محتوى مترجم
المصدر
The Conversation
التاريخ
2018/06/05
الكاتب
آدم تريجس
في يناير/كانون الثاني الماضي فقط، احتفل صندوق النقد الدولي بقوة الاقتصاد العالمي معلنًا أكبر زيادة متزامنة في النمو العالمي منذ العام 2010.

منذ ذلك الحين، سعت الأرجنتين وراء الحصول على حزمة إنقاذ مالي من صندوق النقد الدولي، كما شهدت إندونيسيا رحيل المستثمرين من أراضيها، فيما لا يزال الدين الصيني يمثل قلقًا بالغًا. والشيء الوحيد غير المؤكد أكثر من تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، هو ما ستتمخض عنه الحرب التجارية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

لقد حان الوقت لمراجعة قدرة العالم على الاستجابة للأزمات الاقتصادية.

تشير «شبكة الأمان المالي العالمي» إلى مزيج من المؤسسات والآليات العالمية والإقليمية والثنائية المخصصة لمساعدة البلدان التي تواجه أزمات اقتصادية ومالية ومنع هذه المشاكل من الانتشار. في ذلك الصدد، يُعد صندوق النقد الدولي هو المؤسسة الأكثر شهرة، حيث تمتلك موارد لمحاربة الأزمات تُقدر بتريليون دولار. أما البنك الدولي، والذي يمتلك 263 مليار دولار، فقد قدم مساعدات في أزمات سابقة.

كما أن هناك سلسلة من الآليات الإقليمية مثل مبادرة «شيانج ماي» متعددة الأطراف (والتي تقدم 240 مليار دولار) بالإضافة إلى «آلية الاستقرار الأوروبي» (والتي تقدم 600 مليار دولار). إن الاتفاقات الثنائية لمقايضة العملات، والتي يمكن بموجبها للبنك المركزي في أية دولة تبادل عملته مع أي بنك آخر في دولة أخرى، تُعد جزءًا مهمًا من شبكة الأمان المالي العالمي.

تمتلك شبكة الأمان المالي العالمي 4.6 تريليون دولار مخصصة لمحاربة الأزمات الاقتصادية، ويُعد ذلك أكبر 7 مرات عما كانت عليه الأمور في العام 1980. لكن ذلك الرقم الضخم قد يكون مضللاً، وكما سبق وأن أشرت في ورقة عمل نُشِرت مؤخرًا على موقع معهد بروكينجز، فإن شبكة الأمان العالمي قد تكون غير كافية لحل الأزمات الاقتصادية.

لذلك أسباب؛ أولها هو أن جميع تلك الأموال ليست متاحة بشكل فوري. فبعضها مرتبط ببرامج حالية (مثل اليونان) وقد حذر محافظو البنك المركزي من أن العديد من خطوط مقايضة العملات لن تكون متاحة خلال الأزمة، ويقلل ذلك من مخصصات شبكة الأمان إلى ما يُقدر بـ 2.5 تريليون دولار.

ثانيًا، ليست جميع الموارد متاحة لجميع الدول؛ بمعنى أن «آلية الاستقرار الأوروبي» لن تقدم لك العون أو المساعدة إذا كنت تعيش في أمريكا اللاتينية. وإذا كان البلد الذي تعيش به ليس لديه خط مقايضة عملات مع بنك مركزي كبير، فسيمثل ذلك حظًا عاثرًا لك.

يعتمد حجم الأمان بشكل كامل على البلد. يمثل حجم الأمان العالمي ضعف حجم بعض بلدان مجموعة العشرين كما هو الحال بالنسبة لبلدان أخرى، أو أربعة أضعاف ذلك إذا قمنا بإدراج احتياطيات العملات الأجنبية (التي توصف أنها مصادر محلية بشكل أكبر من كونها جزءًا من شبكة الأمان العالمية).

وقد جعل ذلك التقسيم شبكة الأمان العالمي أكثر بطئًا وانعدامًا للتنسيق والانتظام، ما جعل الأزمات عالية التكلفة. لقد سقطت العديد من الدول بين الفجوات لاسيما الاقتصادات الناشئة مثل تركيا والأرجنتين، واللتين لا تملكان مؤسسات قوية أو أسواق رأس مال مرنة مثل تلك التي تعمل في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا.

لقد سعى بحث أجُري مؤخرًا لتقييم ملاءمة شبكة الأمان المالي العالمي من خلال استكشاف الأزمات التي يُحتمل أن تحدث مستقبلاً، لكن بدلاً من محاولة التنبؤ بتلك الأمور، دعونا نسأل سؤالاً بسيطًا:

هل توفر شبكة الأمان المالي العالمي اليوم المستوى نفسه من الدعم الذي كان مطلوبًا منها في الماضي؟

للتعرف على ذلك، قمت بدراسة 3 أزمات مالية إقليمية؛ وهي الأزمة المالية الآسيوية، وأزمة الدين الأوروبي، وأزمة الدين في أمريكا اللاتينية ودول أخرى بها أزمات مثل الأرجنتين وتركيا والإكوادور وروسيا والمكسيك وتشيلي. وفي حين أن الأنظمة المالية تُعد اليوم أكثر مرونة مما كانت عليه في الماضي، فإن تحليلي أنتج بعض النتائج المثيرة للقلق:

أولاً: على الرغم مما تقدمه شبكة الأمن المالي العالمي من عمل جيد في الأزمات الاقتصادية الخاصة بكل بلد، فإنها تصارع لمواكبة الصدمات واسعة الانتشار. حيث إن تقديم المستوى نفسه من الدعم اليوم، والذي كان يُقدم أثناء الأزمة المالية الآسيوية، من شأنه أن يرهِق جميع خطوط مقايضة العملات وجميع الآليات وجميع بنوك التنمية الأقليمية والبنك الدولي، وسيتطلب أيضًا قدرة استثنائية للوصول إلى موارد صندوق النقد الدولي.

ثانيًا، تتطلب معظم الأزمات في الوقت الحالي وصولاً إلى العديد من مكونات شبكة الأمان المالي العالمي. ولم يعد صندوق النقد الدولي قادرًا بمفرده على تقديم المساعدة. كما يتزايد اعتماد الدول على الآليات، والتي لم يتم اختبارها على الإطلاق في آسيا، بينما شهدتها أمريكا اللاتينية في حالات قليلة.

ثالثًا، على الرغم من نمو الموارد غير العالمية، فلا يزال على الدول الذهاب لصندوق النقد الدولي، وهذا يعني أنه ينبغي أن يكون هناك تنسيق سلس بين عدة مؤسسات خلال الأزمة، وهو ما يحذر منه صندوق النقد الدولي ويظهر التاريخ الحديث أنه «افتراض قوي للغاية».

وأخيرًا، فإن غالبية هذه النتائج تظل ثابتة حتى عندما يتم إدراج احتياطي النقد الأجنبي، هناك الكثير من المستجدات المثيرة للقلق في الأفق. فاحتياطيات النقد الأجنبي تتناقص لاسيما داخل الصين، كما أن موارد صندوق النقد الدولي ستنخفض بنسبة النصف بحلول عام 2020، ما لم يوافق الكونجرس على تقديم تمويل، وتوافق دول كالصين على إعادة اقراض الصندوق. لكن صُنّاع السياسات الـ 63 الذين أجريت معهم مقابلات أشاروا إلى أنه من غير المرجح حدوث أي من الأمرين.


ما الذي يمكن فعله؟

على المدى القصير، يتعين على البلدان تعزيز الموارد المؤقتة لصندوق النقد الدولي وتعزيز التعاون بين مؤسسات شبكات الأمان المالي العالمي. ويجب على البنوك المركزية أن توضح ما إذا كانت خطوط المقايضة متاحة في الأزمات، وحيثما أمكن، تقوم بتوسيعها لتشمل المزيد من الاقتصادات.

على المدى الطويل، يجب إعادة التأكيد على مركزية صندوق النقد الدولي في شبكة الأمان المالي العالمي. كما أنه يحتاج إلى تمويل أكبر ودائم، وترتيبات إقراض أكثر مرونة. لقد اتسمت الفترة التي سبقت أزمة عام 2008 بشعور خطير بالرضا عن النفس، لا ينبغي السماح بوجود هذا الشعور مجددًا.