قبل أيام غادرت بعثة نادي الزمالك مطار القاهرة وسط حضور الآلاف من الأنصار والمشجعين جاءوا جميعًا لتقديم المساندة المعنوية للفريق الذي يستعد لخوض مواجهة مرتقبة وشديدة الأهمية، أخيرًا الزمالك على موعد هو الأهم على المستوى القاري خلال السنوات الماضية بوصوله لنهائي دُرة البطولات الإفريقية.

وسط أجواء نوستالجيا تحمل ذكريات 2002م وآمال عريضة للتتويج والظفر بالنجمة السادسة ومتابعة إعلامية يلتقي الزمالك مع مامولدي صن داونز الجنوب إفريقي السبت 15 أكتوبر/تشرين الأول بذهاب نهائي دوري الأبطال الإفريقي بملعب الخصم.

الأبيض سبق له مواجهة صن داونز أو برازيل إفريقيا –كما يلقب- خلال البطولة بدور المجموعات ونال الخسارة ذهابًا وإيابًا مما يزيد دوافع الفوز للاعبي الزمالك، وهو الأمر الذي دعا قطاعات واسعة من الجماهير البيضاء عن التساؤل والبحث لسبر أغوار الفريق الخصم سواء فنيًا أو تاريخيًا.

تتبعنا آخر مواجهات الفريق المحلية وبالتأكيد مباريات نصف نهائي البطولة ودور المجموعات للوقوف على نقاط القوى والضعف والتوصل لأهم الملحوظات التي يجب أن ينتبه إليها قائد الزمالك مؤمن سليمان.


أولاً: على المستوى الفني

ورطة الزمالك تتمثل في النقص العددي الحاد بقائمته الإفريقية وبالتالي ندرة الخيارات المتاحة للمدير الفني مؤمن سليمان سواء بالتشكيل أو بالتعديلات التكتيكية داخل أجواء المباراة.

تشكيل الزمالك يبدو سهل التوقع خصوصًا إذا اختار مؤمن أسلوب لعب (4-3-3).

التوقعات ترجح أحمد الشناوي بحراسة المرمي، خط الظهر: أحمد توفيق، علي جبر، إسلام جمال، رمزي خالد، منتصف الميدان للثلاثي: طارق حامد، معروف يوسف، إبراهيم صلاح، أما مثلث الخط الهجومي فيتكون من: أيمن حفني أو شيكابالا، ستانلي أوهوتشي، باسم مرسي.

كيف يمكن للزمالك استغلال نقاط ضعف الخصم وفرض أسلوب لعبه وعدم الاستسلام لخانة رد الفعل؟

نقاط ضعف صن داونز

1. نقطة الضعف الرئيسية بالفريق الجنوب إفريقي هي المدافع المسّاك!

يفضل «بيتسو موسيماني» اللعب بـ2 مسّاكين ضمن رباعي خط الظهر، يعاني الثنائي «تابو نتيتي و واين أريدسي» من مشاكل واضحة بمراقبة الخصم خصوصًا في الكرات العرضية، ظهر ذلك بوضوح خلال مباراة «زيسكو يونايتد» كما نهائي الكأس المحلي أمام «بيدفيس».

الصور تظهر بوضوح سوء تمركز المدافعين وتقدم المهاجمين لزوايا التسديد.

مباراة صن داونز وبيدفيس- يبدو بوضوح سوء مراقبة مدافعي صن داونز للاعبي الخصم رغم الزيادة العددية لصن داونز
الأمر ذاته بمباراة زيسكو يونايتد- مدافعي صن داونز تركوا زوايا التمرير للخصم وسمحوا للاعبي الوسط التمركز بحرية داخل منطقة الجزاء

الثنائي يعاني أيضًا من الكرات الطولية بعمق الملعب سواء الأرضية أو المرتفعة خصوصًا في المرتدات السريعة، بل إن «محمد إبراهيم» سبق أن سجل بمرمي صن داونز عن طريق الكرات الطولية واختراق المسافة بين ثنائي الدفاع.

https://www.youtube.com/watch?v=IN32_Wu2Y54

مهمة باسم مرسي تبدو واضحة، فقط يحتاج لدعم بصناعة اللعب والتمركز بجانبه.

2. حارس المرمي «أونيانجو» هو الآخر متوسط المستوى، من السهل تسجيل هدف بمرماه خصوصًا عن طريق التسديد بزوايا المرمى، بل من الضروري تهديد مرماه مبكرًا.

الحارس أحيانًا يتردد بالخروج الخاطئ من مرماه بسبب سوء الرقابة، فقط على أحد لاعبي منتصف الملعب أو الطرف العكسي أثناء العرضيات تدعيم «باسم» بالتواجد داخل أو على خط منطقة الجزاء.

الفوز بالكرات المشتتة «Second ball» من المدافعين والحارس بالثلث الأخير لصن داونز ضروري للتسجيل.

من مباراة بيدفيست- صورة توضح سوء رقابة المسّاك للمهاجم التي نتج عنها خروج خاطئ للحارس والذي تسبب في إحراز الهدف الثاني بالمباراة النهائية.

3. نقطة الضعف الأخرى التي لا يمكن إغفالها هي سوء تغطية الظهيرين العكسية خصوصًا عند المرتدات، مباريات صن داونز الأخيرة تبرز مساحات شاسعة وسوء رقابة واضح يسمح للاعب الطرف الإنطلاق نحو منطقة الجزاء وحيدًا.

«مصطفي فتحي» يمكن أن يكون له دور هام كبديل بالشوط الثاني خصوصًا بالجبهة اليمني حيث ظهير صن داونز الأيسر «تباجو لانجرمان».

لقطة من مباراة بيدفيست- يبدو واضحًا سوء تغطية الظهير الأيسر «لانجرمان» العكسية وحرية الطرف المندفع نحو منطقة الجزاء. اللقطة أيضًا تبرز إتاحة زوايا التسديد لكل مهاجمي الخصم.

4. صن داونز فريق يفضل بناء الهجمة من الخلف ومنتصف الملعب عن طريق اللعب الأرضي، لكن أحيانًا يرتبك لاعبوه بسبب الضغط العالي ومحاولات قطع الكرة وهو ما يتوفر ببعض لاعبي الزمالك كباسم مرسي وستانلي ومعروف وطارق حامد.


نقاط القوة

1. الزمالك يواجه فريقًا يجيد تنظيم وإدارة الهجمة خصوصًا بعد انتقال الكرة من نصف ملعبه، لاعبوا وسط صن داونز يمتلكون القدرة علي إبتكار الحلول الهجومية عن طريق نقل الكرة بمساحات الخصم أو تقديم الدعم للظهيرين أو حتي اللعب العمودي لرأس الحربة.

لقطة من مباراة صن داونز وزيسكو يونايتد تكشف حسن إنتشار الفريق الجنوب الإفريفي رغم تكتلات الخصم بفضل التحرك المنضبط في شكل مثلثات.

2. حسن التمركز الهجومي داخل مناطق جزاء الخصم سمة رئيسية للفريق الجنوب الإفريقي، يجيدون استغلال الكرات العرضية وسبق لهم التسجيل مرتين في الزمالك بالقاهرة بسبب الفوز بالكرات المشتتة «Second ball» والوقوف علي مسافات قريبة دون رقابة من المدافعين.

هدف صن داونز بالزمالك جاء بسبب تمركز لاعب الوسط داخل منطقة الجزاء بدون مراقبة.

3. «برازيل إفريقيا» تشبيه يشير لإمكانيات لاعبي صن داونز التي أعلنت عن نفسها بوضوح خلال جولات البطولة حتي صار الثلاثي «بيليات، كاسترو، دولي» محل اهتمام ومتابعة من أندية كبرى، الخبر السعيد لجماهير الزمالك هو احتمالية غياب كاسترو عن المباراة بسبب الإصابة.

الثلاثي يجيد التحرك خارج منطقة الجزاء والاشتراك بصناعة اللعب كما تبادل المراكز بسلاسة فيما بينهم، الأهم قدرتهم على تعريض الملعب لخلق مساحات للمنطلقين من لاعبي وسط الملعب كـ«كاكونا ومابوندا» اللذان لا يقلان مهارة، كوكانا ومابوندا علي درجة عالية من التفاهم فيما يلعب صن داونز بأسلوب لعب 4/4/2 أو 4/4/1/1 فإن الثنائي الأخير يتبادل الأدوار الدفاعية والهجومية.

4. الدور الدفاعي لوسط ملعب صن داونز يصبح أحيانًا عاملًا مميزًا بسبب الضغط على حامل الكرة من الخصم ثم الارتداد الهجومي الخاطف الذي يسبب خطورة ملحوظة.

طارق حامد تعرض للضغط من الفريق ذاته فقد على أثره الكرة وتحولت لهدف أول بعد ثواني بمرمي الشناوي.


كيف يمكن لمؤمن سليمان تخطي تلك العقبات؟

1. انكماش لاعبي الزمالك واللجوء للتمترس حول مرمى الشناوي سيمنح صن داونز وسط الملعب للتحضير والانتشار والحفاظ على خطوطهم متماسكة، الظن بأن عرضيات الفريق الأصفر أقل خطورة من محاولة الخروج لاستخلاص الكرة منهم خاطئ تمامًا ، كاد «الوداد» المرور للنهائي بفضل العرضيات فقط! الضغط العالي سلاح أقوي لتعطيل تحضير الهجمة وضرب ترابط خط وسط صن داونز بخط هجومه.

2. معالجة أخطاء خط ظهر الزمالك التي تسببت في هز شباكه بنفس الطريقة لا تبدو رفاهية، التمركز والرقابة أثناء العرضيات والكرات البينية خصوصًا بوجود خصم يجيد التحرك كما الحد من خطورة إنطلاقات لاعبي الوسط لعمق منطقة جزاء الأبيض أمر ضروري للخروج بأفضل نتيجة.

3. عبء كبير على خط وسط الزمالك بإدارة المباراة، فيما تبدو المهام الدفاعية للثلاثي طارق حامد، إبراهيم صلاح، معروف يوسف واضحة بتدمير هجمات صن داونز وإعاقة صناعة اللعب فإن الأطراف «ستانلي، شيكابالا/حفني» مكلفون بمساندة دفاعية تمنع وجود مساحات أو زوايا تمرير بهدف تعريض الملعب.

4. صحيح أن دكّة الزمالك لا تمنح مؤمن سليمان مرونة تكتيكية وسط أجواء المباراة، لكنها قد تصنع الفارق خصوصًا بالشوط الثاني بنزول مصطفي فتحي كطرف أيمن مُكلف بالانطلاق في المساحات خلف ظهير صن داونز الأيسر والإعتماد علي تدعميه بالكرات القطرية والطولية التي يجيدها شيكابالا، معروف، طارق حامد.

5. الارتداد الهجومي للزمالك في غاية الأهمية، الثلاثي الهجومي الأبيض يمتلك إمكانيات المراوغة والاختراق والتسديد وعليهم الانطلاق بدون تردد والاستفادة من مشكلات دفاع صن داونز سواء بتهديد المرمي أو الحصول على ضربات ثابتة مميزة.

مهمة الزمالك لمنع دخول أهداف بمرماه تبدو أصعب من هز شباك صن داونز، خصوصًا وأن الفريق الجنوب الإفريقي ينجح بالتسجيل بمرمى خصمه على أرض الأخير!


ثانيًا: نبذة تاريخية عن صن داونز

5als

لا يمتلك برازيل إفريقيا سجلًا تاريخيًا كبيرًا، إذ أن النادي تأسس بداية ستينات القرن المنصرم وأصبح رسميًا خلال عام 1970م، بعدها بثلاث سنوات انضم لرابطة أندية الدوري وقدم أداء مدهشًا صعد به لنهائي كأس كوكاكولاـ.

لكن الانطلاقة المبشرة توقفت بعد أن حل الدوري الأندية المحلية الجنوب إفريقي محل رابطة الدوري مما أدى لهبوط صن داونز للقسم الثاني وهو الأمر الذي دفع أصوات داخل إدارة النادي لحله، لكن الأغلبية قررت الاستمرار وتحدي الظروف والعودة مرة أخرى للدرجة الأولى عام 1985م والذي واكب انتشال التفرقة العنصرية من الرياضة المحلية حينها.

لكن مرة أخرى ظهرت العراقيل، أفلس النادي وخضع للتجميد بواسطة إحدى البنوك مما دفع القائمين على النادي لمحاولة النهوض به مرة أخرى فاستطاع تحقيق فترة ذهبية خلال التسعينات صعد على أثرها لنهائي دوري أبطال إفريقيا لكنه اصطدم بالنادي الأهلي وانهزم بنتيجة 4/1.

عام 2004م يقرر الملياردير باتريس موتسيبي شراء النادي والاستثمار بالرياضة وبالفعل انتعشت حزانة بطولات صن داونز محققًا منذ ذلك التاريخ 4 بطولات للدوري المحلي منها إثنين تحت ولاية المدير الفني الحالي و2 كأس بطولة نيدبانك وثلاثة كئوس خيرية.

صحيح أن صن داونز لا يمتلك خبرة بالنهائيات الإفريقية، لكن مدربه الحالي بيتسو موسيماني يعرف قدرات فريقه تمامًا حيث تم تعيينه عام 2012م بعد قيادته لمنتخب جنوب إفريقيا لعامين سابقين، عمل بيتسو مساعدًا للمدير الفني ذائع الصيت كارلوس البيرتو بيريرا خلال عام 2009م بالمنتخب الوطني.

أبدي بيتسو أكثر من مرة احترامه لنادي الزمالك ولمجهودات مؤمن سليمان وذكر بالإسم نجوم الزمالك ويبدو أنه هو الآخر قد بحث في نقاط ضعف وقوة وخطوات ترويض الأبيض.