محتوى مترجم
المصدر
Taste of cinema
التاريخ
2016/09/15
الكاتب
Kosmo W. Crocco

يضم التاريخ السينمائي عددًا غير محدود من الشخصيات التي ألقت خطابات رائعة، وحوارات أسطورية، والتي في بعض الأحيان تحولت إلى جزء من لغتنا اليومية. لقد أبرمت عقودا لم يكن لك أن ترفضها، وسألت نفسك ما إذا كنت تخاطب «روبرت دي نيرو» نفسه، فضلا عن العديد من المرات التي استخدمت فيها حوارات سينمائية للتقرب من فتى/ فتاة أحلامك.

وعلى الرغم من ذلك، أحيانا «يكون هناك ما نقع في غرامه أكثر من الكلمات» كما يقول «.A.K» في فيلم «Filth And Wisdom» من إخراج «مادونا» (نعم مادونا) عام 2008م، ليذكره صديقه على الفور «ولكنك تحتاج إلى الكلمات لتخبرني بذلك».

وعليه، يمكنكم البقاء هنا والتجادل حول هذه المفارقة التي ﻻ تنتهي، وينتهي بكم الحال إلى الصراخ في وجهة أحدكم الآخر بأن كلًا منكم ﻻ يستطيع تقبل الحقيقة، أو يمكنكم، في المقابل، التركيز على المغزى من هذا المقال الذي يسمي خمسة أفلام لم يحتج أبطالها إلى الكلمات للوصول إلى قلوبكم.


Dumbo (Dumbo, 1942)

من فيلم «Dumbo»

بالإضافة إلى كونه أقصر أفلام ديزني الكلاسيكية (63 دقيقة فقط)، فإن «Dumbo» هو الفيلم الوحيد الذي ﻻ يتحدث بطله على الإطلاق. فالحوار في الفيلم كله يقع على عاتق الفأر «Timothy Q» صديق «Dumbo» الوفي، والذي يتحدث بما يكفي للشخصيتين معا. فعلى خلاف أفلام الأطفال التقليدية المليئة بالأغاني والنهايات السعيدة، يقدم الفيلم عالما مغايرا ﻻ يسامح الفرد على كونه مختلفا، أو مميزا.

«Dumbo» هو فيل غير سعيد، سيء الحظ، ذنبه الوحيد هو أنه يمتلك أذنا كبيرة تمنعه من أن يكون نافعا للسيرك الذي ولد به. وكحبة كرز على قمة كعكة الحزن تلك، يتم حبس أمه، ﻻ لشيء إﻻ لأنها حاولت حمايته. ثم يأتي التحول على يد الفأر المرح المتفائل، الذي سيعلم Dumbo كيف يحول أكبر عيوبه إلى أكبر نقاط قوته.


Sergey (The Tribe, 2014)

من فيلم «The Tribe»

فيلم «The Tribe»، هو على مستوى آخر من الشحن النفسي بلا كلمات أو موسيقى، فقط الأصوات المحيطة التي تزيد من حدة التوتر والواقعية. الفيلم يقدم رؤية جديدة لدور الجمهور والذي ﻻ يتوقف فقط على متابعة القصة، ولكنه أيضا الوحيد الذي يستطيع أن يستمع لما يجري حول الشخصيات التي كانت جميعها من الصم والبكم.

سيرجي (Gregoriy Fesenko) هو فتى أوكراني يدخل مدرسة داخلية. وبعيدا عن كونها مدرسة للصم والبكم، فهي كأي مدرسة داخلية تحتوي على عصابات من الطلبة المتنمرين، وبها العديد من القواعد غير الرسمية، التي يُجبر على الالتزام بها كل من ﻻ يريد أن يتمرغ وجهه في الوحل.

ينضم «سيرجي» إلى إحدى تلك العصابات، تدعى «القبيلة»، ويبدو أنه هادئ ومتقبل لكل ما تتورط فيه هذه العصابة، كالسرقة والدعارة. ولكن بعد أن يقع في غرام «Anna»، والتي من المفترض أنها إحدى البغايا تحت قوادته، يتعلم سيرجي أن يردد مقولة «إنك ﻻ تتغوط في الصحن الذي تأكل منه».

قصة مثيرة للاهتمام يتم عرضها بلا أي كلمات، وفي أجواء مبهرة من الأصوات والمشاعر الهائجة والواقعية، التي تليق بفيلم عظيم. يقوم الفيلم أخيرًا بإزاحة ذلك الستار من الشفقة والرثاء، الذي طالما تدثرت به تلك الأفلام التي تتناول شخصيات مصابة بإعاقة جسدية ما.


Robert (Rubber, 2010)

من فيلم «Rubber»

إذا كان «Dumbo» ﻻ يتكلم لأنه فيل (على الرغم من كونه شخصية كرتونية)، و«سيرجي» ﻻ يستطيع الكلام لأنه أبكم، فإن «روبرت» ﻻ يتكلم لأنه عجلة. نعم، عجلة، مثل عجلات السيارات. أفضل احتفاء بـ «اللاشيء» للمخرج «Quentin Dupieux»، والذي يجلب الحياة إلى عجلة سيارة، في أحد قوالب الهياج الدموي بلا أي داع أو سبب واضح. هل هناك بعض المعاني أو الرسائل المخفية؟ ربما، لكن الأهم هو تلك التجربة السينمائية الفريدة.

«روبرت» هو إطار سيارة مهمل، ومتروك في الصحراء، حينما يدرك أن بإمكانه التجول في المكان بمفرده، ويدرك أيضا أنه يمتلك قوي تمكنه من تحريك الأشياء عن بعد. فهو يستطيع أن يدفع الجمادات، والأشياء الحية إلى الانفجار. هل تتساءل «لماذا؟»، السؤال الحقيقي هو «لم ﻻ؟» يبدأ روبرت في التجول متدحرجا في الصحراء، يقتل البشر، ويثير مطاردات شيقة، بل والأكثر من ذلك يبدأ في الاصطياد عندما يطارد امرأة فاتنة يقابلها في طريقه.

مطاردة دموية عبر الصحراء لملاحقة ﻻ شيء، أو شيء غير معقول، لكن، على كل حال، هل يحتاج صانع السينما إلى المعقولية ليروي قصته؟ أﻻ يمكن أن تكون مجرد غريزة ﻻ يمكن التحكم بها هي التي تقود هذا الشيء، وفي هذه الحالة فقط حرك إطار السيارة ودعه ينشر القتل والدمار دون أن تسأل لماذا؟


One-Eye (Valhalla Rising, 2009)

من فيلم «Valhalla Rising»

رجل بلا اسم، يدعي «العين الواحدة» ذلك أن له عينا واحدة (يا للمفاجئة!). هذه المرة البطل ﻻ يستطيع الكلام بالطريقة التقليدية، أي باستخدام الأحبال الصوتية، ولكن يمكنه التعبير عن نفسه من خلال صوت صبي، يدعي أيضا «الصبي». وعلى خلاف الشخصيات التي عرضناها سابقا، فإن «العين الواحدة» هو شخصية قوية وعنيفة، وعلى ما يبدو متجاوزة للحدود البشرية. مقاتل حقيقي في حرب حقيقية تدعي الحياة.

«العين الواحدة» (Mads Mikkelsen)، هو محارب فايكنج من نوع غريب، عومل معاملة كلب وليس إنسان، يتم حبسه في قفص، وﻻ يطلق سراحه إﻻ ليخوض المعارك حتى آخر قطرة دماء، والتي ﻻ يبدو عليه أنه ذو قابلية لخسارتها.

عندما يتمكن «العين الواحدة» من الهرب، يقوم بقتل جميع أفراد قبليته باستثناء ذلك الصبي الذي يقوم بإطعامه (Maarten Stevenson). يبدآن معا التجوال في هذه البراري المتوحشة، ثم ينضمون إلى إحدى فصائل الفايكنج المسيحية المتجهة إلى القدس ضمن إحدى الحملات الصليبية.

يبدو أن رحلة الفايكنج قد حكم عليها بالفشل بوصول الفصيلة إلى إحدى الأقاليم البرارية التي تبعد عن أي أرض يعرفونها وخاصة القدس. ولكن بمجرد أن ينزاح ذلك الستار من النفاق ليفسح المجال لعطش السلطة للتعبير عن نفسه، عندها تبدأ رحلة الخلاص الحقيقية بالنسبة للعين الواحدة، وهي الرحلة التي ﻻ يمكن إنجازها بطريق آخر غير الطريق الذي عرفه طوال حياته: الدم.

الفيلم عبارة عن بحث متعمق حول حاجة الإنسان للإيمان، باستخدام المسيحية كمثال لكل الأديان والمعتقدات التي قادت، وتقود البشر إلى قتال بعضهم البعض في حروب غامضة، من أجل شيء ما يبدو أكثر شبها ببريق الذهب منه بنور الإله.


George (The Artist, 2011)

من فيلم «Valhalla Rising»
من فيلم «The Artist»

ما هو الممثل؟ وما هي الممثلة؟ لقد اعتدنا أن ننظر إليهم هذه الأيام بوصفهم كلمات، وأجساد. وقبل أن يدخل الصوت إلى السينما، كان الممثلون بنسبة 100% أجساد فقط، وقد كان دخول الصوت، بالنسبة للكثيرين منهم، بمثابة نهاية حياتهم العملية.

«جورج» هو أحد هؤلاء الممثلين، استطاع الاستفادة من مظهره، وابتسامته الساحرة، وبنيته الجسدية السينمائية. فهو يستطيع أن يجذب المشاهدين من خلال السينما الصامتة التي تتحدث عن نفسها، كما لو كان جدا يحكي لأحفاده عن الماضي المشرق المتألق حينما اعتاد الناس الوقوف والتصفيق بنهاية شيء ما يدعي «الفيلم».

جورج فالنتن (Jean Dujardin) هو أحد مشاهير السينما الصامتة. تعشقه الجماهير، ومنتجه، وزوجته، وكذلك النجمة الصاعدة «بيبي ميللر». ولكن بمجرد ظهور الأفلام الناطقة، يرفض جورج العمل بها، وبعد محاوﻻت فاشلة لتقديم فيلمه الصامت، ينتهي به الحال إلى مواجهة الحقيقة المرة.

فيلم عن السينما، ماض لا يزال لديه ما يقوله، ما يسأل عنه. تجربة شديدة المخاطرة تلك التي جلبت الأوسكار لفيلم صامت في سابقة لم تحدث منذ عام 1929م. وهنا يثور السؤال: هل الطريقة التي نعرفها هي بالفعل الطريقة الوحيدة، أم أنها إحدى الطرق لصناعة السينما؟