نبدأ عامًا جديدًا، بآمال وتوقعات جديدة، نحاول معها الوصول لمزيد من النجاح والتقدم في مسيرة حياتنا. لكن من جهة أخرى، بالنسبة لعملاق التكنولوجيا آبل، لم تكن التوقعات جيدة بأي حال من الأحوال، فهناك انخفاض في الإيرادات المتوقعة في الربع الأول من عام 2019، مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في تداول أسهم الشركة.

ففي بريده الإلكتروني إلى المستثمرين، يوم الأربعاء 2 يناير، أوضح الرئيس التنفيذي لشركة آبل تيم كوك أن الأمور لا تسير على النحو المرجو من قبل إدارة الشركة. وتحديدًا، هناك انخفاض متوقع في عائدات الربع الأول للعام بما يعادل 9 مليارات دولار. وألقى توم كوك اللوم لهذا الانخفاض المتوقع على عدة عوامل، منها انخفاض معدل بيع أجهزة الآيفون، والحرب التجارية الأمريكية على الصين وهبوط معدلات السوق الصيني، وحتى برنامج استبدال بطارية أجهزة الآيفون.

في شهر أغسطس من العام الماضي، كانت قدرة آبل على تحدي قوى الجاذبية وتحقيق أعلى معدلات بيع لهواتفها هي العامل الأساسي في ارتفاع سعر أسهمها للسماء، لتتخطى قيمتها السوقية حاجز التريليون دولار. ولكن بعد وصول السهم لأعلى قيمة له في شهر أكتوبر، بدأت معدلات الانخفاض في الظهور، لتخسر الشركة حوالي 452 مليار دولار من قيمتها السوقية في ثلاثة أشهر فحسب، بما في ذلك عشرات المليارات يوم الخميس الماضي – 3 يناير – ليواصل سهم عملاق التكنولوجيا هبوطه.

والآن، سعر سهم آبل في أدنى مستوى له منذ ما يقارب العام ونصف، لتهبط قيمتها السوقية إلى المركز الرابع، خلف شركات مايكروسوفت وأمازون وجوجل.


تفاح فاسد وسط سلة النجاح

بصفة عامة، تعني عبارة «صُمم بواسطة آبل في كاليفورنيا»، والتي تُنقش بدقة على ظهر أي منتج تقني، أن المستهلك سيضمن أنه يملك بين يديه منتج عالي الجودة. لكن تاريخ الشركة التكنولوجية العملاقة، الذي يمتد على مدار 42 عامًا، لم يكن ناصعًا ومليئًا بأجهزة الآيفون والتي باعت منها الشركة ما يزيد على المليار جهاز.

في الواقع، حتى الشركة التي أحدثت ثورة هائلة في صناعة الكومبيوتر الشخصي مع جهاز ماكنتوش، كان لها نصيبها من الفشل والإخفاق على مر السنين. بعض التفاح الفاسد بداخل سلة النجاح العظيم الذي شهدته منذ نشأتها على يد ستيف جوبز وستيف وزنياك عام 1976. وعلاوة على ذلك، كما قال ستيف جوبز نفسه ذات مرة: «يجب أن تكون على استعداد للصدمات والحرق. إذا كنت تخشى الفشل، فلن تذهب بعيدًا».

فلنرى معًا بعض أكبر إخفاقات شركة آبل على مدى العقود الأربعة الماضية.

Apple III

جهاز apple 3

كان جهاز Apple II هو المنتج الذي قفز بالشركة لأعلى سلم النجاح لأول مرة عام 1977، عندما أصبح أول كمبيوتر شخصي ناجح تجاريًا، ليبيع ما بين خمس وست ملايين جهاز حتى إيقافه في عام 1993. فكان جهاز Apple II الكمبيوتر الذي قام ببناء شركة آبل، بينما جاء جهاز Apple III ليضربها في مقتل.

صدر Apple III في عام 1980، وكان مخصصًا للاستخدام من قِبل الشركات، ويتميز بوظائف أكثر للوحة المفاتيح وشاشة أكبر. ولكن أراد ستيف جوبز أن يعمل الجهاز بهدوء، لذا أصر على أنه لن يمتلك مروحة تبريد أو فتحات تهوية. فصممه المهندسون بحافظة من الألمونيوم للمساعدة في بقائه باردًا، ولكنه كان يتعرض للسخونة الشديدة على أي حال، ليتسبب أحيانًا في ذوبان الشرائح والأقراص المرنة -هل تتذكرها؟ بداخله.

رثى ستيف وزنياك أجهزة Apple III قائلًا: «إنها أجهزة فشلت بنسبة مائة في المائة». مما أجبر الشركة حينها على سحب واستبدال كل الأجهزة من السوق، والتي وصل عددها إلى 14 ألف جهاز، لينتجوا جهازًا معدلًا، أصلحوا به المشاكل السابقة، ولكن السمعة السيئة التي ارتبطت باسم الجهاز أعاقته من المضي قدمًا في السوق آنذاك.

أوقفت شركة آبل إنتاج Apple III في عام 1984، حيث قال جوبز إن الشركة قد خسرت مبالغ هائلة لا حصر لها من الأموال على خط الإنتاج.

The Apple Lisa

أبل ليزا

صدر جهاز Apple Lisa في عام 1983، واشتهر بكونه أول جهاز كمبيوتر تجاري يُباع معه الماوس، ويقدم واجهة المستخدم الرسومية (مما يعني أن الشاشة تحتوي على رموز وصور بدلًا من خطوط نصية فقط).

أنفقت آبل حوالي 150 مليون دولار لتطوير الجهاز، ولكنها باعت 10 آلاف نسخة فحسب، في عالم كانت تهيمن عليه أجهزة سطح المكتب الأرخص لشركة IBM. وبسعر باهظ قدره 10 آلاف دولار (بما يعادل أكثر من 21 ألف دولار اليوم)، يمكن لآلة الجهاز الحاسبة المدمجة أن تخبرك أن آبل خسرت الكثير من الأموال.

تم تحسين مواصفات جهاز Apple Lisa وخفض سعره إلى النصف تقريبًا، لكن انتهى إصداره بعد ثلاث سنوات فحسب. كما طُرد ستيف جوبز من فريق عمل الجهاز بواسطة الرئيس التنفيذي حينها جون سكالي، وانتقل إلى العمل على مشروع آخر وهو جهاز Apple Macintosh. ولسوء الحظ، فإن فشل الجهاز كان يعني أن الشركة ما زال لديها 2700 وحدة لم تُبع بعد، فلجأت للتخلص منها في مكبّ للنفايات بولاية يوتاه.

The Apple Newton

Apple Newton 2100

عندما أصدرت شركة آبل لأول مرة مساعدها الرقمي الشخصي The Apple Newton في عام 1993، كان الهدف من المنتج إطلاق ثورة في عالم الأجهزة التقنية المحمولة باليد. ليقدم الجهاز مزيّة الكتابة اليدوية المبتكرة، حيث يكتب المستخدمون على شاشة الجهاز باستخدام القلم، وسيقوم الجهاز بترجمة خط اليد إلى نص رقمي. تفاخرت شركة آبل عند تسويقها للجهاز بأنه قادر على أن يدون الملاحظات بسهولة مثل تدوينها على الورق.

ولكن كانت المشكلة الوحيدة هي أن مزيّة التعرف على الكتابة لم تعمل بصورة صحيحة كما كانت تأمل الشركة، ليؤدي ذلك غالبًا في ظهور مزيج من الكلمات غير المفهومة على الإطلاق. ليصبح جهاز Apple Newton مثارًا للسخرية في وسائل الترفيه حينها، مثل المشهد الشهير في المسلسل التلفزيوني «عائلة سيمبسون».

وكان الرئيس التنفيذي جون سكالي آنذاك يتوقع أن يبيع الجهاز مليون نسخة في عامه الأول، ولكن بدلًا من هذا باعت الشركة حوالي 50 ألف نسخة في الشهور الثلاثة الأولى، ثم توقفت عن الترويج لمبيعات المنتج مرة أخرى. أنهى ستيف جوبز رسميًا إصدار الجهاز بعد وقت قصير من عودته إلى الشركة في عام 1997. ليسخر لاحقًا من فكرة استخدام القلم بدلًا من استخدام الأصابع مباشرة.

وكما قال جوبز: «كان حدسي ينبئني أن هذه تكنولوجيا رائعة، ولكنها فشلت بسبب سوء الإدارة. وبعد إنهاء المشروع، أعطيت الفرصة لمهندسين جيدين لكي يعملوا على تطوير أجهزة محمولة جديدة. في نهاية المطاف، وصلنا للنجاح عندما أصدرنا أجهزة الآيفون والآيباد».

The Apple Macintosh TV

Macintosh TV

كان جهاز Macintosh TV إحدى المحاولات الفاشلة الأخرى التي ظهرت أثناء غياب ستيف جوبز عن الشركة التي شارك في تأسيسها. ظهر هذا الجهاز أيضًا في عام 1993، وكان بمثابة محاولة مبكرة للجمع بين جهاز الكمبيوتر وجهاز التلفزيون، وهو شيء نراه اليوم على كل شيء بدءًا من أجهزة الكمبيوتر المحمولة إلى الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية، ولكنه لم يكن أمرًا شائعًا في أوائل التسعينيات.

يشبه الجهاز بشكل أساسي كمبيوتر Macintosh LC 500، ولكن أُضيف له بطاقة موالف تلفزيون لتسمح للمستخدمين بتوصيله إلى الهوائي ليتمكنوا من مشاهدة برامج التلفزيون. ولكن ما لم يتمكن منه المستخدمون هو مشاهدة التلفزيون أثناء استخدام الكمبيوتر، حيث إن الجهاز لم يسمح لهم إلا بالانتقال من جهاز الكمبيوتر إلى جهاز التلفزيون كل على حدة.

ربما لو امتلك الجهاز خاصية صورة بداخل الصورة، لكان لقي رواجًا أكثر من قبل المستخدمين، ولكن مع افتقار الشركة للابتكار آنذاك، مع حقيقة أن الجهاز كان يكلف حوالي 2000 دولار، تسبب في فشله الذريع. باعت الشركة حوالي 10 آلاف جهاز فحسب، ثم أوقفت إصدراه نهائيًا بعدها ببضعة أشهر.

Apple Pippin

أبل، apple، ماكنتوش
Apple Pippin

في ذلك الوقت، كانت شركة آبل أكبر شركة مصنعة لأجهزة الكمبيوتر في العالم، ولكنها كانت تفقد أرضيتها سريعًا لصالح فيضان أجهزة الكمبيوتر التي تعمل بنظام الويندوز من مايكروسوفت. وفي محاولة لمزيد من المنافسة، قررت شركة آبل اتباع نموذج أعمال مايكروسوفت وتطبيقه على صناعة الألعاب.

ولكن كانت أجهزة PlayStation, Nintendo, Sega تسيطر على سوق صناعة الألعاب بالفعل، لذا تجاهل مطورو الألعاب وكذلك المستخدمين جهاز Apple Pippin عندما ظهر في الأسواق عام 1996. وبسعر يقدر بـ600 دولار، كان من المتوقع أن يبيع الجهاز حوالي 300 ألف نسخة في عامه الأول. ولكن وفقًا للتقديرات، تقع المبيعات الفعلية في مكان ما بين 12 و14 ألف جهاز فحسب في الولايات المتحدة. لتوقف الشركة إنتاجه نهائيًا في العام التالي.

كانت هذه بعضًا من أكبر إخفاقات عملاق التكنولوجيا آبل، ولكنها لم تمنع الشركة من مواصلة نجاحاتها الهائلة على مر السنين.