إذا كنت ممن يكره أن يُصدم بالحقائق التي لا تدع مجالا للشك، أو يخاف أن تتعرض قناعاته الراسخة للاهتزاز؛ فلا تقرأ هذا التقرير. وإذا قررت أن تقدم على تلك المغامرة فعليك أيضا أن تتخلى عن النظرة السطحية المعتادة، خاصةً وأنّ الشخصيات والمواقف السياسية مركبة وشديدة التعقيد، ولا تتحمل الاختيارات الحادة.

لقد جسد الشعب فيك صورة حريته فاسمح لنا‏‏ وقد فارقتنا أن نقيم لك تمثالا عاليا في ميدان التحرير ليشرق على الأجيال‏‏ ويكون دائما رمز الآمال. وما ينبغي أن تقيم هذا التمثال السلطة‏..‏ أو الدولة‏..‏ لكنه الشعب من ماله القليل
توفيق الحكيم – الأهرام
تقدم هذه الدراسة [ثورة يوليو الأمريكية] حيثيات إقامة تمثال لجمال عبدالناصر.. ليس في ميدان التحرير وإنما في تل أبيب
محمد جلال كشك

«جلال كشك»: نقد الثورة لا عبد الناصر

لا يهدف الصحفي والكاتب المصري «محمد جلال كشك» (1929-1993) من كتابه «ثورة يوليو الأمريكية» إلى نقد جمال عبدالناصر لشخصه؛ ولكنه يهدف لتبيان ما جره علينا انقلاب 23 يوليو من مآس بحق المصريين والأمة العربية والإسلامية. ينطلق جلال كشك لتبيان هذا من خلال شرح وتوضيح علاقة جمال عبدالناصر بالمخابرات الأمريكية. هذه العلاقة التي بدأت قبل الثورة واستمرت لعام 1965 وكانت هي المحرك الرئيسي للقيام بحركة تقضي على حالة التحرر الوطني التي عاشتها البلاد وتكفل انتقالا هادئا للسلطة من الاستعمار البريطاني إلى الاستعمار الأمريكي في إطار لعبة الأمم.

هل كان ناصر وطنيا مخلصا أخطأ طريقه إلى تحقيق طموحات شعبه أم كان عميلا للمخابرات الأمريكية؟!

هل كان عبدالناصر وطنيا مخلصا أخطأ طريقه إلى تحقيق طموحات شعبه أم كان عميلا للمخابرات الأمريكية؟! يقول محمد جلال كشك: «ولكنني عندما تعمقت في الدراسة تأكد لي صدق وطنية ومصرية عبدالناصر». ولكنه يعقب على ذلك في كتابه ثورة يوليو الأمريكية فيقول: «هذا ما كتبته في (كلمتي للمغفلين)، ولو سألتني الآن، بعدما نشر من وثائق، هل تستطيع أن تقسم علي ذلك؟ لترددت».

ويعلق جلال كشك على هذه الصلة، الكثير من المواقف السياسية في عهد عبدالناصر مثل: تجنبه العدو الرئيسي للأمة وهو إسرائيل في مقابل خوضه حروبا غير ذات قيمة مثل حرب اليمن، والتدخل الأمريكي-السوفييتي لوقف العدوان الثلاثي على مصر.

ويُرجِع الاتصال الأمريكي بالضباط الأحرار إلى ثلاثة أهداف:

1- منع قيام ثورة راديكالية في مصر تقضي على الاستعمارين البريطاني والأمريكي.

2- حماية إسرائيل.

3- تصفية الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية في العالم العربي، وإحلال النفوذ الأمريكي – وليس الروسي- محلهما.

ويعتمد محمد جلال كشك في تحليله للتاريخ الناصري على «محمد حسنين هيكل» أبرز مؤرخي هذه الفترة، وأيضا على الكتاب الشهير «لعبةالأمم» لـ «مايلز كويلاند».


«هيكل» والتاريخ البلاستيك

لم يكن هيكل مجرد صحفي موال للنظام سواء الملكي أو الناصري؛ بل لعب دورا مؤثرا في قرارات جمال عبدالناصر. وكان وفقا لبعض الوثائق علي علاقة بالمخابرات الأمريكية. ويدور هذا الفصل حول المقارنة بين كتابين لمحمد حسنين هيكل؛ الأول هو «ملفات السويس» وهو النسخة العربية من كتاب «السويس: قطع ذيل الأسد».

تنوّع محتوى مؤلفات هيكل بحسب الجمهور القارئ لها، فللقارئ العربي: منجزات الرئيس وروايات محرّفة، للقارئ الأجنبي: الحقيقة.

وهذه المقارنة تبرز التزوير الكبير الذي قام به في حق التاريخ المصري. وهو تزوير فج لا يمكن تبريره بخطأ المترجم أو النسيان، فقد صدر الكتابان في نفس الفترة تقريبا. وأما الترجمة فقد قام محمد حسنين هيكل بترجمة الكتاب بنفسه إلى النسخة الإنجليزية. ويهدف هذا التزوير إلى التعمية عن فضائح العهد الناصري والتمجيد في بعض ما قام به عبد الناصر باعتباره أعمالا ثورية غير مسبوقة مثل الإصلاح الزراعي وتأميم القنال وغيرها، ومن جهة أخرى إخفاء العلاقة المريبة بين عبدالناصر والمخابرات الأمريكية.

تقع النسخة العربية في حوالي 928 صفحة، بينما تقع النسخة الانجليزية في 242 صفحة، ويعتذر هيكل للقارئ الأجبني لأنه قد أغفل الكثير من التفاصيل التي لا تهمه، ومع ذلك يمكننا أن نلاحط أن الطبعة الانجليزية قد حفلت بالكثير من الوقائع والحقائق المهمة تاريخيا، في حين امتلأت الطبعة العربية بالإسهاب والحديث عن بطولات الزعيم.

(1) الإصلاح الزراعي

يتحدث الناصريون كثيرا عن منجزات العهد الناصري ومن أهمها الإصلاح الزراعي. ولكننا نقرأ في كتاب «السويس: قطع ذيل الأسد» (النسخة الانجليزية) عن لقاء دار بين الملك والرئيس الأمريكي يقترح فيه الرئيس الأمريكي على الملك تقسيم الملكيات الكبيرة في مصر وتسليمها للفلاحين لزراعتها. ويعد هذا النص في غاية الأهمية حيث يعزز حجة القائلين بأن الإصلاح الزراعي كان مطلبا أمريكيا منذ عام 1945م، أي قبل الثورة بسبع سنوات. ولما كان هذا اللقاء أول لقاء بين الرئيس الأمريكي والملك، فإننا نجد من الغريب أن يكون هذا موضوعا من مواضيع النقاش بين الطرفين.

حُذف هذا الموضوع بالطبع من الطبعة العربية، ولكنه أورده في النسخة الإنجليزية ليظل مطبوعا في ذهن الإنسان العربي هذا الحدث على أنه من منجزات الناصرية. فماذا لو كان هذا الأمر بطلب من أمريكا في المقام الأول؟!

(2) مصر بين استعمارين

يستدل الكاتب هنا بحكاية خطيرة أوردها هيكل في كتابه، ولكننا نقرأ تحريفا خطيرا يدل على الطريقة التي كانت تدار بها مصر في عهد عبدالناصر. في النسخة العربية يورد هيكل ما معناه أن الوزير البريطاني جاء مصر ليقابل جمال عبدالناصر ويخبره بأنه أثناء حديثه مع بن جوريون، سأله الصهيويني عن نوايا جمال عبدالناصر تجاه إسرائيل؟ فأجابه ريتشارد كروسمان بأن إسرائيل ليست من ضمن أولويات جمال عبدالناصر الملحة الآن، وأنه يركز جهده على الخلاص من الإنجليز وعلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر. ويأتي رد بن جوريون: «هذه أسوأ معلومة سمعتها في الشهور الأخيرة».

أما في الطبعة الإنجليزية فنقرأ رواية مختلفة تماما مفادها أن الوزير البريطاني فشل في الحصول على مقابلة مع جمال عبدالناصر من خلال السفير البريطاني، فأحال الأمر إلى السفير الأمريكي الذي رتب الأمر مع «وليام ليكلاند» وتمت المقابلة في ديسمبر 1953م.

من هو «وليام ليكلاند»؟

وليام ليكلاند هو ضابط الاتصال السياسي بالسفارة الأمريكية، بصيغة أخري هو مسئول الاتصال بالمخابرات المركزية الأمريكية في السفارة، والذي نجد له أيضا يدا واضحة في انقلاب شباط 1963م ببغداد على عبدالكريم قاسم. وفي كتاب «الطريق إلى السويس» لمؤلفه مايكل ثورنهيل نجد تلك العبارة المثيرة:Nasser and Lakeland visited each other’s homes for late night chats about strategy = «تزاور ناصر وليكلاند مرارا من أجل سهرات طويلة من المحادثات الاستراتيجية».

فكيف يتأتى لرئيس مصر أن يتم ترتيب لقاءاته من خلال المخابرات الأمريكية؟! هذه الواقعة لا تترك إلا مخرجا واحدا لتفسيرها، وهو أن انقلاب يوليو كان بمثابة انتقال للسلطة الفعلية من يد بريطانيا إلى يد أمريكا، وما كانت إلا استبدالا لاستعمار باستعمار.


ثورتنا التي أُجهِضت

كان الوضع الاقتصادي المصري قبل انقلاب يوليو في حالة يحسد عليها؛ فقد كان الجنيه المصري أعلى قيمة من الجنيه الذهب، وخرجت مصر من الحرب العالمية الثانية وهي دائنة لبريطانيا. وكان الاقتصاد المصري يخطو خطوات واسعة باتجاه التحديث والتمصير وظهور طبقة برجوازية مصرية وطنية لعبت دورا قويا ضد الانجليز، وفي ثورة 1919م، وأسست أول بنك مصري وأصدرت العملة الورقية.

كانت هناك حُمم ثورة مصرية تغلي تحت التراب مما استوجب إجهاضها بثورة مضادة، فكان انقلاب يوليو.

كانت هناك ثورة مصرية تغلي تحت التراب مما استوجب إجهاضها بثورة مضادة، فكان انقلاب يوليو. فقد شهدت الفترة من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى انقلاب يوليو حراكا مصريا قويا تمثل هدفه في الخلاص من الاستعمار والملك مع المناداة بالجمهورية والديمقراطية. فقد شهد عام 1946م مظاهرات واسعة للطلبة تنادي بالجلاء التام عن مصر شهدت قمعا واسعا للطلبة، وتلاه إضراب عام للطلاب على مستوى الجمهورية شاركت فيه كافة فئات المجتمع، وسقط في هذه الأحداث 23 قتيلا وما يزيد عن 400 مصاب.

توالت الإضرابات والمظاهرات التي تحركت فيها كافة فئات المجتمع من الإخوان إلى الشيوعين، ومن الطلبة إلى العمال والفلاحين، وساندها بعض من كان في الحكومة وقتها، فؤاد سراج الدين؛ حيث نقرأ في الوثائق البريطانية الاتهام المباشر لفؤاد سراج الدين بالتورط في الأعمال الإرهابية. وأما بريطانيا فقد وضعت الخطةRodeo لإعادة احتلال القاهرة والإسكندرية، ولمواجهة ثورة حقيقية كانت تتشكل.

كان هذا الحراك – رغم ما فيه من تعدد الاتجاهات والأفكار والأيديولوجيات- يحمل خطرا شديدا علي الاستعمار الأنجلو-أمريكي؛ فكان لزاما عليه التخطيط لتحرك استباقي لضرب الثورة. وقد وضع السفير الأمريكي تقديرا للموقف في مصر حذر فيه من غضب الشباب والفلاحين، وانتشار الأسلحة الفردية في مصر، واحتمال قيام تحالف بين الاخوان والوفد، وقال أيضا إن «الجيش والشرطة يمكنهم السيطرة على القاهرة لكن الاضطرابات في الأقاليم سوف تكون خارج قدرتهم وإمكانياتهم، وهناك شكوك حول إذا ما كان صغار الضباط سينفذون الأوامر اذا تضمنت استخدام العنف».

أما الإنجليز فقد كانوا على وعي بانتهاء دورهم في المنطقة، وكانوا على استعداد للتسليم والجلاء عن مصر؛ ولكن في ظل شرطين مهمين: الأول ألا تنتقل مصر إلى الهيمنة الأمريكية أو السوفييتية، والثاني هو فصل مصر عن السودان، والذي كان عماد المشاريع الإنجليزية في أفريقيا.


وحدة وادي النيل ولقب الملك

كانت هناك محاولات من الملك لإدخال الأمريكان في الصراع مع الإنجليز، ولكن فشل ذلك لسببين: أولهما رفض الملك أخذ خطوات صلح مع إسرائيل، والثاني تمسكه بلقب ملك مصر والسودان وعدم استعداده لفصل القطرين. وكأي نظام ديمقراطي يصعب فيه المساومة أو اللعب القذر، كان من الضروري استبداله بنظام عسكري يستطيعون التفاوض معه، فكان أن تم لهم ما أرادوا وجاءت مصر بعد الانقلاب فألغت وحدة وادي النيل، وقتلت البرجوازية المصرية ورأس المال الوطني، وقمعت الحريات والرأي، فلم يبق إلا رأي الدولة ورأي هيكل.

ويمكنك أن تلاحظ شبها كبيرا بين الانقلاب علي الملك في مصر والانقلاب على حكم مصدق في إيران. وكما يقول أحد المؤرخين عن مصدق: «لو قبل مصدق ما عرضه عليه البنك الدولي والأمريكان لتلقي دعما أمريكيا ولواجه الضغط البريطاني. ولكنه كان قد التزم أمام شعبه بأن أي حل أقل من السيطرة الكاملة على النفط يعني الخيانة».

وكان الوفد بإعلانه فاروق «ملك مصر والسودان» قد قطع الطريق على أي مساومة تقطع السودان عن مصر. وبدعمه للثورة السلمية والمسلحة، فقد وضع حدا أدنى لا يمكن النزول عنه. ولم ينجح ناصر في توقيع اتفاقية الجلاء والانفصال إلا بعد أن ألغى الأحزاب، وأمّم الحريات، وأصبحت الصحافة نشرات حكومية، ووضع المعارضة في السجن.

هكذا تحتمت تصفية مصدق، وإقامة شاه مصري يضرب الشعب ويقبل الصفقة ويفرض الإصلاح الزراعي.. والغريب أن الفاعل واحد.


في البدء جاء الأمريكان

إن الوكالة ساعدت جمال عبدالناصر في الوصول إلي السلطة، وقد أنصف كيرميت روزفلت قادة الإنقلاب ومولهم ضد السياسة البريطانية
جون رافيلانج: إرتفاع وسقوط المخابرات المركزية

حسين حموده (من الضباط الأحرار): صفحات من تاريخ مصر

إذن لم تكن علاقة عبدالناصر بالمخابرات الأمريكية مجرد محاولة لمنع تدخل الإنجليز ضد انقلابه على الملك؛ ولكن المخابرات الأمريكية كانت ضالعة منذ البداية في ترتيب تحركات عبدالناصر وجماعته. ويمكننا أن نقول إن أمريكا خططت لوقف تمدد الشيوعية وسحب البساط من الإنجليز بدون تدخل عسكري، كما أفرغت المجتمع المصري من نذر الثورة والجماعات الإسلامية، كل ذلك في ضربة واحدة. نجاح ساحق!

والحقيقة أنه بالنسبة للباحث الأجنبي، فإن العلاقة بين عبدالناصر وأمريكا مثبتة ثبوتا قطعيا، ولكن ما يهمنا هو تبيان عمق العلاقة وسبقها علي ثورة 23 يوليو بمدة طويلة وضلوع الأمريكان منذ البدء في الترتيب لما حدث، ما ينسف فكرة بعض الناصريين عن أن علاقة عبدالناصر بأمريكا كانت محاولة لموازنة القوى بين الشرق والغرب.


حكاية أول زعيم

بعد أن يئس الأمريكان من الملك فاروق حاولوا الاتصال بالجيش عن طريق الملحق العسكري الأمريكي. وقد حضرت عدة اجتماعات في منزل الملحق العسكري الأمريكي بالزمالك مع جمال عبدالناصر، وكان الكلام يدور في مسائل خاصة بالتسليح والتدريب والموقف الدولي والخطر الشيوعي، وأن الولايات المتحدة سوف تساند أي نهضة تقوم في مصر.. وهذه الاتصالات بالسفارة الأمريكية كانت في الفترة من 1950-1952م.

كانت أولى الانقلابات التي خططت لها المخابرات المركزية في المنطقة هو انقلاب «حسني الزعيم» في سوريا عام 1949م، وسعت أمريكا لهذه الحركة خوفا من قدوم سياسيين شيوعيين إلى السلطة، ولتنبؤهم بوجود غضب شعبي عارم ينذر بثورة، فكان الخيار كما كان في مصر: ثورة وديعة تحفظ مصالح أمريكا وإسرائيل كما حكي «مايلز كوبلاند» في كتابه «لعبة الأمم».

وكما العادة في الشرق الأوسط، كان النفط العامل السري في الموضوع. فقد كانت سوريا ممرا لـخط النابلاين الذي ينقل النفط إلى أوروبا الغربية، والذي كان يمر بسوريا وتسيطر عليه بريطانيا كما كانت تسيطر علي قناة السويس. وكان الأمريكيون يعاملون حسني الزعيم كما يعامل رجال المافيا واجهاتهم الشرعية؛ فقد حدثوه واستجاب أولا للصلح مع إسرائيل، وثانيا في خط النفط؛ ولم يلق هذا دعما شعبيا من الساخطين فثارت حمية بعض الضباط عليه وأردوه قتيلا.

وتعلمت المخابرات المركزية دروسا مهمة من تجربة سوريا:

1- الوضع الأمثل هو الارتباط بتنظيم موجود فعلا له تشكيلاته وعناصره، ويمتلك التصميم والإرادة للاستيلاء على السلطة؛ لا قائد جيش بمفرده.

2- عدم التسرع في فرض تسوية للقضية الفلسطينية والاكتفاء بإزاحتها من برنامج العمل إلى برنامج الشعارات.

يقول مايلز كويلاند: «لم تكن هناك فرصة للنجاح في إبراز قائد لا يستخدم القضية العربية الإسرائيلية». ولهذه الأسباب كانت المعركة مع إسرائيل غطاء لكل سوءات نظام عبدالناصر؛ فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة.

في فصل «البحث عن قائد حقيقي في مصر»، يشير كيرمت روزفلت إلى طبيعة تفكير المخابرات المركزية في مصر وخياراتها فيقول: «كان تقدير المخابرات المركزية إما أن تدفع فاروق إلى القيام بثورة بيضاء يطهر بها النظام من الداخل ويمتص غضب الناس، أو الخيار الآخر هو الجيش الذي به غضب مكتوم وهناك تنظيمات سرية تسعى للإنقلاب علي الملك. وكان أن استقرت المخابرات المركزية على دعم التنظيم المنشود (الضباط الأحرار) الذي كان مصريا ووطنيا في مجموعه، وإن ضم عناصر للمخابرات المحلية والأجنبية كما هو الحال في كل التنظيمات السرية».

وكان من نتائج الإجتماعات التي سبقت يوليو 1952م، أن تفاهم ناصر على دعم الأمريكان، ومنع تدخل الإنجليز في حال الانقلاب، وتهدئة اللهجة الأمريكية ضد الانقلاب؛ والأهم من ذلك التزام ناصر بألا تحتل قضية فلسطين صدارة أولويات الدولة المصرية الجديدة.

وتم الانقلاب.