قبل الهدف كانت النتيجة غير عادلة. لكن بعد الهدف أظن أن الامور أصبحت أفضل قليلًا.

هكذا بدأ القائد سيرجيو راموس حديثه بعد هدفه التاريخي في مرمي البلوجرانا في كلاسيكو اليوم.. عفوًا.. بعد هدفه «الهام» اليوم في مرمى البلوجرانا، فتاريخ النادي الملكي يأبى وصف تعادل أيًا كان أسلوبه وتوقيته على أنه تاريخيّ! ولكنه هدف جعل عنوان صحيفة الآس الأسبانية الأبرز هو: «الكلاسيكو يعني راموس».

عنوان اختزل الكثير من العلامات البارزة في مبارة اليوم فقط في هدف راموس القاتل في الدقيقة الـ 90 كما جرت العادة مع هذا السيرجيو العجيب. هدف أعاد للأذهان أهدافًا طالما تركت أثرًا مبهجا في نفوس عشاق الملكي. نعم عزيزي القارئ المدريدي! أقصد ما دار في رأسك الآن من ذكريات سعيدة جعلتك لا تنام من الفرح ليوم أو يومين وربما أكثر! نهائي لشبونة في 2014 ونصف النهائي لذات العام في جحيم الاليانز أرينا، ورأسية الإنقاذ للسوبر الأوروبي في العام الذي تلاه، ورأسية حسم مباراة سان لورينز في كأس العالم للأندية.. رأسيات لن ينساها أي مشجع للميرينجي طفلًا كان أو شابًا أو حتى شيخًا!


شوط غير متوقع مع حكم قاتل للرتم

بدأ الشوط الأول باستحواذ شبه متساوٍ بين لاعبي الفريقين لكن سرعان ما تغيّر الحال لظهور أفضل للاعبي رويال مدريد وذلك للتفوق الواضح للثنائي الكرواتي مودريتش وكوفاسيتش على الثنائي الكتالوني أريان جوميس وراكيتيتش، تفوق أتاح لإيسكو الظهور بشكل جيد في الشوط الأول وكذلك أتاح التبادل السهل بين كريستيانو رونالدو وكريم بنزيما في العمق والطرف الأيسر للحفاظ على الصلابة الدفاعية بالرغم من بطء المهاجم الفرنسي.

ولكن فاسكيز نجح في تعويض هذا البطء بلياقة عالية وتركيز يحسد عليه ليس في الشوط الأول وحسب لكن طوال المباراة. لذلك تفوق الفريق الملكي في عدد المراوغات الناجحة؛ 20 مراوغة لرويال مدريد مقابل 17 مراوغة لبرشلونة. إحصائية تبدو غريبة نسبيًا على مباريات الكلاسيكو ، وإحصائية كان لفاسكيز نصيب كبير منها بـ 5 مراوغات أمام رقم البرغوث الأرجنتيني ليو ميسي صاحب الـ 6 مراوغات، ولكن عذرًا ليو!

تشكيلة الفريقين – المصدر: whoscored.com

في ظل التفوق الواضح لوسط الملعب المدريدي كان من المتوقع تكرار سيناريو مباراة برشلونة فالنسيا في المستايا هذا الموسم بسقوط ميسي بشكل أكبر الى نصف الملعب لأن الحل دائمًا ما يكون في سلاسة الداهية اللاتينية في التحكم و التمرير. لكن ما حدث أمس كان عكس ذلك فميسي لم يكن في يومه ولم يلمس الكرة داخل منطقة الجزاء إلا مرة واحدة فقط! كذلك سواريز كان أقل من لمس الكرة في الشوط الأول من لاعبي الفريقين بـ 14 لمسة للكرة، في حين أن الحارس كيلور نافاس لمسها 12 مرة!

اضطر اللوتشو الاعتماد بشكل أكبر على مهارة نيمار ناحية اليسار كما يظهر أمامنا على خريطة الاستحواذ في ظل التفوق الواضح للجناح الأيسر البرازيلي مارسيلو على سيرجيو روبيرتو وعصبية كارفخال التي دائمًا ما يستغلها نيمار. ولكن استغلال عصبية لاعب أهون كثيرًا على جماهير الميرينجي من استغلال ضعف مستوى لاعب، نعم دانيلو والفضيحة الرباعية في البرنابيو!

الخريطة الحرارية لتحركات الفريقين – المصدر السابق

استفاقة كتالونية!

في الشوط الثاني لم تظهر بصمات المدربين بالشكل المرجو، فزيدان ما زال مصرًا على تواجد بنزيما بالرغم من بداية البرسا الهجومية في الشوط الثاني وتراجع لوكا مودريتش بشكل ملحوظ لمواجهة المدّ الكتالوني، فصار الثلث الأمامي من الملعب معزولًا تمامًا عن باقي الفريق في ظل غياب القاطرة الويلزية جاريث بيل والذي كان يستطيع الربط بسهولة بين الخطوط في المرتدات.

كذلك لويس إنريكي لم يقوم بإجراء أي تبديل في الشوط الثاني إلا بعد مرور 15 دقيقة وبشكل اضطراري بعدما اشتكى راكيتيتش فنزل إنييستا وتغيرت مجريات المباراة. صحيح أن هدف برشلونة الأول جاء من رأسية سواريز في الدقيقة 53 أي قبل نزول الرسام إنييستا إلا أن شكل الفريق لم تتضح معالمه إلا بعد الدقيقة 60. انطلق إنييستا ليبدع ومع كل لمسة تهتف له جماهير الكامب نو. مع إنييستا لا يجب أن تصف كل لمسة له، لا يهم نعت لمساته فقط يكفي أن تعرف أنها لمسة انييستا لتدرك أنها غير اعتيادية. بلغت دقة تمريرات الرسام الأسباني حوالي 96% نسبة مذهلة للاعب عائد من إصابة قوية وهو في عامه الثاني والثلاثين!

تمريرات أندرياس إنييستا – المصدر: squawka.com


قوانين الحياة لا تتبدل

الكلاسيكو

بعد هدف لويس سواريز استحوذ الفريق الكتالوني على الكرة كعادته ومرر لاعبوه الكرة بثقة المنتصر، فتحرر بوسكيتس وأصبح يتقدم إلى نصف الملعب الأمامي بشكل أكبر مستغلًا حالة إنييستا الجيدة وتواجد ميسي الدائم في الأمام. فاضطر زيدان الى سحب إيسكو من الملعب والدفع بكاساميرو الذي ظل تائهًا في الملعب لعدة دقائق بعد نزوله. هذا الارتباك لم يتحمله جمهور الميرينجي خاصة بعد فقد محطة جريئة جدًا للكرة متمثلة في إيسكو، ولكن سيطرة صاحب الأرض لم تكن فعالة بالشكل الذي يضمن المباراة خاصة بعد ضياع فرصتين محققتين أحدهما من انفراد ميسي بالمرمى والأخرى من نيمار بعد مراوغة متقنة لكارفخال. فرصتين قالتا أن ثمة شيء سيحدث في غير ذلك الاتجاه المؤدي إلى مرمى كيلور نافاس!

بعد الدقيقة 75 أيقن زيدان أن بنزيما لم يعد هو الأمل في خطف الفوز فاستبدله بماركو اسينسيو وبعدها بدقائق معدودة دخل الناشئ الواعد ماريانو دياز بدلًا من كوفاسيتش. تغييرات كانت كفيلة بتغيير سير المباراة ولو قليلا بانطلاقات ماريانو الواعدة واحتفاظ فاسكيز بالكرة بشكل جيد، ومع الدقائق الأخيرة للمباراة بينما يستعد كلوس جوميز للاشارة بثلاث دقائق للحكم الرابع يرتكب أردا توران البديل خطأ ساذجًا على حدود منطقة الجزاء ينبري لها الأمير الكرواتي. في تلك اللحظة تمنى الكثيرون تكرار مشهد مباراة أتليتيكو مدريد في نهائي الشامبيونزليج من سنتين؛ راموس يتقدم و يراوغ المدافعين بطريقته المحببة لنفوس عشاق الميرينجي ومودريتش يرفع الكرة بذكريات الدقيقة 92 ليحرزها ابن مدينة أشبيلية معلنًا عن نهاية رآها الكثيرون عادلة لهذه المباراة. نهاية عززت من حظوظ زيزو في تحقيق حلمه الذى استعصى عليه الموسم الماضي، فهل يحققه هذا العام؟!