نجح نادي تشيلسي في تعويض سقوطه المفاجئ أمام كريستال بالاس في المباراة الماضية بتكرار الفوز على مانشستر سيتي على ستامفورد بريدج، هذه المرة بهدفين لهدف؛ ليحافظ على فارق السبع نقاط بينه وبين توتنهام، الذي قلب الطاولة على سوانزي سيتي على ملعب الحرية ليحافظ على بصيص الأمل في تكرار معجزة السيتي والفوز بالدوري في الثواني الأخيرة.

ولكن هذا الفوز المعنوي يبدو وأنه يستحق احتفالاً أكبر من فرحة كونتي بالفوز على ستوك سيتي في الدقائق الأخيرة، تلك الخسارة جعلت بيب جوارديولا، يتلقى ست هزائم في موسم واحد، ويخسر من فريق واحد ذهاباً وإياباً للمرة الأولى في مسيرته، وفي المقابل كانت ثلاث نقاط يبدو أنها ضمنت لتشيلسي التتويج باللقب إكلنيكياً.


مهمة صعبة للعائدين من العناية المركزة

تشكيل الفريقين في مباراة أمس، السيتي (يمين) و تشيلسي (يسار)، المصدر: www.whoscored.com

شهدت تشكيلة الفريقين قبل المباراة بعض المفاجآت والتي تمثلت في الاستعانة ببعض اللاعبين، إما الغائبين عن المشاركة منذ فترة طويلة أو المستبعدين تماماً من الحسابات، مع توقع بيب جوارديولا عودة كونتي إلى 3-4-3 بعد أن قد قام بتغييرها ضد كريستال بالاس، وعوقب على ذلك بالسقوط على ملعبه.

استعان بيب بثنائي دفاعي في عمق الملعب، وهما فيرناندينهو وديلف الذي شارك للمرة الأولى في مباريات الدوري لهذا الموسم، ولكنه لم يكن العائد الوحيد للتشكيلة الأساسية بعد غياب، حيث بدأ كومباني اللقاء أساسيًا للمرة الأولى منذ نوفمبر الماضي، وتحديداً في مباراة كريستال بالاس.

المفاجأة استمرت بأن كومباني لعب المباراة كاملةً ولم يتم تبديله في البداية كما كان منتظراً أو متوقعاً وكما حدث كثيراً هذا الموسم الذي أُصيب فيه حتى في عمليات الإحماء والسر في أن بيب لم يتعجل في الدفع بالبلجيكي الذي كان جاهزاً طيلة الشهر الماضي.

في المقابل دفع أنطونيو كونتي الذي عاد لطريقة اللعب 3-4-3 التي منحت البلوز الأفضلية المطلقة على بقية المنافسين، مع استمرار غياب موسيس لإصابته في أحد أصابع القدم.

وبالرغم من وجود ويليان وكونه متاحًا إلا أن أنطونيو فاجأ الجميع بالدفاع بزوما كقلب دفاع ثالث بجوار كاهيل، وديفيد لويز وبالإسباني أزبليكويتا على الجهة اليُمنى «وينج باك»، بسبب معاناة بيدرو في هذا المركز أمام كريستال بالاس ومن أجل تقوية الناحية الدفاعية للفريق أمام واحد من أفضل لاعبي السيتي مؤخراً ولتفادي مشكلة قصر قامة أزبيلكويتا التي لطالما عانى منها كونتي في ظل اعتماد السيتي دائماً على الكرات العرضية المُتقنة جداً من دي براوين.


الشوط أول:هازارد يُفسد كل شيء للسيتي

بطريقة 4-3-2-1 وتواجد دي براوين على الطرف الأيمن بعد دخول ديلف للتشكيلة وتواجد رحيم سترلينج على الدكة، بدأ اللقاء بسيطرة واستحواذ سلبيين على الكرة لصالح مانشستر سيتي الذي اعتمد في الزيادة الهجومية لنافاس على الأطراف لتوسيع الملعب مع تحرك دي براوين للعمق.

أو استغلال عدم مساندة هازارد الدفاعية في موقف اثنين على واحد مكون من نافاس ودي براوين أمام نقطة الضعف الأكبر دفاعيًا في فريق تشيلسي ماركوس ألونسو الذي منحه أنطونيو كونتي تعليمات بالالتزام بالتواجد في الدفاع، وعدم منح الفرصة لدي براوين مع الاعتماد على فيرنادينهو على تغطية نافاس في حال تقدمه.

الخريطة الحرارية لنافاس أثناء اللقاء التي توضح انطلاقاته جهة اليمين، المصدر: www.whoscored.com

ولكن في وسط تلك السيطرة والاستحواذ واعتماد الضيوف بشكل واضح على الطرف الأيسر لتشيلسي، في لقطة الهدف مرر هازارد الكرة للمتقدم في المساحة الخالية «سيزار أزبليكويتا» وهرب إيدين للجهة اليمنى وتحرك داخل منطقة الجزاء بعد تبادل للكرة بين بيدرو وأزبيلكويتا دون أدنى مراقبة من فيرناندينهو لهازارد.

تواجد فيرناندينهو في عمق الملعب مع تواجد نافاس كظهير أيمن كان من أجل مساندة نافاس أمام هازارد على الخط ومراقبته كرجل لرجل عندما يتواجد في العُمق، ولكن هازارد سدد بكل أريحية وفشل كابييرو في التصدي للهدف معلناً تقدم أصحاب الأرض.

طيلة الشوط الأول فشل دي براوين في خلق أي خطورة على الطرف الأيمن الذي بالغ بيب في محاولة الاختراق الفاشلة منه، بعد أن اتجه كانتي بشكل واضح إلى الطرف الأيسر لمساندة ألونسو، مما شل حركة دي براوين تماماً.

لم تظهر خطورة السيتي سوى بتحركات أجويرو وسيلفا بين الخطوط وتبادل الكرة بينهما بشكل سريع، ربما نجح بيب في مسعى واحد من مساعيه بإجبار أطراف فريق تشيلسي على التراجع، ولكن لسوء حظ الأصلح لم يكن حتى توأم آخر شبيه بكانتي مثل الذي يراهما هازارد بجانبه دائماً قادرين على إيقافه في تلك الليلة، هازارد لطالما كان مرعباً في المباريات المهمة، تفوق في كل لقطة على فيرناندينهو وصنع فرصتين للتسجيل لكل من كوستا وفابريجاس.

نجولو كانتي يميل إلى جهة اليسار لمساندة ألونسو في مواجهة دي براوين، المصدر: www.whoscored.com

الهدف الوحيد لمانشستر سيتي جاء بسبب خطأ في التمرير من كورتوا، ربما الخطأ الوحيد في تمريرات حراس المرمى الذي يُفضله بيب جوارديولا لأنه جاء بأقدام المنافس، انطلق سيلفا بالكرة وسددها لكورتوا الذي تصدى لها ولكنها ارتدت لأجويرو في وضع مُخل بالشباك؛ ليواصل أجويرو إحصائياته الرائعة في المباريات الكبيرة أيضًا، بعد أن أحرز هدفه رقم 33 في 49 مباراة لعبها ضد فرق قمة الترتيب.

http://gty.im/665025936

حتى تواجد هازارد على الطرف الأيمن في لقطة الهدف الثاني لم يمنع فيرناندينهو صاحب الأداء المتذبذب منذ عودته من الإيقاف من ارتكاب الأخطاء بعد أن نجح بيدرو هذه المرة في مراوغته ليعرقله ويتسبب في ركلة جزاء تصدى لها كابييرو.

ولكنه لم يمسك بالكرة ليسجل هازارد الهدف الثاني له في هذه المباراة وينتهي الشوط الأول بتقدم لتشيلسي على حساب مانشستر سيتي، كان شوطًا يمكن تلخيصه في أن كلا المدربين قاما بالتحضير للمباراة بشكل ممتاز والسيتي استحوذ سلبياً ولكن تشيلسي لم يكن خطيراً سوى أينما تواجدت الكرة مع هازارد أو أي لاعب آخر يراقبه فيرناندينهو!


الشوط الثاني: كونتي يتحرك وجوارديولا يُشاهد

نجولو كانتي يميل إلى جهة اليسار لمساندة فيرناندينهو في مواجهة إيدين هازارد، المصدر: www.whoscored.com

على عكس ما هو متوقع بادر المتقدم في نتيجة المباراة وهو أنطونيو كونتي برد الفعل فعاد مرة أخرى إلى اللعب بطريقة 4-3-3 بعد الدفع بماتيتش على حساب زوما، بالرغم من أنه قدم شوطا جيدا كانت فيه نسبة تدخلاته لقطع الكرة ناجحة بنسبة 100%.

ولكن ما أقلق كونتي هو تفوق ساني عليه في المواجهات الفردية، كما أن التبديل كان له أكثر من غرض آخر مثل الزج بنجولو كانتي أمام قلبي الدفاع لمواجهة سيلفا وتحركاته بين الخطوط مع ميل الصربي لليسار لمساندة ألونسو دفاعيًا.

إضافة إلى محاولة الاعتماد على المرتدات وقتل المباراة وهو ما لم يفلح فيه تشيلسي لأن بيب كان يتوقع ذلك فبدأ بنفس الطريقة ولم يُخرج أحد ثنائي الوسط فيرناندينهو الذي قدم شوطُا أول سيئًا أو حتى نافاس لإعادة فيرناندينهو كظهير أيمن والعودة إلى 4-1-4-1 مع الدفع برحيم سترلينج أمام ألونسو الذي قدم مباراة دفاعية كبيرة.

ولأن فكرة بيب في الشوط الثاني في الاعتماد على الجهة اليُسرى التي كانت منسية تمامًا في الشوط الأول كما توقع كونتي لم تفلح محاولات بيب كثيرًا، ولم يكن غريبًا أن يكون ساني هو أقل لاعبي مانشستر سيتي لمساً للكرة برصيد 42 مرة.

وأزبيلكويتا وفابريجاس هما الأقل لمساً للكرة في الجهة المقابلة للألماني في وسط فريق تشيلسي برصيد 50 و53 لمسة للكرة على الترتيب، ولكن فابريجاس قام بتأدية الدور الدفاعي على أكمل وجه، نجح في قطع الكرة مرتين في خمس محاولات، شتت الكرة ثلاث مرات، واعترض الكرة مرة.

بيدرو أيضاً بعد العودة إلى 4-3-3 كان له دور كبير في إغلاق الجبهة اليُمنى أمام ساني وسيلفا فنجح في محاولتين أيضاً من خمس محاولات لقطع الكرة، شتت الكرة مرتين واعترضها مرتين كذلك.

الدور الدفاعي الكبير لبيدرو بعد التحول لطريقة 4-3-3، المصدر: www.whoscored.com

كيف كان يصل مانشستر سيتي إلى مرمى تشيلسي في الحصة الثانية؟ في الواقع لم تظهر أي خطورة حقيقية لمانشستر سيتي في الشوط الثاني سوى في الكرات الثابتة تقريبًا.

يكفي أن ستونز ثاني أكثر لاعبي مانشستر سيتي والمباراة في التسديد برصيد 4 تسديدات جميعها من كرات ثابتة وواحدة فقط منها على المرمى، ولم تكن هناك سوى فرصة واحدة من اللعب المفتوح لأجويرو في الدقيقة 91 بعد تمريرة نوليتو الرائعة وتحرك سيرجيو المتمركز على الجهة اليمنى للعمق.

مع العلم بأن نوليتو دخل كبديل في الدقيقة 85 فقط بعد ست دقائق من دخول رحيم سترلينج كبديل لدي براوين في الدقيقة 79 مما يوضح رد الفعل المتأخر جداً من قبل بيب جوارديولا، في المقابل تمكن تشيلسي في الشوط الثاني من صنع فرص أكثر من اللعب المفتوح (2)، الأولى كانت تسديدة بيدرو التي أمسكها كاباييرو والثانية كرة هازارد التي كاد يقتل بها المباراة مبكراً، ولكنه أطاح بها عالياً.

مباراة أنهت كل طموحات مانشستر سيتي في اللحاق بتشيلسي والفوز باللقب كما صرح بيب، فلم يتبقَ لهم سوى صراع المركز الرابع الذي اعتبره جوارديولا بطولة في حد ذاته وفق تصريحاته.

أما بالنسبة لتشيلسي وبالرغم أن كونتي يخشى إصرار توتنهام على ملاحقته للنهاية، ولكن تألق هازارد في مباريات الحسم يُذكرنا بما فعله العام الماضي عندما قرر إهداء اللقب لليستر في العام الماضي ويٌشعرنا أنها مباراة حسم اللقب إكلنيكيًا للبلوز، وربما يكون وجود رانييري في مدرجات ستامفورد بريدج الليلة وكأنه زيارة رد الجميل لهازارد على ما هدفه الغالي ضد توتنهام.

فهل يكون قد كتب نهاية الدوري للموسم الثاني على التوالي ؟ حينها سيكون إيدين هازارد هو « The title winner » وليس « The match winner » كما قال البعض.