محتوى مترجم
المصدر
Psychology Today
التاريخ
2016/12/12
الكاتب
Seth J. Gillihan

من البداية عليَّ أن أنبهك إلى أنه لا توجد (حلول سحرية) بهذا المقال، لأن تغيير السلوك أمر في غاية الصعوبة، وخاصة إذا ما كنت تحاول التخلص من عادة مثل التسويف، ولكن إذا كان لديك الاستعداد، فهناك العديد من الوسائل التي يمكنها المساعدة.

في البداية دعنا نفكر في كلمة (يسوف)؛ بالنسبة للكثيرين فإن تلك الكلمة تحمل معنى سلبيا، وهو (أنك لا تفعل ما ينبغي عليك فعله)؛يمكنك تخيل أحد الوالدين أو مديرك في العمل أو أستاذك وهم يستخدمون تلك الكلمة، ولكنني أميل إلى استخدامها كوصف لسلوك معين، وهو (تأجيل الأمور).

هناك العديد من الأسباب الوجيهة التي قد تدفعك لتأجيل أمر ما، منها أنك تعطي نفسك المزيد من الوقت للتفكير في القرار، أو أن هناك أملا في أن تُحَل المشكلة من تلقاء نفسها.

في الحقيقة، إن بعض الكتاب مثل آ دم جرانت يشجعون على بعض أنماط التسويف، ويربطونها بزيادة معدلات الإنجاز؛بالإضافة إلى أنني لست والدك أو مديرك، لذا فإن هذا المقال ليس مصمما لإقناعك بأن تتوقف عن التسويف، ولكن في حالة إذا ما وجدت أنك تؤجل الأمور كثيرا، وأن هذا التأجيل يكلفك الكثير،فإن هناك العديد من الطرق التي تساعدك على التغلب على تلك العادة.


لماذا نسوف؟

عادة ما نخبر أنفسنا بأمرين، وهذا ما يجعلنا نميل للتسويف:

1- «سوف يكون الأمر مؤلما»

إذا كنا نتوقع من عمل ما أن يكون (مزعجا)، فإننا بالطبع سنؤجله، ربما سنتخيل كم الوقت الذي سيستغرقه الأمر ومدى صعوبة تحديد ما علينا فعله، أو ربما فقط نفضل الاستمرار في فعل أي ما كان ما نفعله، بطريقة أو بأخرى فإننا نعتقد بأننا سنكون أقل سعادة إذا ما فعلنا الشيء الذي نتجنبه.

2- «قد أفسد الأمر»

عدم فعل شيء يعني أيضا (عدم الفشل أبدا)، وجميعنا لا نحب الفشل،فإنك إذا حاولت ولم تنجح فهذا يعني أنك تضحي باحتمالية نجاحك في الأمر؛ تماما مثل أن تخدش بطاقة يانصيب ومن ثم تكتشف أنك لم تفز.

الخوف من فعل الشيء بطريقة خاطئة يرتبط عادة بعدم معرفتنا تحديدا لما ينبغي علينا فعله، مثل كتابة ورقة بحثية أو دفع الضرائب، خلافا لمهمات أصغر كتنظيف المطبخ.

عندما تفكر بكل تلك الأمور التي تؤجلها وتبحث عن السبب، غالبا ما ستجد قاسما مشتركا بينها، وهو إحساس بعدم الراحة يزداد كلما تخيلت نفسك وأنت تؤدي تلك المهمات.

أيا ما كانت أسبابك للتهرب، فإنها عادة ما تزداد قوة، فمن المدهش أن نعتقد أن التسويف قد يكون مُجزِيا أحيانا، على الرغم من أنه لا يعطينا ذلك الشعور بالرضا نتيجة لانتهائنا من أمر ما أو حتى الشعور بالراحة عند التأجيل، اِذن كيف لأمر غير مُجدٍ كهذا -بل ربما متعب- أن يكون بهذه القوة؟

إذا كان لدي مطبخ غير نظيف وتبدو لي مهمة تنظيفه أمرا شاقا، فإنني في كل مرة أفكر في تنظيفه أصاب بحالة من الذعر وأتخيل كم سيكون الأمر صعبا ومزعجا، وإذا استمررت في القراءة أو مشاهدة التلفاز أو أيا ما كان ما أفعله فسوف أشعر غالبا بشيء من الراحة لأنني لست مضطرا لإنهاء أمر مزعج بالنسبة لي، ومن ثم فأنا أختبر شعور (التأجيل >الراحة).

علماء النفس يطلقون على تلك الظاهرة (التعزيز السلبي)، ووصفوه بـ (السلبي) لأن المقابل الذي يحصل عليه الإنسان لا يأتي نتيجة لمروره بتجربة مؤلمة، وسُمِّى( تعزيزا) لأنه يزيد من احتمالية تكرار السلوك في المستقبل؛ونعني بالسلوك هنا (التسويف).

عندما سأذهب إلى المطبخ لتناول وجبة خفيفة سوف أتذكر أن على تنظيف المطبخ، وربما سأختبر نفس الشعور مرة أخرى (التأجيل > الراحة)، وإذا كنت معتادا على تأجيل الأمور فسوف أختبر ذلك الشعور آلاف المرات، ونتيجة لذلك سوف أعتاد على تجنب انهاء المهام أكثر فأكثر في المستقبل، وكلما اختبرت الشعور بالتعزيز السلبي نتيجة للتأجيل فلن يمكنني حينها اختبار شعور آخر عند إتمام المهام وهو (الإنجاز > الرضا).

إننا عندما ننجز المطلوب منا على الفور، فإننا لا نتوقف عن تعزيز سلوك التسويف فحسب، وإنما أيضا نفسح المجال لشعور (الإنجاز > الرضا)، ومن ثم سنكون في المستقبل أكثر قدرة على الإنجاز.


التخلص من التسويف

كيف يمكننا زيادة فرصنا في إنهاء المهام؟

في كتابي العلاج المعرفي السلوكي في 7 أسابيع، أُقدم 7 إستراتيجيات للمساعدة على تغيير عادة التسويف.

1. قسمها إلى أجزاء

مهمة ضخمة بحجم الماموث قد تصيبك بالإحباط نظرا لحجم العمل المطلوب؛ ولأنك أيضا لا تعلم تحديدا كيف تنجزه، لذا عليك أولا أن تخطط كيف ستنجز العمل، فهذا سيجعل الأمر أسهل بكثير، إذ يمكنك أن تخطو خطوتك الأولى نحو الهدف عندما يكون واضحا وبدقة.

2. قرر أن تبدأ

أحيانا نؤجل البدء في عمل ما لأننا ببساطة لا نعرف كيف نبدأ، ففي بعض الأوقات أؤجل الرد على بريد إلكتروني لأني مثلا لا أعلم ماذا سأكتب.

علينا أن ندرك أن وضع خطة وإيجاد طريقة ما لإنجاز المطلوب إنما هو جزء من عملنا، إذ يمكننا ألا نبدأ أبدا في فعل شيء ما إذا ما استمررنا في تأجيله، لأننا لا نعرف كيف ننجزه، لكن يمكننا إيجاد طريقة ما لإنجازه إذا ما قررنا القيام به.

3. اخلق مساحتك

فكر بالأجواء التي يمكنك العمل فيها بأفضل ما لديك، ثم ابدأ في تهيئة تلك الأجواء، وغالبا ما يتضمن ذلك مكان العمل كطاولة مريحة للقراءة مثلا، وأيضا تصفية الذهن بإبعاد كل المشتتات مثل إشعارات البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية.

4. استخدم المنبهات ورسائل التذكير

إذا كنت تتجنب القيام بأمر ما فمن السهل نسيانه، حيث إننا نميل أكثر للقيام بتلك الأمور التي حددنا لها وقتا معينا وسجلناه في المفكرة لدينا مع ضبط المنبه، وعلينا أن نننتبه لتلك الكذبات الصغيرة التي تخبرنا بها عقولنا مثل أن نقول عندما يرن المنبه (سوف أفعل هذا بعد خمس دقائق).

قرر أن تنهي المهمة في الحال، وإذا كان عليك أن تنجز أمرا آخر أولا، فعليك بضبط منبهك مرة أخرى لكى تعود لما كنت تفعله.

5. مبدأ المحاسبة

عندما تخبر على الأقل شخصا واحدا بخطتك لإنهاء أمر ما وفي وقت محدد، فأنت بذلك تزيد من فرصك في إنجاز ذلك الأمر،على الأقل حتى تتجنب ذلك الشعور المزعج عندما يسألك لماذا لم تنجزه، ونحن أيضا يمكننا أن نحاسب أنفسنا، وذلك بكتابة الخطط ومتابعة ما تم إنجازه منها.

6. كافئ نفسك

بالإضافة إلى شعورنا بالرضا عند إتمام أمر ما فإننا يمكننا أيضا تشجيع أنفسنا ببعض المكافآت الصغيرة عندما نحقق أحد أهدافنا، وتختلف تلك المكافآت بحسب كل فرد، فربما تتضمن الوجبات الخفيفة أو الترفيه أو الاجتماعيات، ولكن احذر من أن تختار مكافأة تسبب لك مزيدا من التشتيت مثل تصفح الإنترنت أو اللعب بألعاب الفيديو.

7. مارس التقبل

من الصعب تغيير عاداتك والإقرار بذلك يزيد من استعدادك للتغيير. ذكر نفسك لماذا عليك أن تسوف بشكل أقل، وكيف أن شعورك بعدم الراحة على المدى القريب سيعطيك شعورا أفضل على المدى البعيد.

إننا لا يمكننا التنبؤ دائما بما يجعلنا سعداء؛ وأحيانا نفتقر إلى القدرة على تخيل ذلك الشعور بالرضا عندما ننجز أمرا ما، لذا في المرة القادمة عندما تنتهي من عملك لاحظ شعورك حينها، ولعلك ستلاحظ أيضا استمتاعك بالأنشطة الترفيهية عندما لا يكون لديك عمل تتجنبه مقابل تسويفك للأعمال، فإذا ما قمنا بتعزيز الوعي لدينا بقيمة الإنجاز، فسيدفعنا هذا نحو تحقيق مزيد من الأهداف.