ماذا لو كان اختيار صاحب المنصب الدبلوماسي الأرفع في العالم بيد الـ 7 مليارات إنسان، كل سكان هذا العالم، ممن ينبغي تمثيلهم في هذا المنصب؟، يبدو الأمر وكأنه مستحيل التحقيق، إلا أنه ولأول مرةٍ منذ عقود، بإمكان جميع الدول الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة المشاركة في اختيار الوافد الجديد خلف الحالي بان كي مون، والذي من المقرر أن يرحل عن منصبه، أمينًا عامًا للأمم المتحدة، نهاية العام الحالي ويتطلع أغلب المتابعين لاسيما المنكوبين منهم أن ترحل معه كل عبارات القلق والأسى، التي ما لبث يمطرهم بها بحلول كل نازلة وكارثة، دون أن يرفع من معاناتهم شيئًا!في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وفي ختام الدورة السبعين لجمعية الأمم المتحدة العامة، أعلن موينز ليكيتوفت، رئيس الجمعية لهذه الدورة، عن توقيعه رسالة مشتركة مع رئيس مجلس الأمن لذات الشهر، السفيرة الأمريكية سامنثا باور، وزعها على الدول الأعضاء طالبًا منهم وبشكل رسمي تقديم مرشحين على منصب الأمين العام للأمم المتحدة خلفًا لبان كي مون الذي أوشكت شمسه أن تأفل في المحافل الدولية أواخر هذا العام، ليعود مواطنًا كوريًا جنوبيًا كما قال أو ليخوض تجربةً أخرى في السباق على الرئاسة الكورية الجنوبية كما يتنبأ البعض!. على أية حال يوشك الرجل أن يرحل، وكانت العادة قد جرت لعقود من الزمن على أن يتم اختيار صاحب المنصب الرفيع خلف الأبواب الموصدة من قبل الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، حتى كانت هذه المرة بدايةً جديدة. وحددت الرسالة الصفات الواجب توافرها فمين ستقوم 193 من الدول الأعضاء بترشيحهم، كأن يجمع بين الصفات القيادية والقدرات الإدارية والخبرة الطويلة في العلاقات الدولية والموهبة الدبلوماسية ومعرفة عدد من اللغات الرسمية.وستكون هذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها الدول الأعضاء في اختيار الأمين العام، وكان مقررًا الانتهاء من طرح قائمة المرشحين نهاية إبريل/نيسان الماضي، وتمخضت ترشيحاتهم عن ثمان شخصيات، ليقوم مجلس الأمن بترشيح إحدى الشخصيات الثمانية بنهاية يوليو/تموز الحالي، ويُعتمد ترشيحهم بأغلبية ثلثي الأعضاء في جمعية عامة للأمم المتحدة في أقرب مناسبة.إذن فنحن في هذا الشهر على موعد مع اختيار مجلس الأمن لواحدٍ من المرشحين الثمانية الذين أسفرت عنهم ترشيحات الدول الأعضاء، لاعتلاء المنصب الدبلوماسي الأرفع عالميًا. فتُرى من هم هؤلاء المرشحون؟.


إيرينا بوكوفا، الأوفر حظًا

http://gty.im/183108755

ترى مجلة فاينانشيال تايمز، إيرينا بوكوفا المرشحة الأوفر حظًا من بين كافة المرشحين على منصب الأمين العام وذلك لسببين؛ أولهما أنها بلغارية الجنسية وأنه مراعاةً للتوزيع الجغرافي في التعاقب على هذا المنصب فإنه من المنتظر أن يأتي الأمين العام القادم من شرق أوروبا، وثانيهما أنه إلى اليوم ومنذ سبعين عامًا لم تُتح أية فرصة للنساء لتولي هذا المنصب، وهذه الأسباب ذاتها أكدتها الرسالة التي أشرنا إليها سابقًا والتي وُزعت على دول الجمعية العامة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إذ ينبغي مراعاة التنوع في التوزيع الجغرافي وكذلك اختيار مرشحة من بين النساء.فإذا ما نظرنا إلى ثمانية رؤساء سابقين، سنجد من أفريقيا بطرس غالي وكوفي عنان، ومن أمريكا اللاتينية خافيير بيريز، ومن أوروبا الغربية أمناء من السويد والنمسا والنرويج، وعن الكتلة الآسيوية بان كي مون الكوري الجنوبي ويو ثانت من ميانمار. نعم، ليس ثمة من اعتلى المنصب من الكتلة الأوروبية الشرقية وليس ثمة امرأة بعد ثمانية أمناء، وهو ما يؤكده ماثيو ريكروفت، السفير البريطاني في الأمم المتحدة في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.

إيرينا بوكوفا، ابنة ال64 ربيعًا، دبلوماسية بلغارية، عُينت سفيرة لبلادها في المملكة المغربية ثم فرنسا ومن بعدُ وزيرةً للخارجية، وهي أول امرأة تتولى رئاسة منظمة اليونسكو «منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم» باختيارها للمنصب في 2009م، ولعبت دورًا هامًا في انضمام فلسطين للمنظمة، وتجيد بوكوفا الإنجليزية والإسبانية والروسية والفرنسية بجانب لغتها الأم.العقبة الوحيدة التي قد تقف في طريق بوكوفا إلى منصب الأمين العام، هي أنها تُعد لدى كثير من السياسيين الغربيين مرشحة موسكو، والبعض يعتبرها بشكل أدق «المفضلة» لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك لخلفيتها الشيوعية، إضافةً لحصولها على درجة الماجستير من معهد موسكو للعلاقات الدولية، غير أن دبلوماسيين غربيين آخرين يرون في هذا امتيازًا يضاف إلى سيرة المرشحة الذاتية، فكونها تنتمي لإحدى بلاد أوروبا الشرقية وعلى صلة جيدة بموسكو، فهي إذن لديها القدرة بخلاف غيرها من المرشحين على التوسط في الأزمات بين المعسكر الروسي والأوروبي. هذه الأطروحات كانت حاضرة في إحدى نقاشات البرلمان الإنجليزي -في الرابع والعشرين من مايو/آيار الماضي- والتي خُصصت لتناول أهمية تداول منصب الأمين العام وتأثيراته على المصالح الأوروبية، وفي القلب منها علاقاتها بالجار الروسي.


مرشحات «نسائيات» .. صعود المرأة

يبدو أن العالم مقبل على عام نسوي بامتياز؛ فإلى جانب المستشارة الألمانية، التي اختيرت كأقوى امرأة في العالم، أنجيلا ميركل، وصلت تيريزا ماي إلى رئاسة الحكومة في بريطانيا على إثر استقالة دايفيد كاميرون جراء الهزيمة التي لاقاها في استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أن تنضم إليها، على الضفة الأخرى من الأطلسي، المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون لتصبح أول سيدة تتولى رئاسة الولايات المتحدة. بجانب ميركل وماي وكلينتون اللواتي سيمثلن وجها جديدا للعالم الغربي، من المتوقع أن تصل امرأة أيضا وللمرة الأولى إلى أمانة الأمم المتحدة، المنصب الأرفع سياسيا في العالم، إذ لا تعد إيرينا بوكوفا المرشحة النسائية الوحيدة، وإن كانت الأوفر حظا بين المرشحات.

ناتاليا غيرمان، مولدوفا

ابنة الرئيس الأول لجمهورية مولدوفا، ميرسيا سينغور، عُينت نائبة لرئيس الوزراء للشئون الخارجية لبلادها، ووزيرةً للخارجية، وشغلت منصب السفير لبلادها في العديد من بلدان أوروبا، وتلخّص الجارديان تطلعات السيدة الوزيرة فقط في أنها تسعى لفرض أجندتها المنوطة بالتأكيد على حقوق الإنسان والمساواة بين الرجل والمرأة، لكن حجر عثرة يبدو في طريقها للأمانة العامة، وهو أنها لن تحوز صوت روسيا، العضو الدائم في مجلس الأمن لخلافات بلادها العميقة مع روسيا حول مقاطعة ترانسنستريا الانفصالية.

هيلين كلارك، نيوزيلاندا

http://gty.im/500346236

رئيسة وزراء نيوزيلاندا لما يقارب العقد من الزمن، تحديدًا في الفترة ما بين 1999م و2008م، كأول امرأة في هذا الموقع المتقدم من السلطة هناك. عملت على رأس مشروع تنمية للأمم المتحدة لسبع سنوات؛ ما يؤهلها لتولي المنصب وتحمل الضغوطات الناجمة عن قيادة العالم دبلوماسيًا، ويعقد الكثير من المتابعين آمالًا عريضة على وصولها للمنصب الدبلوماسي الأرفع.

فيسنا بوسيتش، كرواتيا

نائبة رئيس الوزراء الكرواتي، ووزيرة الخارجية، تحمل الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة زغرب، حملت على عاتقها في وقت سابق إنشاء أول منظمة نسائية في يوغوسلافيا سابقًا، ولديها دور رائد في قيادة حوار مجتمعي أثناء الحرب بين الصرب والكروات.


إيجور لوكوزيتش، مرشحًا للشباب

http://gty.im/499559578

وزير الخارجية الحالي لمونتنيجرو أو الجبل الأسود، إحدى دولتين كونتا الاتحاد اليوغوسلافي قبل عام 2006م، وقد شغل منصب رئيس الوزراء لبلاده في الفترة بين ديسمبر/كانون الأول 2010م و2012، أحد أصغر المرشحين سنًا، دون الأربعين، وعلى سعة اطلاعه نشر ثلاثة أعمال أدبية تنوعت بين الشعر والنثر، ويتقن من اللغات أربعًا، لكنه ينتمي لمعسكر السياسيين المؤيدين لحلف شمال الأطلسي ما يجعله غير مفضلٍ لدى روسيا.

دانيلو تُرك، سلوفينيا

الرئيس الثالث لجمهورية سلوفينيا، وسط أوروبا، قدَّم نفسه كأحد آبائها المؤسسين، وهو بالفعل أول ممثل لبلاده في الأمم المتحدة، كما اشتغل مبعوثًا أمميًا للشؤون السياسية إبان تولي كوفي عنان للأمانة العامة، في الفترة ما بين 2000-2005م، ويتقن الحديث بأربع لغات.

أنطونيو غوتيريس، البرتغال

أنهى الرجل مهمته كمفوض أعلى للاجئين في 2015م بعد عمله في وكالة اللجوء الدولية لعِقد من الزمن تقريبًا، غير توليه لرئاسة الوزراء في بلاده قبل ذلك في الفترة من 1996م وحتى 2002م، ويُعد أنطونيو من المرشحين بقوة عند كثير من المتابعين للوصول للمنصب لحضوره القوي في المفوضية العليا للاجئين.

سرجان كريم، مقدونيا

وزير الخارجية المقدوني أوائل القرن الحالي، وسفير بلاده للعديد من البلدان، يتحدث 9 لغات، ويحمل الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بلغراد، ويستمد خبرته كونه ترأس الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 62 عام 2008م.