محتوى مترجم
المصدر
Jacobin
التاريخ
2017/09/08
الكاتب
دوغ هينوود

في مقالة لي بداية الأسبوع الحالي أوضحت كيف أن الاستثمار العام وصافي الاستهلاك في الولايات المتحدة هو بالكاد فوق الصفر، وهذا يعني أن النفقات الجديدة على الأصول طويلة الأجل مثل المدارس والطرق ستستمر فقط لبعض الوقت قبل تدهور البنية التحتية القائمة. قد تعتقد نظرًا للأرثوذكسية النيوليبرالية أن القطاع الخاص يتصدى للركود. إلا أن الواقع على العكس من ذلك.

ويبين المخطط أدناه صافي الاستثمار الثابت للقطاع الخاص غير السكني، كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي. «صافي» هنا تساوي قيمة أقل (انخفاض القيمة النقدية للأصول القائمة مع مرور الوقت، لأنها تبلى وتُستهلك من قديم الأزل)؛ والخاص تعني غير الحكومي، وغير السكني من المفترض أن معناها واضح؛ والثابت تعني أنه متوفر دائمًا، على العكس من المخزون، والذي يعتبر من صور الاستثمار، حيث إن الشركات تدخره لبيعه في وقت لاحق.

يوضح المخطط العديد من الأشياء؛ أولًا، انخفاض مؤشرات الاستثمارات عمومًا، والاستثمار في المعدات على وجه الخصوص، والارتفاع البطيء لمؤشرات استثمار الملكية الفكرية «IP». الاستثمار في المعدات والبرمجيات -الآلات والحواسيب ومعدات الاتصالات وغيرها- هو أمر بالغ الأهمية لزيادة معدلات الإنتاج على المدى البعيد.

وعلى الرغم من أن ثمار هذه الزيادة يمكن استغلالها بأكثر من طريقة؛ مثل زيادة الأرباح و/أو زيادة الأجور، فإن نمو الإنتاج (بمعنى القيمة الدولارية لساعة العمل) يضع حدا أقصى لزيادة الدخل على المدى البعيد.

صافي الاستثمار الثابت للقطاع الخاص غير السكني، كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي

في عام 2016 كان إجمالي صافي الاستثمار الثابت 2.1% من إجمالي الناتج المحلي، فزاد قليلًا عن نصف متوسطه في الفترة بين 1950-2000، حيث كان يبلغ 3.8%، بينما الاستثمار في المعدات بلغ 1% من إجمالي الناتج المحلي، وهو أكثر بقليل من ثلث متوسطه خلال نفس الفترة حيث كان 1.6%. (وتُظهر الأرقام الأولية لعام 2017 تغيرًا طفيفًا عن مستويات عام 2016).

وبلغت أعلى قيمة لإجمالي الاستثمارات مؤخرًا 2.7%، خلال عام 2014، والتي هي أقل من مستويات الركود في العامين 1975 و1983، وتتماثل مع مستوى الركود المنخفض لعام 2003. وبعبارة أخرى؛ ففي أفضل السنوات الأخيرة، استثمرت الشركات بمعدل يقارب أو يتجاوز السنوات السيئة السابقة.

ولا يوضح المخطط الاستثمار في البنى التحتية -مثل المصانع والمباني المكتبية والمخازن- والتي يشبه مسارها كثيرًا مسار استثمار المعدات. إذ كانت حصتها 0.6% من إجمالي الناتج المحلي لعام 2016، وهو ثلث متوسطها في الفترة ما بين 1950 و 2000.

يستحق استثمار الملكية الفكرية (IP) بضع كلمات. فقد ارتفعت حصته من إجمالي الناتج المحلي، لكنها لا تزال 0.5%.

وعندما تذكر فوائدها الاجتماعية فهي متنوعة، فحوالي نصفها (47% في عام 2016) يُعتبر من البرمجيات، سواء التجارية أو المصممة من قبل الأفراد. بعض البرمجيات مفيدة؛ ككود WordPressالذي جعل لهذه المدونة وجودا وبرنامج Excelو Illustratorالذي جعل المخطط أعلاه ممكنًا، ولكن بعضها كذلك مغرور ومبالغ في أسعاره، مثل المسوخ التي تعمل عليها العديد من الجامعات.

ما تلاها كان البحث والتطوير بنسبة (42%) في العام الماضي، والذي كان بعض منتجاته مفيدة، ولكن عددا ضخما منها هو مجرد سعي للاستئجار من العلامات التجارية وتزييف براءات الاختراع. (المتهم الرئيسي هنا هو صناعة المستحضرات العلاجية، التي تُموَّل بحوثها الأساسية -إلى حد كبير- من قبل الحكومات والجامعات؛ شركات الأدوية تلاحق فقط المنتجات القابلة للتسجيل كبراءات اختراع، للحصول على مجموعة منها).

ونسبة الـ 11% المتبقية فهي من نصيب «الترفيه والأدب والفن الأصيل»، والتي تشمل صراع العروش ورائعة تايلور سويفت المسجلة. في حين أن هؤلاء يقدمون المتعة، إلا أن مساهمتهم في الازدهار على المدى الطويل من الصعب قياسها.

هذه المعدلات المنخفضة للاستثمار ليست بسبب نقص أموال الشركات؛ فمع انخفاض الأرباح بعد وصولها إلى ذروتها قبل عدة سنوات، لا تزال الشركات الأمريكية تتداول أموالها، غير أنهم لا يستثمرون الأرباح. وبدلًا من ذلك، يقومون بتصدير الكثير من الأموال إلى مساهميهم، بمتوسط 1.2 تريليون دولار سنويًا منذ عام 2015. وتتخذ عمليات التحويل للمساهمين تلك صورة التوزيع التقليدي للأرباح وشراء الأسهم (شراء أسهم الشركات الأخرى خلال عمليات الاستحواذ، وأسهمها نفسها كجهد مبذول لتعزيز أسعارها).

إذا عادت الشركات إلى ممارسات بدايات العصر النيوليبرالي (1952-1983، على وجه الدقة)، واستثمروا ليس نصف ولكن أقل من خُمس التدفقات النقدية التي تذهب لجيوب مساهميهم، فإنها كفيلة بأن تعيد صافي الاستثمار مرةً أخرى إلى متوسطه القديم. ولكن في ظل النموذج الحالي للرأسمالية، فالأهم -كما يبدو- هو الحفاظ على سعادة المساهمين.