لا يمكن لمتابع للشأن المصري أن ينسى مشهد وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي وهو يلقي بيان الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، في الثالث من يوليو/ تموز 2013. ضم المشهد الشهير 6 عسكريين إلى جانب السيسي، هم قادة القوات المسلحة المصرية في ذلك الحين.
الآن، وقد أُطيح بأقوى هؤلاء العسكريين؛ وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، تبدو هذه مناسبة جيدة للبحث عن مصير القادة الذين تصدروا المشهد في يوليو/ تموز 2013 ثم ساهموا في إيصال السيسي إلى سدة الحكم بعد ذلك.
أسامة الجندي أول المبعدين
عُين الفريق أسامة الجندي قائدًا للقوات البحرية في أغسطس/ آب 2012، عقب حركة التغييرات الواسعة التي أجراها الرئيس الأسبق محمد مرسي في صفوف قادة القوات المسلحة، والتي شملت إقالة وزير الدفاع محمد حسين طنطاوي ورئيس هيئة أركان الجيش سامي عنان وعدد من القادة العسكريين.
كان الفريق الجندي أول من أطيح به من الستة الكبار الذين شاركوا السيسي في الإطاحة بمرسي، إذ تمت إقالته من منصبه في أبريل/ نيسان 2015، وتعيين اللواء بحري أسامة ربيع بدلًا منه. أراد السيسي أن يكون خروج الجندي مشرفًا، فاستحدث له خصيصًا منصب «نائب رئيس قناة السويس»، لكن سرعان ما أطيح به من هذا المنصب أيضًا، إذ تم تعيين الفريق أسامة ربيع بدلًا منه في ديسمبر/ كانون الأول 2016.
التراس: القائد المهم في منصب شرفي
تقلد الفريق عبد المنعم التراس منصب قائد قوات الدفاع الجوي في حركة أغسطس/ آب 2012. وكان الرجل أحد أهم العسكريين في مشهد يوليو/ تموز 2013، إذ جلس في الصف الأول على شمال الفريق السيسي مباشرة، وفي هذا إشارة إلى أهميته، فمثل هذه الأمور لا تدار اعتباطًا.
استمر الفريق التراس في منصبه حتى ديسمبر/ كانون الأول 2016، ثم أقاله السيسي من قيادة الدفاع الجوي وعينه مستشارًا له للشئون العسكرية، وهو منصب شرفي خالٍ من الأهمية. واقتصر ظهور التراس بعد ذلك على بعض التصريحات الإعلامية المثيرة للجدل.
حجازي: رئيس الأركان المُهان
كحال زملائه السابقين، تولى محمود حجازي إدارة جهاز الاستخبارات العسكرية في حركة أغسطس/ آب 2012، خلفًا لصهره عبد الفتاح السيسي، الذي أصبح وزيرًا للدفاع في نفس الحركة.
كان حجازي أحد العسكريين الستة الكبار الذي شاركوا في مشهد يوليو/ تموز 2013، بحكم منصبه. ثم سرعان ما جنى مكسب مشاركته في مارس/ آذار 2013 بترقيته إلى رتبة الفريق وتعيينه رئيسًا لأركان الجيش، خلفًا لصدقي صبحي الذي تولى منصب وزير الدفاع، بعدما استقال السيسي من أجل الترشح لرئاسة الجمهورية.
اقرأ أيضًا: في عهد السيسي: دورة حياة قيادات الجيش لا تكتمل
اعتقد الجميع أن حجازي باقٍ في منصبه ما بقي السيسي رئيسًا لمصر بحكم علاقة النسب التي بينهما، لكن الرئيس فاجأ الجميع وأقال حجازي بطريقة مهينة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017. ورغم عدم وجود تبرير رسمي لسبب إقالة «الرجل الثاني» كما كان يسمى، فإن الإقالة بدت كعقاب على ردة فعل حجازي المتراخية في التعامل مع «حادثة الواحات» التي قتل فيها 16 شرطيًا.
وكعادة السيسي مع العسكريين المقالين مُنح حجازي منصبًا شرفيًّا كـ«مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات»، لكن ليس هناك أي دلائل على ممارسة الرجل لمهام متعلقة بهذا المنصب منذ أُسند إليه.
العصار: رجل الرهانات الصحيحة في كل العصور
اللواء محمد العصار، أحد أشهر رجال الجيش المصري داخليًّا وخارجيًّا، سواء في الأوساط العسكرية أو السياسية. بدأ بروز اسمه شعبيًّا عقب ثورة 25 يناير 2011، لكن سمعته تسبق هذا التاريخ بكثير، وتعود تحديدًا إلى العام 2003 عندما استحدث له وزير الدفاع المشير طنطاوي منصب «مساعد وزير الدفاع لشئون التسليح» ليُعيده إلى الجيش مرة أخرى بعدما أحيل للتقاعد.
استطاع العصار بذكائه الحاد وعلاقاته المتشعبة البقاء في أروقة وزارة الدفاع خلال عهود حسني مبارك والمجلس العسكري ومحمد مرسي وعدلي منصور وعبد الفتاح السيسي، متنقلًا من منصب مساعد وزير الدفاع لشئون التسليح إلى منصب مستشار وزير الدفاع للعلاقات الخارجية، الذي تولاه لإعادة العلاقات المقطوعة بين مصر وأمريكا وأوروبا عقب الإطاحة بمرسي، وعندما ترك مناصب الظل بوزارة الدفاع في سبتمبر/ أيلول 2015، تركها ليتولى منصب وزير الإنتاج الحربي، وهو المنصب الذي حافظ عليه خلال عهد شريف إسماعيل ومن ورائه مصطفى مدبولي.
كان العصار أحد أبرز الواجهات الإعلامية للمجلس العسكري الذي أدار مصر عقب ثورة 25 يناير 2011، ولعب دور الوسيط بين المجلس وبين باقي القوى السياسية المختلفة، واستطاع -رفقة اللواء ممدوح شاهين، مساعد وزير الدفاع لشئون التشريع- الحصول على وضع مميز للجيش في دساتير مصر التي تلت الثورة.
كما هو واضح من هذه السيرة المختصرة، فالعصار لعب العديد من الأدوار بالغة الأهمية في الظل، لكنه لم يشغل منصبًا رسميًّا، ورغم هذا كان «جنرال كل العصور» أحد العسكريين الستة الكبار الذين شاركوا في مشهد 3 يوليو/ تموز 2013، وأحد القلائل الذين ما زالوا يحظون بحظوة الرئيس السيسي وثقته.
يونس المصري: المهمش يكافئ
جلس الفريق يونس المصري، قائد القوات الجوية، في مشهد 3 يوليو الشهير على الطرف، تاركًا باقي قادة القوات المسلحة تستأثر ببؤرة الاهتمام في الوسط. تعبر جلسة الرجل هذه عن موقعه ضمن قادة الجيش، فوجوده مهم لكنه هامشي إذا ما قورن بغيره. علّ هذا بالذات ما سمح له بالبقاء في منصبه منذ أغسطس/ آب عام 2012، وحتى صباح الخميس الماضي، وعلّ هذا أيضًا ما شجع السيسي على إسناد منصب وزير الطيران المدني له في الحكومة الجديدة.
صدقي صبحي: المأخوذ على حين غرة
في صدارة مشهد 3 يوليو/ تموز 2013، كان رئيس أركان الجيش الفريق صدقي صبحي يجلس ظاهرًا بوضوح يليق بمنصبه بالغ الأهمية، والذي تولاه في حركة أغسطس/ آب 2012. استمر صبحي في منصبه حتى قرر السيسي الترشح للرئاسة والاستقالة من وزارة الدفاع، فعُين صدقي خليفة له في مارس/ آذار 2014.
بقي صبحي آمنًا مطئنًا في منصبه حتى أطاح به السيسي بشكل مفاجئ صباح الخميس الماضي، بعدما أخذ موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة كما تنص المادة 234 من الدستور المصري. وكما جرت العادة، استحدث الرئيس السيسي للفريق صدقي منصبًا شرفيًّا هو «مساعد رئيس الجمهورية لشئون الدفاع».
آخر تعديل : 17/06/2018 - 1:48 م