نكسة جديدة تعرض لها بايرن ميونخ ومدربه الإيطالي أنشيلوتي بعد التعادل المر الذي تعرض له الفريق أمام نادي فولفسبورج ضمن منافسات الدوري الألماني. حال لم يعتد عليه البافاريون سابقًا وخاصة في دور المجموعات الذي يقدم فيه بايرن ميونخ عادة أداء مميز يضمن فيه صدارة المجموعة دون تعرضه للصعوبات كما حصل البارحة.

أما باريس أثبت أن خط هجومه الذي كلف ناصر الخليفي مئات الملايين قادر على تفكيك أصعب الدفاعات التي يواجهها بسبب السرعة والحركية والمهارة التي يمتلكها كل من مبابي ونيمار وكافاني، فعلى الرغم من عدم سيطرة الباريسيين على الكرة في أغلب فترات المباراة، إلا أن باريس تمكن من إنهاء المباراة بثلاثية نظيفة مستفيدًا من سرعة هجومه وبطء الدفاع البافاري، ليتصدر باريس مجموعته برصيد 6 نقاط دون تلقيه لأي هدف.


ما قبل المباراة

لايخفى على المهتمين بالشأن الكروي بأن الناديين يتعرضان لضغوطات كبيرة لأسباب مختلفة ومتباينة، فالمدرب الإيطالي يرزح تحت سيل من الانتقادات والتشكيك بقدرته على ضبط الأوضاع داخل الفريق الذي يعاني من سوء الأداء الدفاعي وافتقاده للإمتاع الذي اعتاد عليه الجمهور في السنين الماضية تحت إدارة كل من يوب هاينكس وبيب جوارديولا. والمشكلة الأخرى التي ليس بإمكان أنشيلوتي حلها هي إصابة نوير التي ستجبره على الابتعاد لفترة طويلة عن الملاعب، فالحارس البديل أولرايخ سيكون بمثابة عامل ضغط إضافي على الإيطالي بسبب كثرة هفواته وأخطائه.

أما الإسباني أوناي إيمري يعاني من ضغوطات مختلفة، فمشكلة الأداء والنتائج لا تعنيه في الآونة الحالية، بل يعتبر همه الأوحد هو حل الخلافات الحديثة بين الوافد الجديد نيمار وزميله كافاني بعد الخلاف الحاد الذي حصل حول تنفيذ ركلة الجزاء خلال إحدى مباريات الدوري الفرنسي. مشكلة يبدو أنها حُلت وتم غض الطرف عنها بعد تدخل من الخليفي، لكن لن يكون إيمري مرتاح البال بسبب الكم الكبير من النجوم وسيجد نفسه مضطرًا لإرضاء الجميع أو مواجهة بعض المشاكل من الدكة مع وجود دي ماريا ودراكسلر على الدكة.


بداية المباراة

فاجأ أنشيلوتي الجميع بتشكيلته التي افتقدت لخدمات كل من هاملز وروبين وريبيري، الإيطالي تخلى عن أبرز 3 أسماء في تشكيلته وقرر الاعتماد على كل من مولر وليفاندوفسكي لقيادة خط الهجوم. وكان واضحًا منذ البداية أن التشكيلة التي اعتمدها الإيطالي تفتقد للسرعة والحلول الفردية وتعاني من البطء في الجانب الدفاعي رغم معرفة الإيطالي والجميع بسرعة عناصر الخط الأمامي لخصمه الفرنسي.

تشكيلة الفريقين (المصدر whoscord.com)

أما إيمري استمر بنفس الأسماء التي بدأ فيها مباراة سيلتيك في الجولة الافتتاحية للبطولة، وهي التشكيلة التي ضمنت له الانتصار بخماسية نظيفة. إيمري يدرك أن الثبات في التشكيل الخططي والفني هو الذي سيخلق هذا التجانس والتفاهم بين عناصر الفريق، وهذا ما لم يدركه أنشيلوتي حتى الآن رغم افتقاد فريقه له.


باريس يرفرف كالفراشة ويلسع كالنحلة

لم يكد الحكم يطلق صافرته حتى جاء الهدف الأول بأقدام داني ألفيش بعد فاصل مهاري من مواطنه نيمار الذي استطاع التغلب على لاعبي بايرن بسهولة فائقة، هدف أدخل المزيد من الشك في إمكانيات البافاريين وسبب المزيد من الضغط للاعبين والمدرب الإيطالي الذي رفع حاجبه الأيسر مبكرًا وبدأ وجهه يتشح بهول الصدمة كعادته عند وقوعه في الأزمات.

على الرغم من البداية السريعة للباريسيين، إلا أن الفريق لم يحاول كسب هذه الأفضلية على حساب خصمه، فكانت الكرة في أغلب فترات الشوط بحوزة لاعبي بايرن ميونخ، ويعود ذلك لاعتماد أوناي إيمري على المرتدات واعتماد السرعة في نقل الكرة بدلاً من تدوير الكرة وفرض سيطرته على المباراة واستغلال التفوق النفسي. باريس اعتمد ذات الأسلوب بعد الهدف، فكان يرفرف كالفراشة ويلسع بسرعة كالنحلة، يدافع ويحمي مرماه بشكل جيد، ويهاجم سريعًا بأقل عدد ممكن من التمريرات واللمسات، وهذا ما أظهر دفاع بايرن ميونخ بليدًا في كثير من اللقطات لافتقاده للسرعة وبسبب غياب كل من هاملز وبواتينج ومن خلفهم نوير.

نيمار ورفاقه كانوا يعيثون فسادًا بلاعبي بايرن، فكان نيكولاس زوله يلهث وراء مبابي دون معرفة الاتجاه الذي يركض فيه الفرنسي، والأمر سيان بالنسبة لنيمار الذي أجبر مدافعي بايرن على عرقلته واعتماد الخشونة لإيقافه بدلًا من تطبيق الضغط الجماعي عليه، كل هذا جعل إيمري يقف مستمتعًا وضاحكًا على الخط، ومدافعو بايرن يتساقطون أمامه كأوراق الخريف الصفراء.


طائرة بايرن بلا أجنحة

بايرن استعاد زمام الأمور سريعًا بعد الهدف المبكر، ففرض عناصر أنشيلوتي سيطرتهم على مجرى المباراة وهددوا المرمى الباريسي في عديد الكرات، لكن لم تفلح محاولاتهم المتكررة بسبب التسرع تارة، وافتقاد التجانس تارة أخرى. خيارات أنشيلوتي أثرت على أداء الفريق وجعلته يفتقد للحلول والخطورة، وأصبح الفريق أكثر توقعًا في طريقة اللعبة باعتماده بشكل مبالغ به على الكرات العرضية والطولية إلى كل من مولر وليفاندوفسكي في خط المقدمة.

رغم قناعة أنشيلوتي بخياراته ومناسبتها للقاء، إلا أن الجميع يخالفه هذه القناعات، بايرن كان يتعرض للتهديدات من مهاجمي باريس وكأن به فريق هاو أمام فريق محترف، وفي الحالة الهجومية أظهر بايرن نمطًا متكررًا في الأسلوب وافتقد للتنويع، ويعود ذلك إلى خيارات أنشيلوتي التي جعلت بايرن عاجزًا عن خلق أي تهديد حقيقي.

كيميش وألابا كانا وحيدين في الحالتين الدفاعية والهجومية بلا أي دعم أو مساندة، طيلة فترات الشوط الأول تواجد لاعب واحد على الأطراف فقط، لا أفضلية عددية ولا حلول فردية ولا مهارات وغياب للسرعة، البايرن فشل في كافة المواجهات الفردية سواء كان مهاجمًا أو مدافعًا، وهذا ما منح عناصر بي ا س جي أريحية كبيرة وخاصة في الحالة الدفاعية. قوة بايرن لم تكن في الأطراف ورغم ذلك كان اعتماد أنشيلوتي على الجناحين كاملًا، وحتى في العمقين الدفاعي والهجومي افتقد الفريق البافاري للسرعة في التغطية والضغط، وظهر كأنه يخوض مباراة ودية لاقيمة لها.


أنشيلوتي ينتحر وإيمري سهل له ذلك

بايرن، باريس سان جيرمان، تشكيلة الفريقين

انتهت المباراة منذ دقيقتها الأولى بعد الهدف الذي سجله ألفيش، وحتى لو انتهت المباراة بنتيجة صفرية، كان سيعتبرها البعض نتيجة إيجابية لبايرن خارج أرضه، لكن بكل تأكيد أن مشجعيه ليسوا من هواة هذه النظرية ويفضلون دومًا تقديم أداء جيد حتى في حالات الخسارة.

الإيطالي كارلو أنشيلوتي

أنشيلوتي كان في واد، واللاعبون في واد آخر لا يستمعون لتعليماته أو أنه لا يولي أهمية لما يراه أمامه، ربما لم يخطر في بال أنشيلوتي أن بإمكانه التدخل قبل فترة الراحة بين الشوطين. لم يدرك أنشيلوتي أن بإمكانه الوقوف والصراخ وإيقاظ اللاعبين بعض الشيء، أو توجيه بعض الملاحظات إن كان يملك بعضها، أو ربما اختار أنشيلوتي الانتحار بإطلاق 3 رصاصات على رأسه والتخلص من هذه الورطة الصعبة التي تواجهه في ميونخ.

أما إيمري أعجبه هذا التساهل البافاري داخل أرض الملعب، وأتاح للاعبيه فرصة الاستمتاع التي لن تسنح لهم دائمًا أمام الخصوم الكبار، الهدف المبكر عزز تلك الثقة الموجودة لدى الإسباني. إيمري مدرك بأن بايرن عاجز عن تهديد فريقه ومع ذلك قرر الاستغناء عن الكرة ومنحها للخصم لكي يستمتع لاعبوه والجماهير بعرض ممتع كما حصل العام الماضي أمام برشلونة، كأن الاسباني وضع المسدس أمام أنشيلوتي وشجعه على ضغط الزناد بدلا من مواجهته مرة أخرى في مباراة الإياب واختبار ذات السهولة، إيمري تخلص من مهمة سهلة وبحث عن تحد جديد ربما يسعى فيه لحصد انتصار آخر، لكن هذه المرة في أليانز آرينا، لكي يمنح نفسه ولاعبيه والخليفي المزيد من الثقة اللازمة للوصول إلى مراحل بعيدة في البطولة.