نستكمل الحديث في هذا التقرير عن ثلاثة منتخبات أخرى مرشحة لمفاجأة الكبار في هذه النسخة من البطولة الأوروبية. كان الجزء الأول عن منتخبات بولندا والبرتغال وسويسرا. وهنا نتحدث عن كرواتيا ومنتخب ويلز، وكذلك إيطاليا التي يمكن اعتبارها حاليًا كأحد منتخبات الأندردوجز.


كرواتيا: ربطة العُنق أولًا

منتخب كرواتيا مع مدربهم كاتيتش

في اللحظة التي يقتنع فيها الجميع بملائمة 4-2-3-1 للاعبين يغيرها كاتيتش لـ4-4-2 الماسية، ثم يعود لـ4-2-3-1، ثم يغيرها مرة أخرى لـ3-5-2.. أولى نقاط ضعف الكروات هي مدربهم الذي لا يحظى بشعبية كبيرة بين اللاعبين بعد خلافته للرائع نيكو كوفاتش الذي لا يبدو الأول قادرًا على ملء حذائه.

وكأن العبث الدائم بخطة اللعب والتشكيل لم يكن كافيًا، فأضاف له كاتيتش مشكلة مفتعلة مع ديان لوفرين ليدخل البطولة دون أفضل مدافعيه الذي انتهى لتوه من موسم رائع مع الريدز رمم فيه كثيرًا من شروخ الموسم الماضي، قبل أن يقضي على ثاني أفضل مدافعيه سايم فيرسالايكو بمنح شارة القيادة لدرايو سرنا ما يعني بالطبع أن القائد المسن (34 عامًا) سيشارك على حساب الشاب النشيط ذي الـ24 عامًا المرشح للانتقال لكلٍ من السيتي والأتليتي.

ورغم ذلك كله فالمنتخب الكرواتي قد يعد أفضل المنتخبات الستة نظرًا للأسماء التي يضمها، ولكن مشكلته الرئيسية أنه مبالغ في التأنق، فالفريق الذي يلقب بالـ”بليزرز” أو السترات كناية عن الأناقة لا يضم وسطه سوى الرسامين والموهوبين بلا أي غطاء دفاعي شرس، حتى أن كاتيتش أجبر على استبعاد ألين خليلوفيتش نجم البرسا المعار لأنه لا يوفر تنوعًا بدنيًا ولا فنيًا ولاتكتيكيًا على نظرائه، في الواقع ربما يكون كاتيتش هو أول من يمتلك 4 لاعبين بنفس المواصفات تقريبًا في خط واحد؛ كوفاتيتش، بروزوفيتش، راكيتيتش والقائد لوكا، ولعل هذا ما دفعه للجوء لـ4-4-2 المسطحة و4-4-2 الماسية في بعض الفترات بدا فيها وسط البليزرز كمجموعة من ربطات العنق على جذع عارٍ؛ أنيقة لا شك لكنها لن تقيك البرد. مفارقة قد تروق للكثيرين – كون الكروات هم مبتكرو ربطات العنق بالأساس.

الكرواتي المتوتر نجح بالعبور بفريقه ثانيًا بعد المتصدر إيطاليا بحصيلة شملت 6 انتصارات، 3 تعادلات وهزيمة واحدة رغم كل شيء، ليقع في أقوى مجموعة في البطولة رفقة أسبانيا والتشيك اللذان تصدرا مجموعتيهما في التصفيات، بالإضافة لتركيا الذي يخوض أولى لقاءاته أمامها.


ويلز: كيف تُدرب التنين؟

منتخب ويلز مع مدربهم كريس كولمان

كريس كولمان تأرجح هو الآخر ما بين اللعب بخط دفاع رباعي أو آخر ثلاثي، لكنه قدم أفضل أداء له في التصفيات باستخدام الأخير، الطريقة الأكثر مناسبة لقدرات لاعبيه بوجود تشيستر وديفيز في العمق كقلبي دفاع ومن خلفهما ليبرو رائع كآشلي ويليامرز اكتسب خبرته وقدرته المبهرة على التغطية عبر عامين من مجاورة أسوأ مدافعي العالم على الاطلاق؛ الأرجنتيني فريدريكو فيرنانديز.

تلك الطريقة منحت كولمان 6 انتصارات و3 تعادلات وهزيمة وحيدة أمام البوسنة جاءت عن طريق أهم نقطة ضعف للتنانين؛ الكرات الثابتة، والتي ظهر أثرها جليًا في الوديات الأخيرة، الأمر الذي يبدو غريبًا كون أعضاء الفريق بالكامل – باستثناء بيل – أتوا من دوري يثمن الكرات الثابتة دفاعًا وهجومًا ويعتمد على العنصر البدني بشكل واضح كحل لأغلب المشاكل التكتيكية.

مشكلة التنانين هي غياب مهاجم قوي ليكتمل مثلث الهجوم الرائع ببيل ورامزي، حاول كولمان إيجاد الحل عن طريق إشراك بطل البريمييرليج آندي كينج إلى جانب رامزي في الوسط الهجومي ودفع بيل إلى المقدمة كمهاجم صريح، ورغم نجاح تلك الطريقة في خطف نقطة ثمينة أمام بلجيكا متصدر المجموعة، إلا أن جناح الميرينجي المتفجر لم يلمس الكرة سوى 18 مرة فقط طيلة التسعين دقيقة، لذا عاد كينج مرة أخرى لمقاعد الاحتياط ليؤدي نفس دوره مع ليستر هذا العالم كبديل مهم، مانحًا بيل الحرية الكافية ليسجل 7 أهداف ويصنع 2 آخرين من إجمالي 11 هدفًا سجلها التنانين في التصفيات.


إيطاليا: ما بعد الأزمة

منتخب ويلز – جاريث بيل
منتخب إيطاليا مع مدربهم كونتي

عندما ترى إيطاليا تُصنف كـ”أندردوج” فهي نهاية العالم بلا شك، وبقدر أهمية التاريخ لكنه ليس لاعبًا في الأتزوري هذا العام، ولعل أبرز ما يوضح أزمة الطليان هو كون دي روسي الهداف الدولي الأول في الفريق المتوجه لنهائيات اليورو بـ18 هدفًا، فميلان وإنتر تخطيا الأزمة إلى المهزلة الكاملة، وروما لم يكن أبدًا من الممولين الرئيسيين للأزرق، لذا كان الأمل في اليوفي الذي منح إيطاليا عمودًا فقريًا ورأسًا تديره.

الغريب أن الطلاينة بالفعل يمتلكون لاعبًا مميزًا في كل مركز تقريبًا، في أي وقت آخر كانت لتبدو تشكيلتهم جيدة أو لا بأس بها في أقل تقدير، ولكن الأزمة الحقيقية تلك المرة أن الطليان لا يحظون بثقة الطليان، ولا سبيل لاستعادتها إلا بأداء قوي لن يكون سهلًا بعد وقوعهم في مجموعة بلجيكا، السويد وجمهورية أيرلندا.

إيطاليا ستتمكن من دخول اليورو بتشكيلة قوية ودكة احتياط قوية كذلك، يقبع عليها كل من ستيفان الشعراوي، الواعد سيموني زازا، إيدير، إيموبيللي، أنجيلو أوجبونا بعد موسم رائع مع الهامرز وفريدريكو برنارديسكي أحد الأهداف الساخنة في ميركاتو الصيف.