خلال تواجدي للدراسة في “بكين” منذ عدة سنوات لم أكن أتصور في البداية أن هناك “يهود صينيين” إلى إلى أن اكتشفت وجود الآلآف الذي يتضاعفون كل يوم بالزواج المختلط بين يهودي وغير يهودية، بل وبالدعوة لليهودية من قبل منظمات صهيونية عالمية على الرغم من أن اليهودية ليست ديانة تبشيرية كالمسيحية، كانت كل هذه مؤشرات كافية لدراسة وتحليل هذه الظاهرة.

الجالية اليهودية في الصين

Jin's family hosts a Shabbat dinner at a Friday everning after sunset, Kaifeng China.
Jin’s family hosts a Shabbat dinner at a Friday everning after sunset, Kaifeng China.

تواجد اليهود بالفعل في الصين منذ أكثر من 1000 عام كبعثات ومحطات تجارية وتجار وخلافه. وبعد تطبيق الصين سياسة الانفتاح وخاصة بعد عام 1980 واصل اليهود تدفقهم نحو الصين، خاصة بعد افتتاح السفارة الاسرائيلية في بكين سنة 1992. إلا أنه من الجدير بالذكر أن الصينيين لا يفرقون بين “اليهود” و”الاسرائيليين” وهذا ما وجدته الكاتبة خلال لقاءات جمعتها مع بعض الصينيين، الذين تتلخص وجهة نظرهم حول اليهود في أن اليهود يديرون ويحركون واشنطن، وأنهم يتحكمون في الاعلام الدولي، ويمتلكون أموال العالم.

ويتركز معظم اليهود الصينيين في منطقة “كايفنج” في الصين حيث توجد هناك عشرات المعابد اليهودية والأنشطة الدينية اليهودية وحفلات الزواج الديني.

وبينما توجد 56 قومية معترف بها من قبل الحكومة الصينية، فإن “اليهودية” عندهم تعد كإثنية وليس كقومية وبالتالي لا يحق لهم الاعتراف بها، على الرغم من كل الجهود الاسرائيلية وتشكيل لجان مختلفة لاقناع الحكومة الصينية بالاعتراف باليهودية كأقلية “عرقية”، والكاتبة تزعم بأن عمليات “تهويد” الصينيين – والتي سنشير لها بعد قليل – هي “ممنهجة” أي مدروسة ومخطط لها جيداً للتدليل بوجود أقليات “عرقية” يهودية في الصين ولاثبات حقوق تاريخية لهم تفيد “إسرائيل” في صراعنا معها في المستقبل من خلال توجهنا جميعاً إلى الصين.

وقد حدثت محاولات إسرائيلية مستميتة لتشكيل لجان للتشاور مع الحكومة الصينية للاعتراف بهؤلاء الصينيين “المتهودين” كأقلية حقيقية في البلاد خاصة مع رفض الجانب الصيني التام لمثل هذه المحاولات لتأثيره على أمنه القومي حيث تسعي إسرائيل لضمان الاعتراف بهم ولاثبات حقوق تاريخية لهم، وتستند إسرائيل في ذلك إلى أنه في عام 1952 دعت الحكومة الصينية “رسمياً” ممثل عن الطائفة اليهودية في إقليم “كايفنج” الصيني للمشاركة في الاحتفال بـ “اليوم القومي للأقليات”، إلا أنه في عام 1953 أصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الحاكم قانوناً أساسياً ينص على وجود 56 أقلية في البلاد، دون تضمين الأقلية اليهودية من بينهم.

وبالطبع فإن هذه المحاولات الاسرائيلية للاعتراف بمثل هذه الأقلية اليهودية في الصين لها أبعاد مستقبلية تؤثر على أمننا القومي العربي.

نشر اليهودية في الصين كعمل ممنهج

اكتشفت الكاتبة – خلال دراستها في الصين- منذ عدة سنوات الأنشطة الاسرائيلية لتهويد الصينيين، بل وزيادة عدد المواطنين الاسرائيليين اليهود المتزوجين من صينيات. الغريب في الأمر أنهم يتزوجون الصينيات فقط من أجل تهويدهن وإنجاب أطفال صينيين-إسرائيليين مختلطين يتحدثوا العبرية والصينية، بل وأن معظم اليهود قبل الزواج من صينية يتأكد تماماً من تحولها لليهودية بتعاليمها باحتفالاتها بمناسباتها الدينية حتي يتزوج منها، وكأن الزواج منها فقط متوقف علي مسألة “التهويد” والاقتناع باليهودية كدين حتي قبل مسألة الزواج.

ولقد انتشرت حفلات الزواج الديني لزواج مواطن صيني يهودي من مواطنة يهودية صينية، ينتمون في كثير من الأحيان لأغلبية “الهان” الصينية. وهذا هو الأمر الجديد الذي توقفت عنده الكاتبة، نظراً لانجابهم أطفال يهود منذ الصغر، ويرتبطون بعلاقات صداقة مع إسرائيل، ويزورونها باستمرار ويضعون أعلام إسرائيل داخل بيوتهم، مما يجعلنا نتوقف كثيراً أمام تنامي هذه الظاهرة وأثرها على أمننا القومي العربي. مع ملاحظة حرص إسرائيل على خطب ود الجانب الصيني من خلال بناء أو المشاركة في أعمال ترميم المعابد اليهودية على ان تأخذ الطابع التقليدي الصيني في البناء والزخرفة.

وقد قابلت الكاتبة عددا من الصينيين الذين تهودوا مثل: الشاب الصيني من منطقة “تيانجين” الصينية اسمه العبري “آرون وود” “Aaron Wood” ويعمل مهندس تصميم سيارات والذي انتقل فعلاً للعيش في إسرائيل كي يكون أقرب للطقوس الدينية، ومواطن صيني آخر اسمه “ساسون جولدفان” “Sasson Goldfan” الذي تحول لليهودية في سن صغيرة، وذهب للمدرسة العبرية وزار المعابد اليهودية في الصين.

أما أهم شخصية صينية يهودية يمكن أن تقابلها في الصين وتحديداً في إقليم “كايفنج” الصيني هو “جانغ شين وانغ” “Zhang Xing Wang” وهو “المتحدث الرسمي باسم الأقلية اليهودية في كايفنج بل في الصين” واسمه العبري هو “موشي”، والذي تحدث عن وجود 17 عائلة يهودية صينية في “كايفنج” واسم هذه العائلات هي: “Shi, Gao, Ai, Li, Zhang, Zhao and Jin” “شي، جاو، آي، لي، جانغ، جاو، وجين”. وأكد “جانغ شين وانغ” بأنها كلها أسماء عبرية موجودة في التوراة بالفعل، باستثناء اسم “جاو” الذي أعطي كمنحة من الامبراطور، أما باقي الأسماء فإن اسم “لي” الصيني يعني “ليفي”، و “شي” يعني الحجر بالعبري، و “جين” يعني الذهب بالعبري. كما أن هناك حوالي 618 حفيد ليهود الكايفنج بعضهم غادر بالفعل إلى إسرائيل.

2

الكيانات الصهيونية العاملة في الصين

تغلب علي أنشطة الكيانات الصهيونية العاملة في الصين الدفاع عن حقوق اليهود في الصين وأنشطة أكاديمية لنشر تدريس اللغة العبرية ولافتتاح أقسام عبرية داخل الجامعات الصينية.

وتعد منظمة “شافي إسرائيل” “Shavei Israel” من أخطر المنظمات العاملة هناك. وهي المنظمة المعنية باكتشاف المواطنين اليهود حول العالم ودعوتهم لزيارة وطنهم الأم في “إسرائيل”، وقد قامت بدعوة عشرات اليهود الصينيين لزيارة إسرائيل واستقبالهم بترحاب وحرارة كبيرة في مطار “بن جوريون” الاسرائيلي. ولرئيس المنظمة فيديو شهير وهو يدعو الصينيين اليهود لزيارة إسرائيل بل ويستقبلهم في مطار بن جوريون بنفسه، وهو يحكي كيف اكتشف أنهم مواطنون صينيون يهود يشتاقون للعودة لوطنهم الأم “إسرائيل”، وهو ساعدهم علي ذلك من خلال منظمته “شافي إسرائيل”. وفي عام 2009 دعت هذه المنظمة 9 مواطنين صينين يهود لزيارة إسرائيل.

3

ومن الجمعيات المهمة أيضا جمعية “المواطنين الصينيين الذين عاشوا سابقاً في إسرائيل” “Association of Former Residents of China in Israel”، وهذه الجمعية لها دور خطير في تتبع كل المواطنين الصينيين الذين تواجدوا يوماً على أرض “إسرائيل” كي يظلوا مرتبطين دوماً بدولة إسرائيل، وتقدم سنوياً هذه الجميعة حوالي 110 منحة دراسية للطلبة الصينيين الراغبين في الدراسة في إسرائيل وتتلقي الدعم من شخصيات يهودية نافذة ومعروفة حول العالم. مما يطرح علامة استفهام كبيرة حول أنشطة هذه الجمعية.

هناك أيضا جمعية ” جمعية التدفق الداخلي الاسرائيلي- الصيني” “Israel-China Interflow Association”، وهي في الأصل جمعية “إسرائيلية” تعمل في الصين لدعم قطاع الأعمال الاسرائيلي هناك، ولتشجيع المستثمرين الصينيين للاستثمار في الصين، وبالطبع لكل هذه الأنشطة تأثير على أمننا القومي خاصة ونحن نطرح سؤال: مع من نتعامل، هل نتعامل مع شركة صينية أم إسرائيلية؟

كما بالإضافة لذلك كله فإن هناك عشرات المراكز البحثية الاسرائيلية واليهودية داخل الجامعات الصينية.

مجالات التعاون بين اليهود الصينيين وإسرائيل

يمكن أن نجمل مجالات التعاون بين اليهود أو المتهودين الصينيين وإسرائيل كالآتي: ممارسة أنشطة تجارية مع إسرائيل، نشر الثقافة الاسرائيلية والتعليم الديني اليهودي بين الصينيين والدفاع بالطبع عن الأنشطة والسياسات الاسرائيلية، بل والأدهي الدفاع عن فكرة “الصهيونية” والمشاعر القومية تجاه إسرائيل.

بل ويعرض هؤلاء الصينيين اليهود أمثلة عن تعاطف القادة الصينيين السابقين مع اليهود مثل “ماوتسي تونج” و “شو آن لاي” خاصة خلال فترة الأربعينيات بعد الحرب العالمية الثانية وحرائق الهولوكوست التي تعرض لها اليهود على يد هتلر النازي، حيث يستغل اليهود هذه النقطة تماماً لكسب تعاطف قطاعات عريضة من الصينيين معهم وعمل ندوات تعريفية وتثقيفية حول هذا الأمر خاصة الجامعات الصينية.

تناول الإعلام الصيني للشخصية اليهودية

إن قضية كيفية تناول الاعلام الصيني لليهود وللشخصية اليهودية، بها مفارقة لطيفة وهي أن الملياردير الصيني المعروف “شين جوان بياو” “Chen Guangbiao” والذي تتركز تجارته الدولية الشاسعة أساساً في مجال الميديا والاعلام، بل أنه عرض “رسمياً” شراء صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية وعرض لاحقاً شراء صحيفة وول ستريت جورنال، فلقد أعرب هذا الملياردير الصيني خلال لقاء معه عن إعجابه وفخره بالعمل مع اليهود! وتبحث معظم التقارير الاعلامية الصينية عن العلاقات الجيدة مع إسرائيل خاصة في مجال تعلم ونقل التكنولوجيا الاسرائيلية إليهم. كذلك تناول الاعلام الصيني الترحيب بالسفير الاسرائيلي لدي “بكين” “عاموس ناداي” “Amos Nadai” وقام بعمل تغطيات واسعة لمنحه “المواطنة الفخرية” في شهر يونيو لعام 2011 في مدينة “شيندو” “Chengdu” الصينية عاصمة مقاطعة “سيشوان” “Sichuan” في الصين.

في الوقت الذي لم تسمع فيه الكاتبة شخصياً عن منح مثل هذه المواطنة الفخرية لأي سفير عربي في الصين.

العلاقات الصينية-الاسرائيلية الثقافية

أما عن العلاقات الثقافية بين الصين وإسرائيل فقد تم عمل أول قاموس اليكتروني صيني-عبري حديث لتسهيل دراسة العبرية بالنسبة للمبتدئين الصينيين، فضلاً عن إنتاج أو طبعة ورقية من القاموس الورقي الصيني-العبري من 1000 صفحة في عام 2007 في دار نشر كبيرة في “شنغهاي” تعرف باسم “دار صحافة تعليم اللغات الأجنبية في شنغهاي” “Shanghai Foreign Language Education Press”.

وتم افتتاح أول “معهد كونفوشيوس” صيني لتعليم الصينية في جامعة تل أبيب الاسرائيلية في عام 2007، ووفقاً للسفير الصيني في إسرائيل “جاو جون” “Zhao Jun” في مقابلة معه في مايو 2007، فإنه يسجل سنوياً في المعهد نسبة لا تقل عن 200 طالب إسرائيلي يتعلمون الصينية.

وتحاول إسرائيل مواجهة أهم التحديات والعقبات التي تواجه الدراسات الاسرائيلية واليهودية في الصين، وذلك من خلال دعم الدارسين الصينيين للشئون اليهودية والاسرائيلية، تسهيل سفر الباحثين الصينيين لاسرائيل، عمل إسرائيل مسابقة بحثية دورية في إقليم “كايفنج” الصيني لأفضل مقال عن “التاريخ والثقافة اليهودية”، الأمر الذي نجم عنه في ربيع عام 2004 أن تحمس أحد المعاهد الصينية لعمل معرض كبير يتضمن عرض الثقافة اليهودية، كذلك يحاول الجانب الاسرائيلي التواصل مع الاعلام الصيني والدولي لابراز مثل هذه الأنشطة الاسرائيلية في الصين، بل وبادر عدد من الطلبة الصينيين في بكين وشنغهاي باقتراح أن ينظم اليهود “بادرة خيرية” مضمونها يتمثل في التعريف بمعاناة الشعب اليهودي، وهو ما يمثل تحولاً خطيراً في الفكر الشبابي الصيني نحو اليهود وإسرائيل.

وفي إطار هذه العلاقة يبرز دور قناة “السي سي تي في” الصينية “CCTV” لدعم التعاون الأكاديمي والعملي بين الصين وإسرائيل، من خلال عرض عدد كبير من الوثائق حول التاريخ اليهودي، والتطور الاسرائيلي في نواحي أخري كثيرة كالتكنولوجيا، ومجالات الطاقة الشمسية والزراعية والأسلحة وغيرها، الأمر الذي أدي لتعريف الفلاحين والمزارعين بالاسرائيليين وحثهم علي التعاون معهم، مع العلم أنه يوجد في الصين حوالي 800 مليون مزارع وفلاح صيني، الأمر الذي سيكون له أبعاد وظلال مستقبلية إيجابية حول العلاقات الصينية-الاسرائيلية على حساب البعد العربي.

تأثير الوجود الصهيوني في الصين علي الأمن القومي العربي

4

أما تأثير كل ما سبق على الأمن القومي العربي، ففي البداية تجب الإشارة إلي تقرير أمريكي خطير تم تسريبه بشأن نجاح “المخابرات الصينية” في تجنيد 3 رجال أعمال يهود للعمل لصالحها في أفريقيا وللتجسس على الأنشطة الأمريكية هناك، ورجال الأعمال هم: “Helder Battaglia” “هيلدر باتا جليا” والمعروف بعلاقاته الوطيدة مع الرئيس الأنجولي “جوز إدواردو دوس سانتوس” “Jose Eduardo Dos Santos” و Pierre Falcone” “بيير فالكون”، وهو رجل أعمال فرنسي يهودي يستثمر في “أنجولا” الأفريقية باستثمارات تتعدي الـ 800 مليون دولار.

و “Lev Leviev” “ليف ليفين” الذي يمتلك أكبر شركة لتجارة الألماس في أنجولا. والكاتبة تحلل ذلك بأن الصين تدرك أهمية قطاع الأعمال اليهودي في أفريقيا وتسعي بالفعل للاستفادة منه والتعاون معه حتى ولو كان علي حساب أطراف وكيانات أخرى.

كذلك يمكن الإشارة إلي إمكانية أن يؤثر تنامي ظاهرة الباحثين الصينيين المعنيين بالشأن اليهودي والاسرائيلي على الأمن القومي العربي من خلال بناء “قاعدة عريضة” من هؤلاء الباحثين لخدمة القضايا الاسرائيلية في الصين في المستقبل على حساب العرب.

هذا بالإضافة إلي أنه يوجد في الصين حوالي عشرون ألف عامل صيني يعملون بالأساس في قطاع البناء قد يؤثر على الأمن القومي العربي. حيث أنه قد “تهود” بالفعل عدداً منهم وأضحوا أكثر قرباً من إسرائيل.

ومن ناحية أخري يمكن تحليل المادة الموجودة في القانون الإسرائيلي المعروفة باسم “حق العودة” أي حق العودة لكل مواطن يهودي حول العالم إلى وطنه الأم “إسرائيل” وطرح تساؤل حول هل تنطبق مواصفاته على هؤلاء المواطنين الصينيين المتهودين؟ مع العلم، أنه بالفعل هاجر عدداً من الصينيين اليهود إلى إسرائيل، والتي اتبعت سياسات أخري لادماجهم في المجتمع الاسرائيلي مثل: تعليمهم العبرية وتخصيص حاخامات لهم لارشادهم الروحي لأداء الصلوات والعبادات والمناسك اليهودية “لامتصاصهم” داخل المجتمع الاسرائيلي، وفقاً لتعبير مسئولين إسرائيليين.

وهنا تخلص الكاتبة إلى أن ذلك أقرب إلي عمليات “غسيل مخ” لهم لجعلهم مواطنين إسرائيليين بالدرجة الأولي. حيث قابلت الكاتبة بعضاً منهم بالفعل في الصين فلا تكاد تشعر أنك أمام مواطن صيني بل “إسرائيلي” تماماً.

كذلك اكتشفت الكاتبة وجود عدد من المواطنين الصينيين اليهود ذوي ملامح “الهان”، وهي الأغلبية الصينية، يخدمون داخل جيش الدفاع الاسرائيلي. ومعظمهم من يهود الـ “كايفنج” في الصين ذات التركز اليهودي هناك. وآخر دفعة وصلت للعمل مع الجيش الاسرائيلي هم ثلاث شباب يهود صينيين أسمائهم هي: “Moshe Li, Gideon and Yonatan Fan Xue” “موشي لي، جي ديون، يوناتان فان شيو”. وعرض موقع تابع للجيش الاسرائيلي بالفعل صور لهم ولقاءات معهم.

5

والكاتبة نظرت لهذه الظاهرة بقلق شديد لتأثيرها على العلاقات الصينية-العربية في المستقبل خاصة ونحن سنصبح مرتبكين ولم نعد نعي مع من نحارب؟ وضد من؟ هل نحارب مواطنين يهود إسرائيليين أم صينيين؟ أنها جد ظاهرة خطيرة بكل المقاييس.

كما أن هناك تيار كبير متنامي من “اليهود المعتدلين” الآن يحاول التقارب مع قطاع عريض من الصينيين بدعوتهم للتفرقة بين “اليهود كأشخاص” و “دولة إسرائيل”، خاصة مع تبني عدد كبير من الصينيين لوجهات النظر العربية والفلسطينية تجاه قضايانا ومهاجمتهم دوماً لسياسات الاستيطان الاسرائيلية وحربهم ضد غزة. وهو أمر يجب أن نستغله نحن العرب لصالحنا للتعريف بقضايانا العادلة لدي الجانب الصيني من خلال هذه النشاطات الأكاديمية والندوات التعريفية على غرار أنشطة المنظمات اليهودية المتواجدة دوماً والكثيفة العمل في الصين.

وفي النهاية يمكن القول بأن الأهداف الاسرائيلية واليهودية تجاه الصين تتمثل بالأساس في تشكيل وفود ثابتة من “المنظمات اليهودية” للسفر دوماً إلى الصين للحديث والتقارب مع هؤلاء المواطنين الصينيين اليهود -أي “المتهودين” – داخل المجتمع الصيني، والاحتفاظ بعلاقات وثيقة معهم، بل وعمل ندوات دورية مع صناع القرار الصيني للتشاور حول الرؤي المشتركة للجانبين، وندوات دورية للمستثمرين الصينيين لتعريفهم بالمناخ الاستثماري الخصب في إسرائيل، فضلاً عن تكثيف الدورات التدريبية للأساتذة والباحثين والدارسين الصينيين المتخصصين في الشئون العبرية والاسرائيلية، وتخصيص زيارات لهم لقضاء فصل دراسي كامل في إسرائيل، مع زيادة المنشورات والكتيبات والترجمات العبرية إلى الصينية، وعمل مسابقات بحثية بين طلبة الجامعات الصينية حول أفضل من يكتب عن التاريخ والثقافة اليهودية، وعمل موقع على النت مخصص أساساً للصينيين لتعريفهم باليهودية وإسرائيل، وتوفير سيديهات وفيديوهات لهم لهذا الغرض، مع دعوة الصينيين للاحتفال سنوياً بـ “يوم الفيلم اليهودي” في الصين، وجمع ملايين التبرعات من اليهود حول العالم لدعم الأنشطة العبرية في الصين.

ومن هنا تخلص الكاتبة من خلال العرض السابق إلى أن الصين دولة عظمي، وما لم نستغل الفرصة جيداً للتواجد على غرار “المنظمات اليهودية” المتواجدة في الصين فإن الفرصة بذلك ستضيع علينا في صنع جيل كامل من الباحثين الصينيين المهتمين باللغة والقضايا العربية، مثلما يفعل الاسرائيليين من تقديم كافة التسهيلات لهؤلاء الباحثين الصينيين، كما تطالب الكاتبة بزيادة الاستثمارات المصرية والعربية في الصين، والتي تعد حقاً هزيلة مقارنة مع الجانب الاسرائيلي الذي يتبني مشروعات عملاقة داخل الصين نفسها، بعكس العقلية العربية التي تريد للعالم بأسره، ومنها الصين، بأن يأتي إلينا بدلاً من بذل أي مجهود للذهاب إليهم للاستثمار في عقر دارهم.

إنها بالفعل “لعبة مستقبلية” تستلزم إعداد جيل كامل من الباحثين المصريين والعرب على دراية بالجوانب المشتركة الصينية والاسرائيلية وتحليل أبعاد هذه الظاهرة المتنامية من “تهويد” الصينيين وتأثيرها على عالمنا العربي في المستقبل.