إنه وقت ابتكار الوظائف وليس البحث عنها، الوقت الذي نكتب فيه خطط الأعمال وليس السيرة الذاتية، الوقت الذي نبتكر فيه هياكل وظيفية ونجد فرصًا جديدة للمشاركة.
أحمد الهنداوي، مبعوت الأمين العام للأمم المتحدة للشباب [1]

الكثير من الشباب يتجهون الآن إلى تأسيس أعمالهم الخاصة، أو ما أصبح يعرف اليوم بريادة الأعمال وريادة الأعمال الاجتماعية؛ حيث أصبح الشباب أكثر أملًا في أن يصبح لديهم عملهم الخاص والذي يقدم خدمات للمجتمع أيضًا إلى جانب صغر رأس ماله وإمكانية تدبيره. وعلى الرغم من انتشار فكرة ريادة الأعمال مؤخرًا في مصر ولجوء الكثيرون لها؛ إلا أن الكثيرين ما زالوا يرتابون من تلك الفكرة ويعتقدون أنها سوف تصبح أسلوبًا جديدًا للنصب على الشباب مثلما سبقتها الكثير من الأفكار من قبل.


ريادة الأعمال بفروعها المختلفة

انتشر في الأعوام الماضية في عالمنا العربي مصطلحا ريادة الأعمال وريادة الأعمال الاجتماعية بين شباب المنطقة عمومًا ومصر خصوصًا، حيث رأى الشباب في هذا المصطلح وما يمثله فرصة جديدة في مواجهة البطالة وتأسيس أعمالهم الخاصة بهم والتخلص من سلطة أصحاب الأعمال.

ترجع بداية ظهور مصطلح «ريادة الأعمال» إلى القرن الـ 18، ويتم تعريفه بأنه: «قيام شخص بتأسيس عمله الخاص»، ثم أخذ في التطور وأصبح بعض الاقتصاديين يعرف رائد الأعمال بأنه: «الشخص الذي يستطيع تحمل مخاطرة المغامرة بفكرة جديدة إذا ما كان هناك فرصة كبيرة لتحقيق الأرباح».[2]

وفي القرن الـ 20 قام عالم الاقتصاد النمساوي «جوزيف شومبتير» بتطوير تعريف جديد لريادة الأعمال فرأى أن ريادة الأعمال هي: «قوة تدفع إلى الابتكار وتقود للتغيير؛ حيث رأى أن ريادة الأعمال تؤدي إلى التدمير الخلاق/ الجيد حيث تساعد على خلق تركيبات جديدة تقوم بتدمير الصناعات والأعمال غير الملائمة للعصر وتوفير البدائل الحديثة الملائمة لكل عصر».

بينما قام خبير الأعمال «بيتر دراكر» بتطوير مفهوم رائد الأعمال وتعريفه على أنه: «شخص يبحث عن التغيير ويستغل الفرص لتحقيقه والوصول إليه».

في عالم طاله التغيير وتهديدات جديدة للبقاء، فإن الطريق الوحيد لحمايته هو الابتكار.
بيتر دراكر، عالم اقتصاد نمساوي

على العكس من مصطلح ريادة الأعمال، فإن ريادة الأعمال الاجتماعية هو مصطلح حديث النشأة نسبيًا؛ على الرغم من وجود من قاموا بتأسيس أعمال أو مبادرات تحاول خلق تغييرٍ اجتماعيٍّ إلا أنهم لم يحملوا لقب رواد أعمال اجتماعيين، بل كان يطلق عليهم ثوريين أو إنسانيين.[3]

وهنا يتضح الفرق بين الظاهرة والمصطلح حيث أنها قد تكون ظاهرة قديمة إلا أن المصطلح حديث نسبيًا حيث بدأ في الانتشار منذ ما يقرب من ثلاثين عامًا.

يمكن إطلاق مصطلح «رائد أعمال اجتماعي» على الفرد الذي يقود مهمة مجتمعية مستخدمًا عددًا من وسائل ريادة الأعمال، لإيصال قيم وأهداف اجتماعية للمجتمعات الأقل حظًا، ويقومون بذلك من خلال وحدات ريادية مستقلة التمويل أو مكتفية ذاتيًا أو لديها استدامة.

وللتفريق بين مؤسسات ريادة الأعمال الاجتماعية وباقي أشكال المؤسسات الريادية، فهناك أربعة عناصر يمكن أن يتم التفريق على أساسهم:

  • تعمل على إيصال قيمة أو هدف اجتماعي للمجتمعات الأقل حظًا.
  • إدارة المؤسسة من خلال مجموعة من السمات الريادية والتي تميزها عن غيرها من المؤسسات الريادية الأخرى.
  • التعامل مع المنظمات الريادية والتي لديها ثقافة الابتكار والانفتاح.
  • التعاون مع المنظمات المستقلة ماليًا والتي تعمل على إيصال قيم اجتماعية مع الحفاظ على اكتفائها الذاتي واستدامتها.[4]

أبرز المؤسسات الداعمة في مصر

هناك العديد من المؤسسات والجمعيات الأهلية المصرية والأجنبية التي تحاول أن تدعم رواد الأعمال خاصة الاجتماعيين منهم من خلال خدماتهم المختلفة؛ فهناك أكثر من 10 مسابقات وبرامج لدعم رواد الأعمال أبرزهم:

1. جمعية نهضة المحروسة

جمعية «نهضة المحروسة» هي إحدى الجمعيات الأهلية التي تتبني دعم رواد الأعمال من خلال أنشطتها؛ تم تأسيس نهضة المحروسة منذ عام 2003، لدى نهضة المحروسة برنامج حضانة الأفكار والذي يقدم الدعم لرواد الأعمال من خلال عدد من الخدمات والاستشارات على أن يقدم رواد الأعمال أفكار مشروعاتهم خلال مرحلتي تكوين الفكرة أو بدء التنفيذ على أن تكون تلك المشروعات متسمة بقدرتها على مواجهة مشاكل اجتماعية رئيسية وتحقق أثرًا قوميًا.

وتقدم المحروسة ثلاثة خدمات لرواد الأعمال:

  • بناء الكفاءة: من خلال مدرسة المحروسة وتقوم فكرة المدرسة على تدريب أصحاب الأفكار على كيفية بناء قدرات أصحاب المشاريع في مرحلة بناء الفكرة؛ كما توفر مستشار المحروسة وهي خدمة استشارات فردية لأصحاب الأفكار والمبادرات الاجتماعية من أجل تنمية مشروعاتهم.
  • الدعم الفني: من خلال مجموعة من الاستشارات الفنية المجانية، كما يتم متابعة إدارة أداء تلك المشاريع من خلال فريق عمل الجمعية.
  • دعم البنية التحتية: من خلال توفير مظلة قانونية تمكن أصحاب المشاريع من العمل تحت مظلة جمعية نهضة المحروسة، توفير أماكن لعقد الاجتماعات وإدارة الأعمال من خلال مقر الجمعية، توفير البنية التحتية الإلكترونية للمشروعات، إلى جانب المساعدة في اختيار فريق عمل المشروعات تلك على اختلاف مسمياتهم الوظيفية، إلى جانب قيامها بتوفير التمويل الأساسي للمشروع. [2]

2. جمعية علشانك يا بلدي للتنمية المستدامة

علشانك يا بلدي للتنمية المستدامة واحدة من الجمعيات التي تعمل على دعم رواد الأعمال الاجتماعيين؛ وذلك من خلال برنامج «ابتكر» لدعم وتمويل مشروعات الشباب، يقدم البرنامج مجموعة من الخدمات لأصحاب الأفكار الذين يريدون تأسيس أعمالهم بشرط أن يكون للمشروع هدف اجتماعي أو ليس له ضرر على البيئة وذلك من خلال:

  • تدريب مكثف لمدة 14 يومًا مجانًا على كيفية كتابة خطط التسويق والبيع ودراسات الجدوي، كيفية عرض الأفكار وحساب الأثر البيئي للمشروع.
  • عرض المشروع أمام لجنة مختصة لتقييم المشروعات وتحديد المشروعات الفائزة.
  • تقديم قرض حسن للمشاريع الفائزة.
  • خدمة استشارية فردية للمشروعات الرابحة لمدة عام مجانًا.

يذكر أن جمعية «علشانك يا بلدي للتنمية المتسدامة» قد تم تكريمها من قبل مركز «ميلر للريادة الاجتماعية» كواحدة من أفضل 14 مؤسسة تنموية على مستوى العالم من أصل 512 مؤسسة خاضعة للتقييم من قبل مركز ميلر، كما أن مؤسستها «د. رغدة الإبراشي» حاصلة على زمالة أشوكا للريادة الاجتماعية عن فكرة حق الانتفاع باسم الجمعية للنوادي الطلابية بالجامعات المختلفة. [6]

3. مؤسسة إنجاز مصر

تعمل مؤسسة «إنجاز مصر» على نشر فكر الريادة الاجتماعية ودعم الرواد الاجتماعيين من خلال برنامج «ريادتي الاجتماعية» والذي يعمل خلال ثلاثة مراحل تعمل من خلالها على تكوين فرق من أصحاب المشروعات القادرة على النمو والتطور من خلال تلقي المشاركين عددًا من التدريبات والتي يتم تصفية المشاركين على أساس نتائج كل مرحلة منهم ليتبقى في النهاية عدد من الفرق التي تستطيع المنافسة سويًا من أجل الحصول على منحة التمويل. [7]

كما تقوم إنجاز بالعمل على إيصال فكرة ريادة الأعمال وريادة الأعمال الاجتماعية إلى طلاب المدارس الثانوية من خلال مبادرة «حملة قادة الأعمال»، حيث تقوم فكرة المبادرة على اختيار عدد من رواد الأعمال الذين يقومون بزيارة عدد من المدارس للقيام بالتحدث مع الطلاب عن فكرة ريادة الأعمال وأبرز إنجازات هؤلاء الرواد بالإضافة إلى القيم الشخصية التي ساعدتهم على النجاح. [8]

هناك العديد من المؤسسات والأشخاص الذين يسعون لتطبيق نموذج ريادة الأعمال وخاصة التركيز على ريادة الأعمال الاجتماعية بمصر، حيث يرون أنها خطوة لبدء أعمالهم الشخصية والتحرر من قيود سوق العمل ومتطلباته، إلى جانب أنها فرصة للعمل على بعض القضايا التي يؤمنون بها إذا كنا نتحدث عن ريادة أعمال اجتماعية، فعقب ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 أصبح لدى العديد من الشباب طموحات ومبادرات يريدون العمل عليها وتحقيقها، مما جعل فكرة ريادة الأعمال الاجتماعية فرصة لهم.


[1] Valantina Primo, Nine Inspirational Quotes by Arab Entrepreneurs, BarkaBits, January 20, 2015.

[2] J. Gregory Dees, The Meaning of Social Entrepreneurship, Innovation and Entrepreneurship, May 30,2001.

David Bornstein, The Rise of the Social Entrepreneur, The New York Times, November 13,2012 [3].

[4] Samer Abu-Saifan, Social Entrepreneurship: Definition and Boundaries, Technology Innovation Management Review February 2012 .http://timreview.ca/sites/default/files/article_PDF/Saifan_TIMReview_February2012_0.pdf

[5] نهضة المحروسة، تعرف على أنشطتنا، نهضة المحروسة.

[6] Devin Thorpe, 14 Noteworthy Social Ventures Looking To Scale, Forbes.

[7] إنجاز مصر، لمحة على الريادة، إنجاز مصر.

[8] إنجاز مصر، قدوتي، إنجاز مصر.

المراجع
  1. The Rise of the Social Entrepreneur
  2. Social Entrepreneurship: Definition and Boundaries
  3. The Meaning of "Social Entrepreneurship"