ميليسا مايرز

في منتصف حفل الجولدن جلوبز، تراجع ريكي جيرفيه نحو كوب الجعة الذي جثم إلى جوار ميكروفونه وقال متذمرًا، “فليقتلني أحدهم”. ربما كان يتحدث نيابة عنا أيضًا. فمنذ متى كانت مشاهدة ذلك الحفل مؤلمة إلى هذه الدرجة؟ لم تكن النكات مضحكة. وتملك الفائزون سخافة لم نعتدها، حتى بالنسبة لجائزة تعتز بكونها قائمة على خيارات غريبة. لم تعبر خطابات الاستلام عن الدرجة الكافية من الثمل. وفوق كل ذلك، كان الحفل مملًا. إن كانت هناك لحظة نحتاج فيها بشدة لدخول جاكلين بيسيه مسرعة إلى المسرح، قائلة على طريقتها: «فلتذهبوا إلى الجحيم ولا تعودوا!»، فإنها هي تلك اللحظة.

يمكنك أن تجادل بشأن الفائزين كيفما شئت، ولكن الحقيقية هي أن المشكلة قد بدأت بجيرفيه. كان من المفترض أن يكون المقدم المثالي. فقد اكتسب سمعة وضعته على قائمة أفضل المقدمين مع تينا فاي وإيمي بولر، لأنه شجاع كفاية ليكون صوت كراهية الذات بهوليوود. عندما قدم حفلًا لأول مرة عام 2010، صدم الجمهور وأسعده بانتقادات لاذعة للمشاهير، وعض اليد التي أطعمته عبر التلميح إلى قبول جمعية الصحافة الأجنبية في هوليوود (التي نظمت الحفل) للرشاوي، وحقق إيرادات ضخمة، رغم تذمر رئيس الجمعية في حينها، فيليب بيرك، حول أن جيرفيه قد «تخطى الخط الأحمر». ولكن بعد 6 سنوات، لا يزال يلقي النكات ذاتها. اعتاد جيرفيه إلقاء نكتته بشأن تبني أنجلينا جولي لأي طفل غير أبيض. حيث قال في نسخة عام 2010، “يمكن أن تكون طفلًا آسيويًا صغيرًا دون أي ممتلكات ولا أموال، ولكن بمجرد أن ترى صورة لأنجلينا جولي سيدور في فكرك: «أمي!”». أما نسخة عام 2016 فتقول: «عندما يرى براد بيت وأنجلينا جولي (كيفن هارت وكين جيونج) سيرغبان في تبنيهما».

كذلك هناك نكتته حول معاناة ميل جيبسون من مشكلات. فقال في 2010: «أحب الشراب تماما كالرجل التالي. ما لم يكن الرجل التالي هو ميل جيبسون». أما نسخة 2016 فتقول: «أفضل أن أحظى بشراب معه الليلة في غرفته عن أن أفعل ذلك مع بيل كوسبي». لم يتخل جريفيه أيضًا عن نكتته بشأن سلوكيات تشارلي شين. كانت في 2010: «إنها ليلة من الاحتفال والإفراط في الشراب، أو كما يدعوه شارلي شين، مجرد إفطار». أما في 2016: «جوي آند تراينوراك»، لا ليسا اسمي العاهرتين المفضلتين لتشارلي شين، إنهما فيلمي مقدمينا التاليين».

عندما نجح جيرفيه في التقاط بعض الموضوعات الأكثر مواكبة للعام الجديد، لم يفلح في جعلها مثيرة بحق. حيث ألقى العبارات الساخرة المتوقعة عن دونالد ترامب وشون بين، والتي هنأ بعض مستخدمي تويتر بعضهم البعض لتوقعها. بل وشعر بعضهم بالإهانة بسبب سخريته من المرأة المتحولة جنسيًا –فكانت كايتلين جينر وشخصية جيفري تامبور في فيلم Transparent أولى أهدافه– ولكن تمثلت المشكلة الأساسية في محدودية خياله. (أود أن أسجل احترامي للمنتمين للجنس الرابع الذين وجدوا سخريته من أعضاء تامبور مضحكة!). وعندما حاول جيرفيه السخرية من فارق الأجور بين الرجال والنساء في هوليوود، وهو موضوع كانت بولر وفاي لتستمتعان بالسخرية بشأنه، انتهى به الأمر بتهنئته لذاته. حيث قال: «أتقاضى نفس ما حصلت عليه تينا وآيمي العام الماضي»، وأضاف: «ليست مشكلتي أنهما اثنتين، وأنهما يريدان تشارك الأموال!»

لقد حاول التركيز على مشكلة هامة. ولكن في العام الذي كرمت فيه الجائزة القليل جدًا من المبدعات خارج مجال التمثيل، بل وأقل منهم من المنتمين للأعراق الأخرى، لابد أنه كان صعبًا على نظرائه منخفضي الأجور أن يضحكوا. بالتأكيد لا يمكن إلقاء كامل اللوم على جيرفيه. ربما فشل في إدهاش الجميع، ولكن عندما نجحت الجلوبز في مفاجأة الجميع، ظهرت مشاكل أخرى. فقد تغلب مسلسل Mozart in the Jungle، وهو برنامج انتقده بشدة جيف جينسين الكاتب بالموقع، على مسلسل Transparent، الذي ولع به النقاد، كأفضل مسلسل كوميدي، ما أدى بالأمريكيين إلى البحث لمحاولة معرفة أي شيء عن ذلك المسلسل. ومع الأسف، لم يقدم المسلسل تجسيدًا للسنوات المفقودة من عمر موزارت في غابات الأمازون. كما تغلب The Martian على Trainwreck في فئة أفضل عمل كوميدي أو فيلم موسيقي، رغم حقيقة أنه لم يكن موسيقيًا ولا كوميديًا.

مسلسل Mr Robot الفائز بالجائزة

أما عزيز الأنصاري، وهو أحد المرشحين لأدائه في Master of None، فقد كان ليكون أحد أكبر مثارات الضحك في تلك الليلة عندما كاد أن يخسر لصالح جيفري تامبور، إلا أنه خسر في النهاية لصالح جارسيا بيرنال، نجم Mozart in the Jungle. ولكن عندما نجحت الجمعية في وضع بعض الأمور في نصابها –فقد أحسنوا باختيارهم مسلسل Mr. Robot والنجوم ترجي بي هنسون، راشيل بلوم، وماورا تيرني– مثّل الأمر حالات شاذة، فلا بأس عليك إن تخيلت أن مجموعة «إف سوسايتي» –الأناركية التي ظهرت في مسلسل Mr. Robot– قد اخترقت نظام التصويت وغيرت الأصوات.

عادة ما تذخر حفلات الجوائز بالعفوية. أعطونا مداخلة على المسرح لكايني ويست، أو سقطة لجنيفر لورانس، وفجأة، تبدأ الجدية الحذرة لتلك المناسبات في إفساح المجال للاحتمالية المثيرة لحدوث أمور غريبة. ولكن في هذه المرة، عند إلقاء خطابات الاستلام، كان بالإمكان إجراء المزيد من البروفات. أخطأ كوانتين تارانتينو في حصر عدد جوائز جلوب التي حصدها إنيو موريكوني. ووجد سيلفستر ستالون، الذي فاز عن فيلم Creed، تصفيقًا عاطفيًا عندما وصف الشخصية التي قدمها، روكي بالبوا، بأنها «أفضل صديق مقرب حظي به مطلقًا»، ولكنه نسي أن يشكر الأصدقاء غير الخياليين، كمخرج الفيلم رايان كوجلر وشريكه مايكل بي جوردان. كان عدد النجوم الذين صعدوا إلى المسرح ليكتشفوا أنهم قد أضاعوا خطاباتهم (أو كما في حالة دينزل واشنطن، الذي فقد نظارته) مدعاة للذهول.

يحب الجميع أن يبرر بأنه ليس بالحدث الجلل أن يفوز أحدهم بجولدن جلوب، ولكن نقص إجراءات الإعداد أشار إلى أن الجوائز قد فقدت حاليًا الكثير من قيمتها، فحتى الفائزين لم يهتموا كفاية ليستعدوا للحدث. نسي العديد منهم أنه لا يمكنهم الإدلاء بألفاظ نابية على التلفاز، ما نتج عنه صمت متكرر لحذف تلك الألفاظ، وأشعل جدلًا على موقع تويتر حول ما قاله النجوم. أما الممثلين والمخرجين الذين بذلوا جهودًا فقد كوفئوا بتداخل عزف الفرقة الموسيقية في الكواليس مع كلماتهم. من يلوم هنسون على تعثرها قليلًا، إثر تنصتها، عندما سمعت موسيقى الأوركسترا المألوفة تتداخل مع كلماتها. حيث قالت إثر ضجرها «من فضلكم توقفوا»، «لقد انتظرت لعشرين عامًا من أجل تلك اللحظة! عليكم أن تنتظروا».

من فضلكم توقفوا، لقد انتظرت لعشرين عاماً من أجل تلك اللحظة!

ولكن على الأقل استعد نجوم الفيلم الرابح الأكبر، The Revenant، جيدًا لاستلام جوائزهم لأفضل دراما، أفضل ممثل (ليوناردو ديكابريو)، وأفضل إخراج (أليخاندرو جونزاليس). بدا ديكابريو محاولًا الوفاء بالسمات الأساسية للخطاب، كإثارة ذرف بعض الدموع، وشكر الأسماء الكبيرة (المخرج، والنجم المشارك توم هاردي)، والمواهب التي لم تنل التقدير الكافي (فنان التجميل خاصته)، وقبل أن يختتم بأصدق الأمنيات، أضاف رسالة عن الهنود الحمر. إلا أن أفضل العبارات وردت في خطاب جونزاليس. حيث أكد على ظروف التصوير القاسية التي خرج الفيلم من رحمها، فقال: «جميع الحاضرين يعلمون جيدًا أن الألم مؤقت، ولكن الفيلم يستمر إلى الأبد، أليس كذلك؟»

mozart in the jungle

تصعب إجابة هذا السؤال. هل سيخلد الفائزون بالجلوب لهذا العام إلى الأبد في الذاكرة؟ ذلك غير مؤكد. بالنسبة لي، أجد صعوبة في تخيل مؤرخي المستقبل أثناء تحليلهم لمسلسل Mozart in the Jungle. أما بالنسبة لألم مشاهدة حفل هذا العام فلنأمل أن الأمر مؤقت، وأن الجمعية ستجلب في العام القادم أفضل مقدمتين لتلك المناسبة الخاصة، إيمي شومر وجنيفر لورانس. وإلى أن يحين ذلك، ربما على ريكي جيرفيه أن يتقدم لينهي ذلك الكوب من البيرة الذي استقر إلى جانب الميكروفون. فهو مدين للجميع بمثله.

المراجع
  1. Golden Globes 2016: EW review