كانت ولا تزال الأزمة الحدودية بين مصر والسودان واجهة الخلافات بين البلدين؛ هذه الخلافات التي بدأت نهاية خمسينات القرن الماضي، ولا يمكن بأي حال نُكران الحساسية التي تراكمت -على إثرها- في العلاقات الثنائية بين البلدين.تاريخيًا، تأخرت السودان في إعلان اعترافها بالوحدة العربية بين مصر وسوريا 1958م. وكانت إحدى وثلاثين دولة قد اعترفت بالوحدة إلا أن الأوساط السودانية تداولت الأمر بشيء من الرفض المشحون بالتساؤل عن كيفية الاعتراف بدولة معتدية على الأراضي السودانية -حلايب-!إلى هذا الحد وأكثر، بلغت الأزمة ذروتها، وقد انعكس هذا التوتر التاريخي في لقاء عاصف جمع محمد عثمان ياسين، الوكيل الدائم للخارجية السودانية، والسفير المصري محمد سيف اليزل خليفة في 21 فبراير/شباط 1959م والذي تحول من مجرد لقاء على خلفية دفع ياسين بمذكرة اعتراض للجانب المصري على مقالة صحفية كان السادات قد كتبها بشأن الحدود المصرية الجنوبية، إلى مشادة كلامية تجاوزت كافة الأعراف الدولية.مثلت «أزمة الحدود» حول تبعية حلايب ترمومترًا للعلاقة بين مصر والسودان، إذ يختفي هذا الخلاف من خطابات البلدين عندما تصفو العلاقة بينهما، ليعود ويستحضره كل منهما بأشد اللهجات حين تتعكر العلاقات بين نظامي الدولتين لأسباب أخرى ليست مرتبطة بحلايب ولا بأهلها.وكان الكاتب والصديق السوداني «وائل علي» قد كتب مقالًا يعرض فيه وجهة النظر السودانية التي تجادل عن تبعية المثلث الحدودي محل النزاع للأشقاء السودانيين، وهو أمر في غاية الحساسية لكلا الجانبين، لذلك تحمَّست لعرض وجهة النظر المصرية في سياق التقرير لتفنيد بعض ما ذكره الصديق العزيز. وسأعتمد في بنية التقرير على السردية التاريخية لأغلب الأحداث السياسية التي تقاطعت مع الأزمة محل النقاش.


الحجية المصرية الأقوى

يُؤرَّخ للفصل الحدودي بين مصر والسودان باتفاقية ترسيم الحدود لعام 1899م والتي نشرتها جريدة الوقائع الرسمية في 19 يناير/كانون الثاني 1899م. وسنتطرق لها بالتفصيل لأنها محور حُجية المصريين الأوفى في إثبات أحقيتهم بالمنطقة المتنازع عليها. وإليك جزء من نصّ الاتفاقية:


«وفاق»

بين حكومة جلالة ملكة انجلترا وحكومة الجناب العالي خديوي مصر

بشأن إدارة السودان في المستقبل

حيث أن بعض أقاليم السودان التي خرجت عن طاعة الحضرة الفخيمة الخديوية قد صار افتتاحها بالوسائل الحربية والمالية التي بذلتها بالاتحاد حكومة جلالة ملكة انجلترا والجناب العالي الخديوي.

وحيث قد أصبح من الضروري وضح نظام مخصوص لإدارة الأقاليم المفتتحة المذكورة وسن القوانين اللازمة لها بمراعاة ما عليه الجانب العظيم من تلك الأقاليم من التأخر وعدم الاستقرار على حال حتى الآن وما تستلزمه كل جهة من الاحتياطات المتنوعة.

وقد صار الاتفاق فيما بين الموقعين على هذا بما لهما من التفويض اللازم بهذا الشأن على ما يأتي وهو:

مادة (1) تُطلق لفظة السودان في هذا الوفاق على جميع الأراضي الكائنة إلى جنوب الدرجة الثانية والعشرين من خطوط العرض وهي:

أولًا؛ الأراضي التي لم تدخلها قط الجنود المصرية منذ عام 1882م.

ثانيًا؛ الأراضي التي كانت تحت إدارة الحكومة المصرية قبل ثورة السودان الأخيرة، وفُقدت منها وقتيًا ثم افتتحتهما الآن حكومة جلالة الملكة والحكومة المصرية بالاتحاد

ثالثًا؛ الأراضي التي قد تفتتحهما بالاتحاد الحكومتان المذكورتان من الآن فصاعدًا.

مادة (2) يُستعمل العلم البريطاني والعلم المصري معًا في البر والبحر بجميع أنحاء السودان ماعدا مدينة سواكن فلا يُستعمل فيها إلا العلم المصري فقط.

تحريرًا في 19-1-1899م

إمضاءات

كرومر – بطرس غالي


نود التنويه إلى أن الوفاق اشتمل على 12 مادة

هذه الاتفاقية لا تكمن أهميتها في تعيين الحدود الجنوبية لمصر الحديثة فحسب، بل في تحديدها أصلا ما هو (السودان)؛ فتاريخيا شمل مسمى السودان كل الأراضي التي تسكنها القبائل سمراء البشرة جنوب الصحراء الكبرى، من دولة السودان الحالية على البحر الأحمر وحتى السنغال ونيجيريا على المحيط الأطلسي. كل هذه الشعوب كانت تسمى السودان في التراث العربي التاريخي على مدار قرون طويلة. المقصود أن لفظة (دولة السودان) الحالية قد ظهرت ملامحها وتحددت ماهيتها وحدودها انطلاقا من هذه الاتفاقية التي نصت على أن حدودها الشمالية والتي تمثلالحدود الجنوبية المصرية محددة بخط عرض 22 شمالًا، وتعتبر المناطق عاليه مناطق سيادة مصرية بما فيها بالطبع منطقة حلايب. ليس هذا فحسب؛ بل تبعية حلايب لمصر مؤكدة أيضا وفق هذه الاتفاقية لكون العساكر المصرية لم تغادرها قط إبان ثورة المهدي، ولم تخرج من السيطرة المصرية كما خرجت الأقاليم السودانية التي تطلبت استعادتها الاستعانة بالجيش الإنجليزي، مما ترتب عليه الإدارة المشتركة ورفع العلمين المصري والإنجليزي على تلك الأقاليم.

بموجب اتفاقية 1899م لترسيم الحدود، تنتهي حدود مصر الجنوبية عند خط عرض 22 درجة شمالًا، ويعتبر كل شبر أعلاه موطن سيادة مصري، وما دونه موطن سيادة سوداني.

سواكن، إحدى المدن السودانية الشرقية، هي بموجب الاتفاقية خاضعة للسيادة المصرية ولا يُرفع فيها العلم البريطاني بجوار العلم المصري، إذ لا تُحكم بالتشارك. وتمتد إليها المحاكم المختلطة التي لا تمتد لأي من الأقاليم السودانية بموجب المادة الثامنة من الوفاق والتي لم نذكرها عاليه للاختصار. وبمقتضى المادة التاسعة التي لم نوردها أيضًا، فإن كافة الأقاليم السودانية وقعت تحت الأحكام العرفية باستثناء مدينة سواكن الساحلية باعتبارها إقليمًا خاضعًا للإدارة الممصرية.إلا أن الحكومة البريطانية أصدرت ملحقًا للاتفاقية في يوليو/تموز من ذات العام ألحقت فيه سواكن بالسيادة السودانية، وهي إلى اليوم مدينة سودانية، لم ينشأ بحقها نزاع ملكية أو إدارة بين البلدين إعمالًا لملحق الاتفاقية المُشار إليه.


الحق الإداري للحكومة السودانية

الامتياز الإداري الذي حصلت عليه السودان لنصف قرن لا يجعل من هذه المنطقة موطن سيادة سوداني.

من غير المُجدي أن نجادل في مصرية القبائل التي تسكن مدينة حلايب، فهي سودانية الأصل والتاريخ والحضارة وسأتجاوز الحديث في تفاصيل ذلك اعتمادًا على الإسهاب الذي قدمه الصديق السوداني في مقالته، وهذا الامتداد السكاني للقبائل السودانية هو ما تعتمد عليه وجهة النظر السودانية في الاحتجاج على أحقيتها في تملك المنطقة، وهو ما دفع الإدارة البريطانية عام 1902م -صاحبة الحماية على مصر في حينها- بإعطاء حق إدارة المنطقة للحكومة السودانية تسهيلًا على سكان المثلث المصري، وظل الأمر على ذلك لـ 60 عاما متصلة إلى أن حدث أول نزاع حدودي بين الطرفين.الحق الإداري السوداني للمنطقة، والذي تحتج به وجهة النظر السودانية لا يُمكن اعتباره تنازلًا عن السيادة المصرية على المنطقة محل النزاع، فمصر حينها كانت تحت الحكم العثماني ولا تملك الإدارة المصرية حق بيع أو رهن أي جزء من أراضيها دون الرجوع للسلطان العثماني في ذلك الوقت، عبدالحميد الثاني. وعليه فإن هذه الحُجية واهية ولا يُبنى عليها.


أول نزاع حدودي بين الجارين

مثلث حلايب محل النزاع الحدودي بين مصر والسودان

التلكؤ المصري في حسم طلب إسماعيل الأزهري كان في الحقيقة منوطًا بالتهرب من اتفاقية المياه لعام 1929م إلا أنه انسحب على اتفاقية ترسيم الحدود.

ظلت السودان تحت الحماية الثنائية المصرية والبريطانية منذ استعادها الجيشان المصري والإنجليزي بقيادة اللورد الانجليزي كتشنر وحتى إعلان استقلالها 1956م، وكان الاستقلال بعد اجتماع البرلمان السوداني في 19 ديسمبر/كانون الأول 1955م وإعلانهم استقلال بلادهم وطالبوا دولتي الحكم الثنائي بالاعتراف بالسودان دولةً مستقلة.فور إعلان السودان استقلالها في 1956م، توجه إسماعيل الأزهري، أول رئيس وزراء للسودان بعد استقلالها، بطلب لدولتي الحماية بتوضيح موقف كلا الإدارتين المصرية والبريطانية من اتفاقية الحدود 1899م واتفاق المياه لعام 1929م، إلا أن الطلب السوداني قوبل بإهمال من الجانب المصري لم يحسم الموقف.وتحتج السودان دائمًا بهذه السردية، وتجعل من الموقف المصري «المماطل» موقفًا إيجابيًا في احتجاجاتها الحدودية، إلا أن حقيقة الموقف المصري «المتهرب» من طلب إسماعيل الأزهري كان موجهًا ضد اتفاقية المياه -التي لم ترد مصر فتح ملفها- وانسحب الموقف بالتبعية على اتفاقية الحدود المشار إليها.


حلايب دائرة انتخابية سودانية

http://gty.im/2663542

صورة تجمع إسماعيل الأزهري، أول رئيس وزراء للسودان بعد الاستقلال، والرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر

التأخر المصري في الرد على طلب إسماعيل الأزهري رئيس الوزراء السوداني كانت له وجاهته من وجهة نظر الدبلوماسية المصرية، إذ أنها قدّرت انشغال الائتلاف الحاكم في السودان بالجبهة الداخلية المتأهبة للانتخابات، فأرسلت بمذكرة للوكيل الدائم للخارجية السودانية مؤرخة في 29 يناير/كانون الثاني 1958م تطالب الجانب السوداني باتخاذ التدابير اللازمة لتسليم شؤون الإدارة في المنطقتين المذكورتين في نص المذكرة للإدارة المصرية: «المنطقتين المذكورتين في الطلب هما؛ 1- المنطقة الواقعة شمال دائرة عرض 22 شمالًا وتتضمن قرية «سارة» و«ديبره» و«فرسي». 2- المنطقة الواقعة في الصحراء الشمالية الشرقية والتي تشمل حلايب وما جاورها».أعقبت المذكرة المصرية الأولى مذكرة ثانية مؤرخة بـ 13 فبراير/شباط لنفس العام، موجهة لرئيس مجلس الوزراء السوداني، تُعلِمه بأنه «بمناسبة إجراء الاستفتاء بشأن الجمهورية العربية المتحدة وانتخاب رئيسها في الحادي والعشرين من فبراير/شباط، فإن الإدارة المصرية ارتأت تيسيرًا على سكان المناطق المشار إليها في المذكرة الأولى إقامة لجان انتخابية خاصة بهم في مناطق إقامتهم».

تقدم عبدالله خليلي بمذكرة للأمم المتحدة للفصل في النزاع فبراير/شباط 1958م، إلا أنها لا تزال حبيسة الأدراج.

اجتمع مجلس الوزراء السوداني في السابع عشر من ذات الشهر، وقرر أن مصر قد استغلت الوضع الداخلي السوداني المنشغل بالانتخابات وفتحت الملف الحدودي لأول مرة منذ اتفاقية الحدود الأولى، وذلك لما يُشاع عن اكتشاف معادن ثمينة بالمنطقة. كما قررت الحكومة على إثر ذلك، المضي قدمًا في مطالبة الجانب المصري بدفع تعويضات عن غمر منطقة شمال حلفا بمياه السد العالي.وتأزم الأمر وتدخلت الجامعة العربية واتصلت بالقاهرة لتهدئة الأمور والتوصل لحل سياسي للأزمة المشتعلة بين الجارين. وفي هذا الصدد، طار إلى القاهرة محمد أحمد محجوب، وزير الخارجية السوداني، واجتمع بعبد الناصر وطلب منه ضرورة سحب الجانب المصري للجانه الانتخابية من المناطق محل النزاع حتى تنتهي الانتخابات البرلمانية السودانية؛ لكن عبدالناصر لم يقبل بالاقتراح واقترح من جانبه إخلاء كافة الدوائر الانتخابية -المصرية والسودانية- من المناطق محل النزاع. وتقدم زكريا محيي الدين وزير الداخلية المصري لمحجوب بخريطة رسمية طبقتها دولة السودان نفسها في عام 1957م، وعليها تقسيم الدوائر الانتخابية، وكانت الخريطة تفيد -طبقًا لجريدة الأهرام المصرية- ما يلي:1- خط الحدود الدولي بين البلدين هو خط عرض 22 شمالًا، ومكتوب عليه باللغة الإنجليزية: «International Boundaries»، أي حدود دولية.2- الخط الذي تدعي حكومة السودان أنه يمثل حدودها السياسية مكتوب عليه بالإنجليزية: «Administrative Boundaries»، أي حدود إدارية. تدخُّل زكريا محيي الدين -وزير الداخلية- لم يرُق لمحجوب وانتهت الزيارة بالفشل ولم يتوصل الجانبان لحلٍ للقضية محل النزاع. على إثر ذلك، حمل عبدالله خليل، رئيس الوزراء السوداني، خيبة أمل كبيرة جراء فشل مبعوثه إلى القاهرة، محمد محجوب، لمحاولة التوصل لاتفاق بشأن النزاع مع الجانب المصري، فتقدم بشكوى للأمم المتحدة في فبراير/شباط 1958م إلا أنها محفوظة إلى اليوم. وهو ما يخفف من وطأة تهديدات السودان المتوالية للجانب المصري بشأن اعتزامهم الذهاب للتحكيم الدولي ومجلس الأمن. فهناك مذكرة محفوظة لدى الأمم المتحدة أكل الدهر عليها وشرب.


الجيش المصري مصدر القلق وصاحب الحسم

بقيت الأزمة الحدودية لغمًا موقوتًا في العلاقات المصرية السودانية الآخذة في التدني والتدهور إزاء الأزمة، حتى أعربت حكومة عبدالله خليل في مايو/آيار 1958م عن رغبتها طلب خفض قوة الجيش المصري المتاخمة لحلايب إلى النصف، إلا أن وضع بلاده الداخلي لم يعضد موقفه في الإلحاح على هذا الطلب، إذ كان معنيًا بطلب المساعدة المالية من مصر أكثر من أي شيء آخر.

توغلت القوات المسلحة المصرية في المنطقة محل النزاع عام 1992م، لتفرض عودة المنطقة للسيادة والإدارة المصرية بالأمر الواقع.

وقال خليل في اجتماعه مع السفير المصري أن السودان تمر بضائقة مادية حد الإفلاس حتى وصل الاحتياطي النقدي السوداني من الاسترليني فقط 14 جنيهًا (أماني الطويل: العلاقات المصرية السودانية، المركز العربي للأبحاث، ط1 2012) وعليه فإن الجانب المصري يمكنه تقديم المساعدة المالية للشقيق السوداني إما عن طريق زيادة رأس مال بنك مصر في السودان بثلاثة ملايين جنيه تكون في خدمة أصحاب المشاريع على سبيل القرض، أو إقراض الحكومة السودانية مباشرةً بمبلغ يتراوح بين ثلاثة إلى خمسة ملايين جنيه.في نهاية القرن الماضي، تحديدًا في عام 1990م ذهبت الحكومة المصرية لتحديد حدودها الجنوبية معتبرةً نهاية أراضيها الواقعة على خط عرض 22 درجة شمالًا، وبعده بعامين -أي 1992م- توغلت القوات المسلحة المصرية في مثلث حلايب ومنذ ذلك الحين تنتمي حلايب سياسيًا وإداريًا للحكومة المصرية بفرض سياسة الأمر الواقع بتوغل الجيش المصري. ورغم احتجاج السودان لمجلس الأمن، إلا أن الأمر بقي كما هو عليه. فقط، تتصاعد حدة التوترات وتخفت، ولا جديد سوى أن المناطق محل النزاع اعتُمدت بعد الثورة المصرية في 2011م كدوائر انتخابية في الانتخابات البرلمانية 2011م والرئاسية 2012م.


الأهمية الاقتصادية للإقليم المتنازع عليه

التعدين

باحتياطات هائلة عالية الجودة من المنجنيز تتجسد الأهمية الاقتصادية للإقليم محل التنازع، والذي ثبتت صلاحية الخام منه في إنتاج كيماويات الماغنسيوم غير العضوية، مثل كبريتات وكلوريد الماغنسيوم، وهي ضرورية جدًا لصناعة المنسوجات.في إطار النزاع على الدوائر الانتخابية والذي أشرنا إليه في فقرة سابقة، نشرت جريدة السودان الجديدة الموالية لحزب الأمة في 20 شباط/ فبراير 1958م “إن مصر أنذرتنا بسحب قواتنا، وإذا لم يعد الدكتاتور المصري للحكمة فإن مناجم الماغنسيوم فسوف تغرق في الدم، فلن نتنازل عن شبر من أرض السودان، ولن نقبل أبدًا بمثل هذه الغطرسة”.

الصراع على النفط، الذي لم يُكتشف بعد!

الأهمية الاقتصادية عززت من حساسية الصدام، حتىأن وزارة الصناعة المصرية رفضت طلبًا لشركة شرق السودان نهاية عام 1956م للتنقيب عن المعادن في منطقة حلايب المصرية.كما أنه في عام 1992م أعطت الجمهورية السودانية تراخيص بالتنقيب عن النفط في مثلث حلايب وهو ما رفضته الإدارة المصرية وأعلمت شركات النفط به.

الثراء الطبيعي لمثلث حلايب

يضم مثلث حلايب جبل عُلبة أحد أهم المحميات الطبيعية المصرية، والتي تضم العديد من الموارد الطبيعية وتتنوع بها الحياة البرية وتحوي نباتات وحيوانات نادرة. بالإضافة إلى الثروات البحرية الكبيرة التي يتميز بها الإقليم من شعاب مرجانية وحشائش بحرية وكائنات بحرية نادرة بالإضافة إلى وجود العديد من جزر البحر الأحمر في نطاق حدود المحمية الطبيعية بجبل عُلبة، كما تحوى المحمية أيضاً السلاحف البحرية وأنواع عديدة من الطيور النادرة المقيمة والمهاجرة وأنواع من اشجار المانجروف ذات القيمة البيئية والاقتصادية الكبيرة.


أبعاد الأزمة السياسية والاجتماعية

مثلث حلايب محل النزاع الحدودي بين مصر والسودان
تمثل حلايب للجانب المصري أهيمة كبيرة باعتبارها منطقة أمن قومي لسو
احله الجنوبية على البحر الأحمر، وهذا لا جدال فيه. إضافةً لأهميتها الاقتصادية التي هي كبيرة إذا ما استثمرها الجانب المصري، والذي للأسف تتمخض تصريحاته بشأن التنمية الشاملة للمنطقة عن لا شيء.أما بالنسبة للسودان التي فقدت قرابة ثلث مساحتها الأصلية والغير متنازع عليها مع دول الجوار في 2011م في عملية التقسيم إلى جنوب وشمال السودان، هل بالنسبة لها مثلث حلايب -الذي بالكاد يتجاوز ال20,000 كيلو متر مربع- يمثل سوى امتداد مجتمعي لقبائل سودانية لطالما شكت قلة اهتمام الإدارة السودانية بها وهي لا زالت تحت إدارة السودان.
تصاعد نبرة التصريحات بشأن الأزمة لا نراها إلا غطاءً لوضع داخلي متأزم في أي من الدولتين.

ما أراه في تصاعد نبرة الأشقاء في السودان بهذا الصدد أن الأمر لديهم لا يخرج عن إطار الأسباب الآتية:1- محاولة الإدارة السودانية الالتفاف على مشكلاتها الداخلية ومحاولة خلق أزمة قومية وعداء خارج الحدود يلتف حوله الشعب السوداني فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة.2- الشعور السوداني المتأصل لدى الأشقاء هناك، بأن التعامل المصري في مواجهة أزماتهم لا يرقى للندية ولديهم في ذلك كثير من الحق لاسيما في أزمة غرق الجزء الشمالي من «حلفا» بمياه السد العالي دون أي تعويض من الجانب المصري أو اعتبار للكارثة التي حلّت بالمنطقة. ولعل الجانب المصري إزاء ذلك منوط بإعادة أواصر العلاقات المصرية الأفريقية ومعالجة حالة الانفصال الوجداني والسياسي عن الامتداد المصري في القارة السمراء.وفي الأخير؛ إننا حاولنا في سياق التقرير أن نعرض وجهة النظر المصرية في التعامل مع الأزمة، وأتمنى ألا يجد الأشقاء السودانيين حنقًا إزاء الأمر. فقط، حاولنا جاهدين التزام الموضوعية وتتبع السردية التاريخية المتقاطعة بشكل واضح مع الأزمة، إلا أن الأمر لا يعدو كونه خلافًا حدوديًا بين شعبين كريمين متجاورين يجب ألا تنشأ بينهم خلافات وأن تكون طرق الحل والعقد في قضاياهم المشتركة أهدأ وأكثر أمانًا من إلقاء التصريحات المستفزة وافتعال المشكلات، لاسيما وأنهم أبناء مشروع عروبي واحد ويجمعهم على اختلافهم وتفرقهم مصير مشترك.

المراجع
  1. العلاقات المصرية السودانية، جذور المشكلات وتحديات المصالح – كتاب صادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات – أماني الطويل
  2. موسوعة تاريخ مصر – الجزء الثالث