«Cada noche derbi, vuestra peor pesadilla» جملة وضعها ألترا سور مشجعي ريال مدريد كدَخلة لإحدى مباريات ديربي مدريد معناها «كل ليلة ديربي، نحن أسوأ كوابيسك» يعبِّرون فيها عن مدى رُعب فريق أتليتكو مدريد من مواجهة نظيره الملكي. الأمر كان كذلك دون أدنى مُبالغة فأتليتكو مدريد لم يستطع التغلُّب على جاره في الفترة مابين موسم 1998/1999 و موسم 2012/2013 حتى فكَّ سيميوني العقدة بفوزه على ريال مدريد في البرنابيو في نهائي الكأس 2013 وكسر صيام 14 عامًا من المُعاناة في الديربي.


قلب الطاولة

منذ تولي سيميوني مسئولية تدريب الأتليتي في ديسمبر/كانون الأول 2011 والفريق بدأ يكتسب شخصية البطل ففاز بالدوري الأوروبي في أول مواسمه وبالسوبر الأوروبي على حساب تشيلسي كذلك، وفي نهاية الموسم الثاني له قرر إنهاء هيمنة الميرنجي على الديربي بل وببطولة كأس.

في الثلاثة مواسم الأخيرة وقبل آخر ديربي تقابل الفريقان 6 مرات في الدوري فاز أتليتكو مدريد بـ 4 منها وتعادل الفريقان مرتين ولم يفز ريال مدريد مُطلقًا، هكذا حوَّل سيميوني ديربي مدريد من مُباراة لا يهتم بها أحد إلى مباراة ينتظرها الجميع كي يرى كيف سيقوم ريال مدريد بحل اللُغز؟


كوابيس سيميوني

في 2014: ريال مدريد لم يفُز بدوري أبطال أوروبا منذ 12 عامًا والفريق الآن وصل النهائي الذي زادت حدته بملاقاة أتليتكو مدريد، فرصة عظيمة لرجال سيميوني بتكريس تفوقهم في الدوري وحرمان ريال مدريد من حُلم العاشرة، بالفعل يتقدم جودين من خطأ فادح لكاسياس، الدقيقة الآن تخطت 92، دييجو كوستا يضحك على الدكة فرحًا بالنصر ولكن سيرخيو راموس يُقرر فجأة توجيه الكأس الغالية للبرنابيو برأسية مُذهلة.

في 2016: بعد عامين يتقابل نفس الفريقين في نهائي نفس البطولة ولكن الآن أتليتكو مُحمَّل بالرغبة في الثأر مما حدث في 2014، يدعمه تفوق كاسح في مباريات الديربي بين الفريقين آخر ثلاثة مواسم وإذ بجريزمان يُضيع ركلة جزاء في المباراة وخوان فران يُضيع في ركلات الترجيح ليُسجل رونالدو الركلة الحاسمة ويظفر ريال مدريد بالكأس وسط ذُهول بين مُشجعي الأتليتي.

«ريال مدريد لا يهزمك بالحظ، ريال مدريد يهزمك بتاريخه» هكذا رد دييجو سيميوني على المُحاور الذي سأله عما إذا لعب الحكم أو الصدفة في فوز ريال مدريد عليه مرة أخرى في نهائي أوروبا. إجابة تدل على اقتناع سيميوني بشيء ما وهو عدم قدرته على مواجهة الكابوس، فهو يستطيع الفوز على ريال مدريد في الليجا والكأس، بل يستطيع إذلالهم برباعية ولكن عندما يتعلق الأمر بصناعة الحدث والتاريخ يقوم ريال مدريد بتنحية سيميوني جانبًا ويتكفل بالأمر.

كذلك كان ذلك الديربي الأخير، فهو الديربي الأخير على فيسينتي كالديرون قبل أن ينتقل الأتليتي إلى ملعب جديد ونتيجته ستظل تاريخية، هو الديربي الذي يتخلل سلسلة من 28 مباراة بلا هزيمة للفريق مع زين الدين زيدان والهزيمة فيه ستكسر تلك السلسلة، هو الديربي الأول الذي يتفوق فيه أتليتكو مدريد على نظيره قبل المباراة في مواقع المُراهنات، لذلك اكتسب الديربي أهمية خاصة تجعل من الفوز به قيمة كبيرة يصعب على لاعبي الأتليتي تحملها، هكذا لمح سيميوني بعد نهائي دوري الأبطال 2016، الكابوس عاد ليظهر لدييجو من جديد.


المباراة

تشكيلة الفريقين وطريقة اللعب – المصدر: whoscored.com

لا مفاجآت من سيميوني في البداية، لعب كالمعتاد 4-4-2 بينما وضعت الإصابات زيدان في موقف حرج ولكنه استطاع أن يستفيد من الوضع، فغياب قلبي الدفاع الأساسيين راموس وبيبي ومحوري الوسط كاسيميرو وكروس وكلا المهاجمين بنزيما وموراتا عن التشكيل الأساسي جعلت زيدان يتخلي عن ال 4-3-3 المُقدسة أو يُقدمها بشكل جديد على الأرجح. حتى بداية المُباراة لم يكن يعلم سيميوني هل سيُشارك راموس أم لا؟ هل سيدفع زيدان ببنزيما أساسيًا؟ وإذا لم يشارك من سيحل محله؟ هذا هو السيناريو الأسوأ لمدرب مثل سيميوني يجيد التخطيط للخصم ويرتبك عند أي مفاجئة.

مفاجئة زيدان واللعب بطريقة سيميوني نفسه

لعب زيدان بالطريقة المُفضلة عند سيميوني 4-4-2 ، فاسكيز وبيل على الأجنحة وإيسكو خلف رونالدو، الخدعة لم تكن في ال 4-4-2 ولا في إشراك فاسكيز ولكن كانت في أدوار بيل و إيسكو، توقع الجميع أن يكون بيل في دور حر وإيسكو جناح أيسر ولكن زيزو قرر أن يستغل قُدرات إيسكو في السيطرة على الكرة في المساحات الضيقة والتي يُجيدها أكثر من بيل وأن يتكفل بيل بالرواق الأيسر حيث الانطلاق بالكرة والعرضيات التي يُتقنها أكثر من إيسكو.

كذلك تواجد إيسكو في مركز حر قام بتعقيد مهمة جابي وكوكي اللذان تشتتا بين محاولة بناء اللعب ومحاولة مُراقبة إيسكو كثير الحركة، حتى أن دييجو قام بإخراج جابي في تغيير نادر.

كم الحركة بدون كرة الذي أعطاه لاعبو ريال مدريد في تلك المباراة أشعر الجميع وكأن سيميوني هو من يدرب الفريق الأبيض.
تحركات وعدد لمسات لاعبي الوسط: ريال مدريد 338 يمين مقابل 297 لـ أتليتكو مدريد يسار – المصدر: whoscored.com

كذلك الالتزام والانضباط الدفاعي من ناتشو وفاران كان خارج التوقعات، فناتشو لاعب احتياطي وفاران لم يستعد مستواه الرائع منذُ إصابته قبل اليورو الأخير ولكن في تلك المُباراة لم يسمحا لمُهاجمي الروخي بلانكوس بالتنفس حتى في منطقة كيلور نافاس.

فاران يفوز بـ 5 صراعات هوائية مُقابل واحدة لجودين – المصدر السابق

التواضع الذي لعب به ريال مدريد في الديربي والالتحام والقتال على كل كرة أشعر لاعبي الأتليتي أنهم يواجهون فريقًا يريد الفوز وبطريقتهم، كان شيئًا غريبًا وعندما أيقنه سيميوني كانت النتيجة تُشير بتقدم اللوس بلانكوس بثلاثة أهداف مُقابل صفر.

كل السابق من حركة كثيرة والتزام خططي والاختراق وتكوين جبهات لعب من الأطراف هو مُميز لفريق سيميوني ولكن زيدان قرر الاستعارة لمُباراة واحدة. أدار زيزو المُباراة كمباراة شطرنج، لاعب بلاعب وجبهة بجبهة وبالفعل مارسيلو وبيل، وكارفخال وفاسكيز أبطلا خطورة أطراف الأتليتي وأجبرته على محاولة صناعة اللعب من العمق التي فشلت لانشغال كوكي وجابي بإيسكو وعدم وجود لاعب 10 حقيقي.


كريستيانو رونالدو

ديربي مدرير

أصبح يصعُب وصفه فهو ليس بمجرد أسطورة أو لاعب عظيم في كرة القدم، هو شيء أكبر من ذلك لا لأهدافه التي تخطت عدد مبارياته في إعجاز ولكن لأنه دائما يستطيع العودة، فكلما قيل أنه انتهى يظهر من جديد وبشكل قاطع ليرد على كل من انتقدوه، هو يتغذى على النقد، هل هناك أجمل من هاتريك على الدفاع الأقوى في أوروبا الموسم الماضي على ملعبه وكسر رقم الهداف التاريخي للديربي في الديربي الأخير قبل إغلاق الملعب. ومن ثم فقد كانت صحيفة الماركا مُحقة في عنوانها: «كريستيانو يُغلق الكالديرون» والسر دومًا في الروح، في الجماعة.

الليجا من أصعب بطولات الدوري في العالم على عكس الشائع لأن فُقدان النُقطة فيها له حسابه ويصعُب تعويضه، لذلك هناك رأي بأن الليجا تُفقد ولا تُكسب،أي أن الفريق الأقل أخطاء هو الذي سيتحصل على اللقب. ريال مدريد فاز بدوري الأبطال مرتين في آخر 3 مواسم ولكنه خسر الليجا في آخر 3 مواسم بفارق 3 نقاط، نقطتين، نقطة على الترتيب، السر في ذلك دائمًا هو أن لاعبي الملكي لا يلعبون بوتيرة واحدة في الليجا، يستهترون بالخصوم الأقل و النتيجة فقدان النفس الطويل في المُنافسة وخسارة اللقب، لكن في منافسات دوري الأبطال المباريات دائما تكتسب أهمية من صفة خروج المغلوب وبالتالي تجد اهتمام أكبر من اللاعبين.

الدليل على ذلك أنه في الموسمين السابقين فاز ريال مدريد على برشلونة مرتين وانهزم مرتين ولكنه لم يستطع الفوز على ملقا على البرنابيو وخيخون في ملعبه! والآن ومع زيدان يظهر اهتمام أكبر بكل مباراة في الليجا، تشعر وأن اللاعبون يُريدون تحقيقها بعد غياب 4 مواسم، إن استمرت روح التواضع التي ظهرت في الكالديرون سيكون من الصعب خروج اللقب من البرنابيو.