بعد سلسلة من الإخفاقات المتتالية توقف عددها عند الرقم 13، تمكن أخيرًا أرسين فينجر من فك عقدة الهزائم والتعادلات أمام جوزيه مورينيو، سلسلة كانت حصيلتها 5 هزائم و 7 تعادلات، ليضرب فينجر عصفورين معًا بهذا الانتصار؛ أولهما الإيقاع بالرجل الذي أغاظه وأذاقه المر طويلًا، وليتمكن من الفوز على خصمه التاريخي يونايتد مجددًا للموسم الثاني على التوالي.

هذا الفوز منح أرسنال انتصاره الثاني على الأندية الكبرى هذا الموسم، وأيضًا خسارة اليونايتد أبقت على الرصيد ذاته من الانتصارات أمام أندية قمة الترتيب، لتؤكد لنا هذه الأرقام عدم استحقاق أي من الفريقين في التواجد ضمن المراكز المؤهلة لدوري أبطال أوروبا.


جس نبض من أجل الصلح

يبدو أن العداء الإعلامي الأزلي بين مورينيو وفينجر وصل إلى نقطة النهاية بعد تصريح كلا المدربين في المؤتمر الصحفي عن استعدادهما للسلام، وتأكيدهما على أن ما يحصل داخل الملعب خلال المباريات يزول مع إطلاق صافرة النهاية. وربما كان لترتيب الفريقين الحالي وابتعادهما عن المنافسة أثر كبير بتهدئة العلاقة الحساسة بينهما والتي شهدت صراعًا كبيرًا تصدرته على الدوام صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية، سواء في الإعلام أو في أرض الملعب حتى وصل الأمر إلى المشادة الكلامية والصراع بالأيدي في إحدى المباريات.

مورينو ورغم عدائه العلني لأرسين فينجر، عبَّر عن أمنيته باستمرار الفرنسي في منصبه كمدرب للمدفعجية، وأضاف أنه يشعر بالتعاطف مع المدربين الذين يمرون بفترات سيئة أو يتعرضون للإقالة، ربما لشعوره أيضًا بأن موقفه حرج هو الآخر بسبب ترتيب فريقه الحالي، وكان يمنّي النفس بمركز أفضل من ذلك عند بداية الموسم.

لقد تغيرت كرة القدم، في الوقت الحالي أصبح من المستحيل على المدربين الحفاظ على مناصبهم لفترة طويلة. الفشل يعني الرحيل، ولا يمكنك الاستمرار بالنجاح لمدة 20 عامًا
جوزيه مورينيو في المؤتمر الصحفي للمباراة

أما فينجر، أكد أنه يحترم الجميع وأكد استعداده للهدنة السلام، وأشار في الوقت ذاته إلى علاقة الاحترام المتبادلة التي تجمع بينه وبين المدربين، وخص بالذكر علاقته بأليكس فيرجسون رغم بعض المواقف خلال مباريات فريقه مع مان يونايتد.

أنا شخص منفتح على الحياة ومنفتح على السلام، أحترم الجميع ولا أريد افتعال المشاكل مع أي شخص، مهمتي الأساسية التركيز على فريقي وتجاهل الأشياء الأخرى
أرسين فينجر في المؤتمر الصحفي للمباراة

في الكواليس – فسحة للأمل رغم صعوبة المهمة

ما صعب من مهمة اللحاق بركب مراكز دوري الأبطال هو تعثر الفريقين في الجولة الماضية بعد تعادل يونايتد مع سوانزي وخسارة أرسنال مع توتنهام، لكن عدد المباريات المتبقي لكليهما يعطيهما فسحة أمل صغيرة جدًا لكنها تحتاج للكثير من العمل فيما تبقى من مباريات. أرسنال ليس أمامه إلا الفوز لإنقاذ الموسم فالخسارة لها عواقب وخيمة جدًا، أما يونايتد في وضع أفضل بوجود فرصتين لضمان التأهل، ويبدو أن الطريق إلى لقب الدوري الأوروبي أكثر أمانًا وسهولة من الخوض في وعورة مسار البريمرليج وصعوبته.

بعد تعثر ليفربول أصبحت المباراة أكثر أهمية؛ لأن هذه النتيجة جعلت مصير يونايتد محليًا متعلقًا بيديه، فهو يتخلف بفارق 5 نقاط ولديه مباراتان مؤجلتان. أما أرسنال بحاجة ماسة للفوز؛ لأن الخسارة ستزيد من هول الكوارث وانتهاء الموسم بشكل رسمي، لكن رغم ذلك أرسنال مطالب بحصد الانتصارات في جميع مبارياته المتبقية وانتظار تعثر الآخرين لضمان الوصول إلى البطولة الأهم في أوروبا.


المباراة – مورينيو بلا شخصية وفينجر بخطة فعالة

تشكيل الفريقين مان يونايتد(يمين) وأرسنال ( يسار)، المصدر: www.whoscored.com

في المؤتمر الصحفي وعد مورينيو الصحفيين بأنه سيشرك تشكيلته الاحتياطية في المباراة لأن الأولويات تغيرت بالنسبة له، مورينيو وفى بوعده وأقحم البدلاء وأراح كلاً من بوجبا وراشفورد وبايلي، لكن رغم ذلك اتضح أن تشكيلة يونايتد قوية لأنه بالأساس يمتلك عمقًا جيدًا وبدلاء مميزين رغم الإصابات الكثيرة وإراحة بعض الأساسيين.

أما فينجر استمر باستخدام خطة الطوارئ البديلة باعتماده على 3 مدافعين صريحين في الخط الخلفي، هذه الخطة التي تمنحه أمانًا أكبر في خط الدفاع، وفي الوقت ذاته تحرر لاعبي الهجوم من مهام المساندة الدفاعية، وتزيد من الفاعلية الهجومية وهذا ما يفتقده أرسنال في الأسابيع الماضية. أرسنال دخل المباراة بثقة كبيرة لم نعهدها منذ مدة ليست بالقصيرة، فالفريق يمر بفترة سيئة على الصعيد النفسي، لكن كانت واضحة رغبة الفريق بعدم التفريط برشفة الماء الأخيرة التي ستطيل أمد حياته حتى نهاية الموسم.

الشوط الأول

مورينيو دخل بتشكيلة لا تشبهه، أغلب اللاعبين يفتقدون للقوة في الالتحامات البدنية أو السرعة، فأصبح وسط يونايتد أكثر هشاشة بغياب كل من بوجبا وفيلايني في الوسط، والأمر ذاته لعناصر الخط الأمامي بغياب لينجارد وراشفورد. ورغم تواجد كل من جونز وسمولينج في محور الدفاع، إلا أن غيابهما السابق بداعي الإصابة صعّب من مهمة مورينيو أيضًا لافتقادهما لرتم المباريات، فهذه المباراة الأولى لهما منذ شهر ونصف.

الخطة الحالية المدفعجية زادت من الفاعلية الهجومية، فأصبح هناك لاعب إضافي في الحالة الهجومية، سانشيز ترك الجهة اليسرى للظهير جيبس وأصبح أكثر حرية وأكثر سعيًا لطلب الكرة من المنتصف وليس على الأطراف. ميزات سانشيز لا تقتصر على السرعة و المرواغة، بل يتميز بقدرته على خلق الفرص والتمرير بشكل جيد في عمق دفاعات الخصم، أصبحت مهامه شبيهة بمهام هازارد الذي لا يطلب منه كونتي الالتزام بمركز معين.

تمريرات سانشيز في الشوط الأول وأماكن تواجده في الملعب، المصدر: سكاوكا

أيضًا أوزيل أصبحت الضغوط عليه أقل ولم يتحرك كثيرًا على الأطراف. ومع تواجد كل من أوزيل وسانشيز في خط الوسط، منح هذا الأمر أفضلية للأرسنال في السيطرة على نصف الملعب، وتهديد مرمى يونايتد بتمريرات سريعة مفاجئة في العمق.

تمريرات أوزيل في الشوط الأول وأماكن تواجده في الملعب، المصدر: سكاوكا

الشوط الثاني

استمر الحال كما كان في الشوط الأول، أرسنال برغبة واضحة للفوز، ويونايتد يفعل ما يتوجب عليه، لكن كأن لاعبيه أجبروا على القدوم إلى المباراة، لأن العقل في الدوري الأوروبي وليس في استاد الإمارات، وهذا ما ظهر جليًا في لقطة الهدف الأول لجرانيت تشاكا بعد اصطدامها بأندير هيريرا، الكرة لم تكن بتلك الصعوبة، لكن دي خيا لم يتمكن من الإمساك بها رغم سهولتها.

و بعد 3 دقائق فقط عزز أرسنال من تقدمه بالهدف الثاني عن طريق ويلبيك بعد تمريرة عرضية من شامبرلاين، هدف لم يكن ليأتي لولا تواجد روب هولدينج وضغطه على مارسيال واستخلاصه للكرة.

الخارطة الحرارية وإحصائيات المدافع روب هولدينغ المصدر: سوفاسكور

الشاب الإنجليزي الصغير يمتلك ثقة كبيرة بنفسه وقدم مباراة جيدة بصحبة كوسليني، وأيضًا لا يجب إغفال دور كل من جيبس و شامبرلاين في مهامهما الدفاعية والهجومية. وأيضًا رامسي الذي أتاح تواجد سانشيز وأوزيل في الوسط المزيد من الحرية له في التقدم إلى جانب ويلبيك وتشكيل الخطر على ثنائي دفاع مان يونايتد.

الخارطة الحرارية وإحصائيات آرون رامسي، المصدر: سوفاسكور


المحاربون القُدامى

رامسي حراري

لا أذكر تحديدًا متى كانت المرة الأخيرة التي تواجد فيها مانشستر يونايتد و أرسنال خارج المربع الذهبي، و ربما حتى أرسين فينجر و فيرجسون لن تسعفهما الذاكرة في ذلك. فيرجسون عرف تمامًا متى يكون الوقت الأمثل للخروج، أو ربما اكتفى بكل هذه الألقاب التي حققها، أما أرسين ما زال يمتلك الرغبة بتحقيق ما افتقده منذ 10 سنوات، و ما زال آملًا بمستقبل أفضل و لم يعلن الهزيمة رغم صعوبة موقفه و رغم فشله المتلاحق، ربما لأنه يحب اللعبة و يرفض الخروج حتى تلفظه اللعبة منها. و الأمر ذاته لمورينيو، الذي كان يطمح لعودة أفضل بعد إقالته من تشلسي، فيونايتد هو المكان الذي يحلم به منذ زمن و فشله بالصراع على اللقب بمثابة إخفاق جديد أمام المستجدين في الدوري أمثال كونتي و كلوب و غيرهم.

المراجع
  1. موقع سوفا سكور
  2. موقع سكاوكا
  3. موقع هوسكورد