يمر يناير هذا العام ثقيلًا باردًا، أكثر ما  يثير الانتباه به هو نجوم السماء اللامعة ليلًا، حيث يسيطر الجبار حلال يناير وفبراير ومارس على المشهد السماوي البديع، بعد ذلك ننحاز شيئًا فشيئًا ناحية نجوم الربيع التي يتسيدها كل من الدب الأكبر والأسد، وكلاهما يظهر فجرًا هذه الأيام.

أهم الأحداث

1 فبراير

 

بعد الغروب مباشرة، يمكن أن ترى قمر التربيع الأول أعلى كوكب الزهرة في الأفق الغربي، بالأسفل فوق الأفق يمكن أن ترى عطارد لامعًا بلون مائل للأصفر، لن يبقى كثيرًا.

3 فبراير

 

القمر بين الدبران Aldebaran والثريا Pleiades، يمكن بسهولة أن تلاحظ اللون الأحمر الواضح للدبران، فهو عملاق أحمر في نهاية حياته، في تلك الفترة يتضخم النجم وتنخفض درجة حرارته، ومع انخفاض درجة الحرارة ينتقل لون النجم الظاهر لنا من الأبيض إلى الأحمر.

4 فبراير

القمر إلى جوار الدبران من الجهة الأخرى مستعدًّا لرحلة تستمر يومين داخل سداسي الشتاء

5 فبراير

القمر داخل سداسي الشتاء، ألمع مجموعة من النجوم في سماء الشتاء، للتعرف عليها تأمل التغطية الرصدية بالأسفل.

6 فبراير

القمر في العقدة الصاعدة، في تمام الساعة 10:59 صباحًا بتوقيت مصر، يحدث ذلك لأن القمر لا يدور على الأرض في نفس المستوى، بل يصعد قليلًا عنه، في أثناء دورته، ثم ينخفض قليلًا، ويلتقي مع مستوى الأرض مرتين كل شهر قمري: الأولى هي العقدة الصاعدة، والثانية هي العقدة النازلة وستكون يوم 19 فبراير في تمام الساعة 02:12 صباحًا بتوقيت مصر.

7 فبراير

 

القمر يقف إلى جوار رأسي التوأم (المؤخر Pullox والمقدم Castor)، رأس التوأم المؤخر ألمع بفارق واضح، ويمكن كذلك تمييزه عن رفيقه بلونه المائل للون الأحمر

9 فبراير

القمر يقف إلى جوار قلب الأسد Regulus، ألمع نجوم كوكبة الأسد Leo، على الرغم من لمعان القمر الشديد إلا أنه يمكن لك أن تتبع بعض ملامح الكوكبة التي تشبه الأسد حقًّا.

10 فبراير

 

أفضل فرصة لرصد عطارد، حيث يكون في أعلى ارتفاع له بالسماء ليلًا (18.2 درجة تقريبًا)، يمكن أن تراه واضحًا باللون المائل للأصفر أسفل الزهرة.

في تمام الساعة 22:31 بتوقيت مصر يكون القمر في الحضيض، إنها أقرب نقطة له من الأرض، على مسافة 357803 كيلومترات، وسيكون في أبعد نقطة – الأوج – يوم 26 فبراير.

13 — 14 فبراير

 

يمر القمر بين السماكين،  الأعزل Spica، والرامح Arcturus، ويمكن لك بسهولة أن تميز بينهما لونيًّا، فالسماك الرامح ألمع ويميل للحمرة، أما السماك الأعزل فأقل لمعانًا ويميل للون الأزرق، وكلاهما من ألمع نجوم السماء.

17 — 21 فبراير

 

القمر يبدأ رقصة مميزة جدًّا مع الكواكب، يمكن أن ترصدها فجرًا يومًا بعد يوم، سنفرد لها بعض التفصيل في الأقسام القادمة بهذا التقرير.

23 فبراير

الساعة 17:32، يولد القمر الجديد، يترك ذلك فرصة قصيرة جدًّا للقمر ليظهر بعد الغروب، لذلك لن يراه الخارجون للرؤية حتمًا، يعني ذلك أن جمادى الآخرة سيكون 30 يومًا، وسيبدأ رجب في الخامس والعشرين من فبراير، رمضان يقترب يا أصدقاء.

ألمع نجوم الشهر

النجم الكوكبة اللمعان الظاهري المسافة (بالسنة الضوئية) الكتلة (مكافئة للشمس) القطر (مكافئًا للشمس)
Vega القيثارة 0.03v 25.3 2.1 2.3
Altair العقاب 0.76v 16.8 1.8 1.8
Aldebaran الثور 0.87 65.1 1.7 44.2
Spica العذراء 0.98v 260 11 7.8
Antares العقرب 1.06v 605 15.5 800
Fomalhaut الحوت الجنوبي 1.17 25.1 2.1 1.8
Deneb الدجاجة 1.25v 3200 20 110
Shaula العقرب 1.62v 700 10.4 6.2

مشهد مميز لشهر فبراير

لا شك أن أروع مشاهد فبراير هذا العام ستكون رقصة القمر مع الكواكب، والتي تبدأ في 17 فبراير حينما يقف القمر إلى جوار قلب العقرب، ألمع نجوم كوكبة العقرب، وهو عملاق أحمر فائق الضخامة في نهاية عمره، قد ينفجر في أية لحظة، الآن أو خلال عدة ملايين من السنوات.

 

بعد ذلك يقفز القمر ليقف إلى جوار المريخ الأحمر اللامع في 18 فبراير، ثم إلى جوار المشتري في 19 فبراير، ثم إلى جوار زحل في 20 فبراير، يبدأ القمر تلك الرحلة بإضاءة مقدارها 36% من سطحه، ويصل لنهايتها بإضاءة 5% فقط، يكون خلالها هلال رفيع بديع يتجهز لشهر رجب، المشهد سيكون رائعًا لا شك، ولو كنت من محبي السهر حتى الصباح، أو الاستيقاظ قبيل الشروق، فاحرص على متابعته.

أوضاع الكواكب في شهر فبراير

عطارد: يمكن خلال الأسبوع الثاني إلى الثالث من فبراير أن تراه بدرجة من الوضوح قبيل غروب الشمس يوميًّا، بعد ذلك يختفي تمامًا.

الزهرة: تراه بوضوح شديد بعد الغروب ولمدة ساعتين، يلمع كمصباح منير.

المريخ: تراه قبل الفجر في الأفق الشرقي، يلمع بلون أحمر واضح.

المشتري: تراه بسهولة حول الفجر، يكون ألمع جرم في السماء وقتها.

زحل: يبرز هذه الأيام من خلف الأفق الشرقي لمدة حوالي ثلث ساعة قبيل الشروق.

أوضاع القمر لشهر فبراير 2020

 

نصائح رصدية

في فبراير يسيطر الجبار على السماء ليلًا ولا يترك أي مجال للمنافسة، في تقرير شهر يناير تحدثنا عن الخطوات الأساسية التي يمكن أن تتبعها في سماء الشتاء لذلك لا حاجة لنا لإعادة الكلام مرة أخرى، لذلك سنركز هذا الشهر على سداسي الشتاء بشكل رئيسي، والذي يحوي ألمع نجوم السماء في صحبة واحدة.

 

«سداسي الشتاء» هي مجموعة من النجوم اللامعة التي تصنع معًا شكلًا سداسيًّا رائعًا يشبه حلقة البنزين التي تعلمناها في الكيمياء، يجمع هذا السداسي بين: sirius الشعرى اليمانية (Canis major كوكبة الكلب الأكبر) وProcyon الشعرى الشامية (Canis minor كوكبة الكلب الأصغر) وPollux & Castor رأسي التوأم (Gemini كوكبة التوأم) وCapella العيوق (Aurigaكوكبة ممسك الأعنة) وAldebaran الدبران (Taurus كوكبة الثور) وRigel رجل (Orion كوكبة الجبار).

والآن مع مجموعة من الملاحظات الممتعة حول السداسي:

ألمع نجوم كوكبة الجبار هو «رجل Rigel»، والتسمية عربية المنشأ كما ترى، حيث كان للعرب مساهمة قوية في تطوير علم الفلك، رجل هو عملاق أزرق فائق، وهي مجموعة من النجوم قصيرة العمر، بل ربما لا يصل عمر أحدها إلى 0.02 مرة من عمر الشمس، وذلك لأنها تحرق وقودها من الهيدروجين بسرعة هائلة.

حينما تتأمل رأس التوأم المؤخر في المرة القادمة، فتذكر أن هذا النجم، الذي يمكن لنا أن نضع داخله 500 كرة صغيرة بحجم الشمس، يحوي كوكبًا يدور حوله يسمى «ثيستياس»، على مسافة تساوي مرة ونصف قدر المسافة بين الأرض والشمس، ويساوي ضعف المشتري في الوزن.

سوف يلفت الدبران انتباهك بلونه الأحمر الواضح، وهو عملاق أحمر لو كان بحجم كرة القدم لكانت الشمس بحجم حبة بازلاء، لكن – صدق أو لا تصدق – لقد كان الدبران يومًا ما بحجم الشمس تقريبًا، ويومًا ما ستكون الشمس مثل الدبران.

الشعرى اليمانية هو ألمع نجوم كوكبة الكلب الأكبر، وألمع نجوم السماء كلها، وهو نجم أبيض اللون ذو نصف قطر، وحجم أيضًا، يساوي تقريبًا ضعف ذلك الخاص بالشمس، وسر لمعانه الظاهر هو ضيائيته الكبيرة، 25 مرة قدر الشمس، وكذلك قربه منا، حوالي ثماني سنوات ضوئية فقط. وهو ليس نجمًا واحدًا، بل يدور مع نجم آخر صغير الحجم لدرجة أن الشعرى اليمانية لو كان بحجم كرة قدم لكان رفيقه بحجم حبة عنب.

سميت الشعرى اليمانية عند العرب قديمًا بالعبور والشامية بالغميصاء، فتقول الأسطورة إن النجمين كانا رفيقين متلازمين طول الوقت، ومعهما سهيل، لكن لسبب ما تحركت الشعرى اليمانية وسهيل إلى اليمين تجاه الجبار، وعبرت الشعرى اليمانية نهر المجرة (لذلك سميت بالـ «عَبور»)، وبقيت الشعرى الشامية حزينة باكية (لذلك سميت «بالغميصاء»)، لتقول الحكمة: «قد يقع بين الأخوين من الخلصاء ما وقع بين الشعريين: العبور، والغميصاء».

علامات تلسكوبية

الجرم الكوكبة النوع ملاحظات
M31 المرأة المسلسلة مجرة أحد أسهل أهداف الهواة
M36, M37, M38 ممسك الأعنة تجمعات مفتوحة تصلح لتلسكوب صغير
M42 الجبار سديم أشهر السدم للهواة، ممكن جدًّا مع نظارة معظمة
M81, M82 الدب الأكبر مجرتان مع تلسكوب متوسط
M1 الثور سديم ممكن مع تلسكوب متوسط، يظهر كغيمة خفيفة
NGC 869,884 حامل رأس الغول تجمع مفتوح ممكن مع نظارة معظمة
M15 الفرس الأعظم تجمع عنقودي تلسكوب متوسط فقط أو اكبر

الشتاء هو كذلك فرصة رائعة لرصد عدد من الروائع التلسكوبية بتلسكوب صغير، حيث يمكن أن تبدأ ليلة شتوية هادئة من رصد كوكبات الشتاء الشهيرة، بعد ذلك جهز عدتك وابدأ بتوجيه تلسكوبك إلى كوكبة المرأة المسلسلة قبل أن تغرب، ثم البحث عن مجرة أندروميدا، والتي تظهر كلطخة ضوء لامعة بدرجة ما، لكن ما تراه هو فقط مركز المجرة.

الآن تحول إلى ممسك الأعنة  Auriga، بداخل هذا الشكل الخماسي يمكن لك بسهولة اقتناص التجمعات النجمية المفتوحة الثلاثة M36, M37, M38، وهي فرصة رائعة للمبتدئين والهواة، بعد ذلك يمكنك التقاط التجمع النجمي المزدوج من كوكبة برشاوس.

بعد ذلك تجهز لاصطياد سديم الجبار الرائع، والذي يظهر كغمامة دخانية جميلة وغير ملونة. سديم الجبار الذي تراه أمامك هو منطقة تكون نجوم، ونستطيع أن نطلق عليه (حضَّانة نجوم) حيث إن الهيدروجين السخي الذي يسكن معظم السحابة هو الغذاء الوحيد الذي يحتاجه النجم لكي يبدأ في النمو، إن سديم الجبار هو الماضي السحيق لكل نجم كالشمس مثلًا.

من جهة أخرى فإن الثنائي M81و M82 هو أصعب الأهداف لتلسكوب صغير، تظهر المجرتان معًا في الصورة التي سوف تراها بتلسكوبك (مجرة بودي أو M81 كقرص خفيف يشبه الغشاوة بالأسفل وأعلاها يظهر مجرة السيجار M82 والتي تشبه السيجار فعلًا)، ولرؤية أفضل لا تنظر إلى مركز الصورة التي تراها في التلسكوب، بل در بعينيك حول الحواف، هنا سوف ترى المجرتين بسهولة.

حكايات النجوم

تصور قدماء المصريين مجموعة نجوم الدب الأكبر وكأنه ثور يحرث الأرض، وتصوروا كذلك أن لها علاقة بمعركة «ست» و«حورس» الشهيرة التي يجسدها فيلم Gods of Egypt، بينما تخيلها الصينيون على شكل عربة صغيرة يجري خلفها شخصان، أما العرب فكانت لهم حكاية حزينة مرتبطة بتلك المجموعة من النجوم. حيث تقول الأسطورة، إن نجم سهيل قتل «نعشًا»، وكان له سبع بنات جميلات حزنَّ بشدة وقررن الانتقام. هنا هرب سهيل إلى الجنوب الشرقي، وطاردنه وهن يحملن نعش أبيهن، لكن سهيلًا ظل في الجنوب لا يظهر فقط إلا لفترة قصيرة كل عام ويدخل تحت الأفق مرة أخرى، ولم تصل له بنات نعش أبدًا، وهكذا ظللن يحملن نعش الأب للأبد، يقول أبو العلاء المعري:

تَبارَكَ مَن أدارَ بَناتِ نَعشٍ، ومَن بَرَأ النّعائِمَ في حَراها.

اختلفت حكايات الكوكبات من ثقافة لأخرى، للفراعنة كوكبات وللصينيين كوكبات أخرى، كذلك العرب واليونان والرومان، لكن الاتحاد الفلكي الدولي انتهى إلى حصر السماء في 88 كوكبة فقط، تحدهم حدود كما تحد الدول حدود على الأرض.