حسنًا، التوتر يجتاحنا، والملل كذلك. لا يمكن أن يساعدنا على التخلُّص، ولو جزئيًّا، من ذلك إلا أن نتبع روتينًا يوميًّا للتعلم والاستمتاع، ولا يوجد ما هو أبسط من سماء الليل لفعل ذلك، فأنت لا تدفع الملل بتغيير المكان إذ تصعد لسطح المنزل فقط، ولكنك أيضًا تتعلم مجموعة من الأشياء البديعة حول هذا الكون، توسِّع من أفقك، وتعطيك بعض الهدوء، وليس هناك ما هو أجمل من مايو لفعل ذلك.

أهم الأحداث

1 مايو

بعد الغروب، يمكن لك أن ترى، بإضاءة 60%، واقفًا إلى جوار ألمع نجوم برج الأسد Leo، ويسمى قلب الأسد أو المليك Regulus، إنه نجمٌ يافع، إذ يبلغ عمره بضع مئات الملايين من السنين فقط، النجم يقع بالضبط على دائرة البروج مما يجعله رفيقًا شهيرًا للقمر، وقد يحتجب خلفه أو خلف أحد الكواكب.

نجم قلب الأسد أو المليك Regulus

4 مايو

زخة شهب ايتا الدلويات Eta-Aquarid، ليست إحدى مفضلات هواة الفلك عربيًّا لكن يمكن إذا خرجت في الفجر التالي أن ترى حتى 20 شهابًا في الساعة، تأمل الجانب الشرقي من السماء.

5 مايو

يخرج القمر من جهة الشرق بين نجمين، القريب هو السماك الأعزل Spica من كوكبة العذراء Virgo، والبعيد هو السماك الرامح Arcturus من كوكبة العواء Bootes.

القمر بين نجمي السماك الأعزل Spica والسماك الرامح Arcturus

6 مايو

في تمام الساعة 05:03 مساءً بتوقيت مصر يكون القمر في الحضيض، إنها أقرب نقطة له من الأرض، على مسافة 359656 كيلومترًا، وسيكون في أبعد نقطة – الأوج – يوم 18 مايو، يمكن لك أن تراقب اختلاف أوج وحضيض القمر من شهر لشهر وستلاحظ نمطًا مميزًا في المواعيد.

9 مايو

جنوبًا عند السحور، القمر أعلى قلب العقرب Antares، ألمع نجوم برج العقرب Scorpius، واحد من نجمين رائعين في سماواتنا، كلاهما عملاق أحمر فائق، إبط الجوزاء يقف عند حدود حوالي 900 مرة قطر الشمس، وقلب العقرب عند حدود 700 مرة.

10 مايو

القمر في العقدة النازلة، ويكون في العقدة الصاعدة يوم 24 مايو، القمر لا يدور على الأرض في نفس المستوى، بل يصعد قليلًا عنه، في أثناء دورته، ثم ينخفض قليلًا، ويلتقي مع مستوى الأرض مرتين كل شهر قمري: الأولى هي العقدة النازلة، والثانية، هي العقدة الصاعدة.

10 مايو

القمر أعلى الشولة Shaula من برج العقرب، هذا النجم يقتنص الترتيب رقم 24 في قائمة ألمع نجوم السماء ويبعد عنا 700 سنة ضوئية.

12 مايو

القمر يبدأ رقصته مع الكواكب، يقف إلى جوار المشتري كبداية في 12 مايو، المشتري يظهر واضحًا باللون الأبيض.

13 مايو

القمر يقف إلى جوار زحل، الكوكب يبدو كنقطة لامعة مائلة للأصفر.

14 مايو

القمر بين زحل والمريخ في مشهد بديع تصطف فيه الكواكب والقمر على خط واحد.

15 مايو

القمر يقف أسفل المريخ، يبدو لامعًا بلون أحمر واضح، وتلاحظ أنه ابتعد عن رفيقيه من الكواكب خلال مايو.

22 مايو

بعد الغروب مباشرة، عطارد والزهرة على أقرب مسافة من بعضهما البعض في السماء الغربية، المشهد سيكون بديعًا، خاصة مع نظارة معظمة لرصده.

كوكبا عطارد والزهرة

22 مايو

يولد القمر الجديد في مساء يوم الررية عند الدول التي صامت رمضان يوم الجمعة 24 أبريل، يعني ذلك بشكل حتمي أن رمضان سيكون 30 يومًا، ويبدأ شوال يوم 25 مايو، أول يوم العيد.

24 مايو

بعد غروب الشمس مباشرة، يمكن أن ترى القمر بإضاءة حوالي 3% فقط من سطحه، واقفًا أعلى الأفق الغربي، إلى جوار كوكبي الزهرة وعطارد، المشهد بديع ويستحق أن تتأمله، مع نظارة معظمة سيكون أكثر وضوحًا وإمتاعًا.

كوكبا عطارد والزهرة

25 مايو

بعد الغروب مباشرة، مشهد ساحر لقمر أول يوم العيد، حيث يقف داخل سداسي الشتاء الرائع والذي يتجهز للرحيل، وبالأسفل منه كوكبا عطارد والزهرة يتجهزان للرحيل أيضًا.

كوكبا عطارد والزهرة أسفل سداسي الشتاء

26 مايو

القمر يقف إلى جوار نجمي برج التوأم Gemini، رأس التوأم المقدم Castor والمؤخر، Pollux، حينما تتأمل رأس التوأم المؤخر فتذكر أن هذا النجم، الذي يمكن لنا أن نضع داخله 500 كرة صغيرة بحجم الشمس، يحوي كوكبًا يدور حوله يسمى « ثيستياس»، على مسافة تساوي مرة ونصف قدر المسافة بين الأرض والشمس، ويساوي ضعف المشتري في الوزن.

29 مايو

مرة أخرى، القمر يقف إلى جوار قلب الأسد أو المليك، لقد أتم القمر شهرًا قمريًّا داخل الشهر الميلادي.

أوضاع القمر في شهر مايو

 

ألمع نجوم مايو 2020

 

مشهد مميز لشهر مايو

هناك مشهدان مميزان يمكن أن تتابعهما في شهر مايو، الأول هو قفزات القمر التي تبدأ في الثامن من مايو وتنتهي في السادس عشر من مايو، يمكن أن تلاحظها في التصميم المرفق مرقَّمة من 1 إلى 9، حيث يبدأ القمر قريبًا من منزلة الإكليل، وتمثلها ثلاثة نجوم في مقدمة برج العقرب، ثم بعدها بليلة يقف أعلى قلب العقرب، ثم الشولة، ثم يقف قليلًا في كوكبة القوس أو الرامي، لينطلق بعد ذلك إلى قفزاته بين الكواكب، استخدم تلك المتتالية البديعة من القفزات لفهم حركة القمر في السماء.

قفزات القمر

المشهد المميز الثاني هو الرقصة المتبادلة بين عطارد والزهرة، ويمكن لك متابعتها بداية من 18 مايو ووصولًا إلى 25 مايو، ستلاحظ فورًا صعود عطارد يوميًّا بعد الغروب، إنه يتجه ليصبح في أقصى استطالة شرقية بحلول يوم 1 يونيو، وفي أثناء صعوده للأعلى في الأفق الغربي يلتقي يوم 22 مايو بالزهرة، الذي تسيد السماء خلال أبريل ويتجهز للنزول أسفل الأفق، هنا ينعكس الوضع فيصبح الزهرة بالأسفل وعطارد بالأعلى، المشهد ساحر، خاصة حينما تتبعه كل ليلة وتراقب حركاتهما بالنسبة لبعضهما البعض.

رقصة عطارد والزهرة

أوضاع الكواكب مايو 2020

عطارد: بداية من 18 مايو تراه منخفضًا في الأفق الغربي بعيد غروب الشمس لكنه يكتسب ارتفاعًا يومًا بعد يوم ليصبح في أفضل صوره بحلول نهاية الشهر.

الزهرة: ما زال يسيطر على سماء الليل الغربية لكنه ينخفض يومًا بعد يوم ليصبح صعب الرصد في نهاية مايو.

المشتري: حاليًّا يشرق قبل منتصف الليل وتراه واضحًا في الأفق الشرقي عند السحور.

زحل: حاليًّا يشرق قبل منتصف الليل وتراه واضحًا في الأفق الشرقي إلى جوار المشتري عند السحور.

المريخ: حاليًّا يشرق بعد منتصف الليل مباشرة، وتراه واضحًا في الأفق الشرقي إلى جوار المشتري وزحل عند السحور.

علامات رصدية مايو 2020

سماء السحور

بما أننا – في الغالب – نطيل السهر إلى السحور هذه الأيام، فإنه سيكون من الممتع أن نتأمل سماء الليل في تلك الفترة، والتي تكون صيفية الطابع.

1. لنبدأ بالشمال، يمكن هذه الأيام أن ترى كلًّا من الدب الأكبر Ursa Major وذات الكرسي Cassiopeia معًا في نفس الوقت، تميل إحداهما على الأفق الشرقي الشمالي والأخرى على الأفق الغربي الشمالي. كما نعرف، هناك طريقتان أساسيتان للوصول إلى النجم القطبي:

الأولى هي سبعة نجوم لامعة تصنع ما يشبه مقلاة البطاطس، إنها العلامة الرئيسية لكوكبة الدب الأكبر، ومن النجمين الرئيسيين للمقلاة سوف تمد شعاعًا بسيطًا ليتقابل مع نجم آخر، ليس لامعًا كفاية لكنه الألمع في تلك المنطقة، هذا هو النجم القطبي Polaris.

الثانية هي النجوم الخمسة الأساسية لكوكبة «ذات الكرسي»، والتي تصنع معًا حرف W بالإنجليزية، من الفتحة الأوسع للحرف مد خطًّا يمر بمنتصف قاعدتها حتى تصل إلى ألمع نجوم تلك المنطقة، إنه النجم القطبي.

2. المثلث الصيفي هو نقطة انطلاقك في السحور، ارفع رأسك للأعلى حول الثالثة فجرًا وستجده واضحًا، وهو يربط بين ثلاث كوكبات:

الأولى هي كوكبة القيثارة (نجمها الألمع هو النسر الواقع).

الثانية هي كوكبة الدجاجة (ذنب الدجاجة).

الثالثة هي كوكبة العقاب (النسر الطائر).

3. استخدم المثلث الصيفي كذلك للوصول إلى رباعي هرقل Hercules الرائع، ويتكون من أربعة نجوم خافتة، إلى جواره – بمد نفس الخط على استقامته – تلتقي بكوكبة العواء Bootes، السماك الرامح ألمع نجومها كان أحد أبطال فيلم Passengers الشهير.

4. لكن يبقى أهم استخدام للمثلث الصيفي هو أن يشير إلى كوكبة العقرب Scorpius على مسافة حوالي 95 درجة جنوبًا، وإلى جوارها كوكبة القوس Sagittarius، حينما نقول إن المسافة هي 95 درجة، فنحن نتحدث عن خط يقطع نصف السماء تقريبًا، فالكرة السماوية بالكامل هي 360 درجة، نرى منها في أي لحظة 180 درجة تفصل بين أقصى الشمال/الشرق إلى أقصى الجنوب/الغرب.

المثلث الصيفي يشير إلى كوكبة العقرب وكوكبة القوس

علامات رصدية

كبداية، دعنا نقدم لك مجموعة من أهم أجرام السماء التي يمكن أن ترصدها عبر تلسكوب متوسط في شهر مايو.

 

المذنب هو جسم جليدي صغير يدور في النظام الشمسي، يتكون بالأساس من الجليد والغبار والجسيمات الصخرية الصغيرة، يتراوح قطره بين بضع مئات من الأمتار إلى عشرات الكيلومترات، كلما اقترب المذنب من الشمس سخنت مادته المتجمدة فتتحرر الغازات، ما يتسبب في ظهور ذنب المذنب الذي يندفع دائمًا في الاتجاه المضاد للشمس، بتأثير الرياح الشمسية.

رسم توضيحي لمدار المذنب

نعرف أن المذنب «أطلس» C/2019 Y4 ATLAS، الذي كان من المفترض أن يمر إلى جوار الأرض في شهر مايو، وعوَّل الكثيرون على أنه من الممكن رصده بالعينين المجردتين، قد تفتت إلى أكثر من 30 قطعة، كل منها بحجم منزل صغير.

تفتت المذنبات مع اقترابها من الشمس هو حدث شائع، ربما بسبب ارتفاع حرارة سطحها تدريجيًّا، فيبدأ الجليد في جسم المذنب بالذوبان، وهو ما يصنع نفاثات من الغاز والغبار تظهر في صورة ذيل المذنب الطويل الباهر، لكن تلك النفاثات تكون موزعة بشكل غير متساوٍ على سطحه، ما يشجع على تفتته.

لكن على الرغم من ذلك، فإن بيانات مرصد الشمس وغلافها (SOHO)، قد أشارت إلى اقتراب مذنب جديد من الأرض سمي سوان C/2020 F8 (SWAN)، في يوم 11 أبريل، يمكن لسكان نصف الكرة الأرضية الجنوبي رؤية هذا المذنب بصورة أفضل الآن، بينما يعبر عبر كوكبة الدلو، مع نظارات معظمة.

لا نعرف الكثير بعد عن الزائر الجديد، لكن الملاحظات الرصدية الأولية تقول إنه يمتلك ذيلًا طويلًا بشكل استثنائي، نعرف كذلك أنه سيمر بالأرض 12 مايو القادم على مسافة حوالي 80 مليون كيلومتر.

بحلول منتصف إلى نهاية مايو يحتمل أن يكون «سوان» واضحًا لأعيننا، لكن مع نظارة معظمة أو تلسكوب سيكون الوضع أفضل كثيرًا، سيكون النجم إلى جوار نجم العيوق Capella ألمع نجوم كوكبة ممسك الأعنة. كذلك يمكن أن تستخدم الأداة الرائعة التي توفرها منصة «سكاي لايف» لتتبع المذنب يومًا بعد يوم. تجدها هنا: Sky Live

حكايات النجوم

قديمًا رفع البشر رءوسهم لسماء الليل، استخدموا نجومها لتحديد الوقت، ولاستشراف مواسم الحر والمطر، فربطوا الزراعة والحصاد وتبرعم الأزهار بالنجوم وحركاتها بالنسبة للشمس والقمر. ثم كان النهار حارًّا على أهل الصحراء فسافروا ليلًا، ولمعرفة الاتجاهات استخدموا النجوم. لذلك كانت النجوم جزءًا من حياة البشر اليومية، وربطوها بأساطيرهم ودياناتهم وتأملوها أملًا في حياة سعيدة ومستقبل مسكون بالفرحة.

بالنسبة للعرب قديمًا، فإن كل شيء في حياتهم تقريبًا كان مبنيًا على منازل القمر، حيث يقفز القمر في السماء كل ليلة، ويقف بين مجموعة من النجوم، سميت تلك المجموعات من النجوم بمنازل القمر، وفيها كذلك تقف الشمس، لكن الشمس تقفز من منزلة إلى منزلة مرة كل 13 يومًا، مما يجعل السنة كلها 28 منزلة، تسمى الأنواء.

على سبيل المثال، حينما تقف الشمس إلى جوار منزلة تدعى «الشرطين» عند الشروق، وهما نجمان من كوكبة الحمل، يعني ذلك بداية اعتدال الحرارة، وهكذا استخدم العرب تلك المنازل من أجل توقع الطقس، وبالتالي الزراعة، كذلك ربطوها بمصائرهم وعلاقاتهم مع الآخرين.

خلال شهر رمضان، تابعونا على صفحة «السماء الليلة»، نتحدث كل يوم عن منزلة قمرية محددة.