تبقى الفكرة التي تُدشِن بسببها مشروعك الناشئ هي الأساس الذي تبني فوقه أحلامك وتنشد من ورائها تحقيق النجاح الذي تصبو إليه، ولكن استقرارك على الفكرة في حد ذاتها ليس كافيًا لتحقيق النجاح حتى إن توفرت لديك كافة العناصر التي تظن أنها ستكون مفتاح التحسن في خطوتك القادمة.

ما يلي مرحلة اختيار الفكرة وقبل أن تبدأ في الـ MVP الخاص بك، عليك أن تسبق ذلك بمرحلة اختبار فكرتك بشكل مبدئي قبل البدء في تنفيذها، وهو ما يعرف بـ«Idea Validation» وخلالها تقوم بتجربة صلاحية فكرتك للتطبيق للوقوف على إمكانية تحقيقها للنجاح المنتظر من عدمه، وفي ذلك يمكنك الاستعانة بعدة وسائل وأدوات، جميعها سيحقق لك الهدف المنشود باختبار فكرتك بأقل كلفة ومجهود.

1. صفحات الهبوط (Landing Pages)

من أشهر وأبسط طرق اختبار فكرة مشروع ما، صفحات الهبوط أو Landing Pages، وهي صفحات تظهر للمستخدم ويتحول لها عند النقر على رابط معين لأحد الإعلانات، وليكن إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي أو تلك التي تصلك عبر البريد الإلكتروني، تلك الصفحة يتم تصميمها لتحقيق هدف واضح، ألا وهو توجيه الدعوة للزائر لاتخاذ إجراء ما مخطط له سلفًا أو ما يعرف بـ Call To Action، ذلك الإجراء قد يكون أشياء من نوعية ملء استمارة للحصول على محتوى مجاني، شراء منتج، التسجيل في خدمة، كل ذلك يهدف في النهاية لتحويل الزائر إلى عميل دائم.

تكمن فائدة صفحات الهبوط في تقييم فكرة مشروعك، عن طريق كتابة فكرتك في الصفحة ثم تطلب من الزوار أن يسجلوا بريدهم الإلكتروني لمعرفة موعد بدء الخدمة أو معلومات تخصها، هنا تساعدك صفحات الهبوط في الوقوف على مدى تقبل الزائر لفكرتك أو قيمتك المقترحة للدرجة التي تجعله يُقبل على تسجيل بريده لمعرفة المزيد أم الاكتفاء بما تم عرضه عليه في الصفحة.

رسم توضيحي لشكل صفحة الهبوط

ميزة أخرى تستطيع الاستفادة بها من صفحات الهبوط والحصول عليها، وذلك عندما تكون في حيرة من أمرك بين عدة أفكار لمشاريع وتريد أن تستطلع آراء الناس لمعرفة أكثرهم تميزًا أو تلك التي تلقى رواجًا أكبر، وذلك تستطيع تحديده عن طريق الزيارات بأن تجعل لكل فكرة صفحة منفصلة، ثم تضع إعلانات عبر فيسبوك أو جوجل أو غيرهما من المنصات لتوجه الفئة المستهدفة لفتح تلك الصفحات وبعدها تعرف أكثرها زيارة فتصبح هي المفضلة.

أيضًا عندما يساورك الشك فيما يخص كتابة الصيغة المُثلى لتقديم قيمتك المقترحة أو العرض المقدم (Value Proposition) في فكرة المشروع الخاص بك، هنا تستطيع الاستعانة مرة أخرى بصفحات الهبوط فيما يسمى باختبار أ/ب (A/B testing) وهو يكون بأن ترفق نسختين أو أكثر من صيغة فكرتك، بينهم الصيغة الأصلية والباقين الذين تود اختبارهم بعرضهم على الناس.

في النهاية، تساعدك صفحات الهبوط بشكل أساسي في الجزء المتعلق بالزيارات أو إعطاء الزائر بريده الإلكتروني لك، الأمر الذي يدل على اهتمامه ورغبته في معرفة المزيد، وهي من أكثر الوسائل الفعَّالة شيوعًا لاختبار فكرة المشروع، وبإمكانك الاعتماد على منصة مستقل لتوظيف مطور مستقل يساعدك في إنشاء صفحة هبوط بسيطة لاختبار فاعلية فكرتك، أو طلب أحد خدمات إنشاء صفحات الهبوط في موقع خمسات لتحصل على صفحة هبوط جذابة بسعر يناسب ميزانيتك.

2. وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي

من منا لا ينخرط يوميًّا ويمضي جزءًا لا بأس به من يومه منكبًا على جهاز الكمبيوتر الخاص به أو ممسكًا بهاتفه المحمول ليقضي ساعات طوال في تصفح منصات التواصل الاجتماعي المختلفة؟ حسنًا تقريبًا جميعنا يفعل ذلك بدرجات متفاوتة، لذلك نستطيع أن نؤكد لك أن تلك المنصات ومجتمعاتها هي بحد ذاتها وسيلة فعالة ومميزة لاختبار فكرة مشروعك.

التفاعل مع الآخرين على تلك المنصات له عظيم الأثر في اختبار فعال لفكرتك، وعن ذلك تقول خبيرة الأعمال تارا جينتيل إنه عندما خطرت لها فكرة جديدة يومًا ما، فكرت في عرضها على الإنترنت واستقر اختيارها على أن تكتب عن الفكرة في مدونتها وتلقي آراء وانطباعات الناس، مشيرة إلى ما جنته من وراء ذلك: «هذه الاختبارات أوضحت لي ما هو الأهم لعملائي المستهدفين، ساعدتني على إعادة التفكير وتقييم الأشياء الأكثر اهتمامًا من قبل العملاء، كل ذلك كان بشكل بسيط وفي إطار ضيق ما أتاح لي تكرار الأمر وتطوير الفكرة وتعديلها وفق ما جاءني من تقييمات».

سوشال ميديا

جينتيل نصحت رواد الأعمال بالاعتماد على تلك الوسيلة، بإعداد صفحة هبوط على سبيل المثال وطلب ترك عناوين البريد الإلكتروني لإرسال رسائل بمبيعات للمنتجات – والتي لم تتح للبيع من الأساس – لأشخاص كُثر وانتظار انطباعات الناس عنها.

Facebook وTwitter و LinkedIn هي مواقع التواصل الاجتماعي الأكثر انتشارًا عالميًّا، احرص على نشر أفكارك ومخططات مشروعك بمنصاتها، تفاعل مع مجتمعات المجموعات وثيقة الصلة بمشروعك وجمهوره، تناقش مع أصدقائك الموجودين على وسائل التواصل الذين ينطبق عليهم معايير عميلك المستهدف، الردود الإيجابية ستساعدك بالتأكيد على المضي قدمًا في الانتقال للخطوة التالية.

3. إقناع الآخرين بالاستثمار في فكرتك

هل هناك أفضل من إقناع الآخرين بتمويل مشروعك لتكون خير وسيلة لاختبار جودة فكرته؟ هي طريقة أخرى فعالة لاختبار فكرة مشروعك، كل ما عليك فعله هو إنشاء نموذج مبدئي للمنتج الخاص بك، مع عرض تقديمي جيد له، ثم تواصل مع المستثمرين المحتملين المتحمسين لفكرتك، كما يمكنك أيضًا الاستعانة بمواقع التمويل الجماعي ووجه الأسئلة للجميع وأولهم أصدقاؤك وأسرتك والمقربون منك، واستطلع آراءهم إذا ما كانت فكرتك جيدة كفاية لإقناعهم بالمشاركة في تنفيذها أو حتى المساهمة في تطويرها وبنائها.

 

أيضًا عامل اختيار التركيبة السكانية المناسبة مهم للغاية في عملية محاولة استقطاب التمويل الجماعي لبناء فكرتك، قد تكون تفعل ذلك طوال الوقت في المكان غير المناسب ومع الشريحة الخاطئة ولا تجد مبادرات للتمويل فيتولد لديك إحساس أن فكرتك تواجه الفشل أو التخبط، في حين أن الحقيقة مختلفة تمامًا لأنك من البداية لم تحدد بصورة دقيقة الفئة المستهدفة التي يهمها فكرة مشروعك.

في النهاية، قدرتك على جمع الأموال من أصدقائك ومعارفك كبداية، والتي تبني بها مشروعك، يعد دليلًا دامغًا على نجاح فكرتك وتفردها.

4. اعثر على موجهك الخاص واجعله يقيم فكرتك

وسيلة مباشرة وسلسة لاختبار فكرة مشروعك الناشئ، فكثير منا ليس خبيرًا في السوق أو قد يكون بصدد اقتحامه للمرة الأولى، لذلك يصبح من الأفضل بالطبع إذا استطعت توفير موجه الأعمال الخاص بك (Business Mentor)، حينها سيكون بمثابة المرجع و«بالون الاختبار» لك فيما يخص تقييم فكرتك وخططك لتنفيذها.

الاستعانة بشخص خبير في المجال الذي تنوي بدء العمل فيه متسلحًا بفكرتك ستوفر عليك الكثير من الجهد والوقت بل المال أيضًا، بفضل نصائحه لك ستستطيع تكوين صورة واضحة من منظور أشمل وأوسع، متضمنة معايير معامل المخاطر، شكل السوق، كيفية الترويج لمنتجك، سُبل إنجاح فكرتك، الاستفادة من تجربته السابقة في نفس موقفك والتعلم من إخفاقاته لتجنبها ومحاكاة نجاحاته، فضلًا عن سماع رأي من كان قبلك في الموقف نفسه، والذي قد ينير لك الضوء في منطقة لم تكن تراها من قبل، فيكون ليس فقط طريقة لاختبار فكرتك، بل أيضًا وسيلة لتصحيح مسارك إذا تطلب الأمر.

5. التواصل مع العملاء بشكل مباشر واستبيانات الرأي

الحديث مع العملاء بالصوت أو وجهًا لوجه بأي مدة كانت، يظل أحد أشهر الوسائل والطرق الكلاسيكية والفعَّالة في الوقت نفسه لاختبار أو تقييم فكرتك، فمقابلات العملاء المستهدفين لن يمنحك فقط فرصة في عملية اتخاذ قرارك بنظرة متعمقة، ولكنها أيضًا ستكون فرصة مواتية لدراسة الحالة بشكل مفصل ورؤية مدى تأثير فكرة منتجك أو خدمتك المستقبلية على العملاء بعد ذلك.

أيضًا توازيًا مع ذلك بمقدورك إجراء استقصاءات واستبيانات رأي، تهدف من ورائها لتحديد اهتمامات عملائك ومدى ملاءمة الفكرة لمتطلباتهم والعمل على اختبارها وتطويرها، فضلًا عن معرفة كيفية تقديم منتجك بالشكل الأمثل أو ما ينقصه للعمل على إكماله.

 

ماذا بعد اختبار فكرة مشروعك؟

بعد أن أنهيت مراحل اختبار فكرة مشروعك بنجاح، إذا كانت النتائج مبشرة وزادتك إصرارًا على إكمال خطتك الطموحة من أجل جعل فكرتك ترى النور، إذن فمن حقك أن تبتهج قليلًا وتتنفس الصعداء، أنت الآن على بداية الطريق وما زال أمامك الكثير لتحققه، ولكن ما أنجزته الآن يعد هو اللبنة التي ستبني عليها أساس مشروعك، فالفكرة هي أحد أهم عناصر عالم الأعمال، وإذا استخدمت الطرق المذكورة بدقة وحرص من أجل اختبارها والتأكد من مدى فعاليتها ورواجها بين العملاء، فتيقن أن ذلك سيكون مفتاح نجاحك فيما بعد عند الانتقال للخطوات التالية من أجل تأسيس مشروعك أو بدء الـ MVP الخاص بك.