12 عامًا تفصل ما بين تحطم طائرة مصرية كانت في طريقها لمطار شارل ديجول يوم الثالث من يناير بالعام 2004، واختفاء طائرة مصر للطيران رقم MS 804 القادمة من باريس للقاهرة اليوم 19 مايو 2016، تقارير تشير إلى أنها تحطمت و تصريحات تنفي حتى ظهر اليوم، حطام الطائرة يبدأ فى الطفو على مياة المتوسط معلنا أن لقب (المفقودة) لم يعد ممكنا.

مصر تصريحات متناقضة

استيقظت اليوم العديد من الأسر المصرية على فاجعة اختفاء الطائرة، وكلّ يتابع عن كثب التصريحات الحكومية، ولكن يبدو أيضًا أننا اعتدنا التصريحات المتناقضة مع كل حادثة في الدولة المصرية، وعلى الرغم من مرور ساعات قليلة على اختفاء الطائرة إلا أنه إلى الآن ما زال هناك تناقض.فقد أكد إيهاب رسلان المتحدث الرسمي باسم شركة مصر للطيران، عدم صحة الأخبار المتداولة بشأن تحطم الطائرة «إن الأخبار التي تناقلتها بعض المواقع الإخبارية والقنوات التي نقلت عن وزارة الطيران المدني خبر تحطم الطائرة المصرية المفقودة عارية تمامًا من الصحة»، وبعد تلك التصريحات بساعات وفقًا للعديد من وكالات الأنباء فقد أكد مسئولون بمصر الطيران خبر تحطم الطائرة.لم يتوقف الأمر على التناقض في تصريحات مسئولو مصر للطيران، فتصريحات رئيس الوزراء شريف إسماعيل تناقضت مع ذاتها، فقد أعلن في تصريح له «الأنباء عن تحطم الطائرة المفقودة سابقة لأوانها»، ثم عاد ليقول: «لا نستبعد وجود عملية إرهابية في حادث الطائرة المصرية».بين هذا وذاك تناثرت العديد من الأخبار حول تلقي الجيش المصري رسالة إغاثة من الطائرة المفقودة، في الوقت الذي أعلن فيه المتحدث العسكري محمد سمير «أن القوات المسلحة لم تستقبل أي رسائل استغاثة من الطائرة المفقودة».

تلفزيون اليونان حسم الجدل وأذاع أن الحطام بدأ يظهر بالفعل وتم العثور على أجزاء من حطام الطائرة بالقرب من جزيرة كارباثوس اليونانية.


الأعطال والطقس والإرهاب: أسباب التحطم

تجري اليونان تحقيقًا استنادًا لتصريحات شاهد عيان وهو ربان سفينة أعلن أنه رأى شعلة بالسماء؛ مما يدلل على انفجار الطائرة المصرية وتحطمها.ما يهمنا من تلك الشهادة تأكيد تحطم الطائرة المصرية، والسؤال الآن: ما السبب وراء ذلك؟، الاحتمالات إذن تنحصر ما بين عطل فني أو سوء الأحوال الجوية أو حادث إرهابي.فيما يتعلق بالعطل الفني فإن تأكيد هذا الأمر أو نفيه يرتبط بعوامل عدة أولها طراز الطائرة، ولما كانت الطائرة المحطمة من طراز طائرة الا=إيرباص 320 فإن ذلك يعني وفقًا لتصريحات خبراء الطيران وعلى رأسهم أليكس ماشيراس الذي أشار أنها طائرة رائعة من حيث درجات الأمان، العامل الثاني مرتبط بكفاءة طاقم الطائرة والتي أشارت مصر للطيران أن عدد ساعات الطيران لـ «محمد شقير» 6275 ساعة منهم 2101 ساعة بنفس طراز الطائرة، وثالث تلك العوامل يرتبط بتلقي رسالة استغاثة فالأعطال الفنية لا تؤدي للسقوط فجأة ومن ثم لا بدّ وأن يكون قائد الطائرة أرسل رسالة إغاثة وهذا ما نفاه المتحدث باسم الجيش المصري، ومن ناحية سوء الأوضاع الجوية والطقس فإن التطور في الطائرات لم يعد للطقس وتأثيراته فرصة لقنص طائرة.من ناحية شبهة الإرهاب فنفي العوامل السابقة يرجّح كفة احتمال أن الحادث إرهابي، إلى جانب توارد معلومات تفيد بأن هناك عسكريين على متن الطائرة. ولكن السؤال الواجب طرحه: لماذا يستهدف الإرهابيون الملاحة الجوية؟.التغيرات الواضحة في الفترات السابقة في عرف الجماعات الإرهابية تفيد بأن هناك إستراتيجية لاستهداف الطائرات بداية من تفجير طائرة الركاب الروسية المنطلقة من مطار شرم الشيخ إلى مدينة سان بطرسبيرج والتي راح ضحيتها 224 قتيلًا في أكتوبر الماضي، والأسباب نحو توجهم لذلك عدة فمن ناحية تنخفض تكلفة تفجير الطائرات من حيث المقارنة بين المواد المستخدمة والتي تعد أقل بكثير من تلك التي تستخدم في تفجير المباني الثابتة، إلى جانب أن احتمالية نجاة أحد من تفجير الطائرة مستبعد مقارنة بمن بالمباني. من ناحية أخرى تأتي الصعوبة في كشف الجناة في التفجيرات بالطائرات بدرجة أكبر من تلك التي ترتبط بالمباني الثابتة، من ناحية أخرى فإن القصور في تنفيذ التشريعات المتعلقة بتأمين الملاحة الجوية لم تعد رادعًا للعمليات الإرهابية، ويبقى العنصر الأخير مرتبطًا بإشباع رغبات التنظيمات الإرهابية في التغطية الإعلامية الكبيرة لعمليّاتهم.


فرضية العملية الإرهابية: كيفية التنفيذ، ومن الجاني؟

الطرق لتنفيذ عملية إرهابية على متن طائرة ينحصر ما بين تعمد من قائد الطائرة لإسقاطها، أو تفجير بصاروخ، أو تفجير بعبوة ناسفة.في نهاية شهر أكتوبر من العام 1999 تحطمت طائرة بوينج بي767-300 التابعة مصر للطيران بالرحلة رقم 990 بالقرب من ساحل ماساتشوستس الأميركي، وأعلنت الولايات المتحدة طبقًا لتقريرها آنذاك أن جميل البطوطي مساعد الطيار تعمد إسقاط الطائرة. في حالة الطائرة المصرية المفقودة اليوم تم البحث عن طاقم الطائرة المتكون من القائد «محمد سعيد شقير»، والطيار المساعد «محمد أحمد ممدوح أحمد عاصم» وطاقم الضيافة «يارا هاني، ميرفت زكريا زكي، عاطف لطفي عبد اللطيف، سمر عز الدين صفوت، وهيثم مصطفى عبد الحميد»، وقائمة أفراد الأمن «محمود أحمد عبد الرازق عبد الكريم، أحمد محمد مجدي، محمد عبد المنعم الغنيمي»، ولم يستدل على وجود أي خبر أو تصريح لأحد منهم أو شبهة تورط من قبل في واقعة تعبر عن تضرر أي فرد منهم مما يسهل تجنيده.يأتي الاحتمال الثاني حال ما تكون الطائرة حطمت بسبب عملية إرهابية وهو الاستهداف بصاروخ، ولكن الجماعات الإرهابية المتواجدة على الساحة الآن لا تتخطى الصواريخ التي تملكها مدى 16 ألف قدم، إلى جانب ذلك فإن أجهزة الرادار لم تلقط ما يدل على إطلاق صاروخ.أما الاحتمال الثالث وهو الأرجح يأتي في احتمالية زرع عبوة ناسفة على متن الطائرة، وإن كان هنالك بعض الدلائل لنفي ذلك مثل التشديدات الأمنية في مطارات فرنسا بعد تفجيرات باريس الأخيرة، إلى جانب هذا يأتي موقع تحطم الطائرة قرابة الأراضي المصرية بعد مرور ساعات على انطلاقها من باريس، إلا أن ذلك لا ينفى احتمالية القيام بتمرير عبوة ناسفة للطائرة خاصة وأن الطائرة قامت برحلات إلى اسمرة بارتيريا وقرطاج بتونس، قبل توجهها من باريس للقاهرة.ختامًا، حال ما يكون الحادث إرهابيًا فإنه في الغالب تم نتيجة زرع عبوة ناسفة على متن الطائرة، والأرجح أن يتم حصر أصابع الاتهام ما بين داعش أو بعض الموالين له من الذئاب المنفردة؛ نتيجة للتقارب المصري الفرنسي في الفترة الماضية.