مازالت ناسا تدرس المريخ بكل الأدوات المتاحة وذلك لجمع أكبر كم من المعلومات عن الكوكب الأحمر في إطار تجهيز رحلة مأهولة بشريا تصل لسطحه بحلول عام 2030 حسبما هو مخطط له.

اليوم أعلنت ناسا عن تطور جديد بخصوص تاريخ المريخ؛ المريخ كان كوكبا ذو غلاف جوي دافئ، ومياه سائلة على سطحه، وأيضا ذو مجال مغناطيسي ضعيف، وكان هذا قبل أن تدمره الرياح الشمسية، وتحوله لمجرد كوكب مقفر. وهذا ما أعلنته ناسا اليوم بعد دراسة وتحليل البيانات التي جمعها المسبار NASA’s Mars Atmosphere and Volatile Evolution “MAVEN” والمصمم لدراسة جو المريخ، ويدور حوله منذ سبتمبر 2014.

يقوم المسبار MAVEN بدراسة ما تبقى من الغلاف الجوي للمريخ، ومدى تأثره الحالي بالرياح الشمسية. وتشير البيانات التي رصدها المسبار أن العواصف الشمسية تؤدي لتطاير الغلاف الجوي له. وبدراسة معدل التطاير استنتج العلماء أنه لابد وأن كان للمريخ غلاف جوي دافئ داعم لوجود عنصر الحياة الأساسي وهو الماء السائل، مما يرجح أيضا احتمالية وجود حياة قديما على المريخ.

ويقول جون جرونسفلد John Grunsfeld عالم الفلك والمدير المساعد للمهمة:” لابد وأن كان للمريخ غلافا جويا دافئا يدعم وجود ماء سائل، عنصر الحياة الأساسي حسبما نعرف الآن”. وعن أهمية تلك الدراسات يقول جون :” فهم ما حدث لطقس المريخ سيزيد من معارفنا بشأن تطور وتغيرات الأغلفة الجوية للكواكب. فمعرفة ما الذي يؤثر على غلاف جوي لأي كوكب سواء كان عليه حياة أم لا سؤال هام، ستجيبه علينا رحلتنا للمريخ”.

ويقضي MAVEN رحلته في مغامرة مخيفة على المريخ، بين اضطرابات الطبقة السفلى من الغلاف الجوي، والشفق القطبي الذي تسببه الرياح الشمسية. وكل هذا كي يكشف لنا غموض تاريخ الكوكب. وتقول البيانات أن غازات الغلاف الجوي للمريخ تتطاير بفعل الرياح الشمسية بمعدل 100 جرام لكل ثانية.

قال بروس جاكوسكي Bruce Jakosky العالم بجامعة كولورادو الباحث الرئيسي في المشروع:” ما يحدث يشبه كثيرا سرقة القليل من المال كل يوم من خزينة ممتلئة، فيظهر أثر السرقة بعد مدة طويلة. ولو لاحظنا أن تطاير الغلاف الجوي يزداد مع العواصف الشمسية، ومن هذا نستنتج أن المعدل كان أكبر كثيرا منذ ملايين السنوات عندما كانت الشمسية في عنفوان شبابها”. تم ملاحظة هذا بالفعل في مارس 2015 بسبب تأثير عدة عواصف شمسية على غلاف الكوكب.


فما هي العواصف الشمسية؟

من مقال سابق قلنا أن الرياح الشمسية هي تيار من البلازما ينطلق من الطبقة الخارجية للشمس، ويتكون من الكترونات وبروتونات حرة عالية الطاقة. وأول من تحدث عنها هو الفلكي البريطاني السير آرثر ستانلي ادنجتون. واستطاع القمر الصناعي الروسي لونا 1 تأكيد وجودها وقياس قوتها عام 1959.

تستطيع تلك الرياح الهرب من جاذبية الشمس والانطلاق لمسافات بعيدة لتُكوّن ما يسمى بالغلاف الشمسي Heliosphere، وهو المدى الذي تسيطر فيه جاذبية الشمس على النظام الشمسي، والذي يفصل بين المجموعة الشمسية والفضاء الكوني. ويقع بعيدا خارج مدار بلوتو. وأثناء هبوب الرياح الشمسية يحدث أحيانا ما يسمى بالانبعاث الكُتلي الإكليلي أو الـ coronal mass ejection، وهو انبعاث هائل من الغاز والطاقة يحدث بسبب النشاط الزائد في بعض مناطق سطح الشمس. وتنطلق هذه السحابة من الطاقة مع الرياح الشمسية. وعند اصطدامها بالغلاف الجوي لكوكب، تقوم بتكوين مجال كهربي يؤين ذرات الغلاف الجوي ويطردها خارجه.

(المسبار MAVEN يدور حول المريخ)

ودرست MAVEN هذا التأثير على المريخ، لتستطيع تحديد أكثر ثلاثة أماكن تتأثر بالرياح الشمسية في غلاف الكوكب وهم: ذيل الكوكب، حيث تتحرك الرياح الشمسية خلف الكوكب، وتفقد تلك المنطقة 75% من الفقد الكلي، ومنطقة القطبين، وتفقد 25%، والسحابة الغازية البعيدة المحيطة بالكوكب، وتفقد أقل قدر.

وأعلنت ناسا في سبتمبر الفائت وجود مياه سائلة على سطح المريخ، وأكدت أن مياة ملحية غير صالحة لدعم حياة بشكلها الحالي تجري بشكل متقطع على المريخ عند ذوبان الجليد صيفا. وتؤكد بعض الدلائل أيضا أن سطح المريخ كان عامرا بالمحيطات والأنهار. وهذا يرجح احتمالية وجود غلاف جوي قديم أكثر دفئا للمريخ تم تدميره ومحوه بسبب العواصف الشمسية. والتي يحمينا منها الغلاف المغناطيسي القوي الذي يميز الأرض.

اقرأ:بيان ناسا