بَرز على الساحة الإعلامية والسياسية منذ تسعينات القرن الماضي عددٌ من وسائل الإعلام ذات الطبيعة الأكثر مرونة في وقتها والتي حظت – ولا زالت- بشعبيةٍ كبيرةٍ لدى المشاهدين والمواطنين. وسائل الإعلام المثيرة هذه هي “القنوات الفضائية” إلى جانب عددٍ آخرَ من وسائل الإعلام المقروءة.

وجدت وسائل الإعلام تلك طريقها إلى “ساحة المعركة”بعد عقودٍ من ملازمة الناس للقنوات الحكومية والمطبوعات القومية الأخرى. فرأوا فيها نوعًا جديدًا من الحوار الذي يميلون إليه والحديث الذي يرغبون سماعه. فتطورت مسيرة تلك القنوات بدءًا من بث القناة الفضائية المصرية في 12ديسمبر 1990 إلى قناة النيل الدولية 6 أكتوبر 1993. ولكن القنوات الأكثر جدلا والتي يعنيها الحديث بنسبةٍ أكبرَ هي القنوات الفضائية الخاصة وكذلك المطبوعات.

بدأت تلك القنوات مسيرتها بإنشاء أولى القنوات الفضائية المصرية من أمثال المحور ودريم. وابتعدت تلك القنوات منذ إنشائها عن “الروتين الإعلامي” وقامت بفتح ملفاتٍ جديدة وحساسةٍ أحيانا مما عمل على جذب طائفةٍ كبيرة من الشعب لها. إلا أن دور مصدر تمويل هذه القنوات بات يُشكل بين الحين والآخر مصدر قلقٍ وتساؤل بين رجال الدولة والمواطنين. والسطور القادمة تحاول تهدئة هذا القلق والإجابة على هذا التساؤل.

من يملك وسائل الإعلام في مصر؟

يمكن القول أنه إن لم يفتح رجال الأعمال المصريين بوابة امتلاك القنوات الخاصة الفضائية في مصر وغيرها من وسائل الإعلام الأخرى، لظلت تلك البوابة مغلقةً أو مفتوحةً على استحياء. فرجال الأعمال هم رواد تلك القنوات، وهذه قائمةٌ بأهم تسعةٍ منهم:

محمد أبو العينين

محمد أبو العنين

هو محمد محمد أبو العينين: أحد الشخصيات الاقتصادية المؤثرة في مصر والعالم. فهو رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات سيراميكا كليوباترا في مصر ورئيس اتحاد المتثمرين العرب، وكذلك فهو عضو غرفة التجارة الأمريكية بمصر منذ عام 1994. ومن حيث المناصب السياسية، فقد تولى أبو العينين العديد من تلك المناصب منها: رئاسة لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير بمجلس الشعب المصري (2000-2005) كما أنه كان رئيس الجمعية البرلمانية للبحر المتوسط (2010-2011).

أبو العينين – من الناحية الإعلامية – يمتلك قنوات صدى البلد -التي كان أول بثٍ لها في 28 نوفمبر 2011- وموقع صدى البلد الإخباري. وتتبع تلك القنوات والموقع شركة كليوباترا ميديا التي تديرها الكاتبة الصحفية إلهام أبو الفتح والتي تتبع بدورها مجموعة شركات كليوباترا للسيراميك.

نجيب ساويرس

نجيب ساويرس

نجيب أنسي ساويرس: ثالث أغنى رجال الأعمال المصريين والمالك للعديد من الشركات الاقتصادية والتجارية المصرية مثل أوراسكوم للاتصالات وبرومو ميديا والعديد من الشركات الأخرى التي تدخل في مجالات المقاولات والاتصالات والسياحة التي تحمل اسم أوراسكوم. وفقا لقائمة مجلة فوربس عام 2015 أصبح نجيب ساويرس ثالث أغنى رجل أعمال مصري. حيث قدرت ثروته الإجمالية بحوالي 3.1 مليار دولار.

تتعدد المؤسسات الإعلامية التي أسسها أو شارك في تأسيسها نجيب ساويرس. وأهم هذه المؤسسات على الإطلاق هي قناة “أون تي في” التي بدأت البث في 6 أكتوبر 2008. وعندما سُئل عن هدفه من وراء إنشاء تلك القناة، أجاب ساويرس بأنه لا يطمح للعب دورٍ سياسي فالمنصب السياسي نقمةً لأنه يقيد حرية صاحبه. وإنما أراد إنشاءها – على حد قوله – لأنه يريد إطلاق قناةٍ فضائية تليق بالمصريين، خاصةً وأنه أعجبه صورة المصريين وهم يحملون الأعلام المصرية في أحد مباريات كأس الأمم الأفريقية. ويُذكر أن رجل الأعمال التونسي “طارق بن عمار” هو أحد مالكي هذه القناة مع ساويرس.

وإلى جانب تلك القناة، يمتلك ساويرس نصيبا في إحدى أشهر الجرائد المصرية الخاصة وهي المصري اليوم؛ التي كان يرأس تحريرها الكاتب الصحفي مجدي الجلاد. ساويرس كذلك أسس مؤخرا في 3 أبريل 2011 حزب المصريين الأحرار ذي المرجعية الليبرالية والذي انضم إليه بعض الشخصيات المعروفة مثل: محمود مهنا عضو مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة والشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم والكاتب المعروف جمال الغيطاني.

محمد الأمين

محمد الأمين

محمد الأمين رجب أحمد: أحد رجال الأعمال المصريين الذين ذاع صيتهم مؤخرا في السنوات الأربع الماضية. عندما قضى الأمين ما يُقارب 16 عاما بالكويت، عاد إلى مصر عام 2002 ليبزغ نجمه وليصبح أحد أكبر مالكي القنوات الفضائية في مصر، والتي بلغ عددها 14 قناة فضائية و3 صحف، إضافةً إلى شركة فور ميديا للإعلان.

يمتلك الأمين قناة cbc الشهيرة التي أُطلقت أولا في يوليو 2011، ثم تبعها عدة قنوات تحمل نفس الاسم مثل cbc+2، منها ما يبث الدراما ومنها ما يختص بنقل الأحداث في مصر مثل cbc إكسترا. وفي سبتمبر 2011 استحوذ الأمين على 85% من قناة النهار الفضائية والنهار دراما. ثم استحوذ على مجموعة قنوات مودرن (مودرن سبورت /كورة /حرية) من مالكها آنذاك وليد دعبس.

وإلى جانب المرئي، للأمين بعض الصحف الأخرى التي يمتلك جزءا فيها. من تلك الصحف، جريدة الوطن التي أسسها الأمين ويرأس مجلس إدارتها و يرأس مجدي الجلاد تحريرها. كما أن للأمين مساهماتٍ أخرى في صحف مختلفة مثل جريدتي الفجر التي يمتلك فيها النصيب الأكبر واليوم السابع أحد أشهر وسائل نقل المعلومات في مصر، إلا أنه باع نصيبه في اليوم السابع عام 2013، وتتردد الأخبار حول محاولته شراء بعض وسائل الإعلام الأخرى مثل قنوات بانوراما وموجة كوميدي.

السيد البدوي

السيد البدوي شحاتة: ربما لا يختلف عن أغلب سابقيه من رجال الأعمال إلا في أنه رئيس حزب الوفد، أي أنه يغلب عليه الطابع السياسي وليس الاقتصادي.

يرأس البدوي مجلس إدارة شبكة قنوات الحياة التي تتنوع ما بين الحياة 1 والحياة 2 وقنوات مماثلة أخرى ولكنها مختلفة المضمون. القناة تعمل على الترويج لبرامج الحزب خاصةً في أوقات الانتخابات البرلمانية. إلا أن جريدة الوفد يرأس مجلس إدارتها محمد مصطفى شردي وليس السيد البدوي. ونظرا لكونه يختلف عن الأمين أو ساويرس، فإن الإنفاق على قناة الحياة يقل ويختلف عن الإنفاق على قنواتٍ مثل cbc التي يمتلكها الأمين.

وإلى جانب هذا يتولى البدوي منصب رئيس مجلس إدارة شركة “سيجما” للأدوية التي تتبع لها قنوات الحياة كما أنه رئيس شعبة صناعة الدواء باتحاد الغرف الصناعية المصرية.

حسن راتب

حسن راتب

هو واحدٌ من أقدم من امتلكوا قناةً فضائيةً في مصر بمشاركته في انطلاق قناة المحور عام 2001 م، وذلك برأسمال 30 مليون جنيه وبمساهماتٍ عديدةٍ أخرى من رجال الاقتصاد والأعمال من أمثال: مصطفى السلاب وسمير النجار وحسام بدراوي ومحمد جمال أبو العينين.

وتمثل تلك الكلمات القادمة الأسباب الأولية التي بُثت من أجلها القناة، حينما سألت جريدة الشرق الأوسط راتب عن سبب افتتاحه لها فقال: “جاءت فكرة تأسيس القناة إدراكا منا لأهمية المشاركة مع الدولة في تفعيل سياستها لجميع القطاعات ونتيجة لشعورنا بأهمية الكلمة المسموعة لتشمل مساحات المعاني التي تتناولها الكلمة المقروءة، فكما شاركنا في إنشاء الكثير من المصانع والشركات كان لا بد أن نشارك مع الدولة في إنشاء صرح إعلامي كبير تلبية لطموح القيادة السياسية في مصر وتفهما منا كقطاع مدني بأن هذا الصرح يحتاج من الأدوات والتقنيات ما يجعله يواجه أي تحديات موجودة أو مستقبلية، ومن هذا المنطلق الانتمائي تجاه وطننا بشكل خاص وعروبتنا بشكل عام كانت قناة المحور”.

يملك الدكتور حسن راتب العديد من المشروعات الأخرى التي تتركز حول التنمية في سيناء، منها مصنع “أسمنت سيناء” في الشمال وكذلك جامعة سيناء في حي المساعيد في الشمال. أما قناة المحور فهي تُعد ثاني تجربة مصرية في مسيرة القنوات الفضائية.

أحمد بهجت

أحمد بهجت

أحمد بهجت فتوح: رجل أعمال مصري يحمل الجنسيتين المصرية والأمريكية. ما يميزه عن غيره من رجال الأعمال أنه – كما يدعي البعض وتقول بعض المصادر الإلكترونية – أول رجلٍ في العالم يحصل على قروضٍ بنسبةٍ كبيرة للغاية، حوالي 7 مليارات جنيه بضمانٍ شخصي. ولذا، فمن الطريف القول أنه عندما أُصيب بهجت بأزمةٍ قلبية بعد تلك القروض عام 2005، سارعت البنوك ورجال الأعمال المتعاملين معه إلى تصفية حساباتهم المالية معه.

تتشكل الاستثمارات الأساسية لبهجت في الأجهزة الإلكترونية والعقارات، وهو من أوائل رجال الأعمال الذين دخلوا مجال البث الفضائي عبر قناة دريم. بهجت كان ضمن المجموعة المؤسسة لقناة المحور الفضائية، ولكنه خرج منها وأسس قناة دريم الفضائية التي تُعد من أوائل الفضائيات المصرية 2001 برأس مالٍ يبلغ 40 مليون جنيه تقريبا، يتوزع بين اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري بنسبة 10% أي 4 ملايين جنيه وبين أحمد بهجت نفسه بنسبة 90% أي 36مليون جنيه.

وإلى جانب هذا، يمتلك بهجت صحيفة الصباح التي يرأس تحريرها وائل لطفي، وكذلك أراضي ملاهي دريم بارك ودريم لاند، كما يمتلك شركة جولدي للأجهزة الكهربائية وهو وكيل شركة “إنترفال السياحية العالمية” في مصر والشرق الأوسط.

إبراهيم المعلم

إبراهيم المعلم

إبراهيم محمد المعلم: أحد رجال الأعمال الذين كثُرت عنهم الأحاديث والأقاويل لتوجهه الفكري. المعلم يُعَد مالكاً لإحدى أكبر دور النشرٍ في الشرق الأوسط وهي دار الشروق للنشر، حيث يُعد رئيس مجلس إدارتها. هذا إضافةً إلى ما يتبعها من جريدة الشروق التي تأسست عام 2008 والشركة الوطنية للطباعة (واحدة من أكبر شركات الطباعة في المنطقة) والشركة المصرية للنشر الدولي والعربي والتي يصدر عنها مجلة وجهات نظر، كما تتبع له الشروق للإنتاج الإعلامي وكليب سليوشنز لإنتاج وسائل الإعلام الرقمية وكذلك مكتبات الشروق.

قام المعلم بعد عام 2011 بشراء قناة التحرير المصرية التي كانت تتبع للصحفي إبراهيم عيسى، والتي كان قد دشنها الأخير في العام نفسه. وعَمِل المعلم على تحويل مجرى القناة، حيث قام بتخفيف المادة السياسية التي كانت تقدمها القناة وأدخل عددا من البرامج الإجتماعية والمسلسلات الدرامية. ويمتلك رجل الأعمال سليمان عامر صاحب منتجعات السليمانية القناة الآن.

صلاح دياب

صلاح الدين محمد توفيق دياب: أحد أهم رجال الأعمال المصريين. وهو ابن محمد توفيق دياب (1886-1963) الصحفي والكاتب المصري وصاحب أول عمودي صحفي عرفته مصر في تاريخها والذي اشتهر بدوره في مكافحة الاحتلال البريطاني لمصر. ما يميزه عن غيره هو استحواذه وأسرته على 43 توكيلا لشركاتٍ أمريكية للسيارات؛ أي ما يقارب 70% من توكيلات الشركات الأمريكية في مصر، وهذا حسب ما يقوله (دليل الأنشطة التجارية الأمريكية في مصر الصادر عن السفارة الأمريكية في مصر).

وإلى جانب هذا، تتنوع التوكيلات الأخرى التي تستحوذ عليها عائلة دياب ما بين توكيلات لشركات بترول مثل شركة “هاليبرتون” التي رأسها ذات مرةٍ نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، إلى توكيلات لشركات معدات بناء و حفر آبار وكذلك معدات الصرف الصحي.

وأما عن الجانب الإعلامي لصلاح دياب، فإنه أحد المؤسسين الرئيسين لأول جريدة مستقلة يومية بعد جريدة الأخبار، التي صدرت في أول الخمسينات، وهي صحيفة المصري اليوم وذلك في عام 2004، والتي يرأس تحريرها الآن الكاتب الصحفي محمود مسلم. شارك في إطلاق الصحيفة أول رئيس تحريرٍ لها وهو أنور الهواري الذي اختار من يخلفه وهو مجدي الجلاد. وعن الصحيفة يقول صلاح دياب في حوارٍ لها معه في 6 يونيو 2013: أن حلمه كان إنشاء صحيفة مصرية مستقلة تحقق إضافةً جديدةً وتعمل كوصلةٍ لماضي أبيه الذي تأثر هو به وتأثرت به أسرته.

طارق نور

صلاح دياب
وأخيرا يأتي واحد من أهم كبار أصحاب شركات الإعلانات في مصر وهو طارق نور. عمل في وكالة الاهرام للإعلان عام 1973 ثم اتجه لإنشاء شركاتٍ خاصة به بعد ذلك.

يُعد طارق نور أول من امتلك شركةً مصريةً خاصةً للإعلانات في مصر وهي شركة أمريكانا عام 1979، ثم شركة “طارق نور” للإعلان. وبعد عدة أعوام تحولت الوكالة إلى مؤسسة تضم حوالي 8 شركات للدعاية والإعلان وإنتاج الأفلام والمسلسلات، واستطاعت أن تحتفظ بنصيبٍ يُقدر بحوالي 400 مليون دولار سنويا من سوق الدعاية المصرية.

لنور عدة مساهماتٍ في مجال الإعلام وهي:

أولاً: قناة القاهرة والناس، والتي كانت تبث فقط خلال شهر رمضان، حيث يبدو أنها كانت تريد المكسب من حجم الإعلانات الضخم في شهر رمضان، ثم تعود بعد 11شهرا للبث مرةً أخرى. لذا يتهمها البعض بالربحية فقط. وقد عملت هذه القناة خلال مشوارها على إثارة قضايا تتسم بالحساسية لدى الرأي العام المصري مثل قضية “حمام باب البحر”. ولكن على الجانب الآخر عَمِل هذا على سرعة انتشار القناة بين الناس. إلى جانب هذا، يساهم نور في عدة صحف أخرى مثل اليوم السابع والفجر.

خاتمة

وبعد استعراض مالكي الإعلام الأساسي والمؤثر في مصر يتبادر إلى الذهن مباشرةً أسباب رغبة رجال الأعمال في تملك تلك القنوات. ومن الصعب الجزم بتلك الأسباب، ولكن يمكن توقع بعضهم:

إن كان من الممكن القول أن تلك القنوات من الصعب أن تحقق نسبة الربحية تلك التي يحققها رجال الأعمال في تجارتهم الأخرى، فإنه ليس من الصعب القول أن استخدام هذه القنوات لرغباتٍ شخصية أو سياسية من أولى الأسباب التي يمكن أن تدفع رجال الأعمال لافتتاحها.

وكذلك تأتي رغبة رجال الأعمال هؤلاء في تحقيق ربحيةٍ من تلك الأسباب التي تشجعهم أكثر على امتلاك مثل هذه القنوات وذلك من خلال عمليات الدعاية والإعلانات التي تبثها تلك القنوات بشكلٍ كبير. كما تعمل هذه القنوات على حماية مصالح رجال الأعمال في مقابل “الآخر” من منافسيهم من رجال الأعمال أو غيرهم أو كتصفية حساباتٍ “هوائية”.