل إلى ملكيتها، خلال السنوات الخمس التالية، 7.5% من أراضي الضفة الغربية. وبحلول عام 1979، كانت إسرائيل قد استولت على 13% تقريبًا من أراضي الضفة الغربية بموجب الأمر رقم 59. وفيه أيضًا سمحت إسرائيل لفلسطينيي الضفة الغربية الذين هربوا إلى الأردن في أثناء الحرب بالعودة إلى منازلهم، شرط العودة خلال 30 يومًا، وجرى تمديد التاريخ النهائي بضع مرات. خلال فترة شهرين ونصف، عاد ما يقارب 14000 لاجئ من بين 120000 لاجئ كانوا قد قدموا طلبات للعودة. خلال السنوات الخمس التالية، سمحت إسرائيل لما يُقارب 45000 لاجئ بالعودة إلى الضفة الغربية، ولم يُسمح للذكور من عمر 16 إلى 60 عامًا بالعودة.

2 يوليو/تموز 1967

الكنيست يُقرر تبنّي نظام قضائي مزدوج بحيث تجري محاكمة الإسرائيليين الذين يرتكبون جرائم في الأراضي المحتلة في محاكم داخل إسرائيل.

13 يوليو/تموز 1967

قُدِّمت «خطة ألون» أول مرة (اسم الخطة الرسمي: «مستقبل الأراضي المحتلة ومعالجة مسألة اللاجئين»)، وسوف تصبح الخطة الأساسية للاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة خلال العقد الأول من الاحتلال، رغم أنه لم يتم إقرارها رسميًا. العناصر الأساسية في الخطة: نهر الأردن هو الحد الشرقي لإسرائيل؛ يجري ضم وادي الأردن ومرتفعات الخليل الجنوبية والقدس الشرقية وغزة، وتكون مسرحًا لحركة استيطان واسعة؛ لا تُنشئ مستوطنات في المناطق ذات الكثافة السكانية الفلسطينية العالية التي ستُمنح حكمًا ذاتيًا؛ يُعاد توطين عدد من لاجئي قطاع غزة في الضفة الغربية.

16 يوليو/تموز 1967

السماح للحافلات بالسفر بين غزة والضفة الغربية.

أغسطس/آب 1967

توحيد لجنة المديرين العاملين ولجنة التنسيق اللتين أُنشئتا قبل شهرين لمعالجة الشئون المدنية والأمنية الحكومية في الأراضي المحتلة، على التوالي. تعيين منسق للعمليات الحكومية في الأراضي المحتلة رئيسًا للجنة الموحدة. نيطت بالمنسق، التابع لكل من وزير الدفاع ورئيس الأركان، مهمات مدنية وعسكرية.

22 أغسطس/آب 1967

إصدار الأمر رقم 92، صودرت بموجب هذا الأمر كل الموارد المائية في الضفة الغربية.

31 أغسطس/آب 1967

إعلان المدينة القديمة في القدس موقعًا أثريًا، لا يُسمح بالبناء فيه إلى حين انتهاء أعمال المسح الأثري.

سبتمبر/أيلول 1967

إجراء أول احصاء في المناطق المحتلة: كانت الضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية) تضم 667200 نسمة، وقطاع غزة 389700 نسمة.

4 سبتمبر/أيلول 1967

إضراب عام في مدارس الضفة الغربية دام شهرين احتجاجًا على ضم القدس الشرقية وعلى حظر بعض الكتب المدرسية.

10 سبتمبر/أيلول 1967

إسرائيل تصادر 100000 دونم (24000 فدان) من الأرض، لبناء خمس قواعد عسكرية في الضفة الغربية.

21 سبتمبر/أيلول 1967

أول حادثة ترحيل: اتهام القاضي الشرعي للضفة الغربية، عبد الحميد الزيّاح، بالتحريض، وترحيله إلى الأردن.

27 سبتمبر/أيلول 1967

إنشاء أول مستوطنة، كفار عتسيوم على أطلال مستوطنة يهودية كانت قد دُمرت خلال حرب 1948.

6 نوفمبر/تشرين الثاني 1967

منح الإسرائيليين حق الدخول إلى الأراضي المحتلة بصورة دائمة.

9 نوفمبر/تشرين الثاني 1967

رئيس الوزراء ليفي أشكول يطلب من المنظمة الصهيونية العالمية الحصول على مساعدة من دائرة الاستيطان في المنظمة لإقامة مستوطنات جديدة في الأراضي المحتلة.

15 نوفمبر/تشرين الثاني 1967

مجلس الوزراء يوافق على خطة وزير الدفاع، موشيه ديان، بشأن «الإدارة غير المرئية» في الأراضي المحتلة. العناصر الأساسية في الخطة هي عدم الظهور بصورة واضحة، وعدم التدخل، و«الجسور المفتوحة بين الضفة الغربية والأردن»، وحرية الحركة بين الضفة الغربية وقطاع غزة وبين المناطق المحتلة وإسرائيل.

22 نوفمبر/تشرين الثاني 1967

النائب العام، مائير شامغار، يسمح للفلسطينيين بتقديم التماسات إلى محكمة العدل العليا في إسرائيل. وتمارس محكمة العدل العليا (وهي أيضًا المحكمة العليا في منظومة المحاكم الإسرائيلية) المراجعة القضائية للفروع الحكومية الأخرى. في حال عدم وجود اعتراض من قِبل مكتب النائب العام تعترف المحكمة العليا بوضع السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. لكن محكمة العدل العليا قامت خلال السنوات التالية برفض معظم الالتماسات المقدمة من قِبل الفلسطينيين.

المراجع
  1. أريئيل هاندل، «تأريخ زمني لنظام الاحتلال». في: ساري حنفي، عدي أوفير وميخال غيفوني (تحرير)، «سلطة الاقصاء الشامل: تشريح الحكم الإسرائيلي في الأراضي المحتلة»، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2012). إ
  2. إيال وايزمان، «أرض جوفاء: الهندسة المعمارية للاحتلال الإسرائيلي»، (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر ومدارات للأبحاث والنشر، 2017).
  3. الموسوعة الفلسطينية على الإنترنت