في بداية المباراة كان السيتي أفضل بكثير، لقد بدأنا بشكل سيء، لقد بدأنا ببعض اللاعبين الذين كانوا دون مستواهم الطبيعي من ناحية التركيز والتحضير الذهني لمباراة بمثل هذه السرعة. لقد دفع الفريق ثمن ذلك.
مورينهو، معلقًا على هزيمته

قبل المعركة

بالنظر لمناطق صناعة فرص الفريقين في الثلاث مباريات السابقة «ما قبل الديربي»، وبتقسيم الملعب طوليًا لأربع مناطق وهمية، دفاع ووسط دفاعي ووسط هجومي وهجوم، وتقسيم كل منطقة من الأربع عرضيا: ثلاث مناطق ميمنة وميسرة وقلب.

يعتمد «مانشستر سيتي» على القلب في الربع الخاص بالوسط الهجومي في صناعة معظم الفرص

38 فرصة في 3 مباريات بمعدل 12 فرصة تقريبا في المباراة، حسب تلك الإحصائية حوالي 50% من تصنع من الربع ما قبل الهجومي من الملعب، تحديدًا 42% منها من القلب أين يلعب سيلفا ودي بروين، بنظرة أكثر دقة سنجد أن دي بروين وسيلفا صنع كل منهما 8 بالتساوي مجموع 16، 42% من الفرص المصنوعة من الفريق.

تحرر دي بروين وسيلفا ناتج من تواجد أطراف سريعة تشغل أظهرة الخصم ومحور دفاعي خلفهم يؤمن تقدمهم.

على الجانب الآخر سنجد أن اعتماد اليونايتد يقل قليلا عن السيتي في العمق ويذهب للأطراف وأحيانا لربع الملعب الثاني الخاص بالوسط الدفاعي.

مناطق صناعة الفرص في فريق مانشستر يونايتد

سنجد صناعة فرص من كلا الطرفين، شاو ومارسيال من اليسار وفالنسيا من اليمين وبدرجة أقل ماتا الذي ينضم لروني في العمق كثيرًا، تقارب في نسب صناعة الفرص في جميع مناطق الخطورة وتنوع أكبر من السيتي بإضافة منطقتي الوسط المدافع والدفاع.


حوار بيب وجوزيه

طبقا لفسلفة بيب وعلى لسان هنري عن طريقة لعبه يعتمد على 3ps بمعنى «play, possession and position» أي اللعب، الاستحواذ والتمركز الصحيح ذلك حتى ثلث الملعب الأخير، حينها يترك الحرية للاعبي الهجوم وصناع اللعب بالتحرر ، وبالتالي فإن مورينيو هو المطالب بإيقاف لاعبي الثلث الأخير، أو بمعنى أدق الربع ما قبل الأخير «سيلفا ودي بروين». هنا تذكر بيب شيئا تمنى ألا يتذكره مورينيو أبدًا،كلاسيكو نهائي الكأس 2011!

في تلك المباراة كان لا بد من إيقاف منطقة الخطورة في منطقة صناعة لعب برشلونة المتمثلة في تشابي وإنيستا، وأدرك مورينيو أن مواجهة ألونسو وخضيرة أمام ثلاثي بوسكيتس وتشابي وإنيستا ستكون خاسرة بالتأكيد، فقرر وضع بيبي ثالثا في الوسط خلفهم.

النتيجة فوز مدريدي لأول مرة على برشلونة بيب وبشباك نظيفة بل وبلا تسديدة واحدة على مرمى كاسياس في الشوط الأول.

هنا قرر جوزيه تذكر صداقاته القديمة مع بيب أيام برشلونة وقرر إعطاءه ما يريد، بوجبا وفيلايني فقط في خط الوسط.

بالتأكيد كان مورينيو مُدركًا لما سبق ولكنه قرر أن يلعب لعبة أخرى!


المباراة

بدأت وكل طرف كان يحمل مفاجأة للطرف الآخر، بدأ مورينيو ب 4-2-3-1 دي خيا، فالنسيا وبايلي وبليند وشاو، بوجبا وفيلايني، مختاريان وروني ولينجارد خلف إبراهيموفيتش.

حاول مورينيو مفاجأة جوارديولا بتغيير طرفي الملعب لجناحين أسرع من ماتا ومارسيال اللذين لعبا كل المباريات السابقة.

«حاولت اللعب لاعب للاعب ومع الجودة عند لاعبينا نستطيع إيذاءهم لكن هذا لم يحدث، هذا خطئي لأني المدرب والمسئول عن اختيار التشكيل» مورينيو بعد المباراة.

في المباريات السابقة للسيتيزنز كان يدخل ظهيري الجنب إلى عمق الملعب أمام فيرناندينهو محور الدفاع وخلف سيلفا ودي بروين كما يظهر في الصورة من مباراة مانشستر سيتي وسندرلاند.

تمركز الأظهرة في مانشستر سيتي مع بيب جوارديولا

هنا فكر مورينيو في مهارة وسرعة مختاريان ولينجارد على الطرف في حالة انضمام الظهيرين للقلب، ولكن سرعان ما رد جوارديولا المفاجأة على مورينيو وبدأ ـ 4-1-4-1 برافو، سانيا وأوتاميندي وستونز وكليشي، فيرناندينهو، سترلينج ودي بروين وسيلفا ونوليتو خلف إيانتشو وألزم الظهيرين أماكنهما على الطرف فانعدمت خطورة مختاريان ولينجارد فصنع كل منهما فرصة واحدة فقط وليس من موقع الجناح. يدل ذلك على نجاح مفاجأة بيب أمام جوزيه ولكن هل انتهت المعركة؟


حرب الربع الخالي!

المعركة الأهم في المباراة كانت في مناطق صناعة لعب مانشستر سيتي أو كما ذكرنا سلفًا ربع الملعب ما قبل الأخيرـ، هنا أراد مورينيو مراقبة فيلايني وبوجبا لدي بروين وسيلفا، مع تكوين ثنائيات بين سيلفا ونوليتو، دي بروين وسترلينج مع وجود فيرناندينهو كمخرج طوارئ في حالة الضغط مع بطء وثقل واين روني في الضغط عليه أصبح السيتي مسيطرا بعرض الملعب على مجريات اللقاء.

بدا بوجبا وفيلايني تائهين تارة يواجهون سيلفا وتارة يراقبون دي بروين وأحيانا نوليتو أو سترلينج مع تبادل المراكز، مع الحالة السيئة للجناحين مختاريان ولينجارد، فكان هناك لاعبان من اليونايتد في مواجهة أربعة من السيتي. كذلك فقد اليونايتد عنصرًا مهمًا في هجومه وهو الأطراف، تواجد سترلينج ونوليتو على أقصى اليمين واليسار منع فالنسيا وشاو من التقدم، جوارديولا شتت اليونايتد. أما فالنسيا ولوك شاو فلم يصنعا فرصة واحدة! بعد صناعة كل منهما لـ 4 فرص في الثلاث مباريات السابقة.

مفاجأة أخرى من فريق بيب، كرة طويلة مباشرة من كولاروف على غير عادة أسلوب الاستحواذ والبناء من الخلف ومرة أخرى الربع الخالي وتبادل مراكز من إيانتشو ودي بروين وارتباك بوجبا وسوء تقدير من بليند فالهدف الأول بعد تمريرة إيانتشو لدي بروين.

دي بروين في منطقة صناعة اللعب بدون مراقبة ينتظر التمريرة من ايانتشو ليسجل هدف التقدم.

استمر بليند في كوارثه الدفاعية وقام بتغطية التسلل ليسجل إيانتشو الهدف الثاني بعد ارتطام كرة دي بروين بالقائم الأيمن.

قرر برافو حارس السيتيزنز الجديد عدم إشعار بليند بالوحدة وأسقط الكرة أمام إبراهيموفيتش بعد عرضية روني في خطأ فادح ليقلص زلاتان الفارق ويعيد الشايطين الحمر للمباراة قبل نهاية الشوط الأول بلحظات.


رد فعل

هنا نسي مورينيو الصداقة القديمة مع جوارديولا وتذكر نهائي 2011 وأدخل هيريرا وراشفورد بدلا من لينجارد ومختاريان، هيريرا خلف بوجبا وفيلايني، روني يمينا وراشفورد يسارا خلف إبراهيموفيتش،4-3-3. هنا يتضح تصريح مورينيو بعد اللقاء «لقد بدأنا سيئين ودفعنا ثمن ذلك» عذرا سيدي، فأنت المخطئ الوحيد؛ ففشل رهانك على مختاريان ولينجارد تتحمله أنت لأنك تعلم أنك بذلك تُفرِّغ وسط ملعبك في أخطر مناطق السيتي.

الآن أصبح الضغط أقل على بوجبا وفيلايني وأكبر على وسط ملعب السيتي مع مجهود هيريرا الوفير والضغط العالي من الرباعي روني، فيلايني، بوجبا، راشفورد. توالت الخطورة على مرمى برافو الذي كاد أن يكلف فريقه نقاط المباراة بعد خطأ نتج من ضغط هيريرا ثم روني.

رد فعل بيب والذي فاجأ الكثير، واقعية طالما طلبها المتابعون من بيب فحينما شعر بالضغط أدخل فيرناندو المحور الدفاعي بدلا من المهاجم إيانتشو فقط 7 دقائق بعد تعديل مورينيو، وحول الطريقة من 4-1-4-1 إلى 4-2-4. قرر بيب للمرة الأولى التخلي عن فلسفته واستقبل اللعب واعتمد على المرتدات التي كادت أن تسفر عن هدف ثالث.


الكل في الكل

في الدقيقة 81 دخل مارسيال بدلا من الظهير الأيسر لوك شاو وتحول الفريق إلى تكوين 3-1-4-2 بتواجد فالنسيا وبايلي وبليند مدافعين، هيريرا، مارسيال وبوجبا وفيلايني وراشفورد، وفي الأمام روني وإبراهيموفيتش في إشارة واضحة من مورينيو للاعبيه بعنوان الكل في الكل، وأصبح الاعتماد على الكرات الطولية والعرضية اعتمادا على طول إبراهيموفيتش وفيلايني وبوجبا ولكن خطورة دون فائدة.

في الدقيقة 90 أدخل بيب زاباليتا كمدافع خامس بدلًا من دي بروين و تحولت الخطة إلى 5-2-3، يبدو أن بيب قد قرر أن يتحلي بشيئًا من الواقعية.


دروس مستفادة

البداية تلقي بظلالها على باقي القصة، لذلك تخبط اليونايتد في بداية اللقاء تسبب في تأخره بهدفين قبل 10 دقائق من نهاية الشوط الأول، أيضًا أن تأتي متأخرًا خيرًا من ألا تأتي أبدًا، فلولا تدخل مورينيو بتغييرات بداية الشوط الثاني لزاد عدد الكرات التي سكنت مرمى دي خيا.

المرونة تؤتي ثمارها، فنري فريق بيب جوارديولا يلعب كرات طويلة وبلاعبَّي ارتكاز حتى يُؤَمِّن النتيجة.

نجوم المباراة: لا حاجة للتذكير بأنهما دي بروين وسيلفا، هل وُجد فن في كرة القدم لم يمارساه؟

الأداء الأسوأ: يتقاسم لقب الأسوأ كلًا من لينجارد من اليونايتد وبرافو حارس مرمى السيتي.


ألغاز

لماذا استبدل جوارديولا سترلينج بساني رغم تألق الأول وغياب الأخير لفترة بسبب الإصابة وعدم مشاركته في البريميرليج من قبل؟

لماذا ترك مورينيو إبراهيموفيتش وروني في الملعب ولم يستبدل أحدهما بمارسيال رغم ثقل الإثنين وسوء مستواهم الواضح؟

كيف يلعب بليند قلب دفاع في فريق يدربه جوزيه مورينيو؟!

على كل حال انتهت مباراة مثيرة في تفاصيلها مليئة بأفكار وتفاصيل من كلا المدربين وانتهى فصل جديد في الصراع بين مورينيو وجوارديولا، في انتظار المعركة القادمة.