سيصبح كريستيانو رونالدو الخاص بنا، دائمًا ما أشعر أنه أكثر من مجرد ظهير أيسر
هاري ريدناب مُدرب توتنهام السابق مُتحدثًا عن جاريث بيل

بالتأكيد بالغ ريدناب في وصف بيل برونالدو، ولكن طبقًا لتوتنهام قد يكون كذلك، أما التوقع الصائب فكان بأنه أكثر من مجرد ظهير أيسر، رُبما بكثير جدًا. بيل عانى كثيرًا في مسيرته الكروية حتى الآن، ولكنه أيضًا صنع أمجادًا كبيرة يرجع الفضل فيها لرود روديك كشاف نادي ساوثهامبتون الذي أرسل فاكسًا لنادي ساوثهامبتون لكرة القدم بتاريخ 28 سبتمبر/أيلول من عام 1998 بعنوان «اللاعبون المرشحون للانضمام». التقرير كان يضم ثلاثة لاعبين، الأخير ولد صغير يبلغ من العُمر 9 سنوات ويدعي جاريث بيل.


المحطة الأولى: الأب الروحي

رود رودريك أحد كشافي نادي ساوثهامبتون (يمين)، والويلزي جاريث بيل.

قبل شهر من التقرير المُرسل لنادي ساوثهامبتون يوصي بالتعاقد مع جاريث بيل، كان رود روديك في مهمة اعتيادية يفعلها كُل عام مُنذ بداية عمله كأحد كشافي النادي الإنجليزي في عام 1985، كان يُراقب أحد الدورات التي تُقام بمدينة نيوبورت في غرب ويلز، وهنا لاحظ فتى يصول ويجول، دقائق وانتهى المشهد وروديك يوجه الكلام لأبوي جاريث بيل قائلًا: «هل تُحبون أن تأتوا إلى ساوثهامبتون، حسنًا هذا رقم هاتفي».

وبالفعل انضم بيل لساوثهامبتون في إحدى أكاديمياته تحت قيادة الراعي الرسمي للويلزي رود روديك الذي أصبح شغله الشاغل جاريث بيل الذي لعب أول مرة في الفريق الأول عام 2006 في عُمر 16 عامًا و 275 يوما، ليُسجل ثاني أصغر لاعب في تاريخ النادي بعد ثيو والكوت.

الدور الأكبر لرود كان قبل ذلك بعام تقريبًا، حين كان جاريث بعُمر 15 عامًا، وكان النادي يُقرر الباقين والراحلين، وكان الجميع في الأكاديمية لم يتفقوا على قرار يخص بيل! ماكولم إلياس المُدير الرياضي لساوثهامبتون يروي أنه ذهب ليُشاهد مُباراتهم أمام نورويتش ليُقرر بقاء جاريث من عدمه، ورغم عدم معرفة بيل بالوضع فإنه أبهره في تلك المُبارة وأكمل في النادي.

هو شخص واحد، رود روديك الكشاف الذي اكتشفني، هو من آمن أنني أستطيع فعلها
بيل عند تقديمه لاعبًا لريال مدريد.

المحطة الثانية: وقت سوء الطالع، إنها سُنة الحياة

عانى بيل من سوء الطالع في كل شيء في بداية مسيرته مع توتنهام، النادي اللندني الذي أسرع بالتعاقد مع الموهبة الويلزية الذي حصل على أفضل لاعب بدوري الدرجة الثانية في عُمر الـ17. بيل انتقل كظهير أيسر بديل للكاميروني «أسو إيكوتو» الذي لم يسمح لبيل بأي فرصة للظهور، حتى الفرص النادرة التي حصل عليها بيل في أول موسمين واجه فيها سوء طالع غريبا، حيث لعب 24 مُباراة لم يفز بأي منها النادي اللندني! من الطبيعي أن تنتهي تلك الفترة بإصابة في الركبة تحتاج تدخلا جراحيا وتستلزم غياب شهور.

الأمر وصل إلي أن الديلي ميل نشرت خبرا يصف بيل بـ«الفشل»، وأنه سيذهب إلي بيرمنجهام بمبلغ 3 ملايين إسترليني. كل تلك المصائب انتهت في لحظة ما.


المحطة الثالثة: انطلق القطار في وجه الجميع

جاريث بيل بقميص توتنهام الإنجليزي.

بعد 24 مُباراة لم يعرف فيها توتنهام طعم الفوز عندما يُشارك بيل وإصابته بعد ذلك سنحت له الفُرصة حين خرج أسو إيكوتو مُصابًا في عضلات الفخذ في مُباراة توتنهام أمام ويستهام في الثامن والعشرين من ديسمبر/كانون الأول عام 2009، في ذلك الموسم وقبل تلك اللحظة بدأ أسو إيكوتو في الـ 20 جولة من الدوري في حين لم يبدأ بيل أي مُباراة.

إيكوتو غاب شهرين عن الملاعب تألق فيهما بيل بشدة مما أجبر ريدناب على تنفيذ فكرته القديمة بأن يلعب بيل على الجناح الأيسر، وذلك بعدما عاد الكاميروني من الإصابة. النصف الثاني من هذا الموسم كان بمثابة بداية تحرير جاريث بيل الذي سجل 3 أهداف، منها هدفان مُتتاليان في فوزين مُتتاليين على أرسنال وتشيلسي، مما عزز موقف السبيرز في الصعود لدوري الأبطال.


المحطة الرابعة: مايكون يُحرر شهادة ميلاد بيل

موسم 2010/2011 كان بمثابة صرخة وجهها الويلزي للعالم أجمع بأنه بالفعل ليس مجرد ظهير أيسر، وفي ثاني مُباريات الموسم أحرز هدفين، أحدهما أنبأ بموهبة قادمة لكرة القدم، هدف لا يحرزه الكثير من اللاعبين حينما رفع بيل قدمه اليسرى لمستوى رأسه ووضع الكُرة في أقصى مكان في المرمى ليبدأ مسيرة لم يكن يتوقعها له أغلب المتفائلين بعد معاناة البداية.

لكن البداية الحقيقية، والتي عرف جمهور الكرة بيل من خلالها كانت مواجهة إنتر ميلان في الجوزيبي مياتزا في دوري الأبطال بدور المجموعات حين قام بوضع هاتريك تقريبًا بنفس الطريقة، حيث يتخطى البرازيلي «مايكون» ويسدد بقوة في مرمى حامل اللقب، مايكون- الذي اعتبره الكثيرون أفضل ظهير أيمن في ذلك التوقيت- عانى الأمرين في مواجهة بيل، حيث جعله يشعر أنه يحتاج سيارة لإيقافه.

الأمر كان أكثر وضوحًا من ذلك في الوايت هارت لين، فرغم عدم تسجيل بيل أهداف فإنه تفوق على مايكون في كل الثنائيات وصنع هدفين لبيتير كراوتش وبافيلتشينكو، حينها وعندما تتألق أمام بطل أوروبا وتتفوق على ظهير بحجم مايكون يجب أن تتبوأ مكانك بين الكبار.

https://youtu.be/EAcP1gxNQZw

في الموسم التالي زاد تألق جاريث وسجل 10 أهداف في الدوري وصنع 14، أما في الموسم الأخير له في لندن فسجل 21 وصنع 9، وأصبح أفضل لاعب في إنجلترا رسميًا، لم يكن عدد أهداف بيل يزيد بسبب تطوره الفني فقط، بل بسبب الحرية التي وضعها له أندريه فيلاش بواش مدرب توتنهام آنذاك، حين جعله بطل الفريق ومحور اللعب وأعطاه حرية التمركز ومنعه من التقيد بمركز الجناح الأيسر، فبدأت تظهر مهارات بيل بالمرواغة والتسديد بعيد المدى والضربات الحرة المُباشرة، أصبح بيل لاعبا من الطراز العالمي، وهنا ظهر الشخص المُتوقع، فلورينتينو بيريز.


المحطة الخامسة: تائه

جاريث بيل بقميص توتنهام الإنجليزي.
بيل ولد كي يلعب لريال مدريد.

فلورينتينو بيريز للماركا في صيف 2013

بالفعل تحقق ما أراد فلورينتينو وارتدى بيل القميص الأبيض، وهنا بدأت المُشكلة الكُبرى، وهي مقارنته بكريستيانو رونالدو، رونالدو الذي يُصنف أحد أفضل من مارسوا اللعبة في التاريخ يُقارن بشاب ويلزي، بالتأكيد هذا الأمر ليس في مصلحة بيل.

بيل الذي حاول جاهدًا أن يلعب كما يجب، وبالفعل كان موسما أول ناجحا بكل المقاييس، هدف رائع وتاريخي أمام برشلونة في نهائي الكأس وهدف في نهائي دوري الأبطال وأداء رائع طوال الموسم، ولكن رغبته غير المُعلنة في تقمص دور البطولة اصطدمت بواقع مرير، حيث تم تقييده أكثر من جانب أنشيلوتي على الجناح الأيمن عكس ما كان عليه الحال في الموسم الأول في مدريد، وآخر مواسمه في لندن، بيل عانى بشدة في هذا الموسم حتى ظهرت ادعاءات بذهابه لطبيب نفسي ليخرج من أزمته.

عندما أتى بينيتيز أتى بتوجه أن يكون بيل هو بطل مدريد، وبالتالي أعطاه حريته المسلوبة، فظهر بيل بشكل مُميز، حتى أن بيل صرح قائلًا بأنه سعيد بالعودة لمركزه المفضل بدلًا من تقييده على الجناح الأيمن، ولكن سرعان ما أُقيل رافا وأتى زيزو الذي أعاد كرة أنشيلوتي.

على فترات كان يظهر بيل بشكل بطل مدريد، كدوري أبطال 2016 الذي ظهر في كل أوقات الحسم به بشكل رائع، كذلك نهائي الكأس 2014 وقيادته لمدريد للفوز على برشلونة بهدف تاريخي وبعض الفترات في الليجا، القاسم المُشترك في كُل هذا هو غياب كريستيانو، فالحل ليظهر بيل جيدًا أن يتبع طريق الموسم الأول ويرضى بدور الرجل الثاني، أو أن يجد طريقة ليُزيح رونالدو من واجهة الملكي.

بيل لاعب لم يستفد الملكي بـ 50% من إمكانياته الرائعة ولم يشاهد الجميع آخر السنوات الإمكانيات الفنية الرائعة التي يتمتع بها الويلزي، والتي ظهر بها في توتنهام أو في ويلز حين قادهما لإنجاز تاريخي في اليورو، أو في مدريد في غياب كريستيانو وفي أحيان أُخرى بوجوده، بسبب رغبته في الظهور أو إصاباته الكثيرة لذلك يجب على بيل نفسه أن يتحلى بمقدار من الذكاء يُتيح له التكيف مع الظروف لنرى لاعبًا من القلائل الذين يستطيعون الحسم أمام المرمى وقيادة الأندية الكُبرى.