Get a taste of your own medicine

هذه العبارة تعني «أن تتذوق شيئًا من دوائك»، وهو ما يقال بالإنجليزية عندما يقع شخصٌ في شر أعماله. أيًا كان من قال ذلك، فقد كان محقًا!

أطعمة المواد الفعالة للأدوية تتراوح بين المُر والمالح والمعدني واللاذع، والخلاصة هي أنه حينما يتعلق الأمر بالطعم، فالدواء يمتلك السمعة الأسوأ. وقد يحاول البعض التغاضي عن هذا الطعم السيئ للحصول على فائدته العلاجية، إلا أن مشكلة الطعم تمثل عاملاً رئيسيًا في تجنب تناول الدواء من بعض المرضى، لا سيما كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة وبلا شك الأطفال، إذ أفاد أكثر من 90 ٪ من أطباء الأطفال أن مذاق الدواء واستساغته كانا أكبر العقبات التي تحول دون إكمال العلاج في بعض الدراسات.

حتى أنه في بعض الأحيان، تكون كلمة «سأعطيك الدواء» كافية لإيقاف بعض الأطفال عن ارتكاب سلوك ما خاطئ. فما الذي يعطي إذن معظم الأدوية -إن لم يكن كلها- قدرتها الفائقة على امتلاك مذاق قبيح؟

لماذا نتذوق المرارة؟

جرب مراقبة آكلات العشب في البرية وستجد أنها لا تأكل فقط أي شيء، فقد تعلمت استخدام حواسها من شم وتذوق لتتفحص ما يمكن أكله، تنجذب إلى النكهات الحلوة وتتجنب النكهات المريرة، والسبب في ذلك هو أن النباتات تفرز مجموعة متنوعة من المركبات السامة لحماية نفسها من أن تؤكل، هذه المركبات غالبًا ما تكون غير مستساغة أو ذات طعم مر لإبعاد المتطفلين.

بطريقة مشابهة، تطورت قدرة البشر على إدراك الأطعمة المرّة كطريقة لمنع الإنسان الأولي من استهلاك النباتات السامة. بعبارة أخرى، فإن مذاق مادة ما كثيرًا ما يعمل كتنبيه من شيء خطير أو غير قابل للأكل. لكن المثير في الأمر، هو أن معظم الأدوية أيضًا تأتي بشكل أو بآخر من الطبيعة.

الأسبرين -على سبيل المثال- يتم تصنيعه من حمض الساليسليك الموجود في لحاء شجرة الصفصاف، ودواء اضطرابات القلب المشهور «الديجوكسجين» ما هو إلا مستخلص من نبتة الديجتال الصوفي. وعلى الرغم من أن هذه المواد الكيميائية لها فائدة علاجية كبيرة، إلا أنها بجرعة عالية قد تصبح ضارة أو حتى قاتلة كالنباتات السامة، وهو ما يفسر المذاق السيئ لمعظم الأدوية. 

أما عن الكيفية، فعلى اللسان توجد براعم التذوق التي تحمل على سطحها مستقبلات حسية متخصصة – يقارب عددها 10 آلاف- كلٌ مسئول عن التقاط مواد كيميائية بعينها، ومن ثم إرسال إشارات عبر الأعصاب إلى المخ حيث تتم معالجتها وتصنيفها على أنها «مُرَّة». في الماضي، كنا نعتقد أن الجزء الخلفي من اللسان هو المسئول عن تذوق الأطعمة المرة، لكن في الواقع، المستقبلات الحسية للمواد المُرَّة تنتشر في كل أنحاء التجويف الفمي.

كيف يتغلب الدوائيون على مشكلة الطعم؟

مختبر الدواء يشبه المطبخ إلى حد كبير، إن لم يكن مذاق طبقك هو الأفضل، قم بإضافة بعض التوابل لتحسين الطعم. كذلك هو الحال عند إضافة محليات أو محسنات طعم إلى تركيبة دوائية؛ فالأمر يعتمد على تجربة المزيج الأفضل مع شيء من المنهجية وبعض الحذر، إذ تعمل بعض النكهات مع مادة فعالة ما بشكل أفضل من غيرها، الأدوية ذات المذاق الحامض، على سبيل المثال، تعطي طعمًا أفضل عند مزجها بنكهة حامضة مثل الفاكهة الحمضية أو التوت، بدلاً من النكهات الحلوة مثل الموز أو الخوخ.

والأهم من ذلك، هو مراعاة تأثير النكهة على الخواص الكيميائية والفيزيائية للمادة الفعالة بشكل لا يؤثر على ذوبانها وامتصاصها أو ثباتها، وعلى الشكل النهائي للتركيبة الدوائية وإلا أصبح الدواء لذيذًا لكن دون قيمة علاجية.

هذه المعادلة الصعبة تتطلب بعض الوقت والجهد، كما أنها قد لا تخفي طعم الدواء بالكامل، ما يدفع مصنعي الأدوية لاستخدام تقنيات مختلفة إما تعتمد على تغلفة جزيئات الدواء لخلق حاجز بينها وبين وبراعم التذوق، أو إضافة مادة ما تقلل من ذوبان الدواء في اللعاب أثناء البلع، أو استخدام مواد تتنافس مع الدواء للوصول إلى المستقبلات الحسية قبله فلا يشعر اللسان به. لسوء الحظ، لا وجود لتقنية واحدة تعمل مع كل الأدوية، وقد يحتاج الأمر للمزج بين أكثر من طريقة حسب نوع الدواء وشكله الصيدلي.

لكن التحدي لا يقف هنا! 

معضلة أدوية الأطفال

مشكلة الأطفال – خاصة بين عمر 6-8 سنوات – تكمن في كون معظمهم لا يقدر على بلع الأقراص والكبسولات، لذا فإن معظم أدويتهم إما تكون في صورة شراب أو أقراص فوارة، يظهر فيها طعم الدواء السيئ بوضوح. تتنوع الجرعات أيضًا بشكل كبير حسب وزن الطفل، وهو ما يجعل الشراب الاختيار الأنسب والأكثر مرونة.

وقد تظن أن طبع الأطفال الشكاء والبكاء هو ما يدفعهم إلى رفض تناول دواء يمكن لبالغ أن يبتلعه بكل سهولة، إلا أن السلوك ليس الحاكم الوحيد! ففسيولوجيا الأطفال تجعلهم أكثر تفضيلاً للأطعمة الحلوة والمُسَكَّرة وأكثر حساسية للأطعمة المُرَّة مقارنةً بالبالغين، وهم أيضًا أكثر استجابة للأدوية التي تتسبب في تهيج الجهاز الهضمي. لهذا، فإن استخدام المُحليات شائع في أدوية الأطفال.

وعلى الرغم من هذا، فإن الاستخدام المتكرر للأدوية المحلاة بالسكروز غير محبذ، كونه يرتبط بتسوس الأسنان عند الأطفال، وهو مشكلة أيضًا بالنسبة لأطفال بعينهم مثل المصابين بمرض السكري أو السمنة.

أما استخدام الحوامض التي تغطي الطعم المر وتحسن من ثبات الدواء، من الممكن أن يتسبب في تآكل مينا الأسنان. وبالتفكير في المحليات الصناعية البديلة كالأسبارتام والساكريين، فبعضها هي الأخرى يحتوي على مكونات ذات مذاق مرير، وأحيانًا طعم معدني كريه، خاصة عندما تستخدم بتركيزات عالية كما هي الحال مع بعض المواد الفعالة.

المثير للسخرية هو أنه في الوقت الذي تجعل فيه مرارة الدواء إعطاءه للطفل أمرًا مستحيلاً، هي ذاتها التي تساهم في ردع الأطفال عن تناولها عن طريق الخطأ وحدوث تسمم، وهو ما يقلق الآباء حيال جعل المستحضرات الدوائية مستساغة بل وأحيانًا لذيذة من كثرة ما يضاف إليها من محسنات طعم.

 ما يمكنك أن تفعله

وبأية حال، إن كان طعم الدواء لا يزال يزعجك بعد كل الجهود المبذولة من قبل مصنعي الأدوية، فهناك بعض الطرق التي قد تساعدك في ابتلاع ما هو مر:

  • بعد ابتلاع الأقراص مباشرة، قم بمص السكاكر أو حلوى النعناع، أو يمكنك أن تأخذ ملعقة من بودينج الشيكولا أو حليب الشيكولا لتخفي طعم الدواء. ولا ينصح عامة بأن تقوم بطحن الأقراص لا سيما المغلفة أو إفراغ الكبسولات من محتوياتها ومزجها مع الطعام، وذلك لأنه غالبًا ما يكون للتغليف وظيفة أخرى غير إخفاء الطعم؛ كجعل الدواء ممتد المفعول مثلاً.

وإن كنت تعاني لإعطاء طفلك جرعة المضاد الحيوي الكاملة، جرب الآتي:

  • اخلط جرعة من المضاد الحيوي مع كمية صغيرة من عصير الفواكه أو الزبادي أو التفاح. وتذكر ألا تستخدم سوى كمية صغيرة من الطعام أو الشراب، لأن طفلك يجب أن ينهي كل ذلك للحصول على الجرعة كاملة.
  • جرب إعطاء طفلك طعامًا باردًا (مثل الآيس كريم أو المصاصة) مسبقًا لتخدير براعم التذوق أو أعطه الدواء نفسه باردًا لأنه غالبًا ما يكون للدواء البارد مذاق أفضل.
  • إذا لم ينجح أي شيء آخر، ضع حقنة عن طريق الفم تحتوي على المضاد الحيوي في جانب فم طفلك على طول الخد واضغط ببطء، هذه التقنية تمنع معظم الدواء من ملامسة اللسان.

وتذكر دائمًا أن تستشير الصيدلي أو الطبيب قبل أن تأخذ دواء ما بطريقة غير معتادة لضمان كامل فاعليته.