محتوى مترجم
المصدر
What is a ‘mass extinction’ and are we in one now?
التاريخ
2020/1/22
الكاتب
فريدريك سالتر: باحث في النظام البيئي ومحقق مساعد بمركز ARC المتميز للتنوع الحيوي والتراث الاسترالي، جامعة فليندرز.
كوري ج. أ. برادشو: زميل بمركز ماثيو فليندرز في النظام البيئي العالمي وقائد فريق الأنماط النموذجية بمركز ARC المتميز للتنوع الحيوي والتراث الاسترالي، جامعة فليندرز.

لأكثر من ثلاثة مليارات ونصف المليار عام، نمت الكائنات الحية، تكاثرت وتعددت أنواعها لتواكب كل نظام بيئي مر بكوكب الأرض. الوجه الآخر لتطور هذه الفصائل الجديدة أن انقراض فصائل أخرى كان دوماً جزءاً من دورة الحياة التطورية تلك.

لكن هاتين العمليتين لا تسيران دوماً خطوة بخطوة. فعندما تصبح خسارة الفصائل الموجودة أسرع من تشكل الفصائل الجديدة، يمكن اختلال هذا التوازن أن يكون كافياً لحصول الحوادث المعروفة بالانقراض الهائل.

عادة ما يعرف الانقراض الهائل بأنه خسارة نحو ثلاثة أرباع الفصائل الموجودة على سطح الأرض خلال فترة زمنية جيولوجية قصيرة. بالأخذ في الاعتبار المدة الزمنية الهائلة منذ تطور الحياة على الكوكب لأول مرة وحتى الآن فإن الفترة القصيرة هي أي فترة زمنية أقل من 2.8 مليون سنة.

منذ العصر الكامبري الذي بدأ منذ نحو 540 مليون سنة، حين تفجر تنوع أشكال الحياة لأول مرة إلى أشكال عديدة منظمة، توافقت خمسة أحداث انقراضات تعريفياً مع معايير الانقراض الهائل.

أصبحت تلك الأحداث المدعوة بـ«الخمسة الكبار» جزءاً من العلمي لتحديد إذا كان البشر اليوم هيئوا الظروف لحدوث انقراض سادس كبير.

الخمسة الكبار

حدثت تلك الانقراضات الهائلة بمتوسط واحد كل مائة مليون عام منذ العصر الكامبري، على الرغم من عدم وجود نمط متوقع بخصوص توقيتهم. واستمر كل حدث ما بين خمسين ألفاً إلى 2.76 مليون سنة.

حدث أول انقراض كبير في نهاية العصر الأوردوفي Ordovician event قبل 443 مليون سنة ومحا وجود أكثر من 85% من الفصائل على الكوكب. ويبدو أن حدث الانقراض الأوردوفي كان نتيجة ظاهرتين مناخيتين. الأولى، عصر جليدي على مستوى الكوكب ثم بعده سريعاً فترة احترار.

حدث ثاني انقراض كبير خلال أواخر العصر الديفوني Devonian period قبل 374 مليون سنة. أثر على وجود 75% من كل الفصائل، التي كان معظمها لافقاريات تعيش في أعماق البحار الاستوائية في ذلك الوقت.

تميزت تلك الفترة من ماضي الأرض باختلافات كبيرة في مستويات أسطح البحار وظروف متسارعة التبدل بين البرودة والاحترار العالميين. كان ذلك أيضاً الوقت الذي بدأت فيه النباتات السيطرة على الأرض الجافة، وحدث تناقص في تركيز ثاني أكسيد الكربون على الكوكب؛ تزامن كل هذا مع تبدل التربة وفترات من نقص الأكسجين.

حدث ثالث انقراض والأشد فتكاً بين الخمسة الكبار في نهاية العصر البرمي the Permian period قبل 250 مليون سنة. محا هذا الانقراض وجود أكثر من 95% من فصائل الكائنات الحية في ذلك الوقت.

أحد الأسباب المقترحة عن حدوثه تتضمن اصطدام نيزكي ملأ الهواء بجزيئات مسحوقة، خالقة ظروفاً مناخية غير مناسبة لعديد من الفصائل. من الممكن أن هذا حجب أشعة الشمس وولد أمطاراً حمضية كثيفة. بعض الأسباب المقترحة الأخرى ما زالت قيد المناقشة، مثل نشاط بركاني هائل فيما يدعى الآن سيبريا، تسبب في زيادة سمية المحيطات مسبباً ارتفاعاً في مستوى ثاني أكسيد الكربون، أو انتشار المياه قليلة الأكسجين لعمق المحيط.

بعد 50 مليون سنة من الانقراض البرمي الكبير، انقرضت نسبة 80% من الفصائل حول العالم ثانية خلال الانقراض الترياسي Triassic event . حدث هذا تقريبًا بسبب نشاط جيولوجي ضخم فيما يعرف الآن بالمحيط الأطلنطي أدى لارتفاع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي مما أدى لارتفاع درجة حرارة الكوكب وحمضية المحيطات.

آخر انقراض كبير وأكثرهم شهرة حدث خلال العصر الكريتاسي Cretaceous period حينما انقرض ما يقدر بـ 76% من الفصائل، متضمنة الديناصورات التي لا تطير. منح غياب الديناصورات المتوحشة الضخمة فرصة جديدة للثدييات للتنوع ومواكبة الظروف الحياتية الجديدة، والتي تطور منها البشر في النهاية.

أكثر سبب مرجح في حدوث الانقراض الكريتاسي العظيم هو اصطدام بجسم من خارج الأرض في يوكاتان الواقعة بالمكسيك اليوم، أو ثوران بركاني هائل في مقاطعة ديكان في غرب الهند حاليا، أو الاثنين معاً.

الانقراضات الخمسة الكبرى

هل أزمة التنوع الحيوي اليوم تعد انقراضًا عظيمًا؟

تختبر الأرض اليوم أزمة انقراض كبيرة نتيجة استغلال البشر للكوكب. لكن تقرير إن كان هذا يعد انقراضًا سادسًا أم لا يعتمد على معدلات الانقراض الحالية وإن كانت تزيد على المعدل الطبيعي أو الذي يحدث في الخلفية بين الانقراضات العظمى.

يشير المعدل الخلفي للسرعة التي يتوقع بها اختفاء الفصائل في غياب التدخل البشري، ويقاس عادة باستخدام السجلات الأحفورية لتعداد كم فصيلة ماتت بين حدثي انقراض هائلين.

أكثر معدل انقراض قدرته السجلات الأحفورية قبل ظهور الإنسان الحديث يعطي متوسط فترة حياة نحو مليون سنة للفصيلة أو انقراض فصيلة واحدة كل مليون سنة. لكن هذا المعدل المقدر غير قطعي بدرجة كبيرة، ويتراوح بين 0.1 و0.2 انقراض لكل مليون سنة. وكوننا الآن نمر قطعاً بانقراض سادس كبير يعتمد إلى حد ما على القيمة الحقيقية لهذا المعدل. وعدا ذلك، فمن الصعب مقارنة حال الأرض اليوم بحالها في الماضي.

على العكس من الخمسة الكبار، فإن الخسائر في الفصائل اليوم تحدث نتيجة خليط من الأنشطة البشرية المباشرة وغير المباشرة، مثل تدمير مواطن الحياة للكائنات، الاستغلال المباشر مثل صيد السمك والحيوانات، التلوث الكيميائي، الفصائل العدوانية، والاحتباس الحراري الذي سببه البشر.

لو استخدمنا نفس المقاربة لتقدير انقراضات اليوم لكل مليون سنة، سنخرج بمعدل يتراوح بين عشرة وعشرة آلاف ضعف أكبر من المعدل القديم. حتى لو وضعنا بالاعتبار معدل قديم متحفظ بانقراضين لكل مليون سنة، سيكون عدد الفصائل التي انقرضت خلال القرن الماضي يحتاج على الأقل بين 800 و10 آلاف سنة لتختفي إذا كانت بالكاد مقاربة لمعدل الانقراضات المتوقع أن يحدث عشوائيًا. يدعم هذا الفرض وحده نظرية أن الأرض تختبر ،على الأقل، عدد انقراضات أكثر بكثير من المتوقع لها.

سيستغرق الأمر على الأرجح عدة ملايين من السنوات من التطور التنوعي الطبيعي لإعادة فصائل الأرض حيث يفترض أن تكون قبل أن يغير البشر الكوكب بسرعة متزايدة. بين الفقاريات البرية (الفصائل ذات الهيكل العظمي الداخلي)، تم تسجيل 322 فصيلة انقرضت منذ عام 1500، أو حوالي 1.2 فصيلة تنقرض كل عامين.

وإن كان هذا لا يبدو كثيرًا، فمن المهم التذكر أن الانقراض يسبقه دومًا نقص في وفرة السكان وتقلص في الانتشار. بناء على عدد فصائل الفقاريات المتناقص من قائمة الاتحاد العالمي للحفاظ على البيئة «القائمة الحمراء للفصائل المهددة بالانقراض»، فإن 32% من كل الفصائل المعروفة في كل الأنظمة والمجموعات البيئية تتناقص في الكمية والنطاق. في الحقيقة، لقد فقدت الأرض نحو 60% من كل الفصائل الفقارية منذ عام 1970.

تملك أستراليا واحدًا من أسوأ سجلات الانقراضات الحالية أكثر من أي قارة، بـانقراض نحو أكثر من 100 فصيلة من الفقاريات منذ وصلها البشر منذ 50 ألف سنة. وأكثر من 300 فصيلة حيوانية و1000 فصيلة نباتية تعتبر الآن مهددة بالانقراض الوشيك.

بالرغم من أن علماء الأحياء ما زالوا يتجادلون بكم مرة يزيد معدل الانقراض الحالي، فإن أكثر التقديرات المتحفظة تكشف عن سرعة استثنائية في فقدان التنوع البيئي المطابق لحدث انقراض هائل.

في الواقع، تظهر بعض الدراسات أن الظروف المتفاعلة التي نختبرها اليوم مثل التغير المناخي المتسارع، وتغير تركيبة الغلاف الجوي الناتجة عن الصناعة البشرية، والضغوط البيئية غير العادية الناتجة عن الاستنفاد البشري للموارد، هي التعريف لعاصفة انقراضات مثالية. تشير كل تلك الظروف مجتمعة أن انقراضًا سادسًا هائلًا في طريقه بلا شك.