هذا التقرير جزء من مشروع «الحج إلى واشنطن» الذي أنجزه فريق ساسة بوست لتغطية أنشطة لوبيات الشرق الأوسط في الولايات المتحدة بين 2010 و2020. ومعظم المعلومات الواردة في التقرير تستندُ لوثائق من قاعدة بيانات تابعة لوزارة العدل الأمريكية، تتبع لقانون «تسجيل الوكلاء الأجانب (فارا)»، الذي يُلزم جماعات الضغط بالإفصاح عن أنشطتها وأموالها، وكل الوثائق متاحة للتصفح على الإنترنت.

عاش العراق الكثير من الأزمات في العقدين الماضيين فجّرها وعزّزها الغزو الأمريكي للبلاد للإطاحة بصدام حسين بدعوى حيازة العراق أسلحة دمار شامل تبيّن لاحقًا عدم وجودها. وقد عزّز الاحتلال الأمريكي للبلاد سياسة «المحاصصة الطائفية» بطريقة لم تكن حاضرةً من قبل في السياسية العراقية ولا في الشارع العراقي.

وحلّ على العراق الدبلوماسي الأمريكي بول بريمير ليحكم البلاد منذ مايو (أيار) 2003 وحتى يونيو (حزيران) 2004، وفي تلك الفترة بدأ بتنفيذ سياسية «اجتثاث حزب البعث» التي منعت المنتسبين سابقًا لحزب البعث من العمل السياسي وأخرجتهم من مناصبهم في المؤسسات العسكرية والأمنية العراقية، ووضع بريمير حجر الأساس للسياسة الطائفية في العراق.

ومنذ مايو 2005 تولّى منصب رئاسة الوزراء في العراق سياسيّون من حزب الدعوة الإسلامية الشيعي الذي نشطَ في معارضة نظام صدام سياسيًا وبالقوة المسلّحة قبل سقوطه، وتبدأ سلسلة رؤساء الوزراء المنتسبين لحزب الدعوة بإبراهيم الجعفري، وتسلّم من بعده في منتصف 2006 نوري المالكي الذي ظلّ في الحكم حتى سبتمبر (أيلول) 2014، وبعدها تسلّم منه حيدر العبادي حتى خروجه في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2018 ودخول العراق في احتجاجاتٍ واسعة أسقطت عادل عبد المهدي (2018-2019)، أول رئيس وزراء من خارج حزب الدعوة الإسلامية، وتلاهُ مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء الحالي المستقلّ.

في هذا التقرير نستعرضُ أنشطة الأطراف العراقية المختلفة في لوبيّات واشنطن، ونرسم صورةً لأنشطة لوبي الحكومة العراقية، بقيادة المالكي ثم العبادي، والجهود «المشتتة» لقادة السنة العراقيين في واشنطن، وأخيرًا اللوبي الكردي، الأكبر بين لوبيات العراق، ونحاول ربط تحركات هذه اللوبيات مع تطوّر الأحداث في العراق.

ففي عقدٍ واحد (2010 – 2020) تبدّل رئيس وزراء العراق أربع مرات، وشهدَت البلاد خروجَ القوات الأمريكية منها عام 2011، ثم احتجاجات سنّية واسعة استمرت من نهاية 2012 وحتى نهاية 2013 نتيجةً للتهميش المستمر للمكوّن السني، وبعد ذلك شهد الشرق الأوسط صعود تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)» والحرب عليه بمشاركة من أطراف دولية وإقليمية على رأسها الولايات المتحدة، وإيران وتركيا، وشاركت فيها بشكل كبير جماعات كردية مسلحة في العراق وسوريا، وفي سبتمبر 2017 جاء استفتاء إقليم كردستان العراق للانفصال عن الحكومة المركزية في بغداد. فكيف مُثّلت هذه الأحداث العراقية على أجندة أنشطة جماعات الضغط في الولايات المتحدة؟

نوري المالكي يخطب ود واشنطن بعد خروجها من العراق

نشطَ نوري المالكي في العمل السياسي مع حزب الدعوة الإسلامية خلال سنوات حكم صدام حسين، وخرجَ من العراق ليتابع نشاطه السياسي والعسكري بعد أن قرر الحزب حملَ السلاح ضد نظام صدام، فعاشَ في إيران وسوريا، وكان يعرف منذ ذلك الحين وحتى بداية حكمه باسمه الحركي: «جواد المالكي».

ومنذ صعوده للحكم عام 2006، انطلقَ المالكي في مناورات سياسية لإقصاء كل منافسيه المحتملين في الساحة العراقية، من أبناء حزبه وطائفته ومن السياسيين السنة، ولم يكن تسلّمه لرئاسة الوزراء سلسًا في انتخابات 2010، إذ رفض نتيجة الانتخابات بعد أن جاءت قائمته الانتخابية في المركز الثاني وسبقتها قائمة قادها السياسي العراقي إياد علاوي بالتحالف مع أطراف أخرى منهم سياسيّون سنة.

كان الخلاف على تفسير الدستور العراقي وتحديده لمن يحق له أن يشكّل الحكومة من الكتل البرلمانية؛ هل هي القائمة الانتخابية الأكبر التي تفوز بالانتخابات؟ أم الكتلة المتحالفة الأكبر (مُشَكّلة من قوائم) داخل البرلمان بعد انتخابها؟ ولكن المحكمة الدستورية قالت بالتفسير الثاني؛ ما سمح للمالكي بتشكيل الحكومة والسيطرة عليها من جديد ليبدأ دورةً جديدة في رئاسة الوزراء.

في سياق سياسي شديد الاضطراب سنشرحه تاليًا، وظّفت حكومة نوري المالكي في 5 فبراير (شباط) 2013 واحدةً من أكبر شركات الضغط الأمريكية، «مجموعة بوديستا – Podesta Group»، وحتى انتهاء علاقتها بالحكومة العراقية في 31 مايو 2017 تقاضت الشركة 3 ملايين و865 ألف دولار أمريكي، بحسب وثائق وزارة العدل الأمريكية.

ولمجموعة بوديستا أهمية خاصة بسبب علاقتها القوية بالحزب الديمقراطي، وزاد من قوتها في السوق فوز الحزب الديمقراطي بأغلبية بمجلس النواب عام 2006، ثم فوز باراك أوباما، مرشّحًا عن الحزب، في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2008 وبقائه في البيت الأبيض حتى يناير (كانون الثاني) 2017.

يدير الشركة توني بوديستا، وهو أخُ جون بوديستا الذي عملَ في إدارة الرئيس بيل كلينتون (1993-2001) في أكثر من منصب، أهمها مديرًا لموظفي البيت الأبيض منذ نهاية 1998 وحتى خروج كلينتون. ولاحقًا عملَ جون بوديستا مستشارًا لأوباما بين 2014 – 2015، وأخيرًا كان بوديستا مدير الحملة الانتخابية الرئاسية لهيلاري كلينتون عام 2016 التي شهدت تسريب «ويكيليكس» لرسائله الإلكترونية.

وللشركة علاقة قوية أيضًا بجو بايدن، الذي كان في وقت توقيع العقد نائبًا للرئيس أوباما، ولعبَ لسنوات طويلة دورًا مهمًا في السياسة الخارجية حين كان عضوًا بمجلس الشيوخ، وبشكل خاص في شؤون العراق، ومن هنا تتضح أهمية قناة التواصل التي وفّرتها مجموعة بوديستا لحكومة نوري المالكي أولًا، ولاحقًا لحكومة حيدر العبادي.

بدأت عُهدة المالكي الثانية من رحم أزمة سياسية دستورية عام 2010، وكان عام 2011 حافلًا بأحداث عدّة، أهمها اتفاق الحكومتين العراقية والأمريكية على انسحاب القوات الأمريكية من العراق في 18 ديسمبر 2011، ولكن قبلها بشهور، اندلعت احتجاجات واسعة النطاق في سياق الربيع العربي، وكان من مطالبها رحيل حكومة المالكي باعتبارها جاءت نتيجة «الاحتلال الأمريكي» للعراق.

ومن هنا جاء الخلاف الفاصل بين المالكي والسياسي السني طارق الهاشمي، الذي شغلَ آنذاك منصب نائب الرئيس العراقي، ويروي الهاشمي أنّ المالكي قال في اجتماع مغلق إنه ينوي الرد بعنف وبقوة على الاحتجاجات، ولكن الهاشمي، بحسب روايته، رفضَ هذا التوجه وكان المعارض الوحيد له، ويقول إنّ هذا الاجتماع كان خاتمة علاقته بالمالكي.

وفي 19 ديسمبر 2011، بعدَ يومٍ من الموعد المقرر لانسحاب القوات الأمريكية، تحرّك المالكي وأصدرت حكومته مذكرة اعتقال بحقّ الهاشمي بتهمٍ منها «دعم الإرهاب» وتنسيق هجمات «إرهابية» وتمويلها، وهي تُهمٌ ينفيها الهاشمي ويقول إنها بدوافع سياسية بحتة، وحمّل المالكي مسؤولية حماية المحتجّين، وخرج الهاشمي بعدها نحو إقليم كردستان العراق ومنه خرج إلى تركيا، وقدّمت حكومة المالكي طلبًا للإنتربول صدر بعده مذكرة توقيف بحق الهاشمي، ولكنها رُفعت عنه عام 2016 بعد تشكك الإنتربول في مصداقية المعلومات التي قدّمتها حكومة المالكي. وسنأتي لاحقًا على ذكر أنشطة طارق الهاشمي في لوبيات واشنطن.

محاولة المالكي للإطاحة بالهاشمي واعتقاله، والردّ بالقوة على الاحتجاجات فاقم المشهد السياسي العراقي.

في هذا السياق وظّف المالكي مجموعة بوديستا لتحسّن من اتصالاته مع الإدارة الأمريكية ومع الكونجرس بشكل خاص. وتاليًا نستعرضُ موجزًا لأنشطة الشركة لصالح المالكي حتى خروجه من رئاسة الوزراء:

  • وقّع على التعاقد مع مجموعة بوديستا جابر حبيب جابر، السفير العراقي في الولايات المتحدة آنذاك، وقيمة التعاقد السنوية 960 ألف دولار، وإضافة للضغط السياسي وضعت الشركة خطة علاقات عامة لصالح المالكي.
  • تواصلت الشركة مع وسائل إعلام أمريكية ومراكز بحثية، ولكن تركيزها الحقيقي كان على الكونجرس والخارجية الأمريكية.
  • في الكونجرس: ركّزت مجموعة بوديستا على لجان الخارجية والقوات المسلحة، والمخصصات، ونسقت اجتماعات مع أعضاء الكونجرس العاملين في هذه اللجان أو مع موظفيهم.
  • من أعضاء الكونجرس الذين تواصلت معهم الشركة: ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ، وجون بوينر، نائبٌ جمهوري ورئيس مجلس النواب. وتواصلت الشركة مع آدم سميث، زعيم الأقلية الديمقراطية آنذاك في لجنة القوات المسلحة، وزميله دتش ربيرسبيرجر، زعيم الأقلية الديمقراطية في لجنة الاستخبارات.
  • مع الخارجية الأمريكية: ركزّت الشركة على كبار الدبلوماسيين المختصين بالشرق الأوسط، مثل بريت ماكجورك، وكان حينها مساعدًا لوزير الخارجية الأمريكية، إضافة لروبرت ستيفن بيكروفت، سفير واشنطن إلى العراق (سبتمبر 2012 – سبتمبر 2014).
  • ساعدت الشركة في تنسيق زيارة المالكي للولايات المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، وزارَ حينها البيت الأبيض واجتمع بمسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية، وزارَ الكونجرس واجتمع برؤساء اللجان فيه. هدف الزيارة حشدُ وتمويل أمريكي أكبر للحكومة العراقية، وتدريب عسكري وتحسين التعاون الاستخباراتي بين بغداد وواشنطن.
  • روّج المالكي لنفسه في الزيارة ولمحَ إلى إمكانية ترشحه لدورة ثالثة لرئاسة الوزراء، وفي كلمةٍ له في زيارته نفى وجود خلافات طائفية بقوله: «لا مشكلة بين السنة والشيعة في العراق»، وأكّد أنه بحاجة لشيء واحد: الدعم، «لمواجهة الإرهاب».
  • بعد خروج المالكي من رئاسة الوزراء في أغسطس (آب) 2014، تابعت الشركة تقديم خدماتها لحكومة خَلَفه، حيدر العبادي.

وللاطلاع على تفاصيل تحركات نوري المالكي ومجموعة بوديستا لصالح حكومته في واشنطن اضغط (هنا).

من المالكي إلى العبادي.. خلاف على نقل السلطة بين أبناء حزب الدعوة الإسلامية

كان العراق على موعد مع انتخابات برلمانية جديدة عام 2014، شاركَ فيها المالكي بقائمته «دولة القانون» وفازت بأكبر عددٍ من المقاعد، أراد المالكي تولّي رئاسة الوزراء للمرة الثالثة، ولكن المفاوضات بين الكتل والقوائم المختلفة في البرلمان تمخضّت عن تعيين حيدر العبادي، ابن حزب المالكي، حزب الدعوة الإسلامية، ليكون رئيسًا للوزراء بعد توافق معظم القوى السياسية العراقية على تعيينه، وذلك في 11 أغسطس (آب) 2014.

ولكن هذا التوافق على العبادي جاء على خلاف ما أراد المالكي الذي طعنَ في التعيين أمام المحكمة الاتحادية (المحكمة الدستورية في العراق)، وجادل المالكي بأن رئيس الوزراء يجب أن يكون رئيس أكبر قائمة في البرلمان، ولكنه تراجع في 14 أغسطس 2014 أمام التوافق الإقليمي على العبادي، وأكّد أن تراجعه يأتي «حفظًا للدماء وللعملية السياسية».

لم تكن الفترة الأخيرة للمالكي أهدأ من الشهور الأولى لحكومته الثانية، فقد ودّع رئاسة الوزراء والبلاد تشهد احتجاجات مستمرة في المناطق السنية المهمّشة، والخلافات بين حكومة بغداد وإقليم كردستان متصاعدة، ومع خروجه أقبل العراق على أيام طاحنة مع تنظيم «داعش»، فمنذ منتصف 2012 وحتى منتصف 2013 أطلق التنظيم حملةً لتحرير سجناء تنظيم القاعدة والجهاديين من السجون العراقية، وخلال 2013 توسَّعت سيطرة التنظيم على أجزاءٍ من العراق وصولًا إلى منتصف 2014 ليسيطر أيضًا على الموصل، والفلوجة، وتكريت.

وفي تلك اللحظة تدخَّلت إيران تدخلًا مباشرًا في الحرب ضد التنظيم، وطلبت الحكومة العراقية من الولايات المتحدة أن تنفِّذ هجمات جوية ضد «داعش»، وفي 29 يونيو 2014، أعلن التنظيم تأسيس «الخلافة»، وخرجَ المالكي بعدها بشهور من رئاسة الوزراء والحرب على أشدِّها ضد التنظيم.

في هذا السياق تسلّم العبادي رئاسة وزراء العراق، وبدأ رحلته الطويلة والمتشعّبة مع شركات الضغط السياسي الأمريكية، بثلاثة عقود لصالح حكومته. كما ذكرنا سابقًا، قدّمت مجموعة بوديستا منذ فبراير 2013 خدمات الضغط السياسي لصالح حكومة المالكي، وتابعت تقديمها لحكومة حيدر العبادي حتى 31 مايو 2017، وأخذت طوال تلك الفترة 3 ملايين و865 ألف دولار أمريكي.

لوبي حكومة العبادي مع الكونجرس

الهدف الأهم الذي ضغطت لأجله حكومة العبادي في الولايات المتحدة هو الحصولُ على دعم أمريكي أكبر لحكومة العراق، اقتصاديًا وماليًا، وعسكريًا بالتدريب والعتاد، واستخباراتيًا بتوفير معلومات وطلعات جوية بالمسيّرات الأمريكية لجمع معلومات عن تنظيم «داعش» وأنشطته في العراق، بخاصة مع تقدُّم التنظيم وسقوط عدّة مدن عراقية في يده.

ولحشد هذا الدعم اتجّه العبادي بزيارة لواشنطن في أبريل (نيسان) 2015، اجتمع فيها بالرئيس الأمريكي أوباما، ونائبه جو بايدن، ومجموعة من أعضاء الكونجرس، إضافة لرؤساء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لطلب دعم مادي كبير للعراق، لدعم جهوده في الحرب ولإعادة إعمار المدن المدمّرة، ولكنه لم يأخذ من البيت الأبيض إلا 200 مليون لدعم الوضع الإنساني في العراق، وتأتي زيارة العبادي بعد تقدُّم للقوات العراقية ضدّ تنظيم «داعش» واستعادة مدينة تكريت بمساعدة أمريكية في مارس (آذار) 2015، وتمهيدًا للزيارة كثّفت الشركة من اتصالاتها مع الكونجرس في تلك الفترة.

بحثت مجموعة بوديستا لحكومة العبادي عن حلفاء يمكن التعاون معهم داخل الكونجرس، وفي هذا الصدد برزَ في الوثائق اسم السيناتور الجمهوري توم كوتون، الذي كان نائبًا بالكونجرس ثم صار سيناتورًا عام 2015، وهو عضو في لجنة الشؤون الخارجية.

شاركَ كوتون في غزو العراق وفي حرب أفغانستان بين 2005 و2009، وهو مؤيدٌ للتدخل العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط وضدّ إيران، وأيّد قرارات إدارة أوباما بتمديد بقاء القوات الأمريكية في أفغانستان، واعتبرَ أن ظهور تنظيم «داعش» من آثار انسحاب القوات الأمريكية من العراق في 2011.

يبرزُ اسمٌ آخر لنائب جمهوري شاب شاركَ في حروب العراق وأفغانستان؛ آدم كينزينجر، عضو لجنة الخارجية ولجنة الطاقة والتجارة، وهو مع توم كوتون الوحيدان المؤيدان للتدخل العسكري الأمريكي على خلاف بقية زملائهم في الكونجرس ممن شاركوا في الحرب في العراق وأفغانستان، بحسب ما تنقل صحيفة «واشنطن بوست»، وكينزينجر مؤيدٌ لإرسال المزيد من القوات الأمريكية للخارج مع إبقاء الموجودة منها في مكانها، وقد دعا في 12 يونيو 2014 الرئيسَ أوباما ليأمر بتوجيه ضربات جوية وهجمات بطائرات مسيرة ضد تنظيم «داعش» في العراق ودعا لتقديم الدعم العسكري للحكومة العراقية.

من الأسماء التي تكرر تواصل مجموعة بوديستا معها النائب الجمهوري ماك ثورنبيري، رئيس لجنة القوات المسلحة، وقد وصفَ الحرب في العراق سابقًا عام 2007 بأنها «صراع أيديولوجي»، رعى ثورنبيري في هذه الفترة، مايو 2015، تشريعًا في الكونجرس يسمح للحكومة الأمريكية بتقديم دعم وتسليح لجهات محددة في العراق، دونَ تمرير هذه المساعدات من خلال الحكومة العراقية المركزية في بغداد، وهدف هذا التشريع إيصال المساعدات الأمريكية العسكرية والمادية بشكل مباشر لأيدي جماعات سنية وكردية حليفة للولايات المتحدة لتُقاتل تنظيم «داعش» في مناطقها، دون أن تقوم حكومة بغداد بالإشراف على توزيع السلاح وإمداده، وقد اشتكى مسعود بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان سابقًا، من أن الحكومة في بغداد لا توزّع السلاح بشكل كافٍ ولا بالتوقيت المناسب.

عارضَت حكومة العبادي المقترح، وهدّدت تيارات شيعية أخرى، مثل التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر، بأن تستهدف عسكريًا أهدافًا أمريكية في العراق وخارجه إن أقرّ الكونجرس هذا التشريع الذي يُعامل هذه الجهات الكردية والسنية، على أنها مستقلّة عن الحكومة في بغداد.

ولهذا المقترح معارضوه أيضًا داخل الولايات المتحدة، على رأسهم إدارة الرئيس الديمقراطي باراك أوباما، ومعه وزير الدفاع آش كارتر (2015 – 2017)، الذي صرَّح حينها بأن مقترح التسليح المباشر للسنة والأكراد قد يهدِّد وحدة العراق؛ ما سيصعِّب مهمة محاربة «داعش» على المدى البعيد.

وليس هذا الخلاف الأول ولا الأخير بين بغداد وأربيل، فاللوبي الكردي عملَ بجهدٍ حثيث لجذب تأييد أعضاء الكونجرس وموافقتهم لتمويل قوات «البشمركة» الكردية لتقود الحرب ضد تنظيم «داعش» في المناطق الكردية.

لم تكتفِ الشركة بالتواصل مع ماك ثورنبيري وحده واتصلت بالعديد من أعضاء الكونجرس العاملين في لجان القوات المسلحة والمخصصات.

وفيما يلي موجزٌ لأنشطة مجموعة بوديستا لصالح حكومة العبادي:

  • ركّزت الشركة عام 2015 بشكل خاص على لجان القوات المسلحة، والشؤون الخارجية، والمخصصات، وعقدت 27 اجتماعًا في ذلك العام أطراف مختلفة في الكونجرس.
  • اجتمعت الشركة عدة مرات بموظفين يعملون لدى زعماء الكونجرس، الجمهوريين منهم بشكل خاص، وقد اجتمع العبادي ببعضهم بشكل مباشر، منهم: ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ، وكيفين مكارثي، زعيم الجمهوريين بمجلس النواب منذ مطلع 2015، وجون بوينر رئيس مجلس النواب.
  • تابعت الشركة اتصالاتها مع وزارة الخارجية الأمريكية، فاجتمعت ببريت ماكجورج الذي ذكرناه سابقًا، وقد عيّن منذ سبتمبر 2014 وحتى نوفمبر 2015 مبعوثًا أمريكيًا للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش».
  • تواصلت الشركة مع دبلوماسيين آخرين يعملون في العراق، أو في مكتب شؤون الشرق الأدنى بالخارجية، ومع مسؤول في قسم المبيعات العسكرية بوزارة الخارجية.
  • اجتمعت الشركة لمرة واحدة مع مسؤول في البيت الأبيض، هو روبرت ماركوس، مساعد تشريعي للرئيس باراك أوباما، ينسق ماركوس بين البيت الأبيض واللجان الأمنية والعسكرية ولجان الشؤون الخارجية في الكونجرس.

ترامب في البيت الأبيض ولوبي الحكومة العراقية يعيد ترتيب أوراقه

مع نهاية عام 2016، وإعلان فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، استعد اللوبي العراقي للوضع الجديد في واشنطن، وفيما يبدو أنهُ تجهيز لقدوم ترامب، اجتمعت الشركة 28 مرةً مع أعضاء بالكونجرس و10 مرات مع موظفين يعملون لدى الأعضاء، وركّزت مثل السابق بشكل خاص على لجان القوات المسلحة والشؤون الخارجية.

وفي 31 مايو 2017 أنهت الحكومة العراقية علاقتها بالشركة، بالتزامن مع تراجع قوّتها في السوق، بخاصة وأن هيلاري كلينتون، مرشحة الحزب الديمقراطي لرئاسيات 2016 وصديقة مجموعة بوديستا، خسرت في الانتخابات أمام ترامب مرشح الحزب الجمهوري، ومع خروج الديمقراطيين من الرئاسة تراجع نفوذ بوديستا أكثر فأكثر.

ونقل موقع «المونيتور» عن مسؤول عراقي لم يكشف عن هويته إن الحكومة العراقية أنهت تعاقدها مع مجموعة بوديستا لحاجة الحكومة لتقليص نفقاتها من العملات الأجنبية لا غير.

تحرّك لوبي الحكومة العراقية ليوقع تعاقدات جديدة مع شركات ضغط سياسي لا تقلّ أهمية عن مجموعة بوديستا، وبدأ العبادي رحلة اللوبيات في عهد ترامب بتعاقد قصير العمر مع واحدة من أهم شركات الضغط في واشنطن، «براونستين هايت فاربر شريك – Brownstein Hyatt Farber Schreck»، وامتدّ العقد من 23 فبراير وحتى 6 أكتوبر 2017، أخذت فيه الشركة 120 ألف دولار أمريكي، ووقّع على التعاقد فريد مصطفى ياسين، السفير العراقي في الولايات المتحدة.

يعمل في الشركة شخصيات عملت سابقًا في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، منهم ألفرد موتور، ديمقراطي عمل موظفًا سابقًا في مجلس الشيوخ وشارك في حملة هيلاري كلينتون الانتخابية عام 2016، ومعه جيمس نيكولسون، جمهوري كان وزيرًا لشؤون المحاربين القدامى منذ 2005 وحتى 2007 في إدارة جورج بوش الابن، وهكذا استفتح العبادي الشهور الأولى من فترة ترامب بطاقم يمكن أن يصله بالحزبين الأمريكيين.

عملت الشركة في ستة أشهر على ملفين: رفع اسم العراق من قرار الحظر الذي فرضه ترامب في أول أيامه بالبيت الأبيض على مواطني سبع دول أغلبية سكانها مسلمة كان من بينها العراق، والتنسيق لزيارة حيدر العبادي الأولى في عهد الرئيس الأمريكي الجديد ترامب.

وقّع ترامب قرار حظر دخول مواطني الدول السبع، ومن ضمنها العراق، في 27 يناير 2017 ولكن اسم العراق رفع من القائمة لاحقًا في 6 مارس 2017، وقد بدأت الشركة حملة الضغط بمراسلات لوزير الدفاع جيمس ماتيس، ووزير الخارجية آنذاك ريكس تيلرسون، ونسّقت اتصالات مع مكاتبهم، ومن الجدير بالذكر أنّ إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن ألغت هذا الحظر مع تسلّمها للسلطة.

أما زيارة العبادي، فقد جاءت في مارس 2017، واجتمع فيها مع ترامب بالبيت الأبيض، ومع وزير التجارة الأمريكي ويلبور روس، وحضر العبادي اجتماعات مع أعضاء في الكونجرس، وكانت الشركة قد جهّزت لهذه الاجتماعات بالتواصل مسبقًا مع هؤلاء الأعضاء ومع وزارتي الخارجية والتجارة.

وركّزت الشركة في تنسيق الاجتماعات على السيناتورات العاملين في لجنة القوات المسلحة، واجتمع العبادي مع تسعة منهم يوم 22 مارس 2017، ومن بينهم السيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين وهو من أهم مناصري غزو العراق، إضافة للسيناتور الديمقراطي جاك ريد، عضو لجنة الاستخبارات.

وأخيرًا، تواصلت الشركة مع مسؤولين بوزارة الخارجية تواصلت معهم الحكومة العراقية سابقًا، أبرزهم وأهمهم ماكجورج، المبعوث الرئاسي للتحالف الدولي لمحاربة داعش، وهو من أهم دبلوماسيي الخارجية الأمريكية المشتغلين بشؤون الشرق الأوسط، ومؤخرًا عيّنه الرئيس الجديد جو بايدن منسقًا لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي.

ومن الجدير بالذكر، أن شركة «براونستين هايت فاربر شريك» قدّمت مستشار العبادي، نوفل الحسن، لمجموعة من السياسيين الأمريكيين وعرّفت به بصفة نائب مدير مكتب رئيس الوزراء العبادي.

انتهت علاقة الشركة بالحكومة العراقية في 6 أكتوبر 2017، بعدَ شهرين من إعلان حكومة العبادي انتصارها على تنظيم داعش في العراق في 10 يوليو (تموز) 2017، بعد ثلاث سنوات من تولّي العبادي لرئاسة الوزراء.

لشركة «براونستين هايت فاربر شريك» زبائن عرب آخرون، أبرزهم في الوقت الحالي الحكومة المصرية، بدأت تعاقدها مع الشركة بعد أيام من إعلان فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية عام 2020، وللاطلاع على تفاصيل علاقة الشركة بمصر اضغط (هنا).

«مجموعة ليفينجستون».. الشركة الأخيرة لحكومة العبادي

ضمّ لوبي حكومة العبادي شركةً أخيرة لطاقمه، يأتي هذا العقد من خلال وزارة الخارجية العراقية مع «مجموعة ليفينجستون – Livingston Group»، في 1 ديسمبر 2017، وما زالت مستمرةً حتى الآن في خدمة الحكومة العراقية، وتلقّت منذ ذلك الحين 770 ألف دولار، ويأتي هذا التعاقد قبل شهور من الانتخابات البرلمانية في العراق، ووقَّع عليه مجددًا فريد ياسين، السفير العراقي إلى أمريكا.

لمجموعة ليفينجستون مكانتها في سوق اللوبيات ولها زبائن كبار سابقون، فعلاقتها بحسني مبارك ونظامه في مصر تعود لعام 2007، ثم عملت لصالح المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية في العام الأول لثورة يناير في مصر، ويمكن الاطلاع على تفاصيل أنشطتها في خدمة المجلس العسكري من (هنا).

وتاليًا موجز خدمات مجموعة ليفينجستون لصالح حكومة العبادي حتى خروجه من السلطة:

  • نسّقت الشركة عشاءً للسفير العراقي، فريد ياسين، حضرته شخصيات أمريكية منها: جون نيجروبونتي، مدير سابق للمخابرات الوطنية الأمريكية، وكان سفيرًا للولايات المتحدة إلى العراق (2004-2005)، وحضرَ العشاء موريس شوحيت من «المنظمة العالمية لليهود من العراق».
  • نسقت الشركة زيارة لوفد من مسؤولين عراقيين إلى الولايات المتحدة، ضمّ: كاظم الحسني، مستشار اقتصادي في مكتب العبادي، وسليم شلبي، وزيد العطار، ووصفتهما وثائق الشركة بأنهما من وحدة الإصلاح الاقتصادي في مكتب العبادي.
  • نسقت الشركة عدّة اجتماعات للسفير فريد ياسين مع نواب وشيوخ في الكونجرس، معظمهم من لجان الخارجية، وتواصلت الشركة بنفسها مع الأعضاء ومكاتبهم.

ولكن جاءت الانتخابات البرلمانية في 12 مايو 2018، الذي تنافسَ فيها العبادي بشكل مباشر مع سابقه نوري المالكي، كلٌّ منهما بقائمةٍ منفصلة، وانتهت بتصدّر قائمة مقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي والسياسي العراقي، ونالت 54 مقعدًا من أصل 239 في البرلمان، يليها ائتلاف الفتح، المقرَّب من قوات الحشد الشعبي وفقًا لـ«بي بي سي»، وثالثًا ائتلاف النصر الذي حصل على 42 مقعدًا بقيادة العبَّادي، وأما تحالف المالكي، فقد جاء في المرتبة الخامسة، وفاز بـ25 مقعدًا فقط.

وبعد مفاوضاتٍ طويلة وشاقة استمرت قرابة خمسة أشهر، توافقت القوى السياسية على تعيين السياسي الشيعي عادل عبد المهدي رئيسًا للوزراء في 25 أكتوبر 2018، وبذلك كان العبادي، وخصمهُ المالكي، جميعًا خارج السلطة التنفيذية في العراق، مع احتفاظهما بقوائمهما في مجلس النواب.

وبعدَ ذلك استمرت الشركة في تقديم خدماتها لحكومة عادل عبد المهدي ثم لحكومة خلفه مصطفى الكاظمي حتى اليوم.

بعد أيام من تسلم عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء في العراق، وظّفت السفارة العراقية في واشنطن بتاريخ 30 أكتوبر 2018 شركة هولي ستراتيجيز – Holy Strategies للضغط السياسي، لتضغط على الكونجرس ووزارة الخارجية، وما زال هذا التعاقد قائمًا حتى اليوم ودفعت فيه الحكومة العراقية 126 ألف دولار أمريكي حتى الآن.

ماذا فعل سنة العراق خلال العقد الماضي؟

اشتكى سنة العراق خلال العقد الماضي (2010 – 2020) من تهميش دورهم السياسي في العراق، وشهدت المدن ذات الأغلبية السنية دمارًا شبه شامل نتيجة الحرب على تنظيم «داعش» ومعاركها الطاحنة. في هذا الجزء من التقرير نتناول بالتفصيل نشاطات سنة العراق خلال هذا العقد في لوبيات واشنطن.

طارق الهاشمي.. قضايا السنة في لوبيات واشنطن

طارق الهاشمي هو سياسي عراقي سنّي، شغل منصب نائب رئيس العراق منذ 2006 وحتى سبتمبر 2012، خرجَ الهاشمي من العراق إلى تركيا في 2011 بعد خلافه مع نوري المالكي، رئيس الوزراء آنذاك الذي أراد الردّ بالقوة على احتجاجات العراق في العام الأول للربيع العربي.

لكنّ الهاشمي اتجه إلى لوبيات واشنطن قبل هذه الأزمة. شاركَ الهاشمي في الانتخابات البرلمانية عام 2010 بقائمة انتخابية، «قائمة التجديد»، وباسمها وقّع الهاشمي تعاقد ضغط سياسي مع مارك الصالح، رجل أعمال ومستشار سياسي عراقي أمريكي من أهم مَن عملوا في مجال الضغط السياسي لصالح السياسيين السنة وشيوخ القبائل السنية في العراق.

وظّفت قائمة التجديد مارك الصالح في 9 فبراير (شباط) 2010، قبل شهر من الانتخابات التي أشعلت نتائجها خلافًا سياسيًا ودستوريًا ذكرناه سابقًا، باعتراض المالكي على نتائج المفاوضات بين القوائم المختلفة التي كادت تخرجه من رئاسة الوزراء.

وتاليًا موجز الخدمات التي قدّمها مارك الصالح لطارق الهاشمي:

  • وفّر الصالح اتصالات مهمة للهاشمي: مع جون كيري بصفته سيناتورًا ديمقراطيًا ورئيسًا للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، قبل أن يصبح وزيرًا للخارجية الأمريكية.
  • تواصلَ الصالح مع مسؤولين في الإدارة الأمريكية، فمثلًا اجتمع بمكتب كولين كاهل، مستشار الأمن القومي لجو بايدن عندما كان نائبًا للرئيس الأمريكي أوباما، وهو من دعاة تحالف أمريكي قوي مع الأكراد.
  • في عامي 2011 و2012، اجتمع الصالح نيابةً عن الهاشمي مع أعضاء كونجرس يعملون في لجان الخارجية والقوات المسلحة، ومع أعضاء من فريق نائب الرئيس بايدن، لمناقشتهم بـ«تهميش السنة» على يد حكومة المالكي وتجاوزاتها للدستور العراقي.
  • في 2013 تواصلَ الصالح مع أعضاء في الكونجرس، ومع الخارجية الأمريكية ومراكز بحثية، للضغط ضد محاكمة الهاشمي في العراق وللردّ على اتهامات المالكي للهاشمي.
  • لصالح الهاشمي، وظّف مارك الصالح في 20 أبريل 2012 شركة «سانتياس إنترناشونال – Sanitas International» لتروّج إعلاميًا للهاشمي، ولم تكشف وثائق الشركة عن تلقّيها لمدفوعات ولا عن قيامها بأي أنشطة، ولكن التعاقد نصَّ على أن تأخذ الشركة 54 ألف دولار أمريكي، وانتهت العلاقة في يناير 2013.
  • امتدّت علاقة الهاشمي بمارك الصالح منذ فبراير 2010 وحتى 15 فبراير 2013، دفع فيها الهاشمي للصالح مقابل خدماته قرابة 260 ألف دولار أمريكي، بحسب وثائق وزارة العدل الأمريكية.
  • أشرفَ مارك الصالح على عقدٍ أخير للهاشمي مع شركة «كاسيدي آند أسوشيتس – Cassidy & Associates»، بدأ في 30 يوليو 2013 وانتهى العقد بعدها بستة شهور في نهاية 2013، ودفع فيها الهاشمي، عبر حزبه السياسي حزب التجديد، مبلغ 31 ألفًا و440 دولارًا أمريكيًا.
  • قدّمت الشركة خدمات إعلامية، مثل نشر مقالات رأي في صحف أمريكية، وتذكر وثائقها وجود «تواصل محدود» مع سياسيين أمريكيين.
  • عملَ للهاشمي في الشركة جريج هارتلي، الذي كان سابقًا كبيرًا لموظفي النائب روي بلانت، زعيم الأكثرية الجمهورية في مجلس النوّاب سابقًا.

أيّد الهاشمي احتجاجات السنة في العراق في مراحل مختلفة، ورفض اتهام سنّة العراق بالتعاون مع التنظيمات الجهادية مثل تنظيم «القاعدة» أو «داعش»، وقال في تصريحاته: إن تظاهرات السنة تأتي ردًا على «القمع والتمييز والظلم والفساد» ضدهم «على مدى 11 عامًا»، والهاشمي معارض للنفوذ الإيراني في العراق والفصائل المسلحة الموالية لطهران، وصرّح سابقًا: بأن «قاسم سليماني كان الحاكم الفعلي للعراق»، هذه المواقف كان لها ثمنها على الهاشمي، فما زال يعيش حتى اليوم خارج العراق منذ خلافه مع المالكي وملاحقة الأخير له بتهم يقول الهاشمي إنها بدوافع سياسية بحتة، وقد صرح في يونيو 2020 بأنه مستعدٌ للعودة إلى العراق للتقاضي في التهم الموجهة إليه بشرط «التقاضي العادل ووفقًا للدستور».

للاطلاع على أنشطة طارق الهاشمي في لوبيات بشكل شامل ومفصّل، اضغط (هنا).

جمال الضاري: سنّة العراق ضدّ «داعش» وطهران

جمال الضاري سياسي وشيخ قبيلة زوبع السنية في العراق، وأسّس الضاري «المشروع الوطني العراقي المعارض» وترأس لجنته المركزية. تحمل تحركات الضاري في اللوبيات رسائل واضحة ومباشرة: الولايات المتحدة مسؤولة عن تدهور الأوضاع السياسية في العراق، ومعها إيران التي تستغل العراق لتوسيع نفوذها في المنطقة، ومثل غيره من شيوخ السنة، عارضَ الضاري نوري المالكي وسياسات حكومته وندّد بالسكوت الأمريكي عنه، وبإيجاز هذه هي الرؤية والرسالة التي يروّج لها الضاري في واشنطن.

نشرَ الضاري في منتصف 2016 مقالًا في صحيفة «واشنطن بوست» يؤكّد فيه أن العراقيين السنة في مدينة الفلوجة ضدّ تنظيم داعش، ولكنهم أيضًا ضد «الميليشيات المدعومة من طهران»، ونشرَ مقالًا آخر في صحيفة «نيويورك تايمز» بعنوان: «سلِّحوا السنة للحفاظ على الموصل»، ثم في خاتمة 2016، نشرَ الضاري مقالًا دعا فيه إدارة الرئيس الجديد آنذاك دونالد ترامب لاتخاذ سياسة جديدة في العراق مختلفة عن سياسة أوباما ونائبه جو بايدن.

وتاليًا نعرض موجز أنشطة الضاري في اللوبيات خلال العقد الماضي:

  • أول عقد لجمال الضاري في 20 نوفمبر 2015، مع شركة «سانيتاس إنترناشونال – Sanitas International» لتقدم خدمات ضغط سياسي وترويجًا إعلاميًا للضاري، وانتهت علاقته بها في 30 أبريل 2016، دون أن تفصح الشركة عن أي مدفوعات على خلاف المعتاد في قانون «فارا».
  • نسّقت شركة سانيتاس إنترناشونال اتصالات الضاري مع وسائل إعلامية أمريكية كبرى مثل صحيفة «واشنطن بوست»، وصحيفة «نيويورك تايمز»، و«وول ستريت جورنال»، ووكالات أنباء دولية مثل «رويترز» و«أسوشيتد برس»، وَ«فرانس برس»، وجهات أخرى.
  • اجتمعت الشركة لمرة مع مكتب السيناتور الجمهوري مايك راوندز، عضو لجنة القوات المسلحة.
  • ضمّ الضاري لطاقمه في واشنطن شركةً جديدة، بتوظيفه لـ«مجموعة واشنطن إستراتيجي – Washington Strategy Group» في 1 أغسطس 2016، لتقدم خدمات ضغط سياسي له، وانتهت علاقتها به في 29 أبريل 2020 وأخذت طوال هذه الفترة 388 ألف دولار أمريكي بحسب وثائق وزارة العدل الأمريكية.
  • ويعمل للضاري ويرأس الشركة واحد من قادة اللوبي المناصر لإسرائيل في أمريكا، جويل روبين، المدير التنفيذي للمؤتمر اليهودي الأمريكي، وتصفه منظمته بأنه ناشط يهودي من عائلة «وفيةٍ لإسرائيل»، وقد عمل سابقًا نائبًا لمساعد وزير الخارجية للشؤون التشريعية.
  • لعلّ مجموعة واشنطن إستراتيجي أهم جهة عملت لصالح الضاري في واشنطن، إذ نسّقت لزيارته للولايات المتحدة عام 2017، واجتمعت لصالحه مع مجموعة من النواب الجمهوريين، من بينهم إيد رويس، رئيس لجنة العلاقات الخارجية، وكانت هذه الاجتماعات للتمهيد لزيارة الضاري، ومثلها اجتماعات مع مسؤولين بوزارة الخارجية، منهم جوي بينينجتون، نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون العراق، وقنصل عام سابق في أربيل (2013 – 2015)، وللضاري تواصل مستمرٌ معه.
  • في الربع الأخير من عام 2017 تواصلت الشركة مع أعضاء كونجرس مهمّين مثل النائب إليوت أنجل، من كبار الديمقراطيين في لجنة الشؤون الخارجية، ومع السيناتور الشهير بيرني ساندرز المرشح السابق للرئاسة في 2016 و2020، واجتمعت الشركة مع عدة أعضاء آخرين.
  • نسقت الشركة زيارات أخرى للضاري إلى واشنطن، واحدة في أبريل 2018 والأخرى في ديسمبر (كانون الأول) 2019.
  • ثالث عقود الضاري مع شركة «نيلسون مولينز ريلي سكاربوروج – Nelson Mullins Riley & Scarborough»، في 15 فبراير 2017، ولم نستطع التوثّق إذا ما كانت العلاقة مستمرةً حتى الآن، وأخذَ الصالح من الضاري 290 ألف دولار أمريكي مقابل خدمات سياسية، من بينها تنسيق الصالح لزيارة الضاري إلى واشنطن في أبريل 2017، ولم يصرّح الصالح عن تفاصيل أنشطته إلا أنه ذكر اجتماعات مع مسؤولين بوزارة الخارجية، ومع ما سماه «الدوائر الدبلوماسية» في واشنطن.

وللاطلاع على أنشطة جمال الضاري في لوبيات واشنطن بشكل شامل ومفصّل، اضغط (هنا).

زعماء وشيوخ السنة يدقّون أبواب واشنطن.. ولكن فرادى

تكشفُ وثائق وزارة العدل عن انقسام واضح وتشتت في جهود السياسيين السنة العراقيين، على الرغم من أن كثيرين منهم يضغطون في واشنطن لتسليح السنة ولتتحرك الولايات المتحدة بقوة أكبر للحدّ من نفوذ الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في العراق.

أول هذه العقود للسياسي العراقي صالح المطلك، نائب سابق لرئيس الوزراء العراقي، وظّف المطلك شركة «باتين ويليام سامويل – Patten, William Samuel» في 6 يناير 2014، ويأتي التعاقد للترويج لحملته في الانتخابات البرلمانية عام 2014، ولهذه الغاية تواصلت الشركة مع وسائل إعلام أمريكية عديدة، منها «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز»، ونشرت لصالح المطلك مقال رأي على صحيفة «فورين بوليسي»، ولم نستطع التوثُّق من تاريخ انتهاء التعاقد، وأخذت الشركة عن هذا التعاقد 80 ألف دولار أمريكي، بحسب وثائق وزارة العدل الأمريكية.

وبين أيدينا عقدٌ للشيخ علي حاتم السليمان، سياسي سنيّ وشيخ عشائر الدليم في العراق، وظّف السليمان شركة «كاليكس بارتنرز – Calex Partners» في 17 سبتمبر 2014، لتعمل على إقناع الإدارة الأمريكية بتأسيس منطقة شبه حكم ذاتي للقبائل السنية في العراق، ولكن الشركة لم تنفذ أيًا من هذه الخدمات إذ لم يتم التوصل لاتفاق نهائي مع السليمان، بحسب ما قالت الشركة في وثائقها.

صورة من تعاقد علي حاتم السليمان مع شركة «كاليكس بارتنرز».
/ موقع وزارة العدل الأمريكية

وجهٌ جديد لقبيلة الدليم أطلّ في واشنطن في 23 يناير 2015، هذه المرة بتعاقدٍ للشيخ عبد الرزاق حاتم السليمان، أخُ الشيخ علي السليمان. هدف العقد مع شركة «جرين هيل جروب – Greenhill Group» التواصل مع دبلوماسيين أمريكيين وشركات استثمارية لجذب استثمارات لمحافظة الأنبار، والضغط للوصول لدعم أمريكي لمقترح منطقة حكم شبه ذاتي للعشائر السنية في العراق.

قدّمت الشركة خدمات عالية المستوى للسليمان، ونسقت له زيارةً للولايات المتحدة في 16 – 23 مايو 2015 اجتمع فيها بعدة أعضاء بالكونجرس، ومن اللافت للنظر مسار رحلة الشيخ العراقي في واشنطن: زيارة لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أحد المراكز البحثية اليمينية، يليها لقاءٌ مع صحيفة «وول ستريت جورنال»، ثم زيارةٌ للكونجرس لاجتماع مع مجموعة من الأعضاء، ثم زيارةٌ أخرى للاجتماع بأعضاء آخرين، تليها زيارةٌ للسفارة البحرينية ثم عشاءٌ مع أعضاء كونجرس، وتستمر الأنشطة بزيارة للسفارة القطرية في الولايات المتحدة، ثم تنتهي رحلة الأمير.

ومن الأعضاء الذين اجتمع بهم، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، الجمهوري إد رويس، وأعضاء آخرون في اللجنة، وفي لجنة القوات المسلحة، منهم آدم كينزينجر. ولاحقًا اجتمع الشيخُ بوفد من الكونجرس كان في زيارة للأردن، وحضرَ موظفٌ من الشركة إلى الأردن فقط لحضور العشاء مع أعضاء الكونجرس. ومجموعُ قيمة هذه الخدمات يزيد على 42 ألف دولار، ولم نستطع التوثق إذا ما دفعها الشيخ العراقي للشركة أم لا.

أمّا عائلة النجيفي، فأول عقودها باسم السياسي العراقي أثيل النجيفي، وهو أخُ أسامة النجيفي الذي شغلَ منصب رئيس مجلس النواب العراقي من 2010 وحتى منتصف 2014، ثم نائب الرئيس العراقي حتى أكتوبر 2018.

عملَ أثيل النجيفي محافظًا لمحافظة نينوى العراقية، واستأجر في 16 سبتمبر 2014 شركة «تشارت ويل للاستشارات – Chartwell Consultancy» ولكن لا تفاصيل عن العلاقة في وثائق الشركة، ويشرحُ التعاقد أنّها ستتواصل مع مسؤولين أمريكيين لمناقشة تحرير ولاية نينوى من تنظيم «داعش»، ولإنشاء مجموعة مسلحة متعددة الأديان من أهالي نينوى، ويذكرُ العقد أن الشركة ستتواصل مع البنتاجون والخارجية الأمريكية، ومجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، وستنسّق زيارة للنجيفي إلى واشنطن ليضغط للحصول على دعم أمريكي لإنشاء قوات مسلحة في الموصل تحارب تنظيم «داعش»، بدلًا عن الاكتفاء بتمويل وتسليح حكومة بغداد ذات الأغلبية الشيعية.

ولكن هذا ليس التعاقد الأخير لآل النجيفي، ففي 14 يناير 2016 أطلّ أثيل النجيفي من جديد بعقدٍ باسم «قواته المسلحة» المسمّاه «قوات الحشد الوطني»، مع شركة «روبرت كي كيلي – Law Offices of Robert K. Kelley»، وللعقد أهدافٌ عديدة، أوّلها متابعة التقديم على تأشيرة دخول للولايات المتحدة لأثيل النجيفي، زعيم المجموعة المسلّحة.

والهدف الثاني

كان الترويج لأثيل النجفي وقواته لتحصيل دعم أمريكي أكبر، ولهذه الغاية دعت الشركة صحافيين أمريكيين لزيارة معكسر المجموعة في نينوى، وراسلت النائبين الجمهوريين، ديفين نونز، رئيس لجنة الاستخبارات، وماك ثورنبيري، رئيس لجنة القوات المسلحة آنذاك، وراسلت السيناتور الجمهوري البارز جون ماكين بصفته رئيسًا للجنة القوات المسلحة في ذلك الوقت، وراسلت أيضًا وزير الدفاع الأمريكي آش كارتر، وجون كيري وزير الخارجية، هذه المراسلات للتعريف بالزبون العراقي، أثيل النجفي، ولمناقشة دور قواته في الحرب على «داعش».

انتهى هذا التعاقد بتاريخ 15 يونيو 2016 وأخذت فيه الشركة 90 ألف دولار أمريكي.

في 21 أغسطس 2017 وقّع أسامة النجيفي عقدًا باسمه، وبصفته رئيسًا لمجلس النواب العراقي، مع شركة «أندريا آند أسوشيتس – Andrea & Associates»، وانتهت العلاقة في 1 ديسمبر 2017 لتأخذ الشركة 56 ألف دولار أمريكي، مقابل خدمات ضغط سياسي واتصالات مع شخصيات رفيعة المستوى، وهو العقد الوحيد لآل النجيفي الذي يحوي ضغطًا سياسيًا حقيقيًا.

هدف التعاقد تنسيق زيارة أسامة النجيفي لواشنطن، ليجتمع بمسؤولين في البيت الأبيض، لم تذكر الوثائق أسماءهم، ومع دبلوماسيين كبار منهم جون سوليفان، نائب وزير الخارجية الأمريكية في تلك الفترة، وجيمس جيفري، المبعوث الأمريكي لمحاربة داعش ولشؤون سوريا، وهو دبلوماسي كبير بالخارجية الأمريكية عملَ سابقًا سفيرًا إلى العراق وإلى تركيا.

وشملت الزيارة اجتماعات في الكونجرس، مع شخصيات منها السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام، عضو لجان القوات المسلحة والقضائية والمخصصات، والسيناتور الجمهوري بوب كروكر، عضو لجنة الخارجية، والسيناتوران الديمقراطيان، بين كاردين من لجنة الخارجية، وجاك ريد، من لجنة الاستخبارات والقوات المسلحة والمخصصات.

وتواصلت الشركة لصالح النجيفي مع وسائل إعلام مثل صحيفة «واشنطن بوست» ووكالة «رويترز» للانباء، إضافة لقناة الجزيرة وقناة الحرة، وأخيرًا تواصلت الشركة مع «المجلس الأطلسي» للأبحاث.

وتكشف وثائق وزارة العدل عن عقد لمضر شوكت، عضو سابق بالبرلمان العراقي وعضو سابق أيضًا في المعارضة العراقية لنظام صدام حسين، تعاقده مع شركة «باري آند روماني أسوشيتس – Parry & Romani Associates» في 17 مارس 2015، أسس مضر شوكت جبهة باسم «جبهة الإنقاذ الوطني» وهي ائتلاف سني سياسي لمحاربة «داعش»، وعلى الرغم من أن شوكت يسعى لتوسيع دور سنة العراق في الحرب على «داعش» مثل عدة سياسيين سنة آخرين، فإنهم يتجهون فُرادى للضغط على واشنطن لتحقيق هذا الهدف.

روّجت الشركة لشخص شوكت ورؤيته ودوره في الحرب على تنظيم «داعش»، واقتصرت خدماتها على التواصل مع قناة «فوكس نيوز» ليظهرَ عليها شوكت، وبحثت في فرص مشاركته في جلسة استماع بالكونجرس ولكن لم تنجح الخطوة، وانتهت علاقة الشركة به في 5 مايو 2016، لتأخذ من شوكت قرابة 78 ألف دولار أمريكي.

ومن بين شيوخ السنة في العراق، يظهرُ اسم الشيخ خميس الخنجر في وثائق وزارة العدل، التعاقد الأول للخنجر باسم حزبه: «المشروع العربي في العراق»، بتاريخ 30 مايو 2019، مع شركة «موريس جلوبال إستراتيجيز – Morris Global Strategies» للضغط السياسي، ويدير الشركة ويعمل فيها دارين موريس، جمهوريٌّ عملَ في فريق حملة ترامب لرئاسيات عام 2016 و2020، وينصُّ العقد على أن تقدم الشركة خدمات ضغط سياسي وتواصل لصالح الخنجر مع الحكومة الأمريكية، ولكن وثائق الشركة لم تحدث منذ نهاية 2019 ولم تذكر أي تفاصيل أو مدفوعات عن هذا التعاقد ولا عن تاريخ انتهائه.

أمّا العقد الثاني، للخنجر فوُقِّع مع شركة «بيلسبري وينثروب شاو بيتمان – Pillsbury Winthrop Shaw Pittman» بتاريخ 3 يونيو 2019، لتقدم الشركة خدمات ضغط سياسي وخدمات قانونية، وينصُّ العقد على أن تدفع شركةٌ باسم «شركة الرضوان» كلفة هذا التعاقد التي بلغت 421 ألف دولار أمريكي، بحسب وثائق وزارة العدل الأمريكية.

تواصلت الشركة لصالح الخنجر مع مسؤولين كبار في وزارة الخزانة الأمريكية، واجتمعت أكثر من مرة بمسؤولين يعملون في مكتب «تمويل الإرهاب والجرائم المالية»، ومع مستشار قانوني رفيع المستوى في الوزارة. وتواصلت الشركة أيضًا مع مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية، منهم مايكل جيليس، قانوني في الوزارة عملَ مستشارًا لشؤون العراق والشام، وتواصلت الشركة مع عدة مسؤولين يعملون في مكتب العراق في وزارة الخارجية.

ومنذ أغسطس 2019 وحتى انتهاء العلاقة في 6 ديسمبر 2019، كثّفت الشركة من اتصالاتها بالكونجرس، فاجتمعت مع مكاتب العديد من الأعضاء، من أهمهم كيفين مكارثي، زعيم الأغلبية الجمهورية في الكونجرس، ومنهم إليوت أنجل، نائب ديمقراطي ترأس لجنة الشؤون الخارجية، وتواصلت الشركة أيضًا مع ماك ثورنبيري، النائب الجمهوري الذي تحدثنا عنه سابقًا وكان حينها زعيمًا للأقلية الجمهورية في لجنة القوات المسلحة.

يتوافق تاريخ انتهاء التعاقد، 6 ديسمبر 2019، مع تاريخ إدراج الولايات المتحدة لاسم خميس الخنجر على لائحة العقوبات الأمريكية بتُهم «فساد ورشوة» ونقلت وزارة الخزانة الأمريكية على لسان «مسؤول عراقي سابق» لم تسمه أنّ الخنجر «خَطَّط لاستخدام ماله للتأثير على سياسيين عراقيين»، وينفي الخنجر هذه التهم ويقول إنّها خطوة «سياسية مائة بالمائة» من الولايات المتحدة مدفوعةٌ بضغطٍ من السعودية، بحسب ما قاله الخنجر في لقاءٍ صحافي له مع الصحافي البريطاني ديفيد هيرست، رئيس تحرير موقع «ميدل إيست آي».

يقول الخنجر في اللقاء الصحافي، إن السعودية ضغطت ضده لوضعه على لائحة عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية لأنه لم يستجب لمطالب الرياض بعدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية العراقية عام 2018، لأن السعودية رغبت ببقاء حيدر العبادي في رئاسة الوزراء وهو ما لم يحصل. عارضَ الخنجر حكومة نوري المالكي وتعاملها الأمني مع المناطق السنية وحملاتها المستمرة على قادة السنة في العراق، وقالَ إن الأزمة الطائفية في البلاد بحاجة لحلّ سياسي لا عسكري أو أمنيّ، وقال إن وصول نوري المالكي لمنصب رئيس الوزراء كان نتيجة توافق إيراني مع الولايات المتحدة التي لم تفِ بوعودها للمكوّن السني في العراق.

وبعد وضع اسم الخنجر على لائحة العقوبات لم تسجّل له في وثائق وزارة العدل الأمريكية عقودٌ جديدة.

الوجه السني الأخير في هذا الملف هو أحمد الكريم، رئيس مجلس محافظة صلاح الدين العراقية. ولأحمد الكريم تعاقدان، أوّلهما مع شركة «سكواير باتون بوجز – Squire Patton Boggs». وقد بدأ هذا التعاقد في 30 أبريل 2016، باسم مجلس محافظة صلاح الدين الذي يرأسه أحمد الكريم وهو من وقّع على العقد، واستمرت العلاقة حتى 1 مايو 2018 إلا أنّ الشركة لم تتابع تقديم خدماتها بعد عام 2017، وخلال هذا التعاقد أخذت 155 ألف دولار أمريكي من مجلس محافظة صلاح الدين.

وفّرت الشركة اتصالات ممتازة لأحمد الكريم مع وزارة الخارجية الأمريكية، وتواصلت بشكلٍ مستمر مع بريت ماكجورك، بصفته آنذاك مبعوثًا أمريكيًا للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش»، ومن الجدير بالذكر هنا أن لوبيات الأطراف المختلفة في العراق سَعَت للتواصل مع ماكجورك وهو شخصيةٌ مفتاحية في الدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط وفي العراق تحديدًا.

واجتمعت الشركة بمسؤولين آخرين كبار، منهم جوزيف بينينجتون، نائب مساعد وزير الخارجية للعراق، واجتمعت بموظفين آخرين يعملون في مكتب العراق، في الشؤون السياسية والعسكرية، وفي الكونجرس عقدت الشركة 14 اجتماعًا مع أعضاء أو مع مكاتبهم، معظمهم يعملون في لجان الخارجية والقوات المسلحة.

والعقد الأخير بين أيدينا لسنّة العراق مع شركة «عراق أديفيزوري جروب – Iraq Advisory Group»، باسم محافظة صلاح الدين العراقية، والعقد تحديدًا لخدمة أحمد الكريم، رئيس مجلس المحافظة، بدأت الشركة بالعمل في 8 فبراير 2019 وانتهت علاقتها بأحمد الكريم في 20 أكتوبر 2019، وأخذت 60 ألف دولار خلال هذه المدّة، مدير الشركة نورمان ريكليفس، أمريكي أسترالي له منشورات عن العراق، وتعمل معه في الشركة تيريزا تاياه، مستشارة سابقًا في الخارجية الأمريكية، وعملت في السفارة الأمريكية ببغداد وفي مجال «مكافحة الإرهاب» في وزارة العدل الأمريكية منذ هجمات سبتمبر.

هدف التعاقد الوحيد تنسيق زيارة الكريم لواشنطن في 4 – 9 فبراير 2019. أولًا وزّعت الشركة ورقة تعريفية بأحمد الكريم وبقبيلته، ووضعت له نقاطًا ليتحدث عنها مع المسؤولين الأمريكيين الذين يجتمع بهم، وهي باختصار: نحنُ معًا ضد إيران في العراق، وضد الميليشيات الشيعية الممولة من طهران، وضدّ الحرس الثوري الإيراني، مع المطالبة بدعم أمريكي دبلوماسي وأمني لقوات شرطة محافظة صلاح الدين.

نسّقت الشركة اجتماعات للكريم مع مسؤولين بوزارة الخارجية، من أهمهم جيمس جيفري، المبعوث الأمريكي آنذاك للتحالف الدولي لمحاربة «داعش»، ومسؤولون آخرون يعملون على العراق، واجتمعَ الكريم فقط بعضو كونجرس واحد، النائب الجمهوري لويس جومهيرت، عضو بلجنتي القضائية والموارد الطبيعية، واجتمع بموظفين منهم إريك تراجر، موظف في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ يعمل للسيناتور الجمهوري جيم إنهوف، رئيس اللجنة آنذاك وعضو لجنة الاستخبارات.

وأخيرًا نسقت الشركة اجتماعًا مع مايكل هارفي، من «الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)»، وهو مساعد إداري مسؤول عن لجنة المؤسسة لمحاربة «داعش» في العراق وسوريا.

عقدٌ لرجال أعمال سنّة ولا أسماء معروفة

تكشف وثائق وزارة العدل عن تعاقد مُلفت للنظر لشركة «جلوفر بارك – Glover Park» مع شركة مقرّها في إمارة دبي بالإمارات العربية المتحدة، مكوّنة من مجموعة رجال أعمال عراقيين سنة، لم تُفصح الوثائق عن اسم أيٍّ منهم، ولا عن هويتهم، أو موقعهم السياسي.

سُجّل العقد في 1 سبتمبر 2015، باسم شركة «أداليد بزنس للاستشارات – Adalid Business Consulting»، ووقع على العقد شخص باسم شاري أرورا، بصفته مديرًا ماليًا للشركة، ولم نستطع التثبت من ملّاك الشركة أو العاملين فيها.

ولكن بالنظر في الحساب الشخصي على منصة «لينكدإن» لموظفة سابقة عملت في الشركة، اسمها ليا نهاد، يظهرُ أن الشركة تعملُ في مجال تخزين وجمع البيانات، وفي مجال التسويق وإنتاج المحتوى المرئي والمكتوب باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية.

كما ذكرنا، بدأت العلاقة في 1 سبتمبر 2015 وانتهت في 8 نوفمبر 2016، وأخذت الشركة خلال هذه الفترة مليونًا و59 ألف دولار أمريكي، وهذا العقد من أكثر العقود المنظّمة والاحترافية في تعاقدات السنة العراقيين.

تبدأ الشركة أنشطتها بمراسلات مع موظفين في الكونجرس، لمناقشتهم بشأن جلسة استماع عقدت في 9 ديسمبر 2015، لمناقشة المساعدات الأمريكية للضحايا والجماعات المتأثرة من تنظيم «داعش»، وقد ذُكر في الجلسة أنّ «السنة العرب»، ومثلهم من المسيحيين والإيزيديين، استُهدِفوا بشكل خاص من تنظيم «داعش».

وفتحت الشركة قناة تواصل مع موظفين في الكونجرس وفي وزارة الخارجية الأمريكية، للتحضير لزيارة وفد من سنّة العراق إلى الولايات المتحدة، وتم التنسيق في هذا الصدد مع موظفين بمكتب العراق بوزارة الخارجية، وتذكر الشركة اجتماعًا واحدًا مع السيناتور الجمهوري جون ماكين.

وفي مطلع 2016 تابعت الشركة تنسيقها لزيارة الوفد العراقي، التي شملت اجتماعات مع موظفي لجان الخارجية في الكونجرس، ومع موظفين بلجنة الاستخبارات بمجلس النواب، ولجنة القوات المسلحة، إضافة لعدد من الاجتماعات مع مكاتب أربعة أعضاء في الكونجرس، منهم السيناتور الجمهوري البارز ليندسي جراهام، والسيناتورة الجمهورية جوني إرنست، عضوة لجنة القوات المسلحة. ولكن الوثائق لم تذكر أسماء المشاركين في الوفد، ولم نستطع التوثق من مصادر أخرى عن هوية أعضاء الوفد.

وتضمنت الزيارة اجتماعات مع باحثين في المراكز البحثية الآتية: مؤسسة راند، و«المجلس الأطلنطي»، و«مجموعة الأزمات الدولية»، وأخيرًا مع منظمة «هيومن رايتس ووتش».

وتكشفُ وثائق وزارة العدل الأمريكية عن تأسيس مكتب في الولايات المتحدة لتمثيل المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، وتظهر وثائقه نفقات قيمتها 198 ألف دولار دُفعت للتواصل مع الحكومة الأمريكية، ووسائل إعلام أمريكية، ولكن لا تتوفر أي تفاصيل عن أنشطة هذا التعاقد القديم، إذ سُجّل في منتصف 2008 وأغلق المكتب في 31 ديسمبر 2011، وترأس الحزب الشيعي آنذاك رجل الدين والسياسي عمار الحكيم.

رئيس جهاز المخابرات العراقية في واشنطن

تكشف وثائق «فارا» عن عقدٍ لجهاز المخابرات العامة العراقية، أُفصح عن العقد مع شركة «آي أف سي جي – IFCG» بتاريخ 22 ديسمبر 2014، وتقول وثيقة التعاقد إنه لصالح جهاز الاستخبارات وتحديدًا مديره آنذاك، زهير الغرباوي، وهدف التعاقد تقديمُ الغرباوي لأعضاء في الكونجرس، وتحديدًا للجنة الاستخبارات بمجلس النواب وأعضائها، ولكن تقول الوثيقة إنّ الطرفين لم يتوصلا إلى اتفاق نهائي ومعتمد، وفي 22 يناير 2015 أبلغت الشركة وزارة العدل الأمريكية بإلغاء التعاقد وتوقفها عن تمثيل جهاز الاستخبارات، ويبدو أن الشركة لم تنفّذ أي خدمات لصالح الجهاز.

أما الغرباوي فقد أُعفي من منصبه في إدارة الجهاز في 7 يونيو 2016، وعيّن بدلًا منه مصطفى الكاظمي، رئيس وزراء العراق الحاليّ، ويذكرُ موقع «العربي الجديد» أنّ الغرباوي اختلفَ مع رئيسي الوزراء السابقين المالكي والعبادي واتُهم بـ«العمل ضمن الأجندة الأمريكية».

ولا تحمل الوثيقة توقيعًا من شخصٍ ممثل عن الجهاز العراقي على عكس المعتاد في وثائق وزارة العدل الأمريكية، ولكن من جهة الشركة يرد اسم ستيفاني جايسون، وهي أمريكية ترأس الشركة، كتبت سابقًا مقالات رأي نشر في صحيفة «ذا هيل»، وذُكر في تعريفها بأنّها «خبيرة في الشرق أوسط وشمال أفريقيا» و«قضت وقتًا طويلًا في ليبيا منذ 2004»، وكانت «على الأرض في بغداد» أثناء السنوات الأولى لاحتلال العراق، خلال فترة «عملية عراق الحرية»، ما يعني أنها قد تكون أقامت في العراق منذ بداية الغزو في 2003 وحتى نهاية العملية المذكورة في 2010.

ويُذكر في تعريفها أيضًا أنّها مناصرة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وفي تعريفٍ آخر لها على موقع «ذا هيل» عرّفت نفسها بأنها «مناصرة فخورةٌ لحقوق المرأة».

«العائلة الهاشمية» وحلم حكم العراق

في وثائق العراق ملفٌ للعائلة الهاشمية الملكية التي حكمت العراق سابقًا (1921 – 1958). وللعائلة مكتب تمثيلي في الولايات المتحدة سجّل بتاريخ 18 أبريل 2011 في وزارة العدل الأمريكية، وتنصُّ الوثائق على أهداف لعمل المكتب، منها: التعريف بـ«جمال العراق كبلد أرضًا وشعبًا»، والعمل على بناء أدوات لتحديد احتياجات العراقيين وتوفيرها وتسهيل رجوع العراق للمجتمع الدولي، وخُطط للمكتب أن يتواصل مع وكالات الأمم المتحدة بما يخدم «مصالح العراقيين والهاشميين»، ولـ«حماية الإرث الوطني».

تكشفُ الوثائق عن أسماء القائمين على عمل المكتب: أولهم عادل، ابن الأمير محمد، ابن الملك فيصل أوّل ملوك العائلة الذين حكموا العراق، إضافة لعدنان بن محمد بن فيصل، مسؤول المكتب وحامل للجنسية الأمريكية.

من وثائق تسجيل مكتب العائلة الهاشمية في الولايات المتحدة الأمريكية، ويظهر في الصورة اسمُ الأمير عادل بن محمد بن فيصل، حفيدُ ملك العراق الأول فيصل.
/ موقع وزارة العدل

أكراد العراق في واشنطن.. لوبي منظّم وطموحاتٌ كبيرة

لحكومة إقليم كردستان العراق خلافاتها مع حكومة بغداد المركزية، وصلت هذه الخلافات إلى ذروتها في 25 سبتمبر 2017 عندما أجرت حكومة الإقليم استفتاء الاستقلال للانفصال عن العراق. هذا الطموحُ لم يوافقه دعم محلي أو إقليمي ولا دولي بعد عدم دعم إدارة ترامب للاستفتاء، وطالبت واشنطن حكومة الإقليم بإلغاء الاستفتاء من الأصل.

وبعد عقد الاستفتاء، ردًا عليه وتأكيدًا لسلطة حكومة بغداد، تحرك رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في أكتوبر 2017 وأمر قواته بالدخول والسيطرة على أراضٍ متنازع عليها، كانت تسيطر عليها الحكومة العراقية سابقًا ولكن خرجت منها مع توسّع رقعة حكم تنظيم «داعش» في 2014، ولكن استطاعت قوات كردية تحرير هذه الأراضي واستعادتها من «داعش»، ومع إجراء الاستفتاء فرضت حكومة بغداد حظرًا للرحلات الدولية على إقليم كردستان استمرّ حتى مارس 2018. وللاطلاع على حيثيات الخلاف بين حكومة أربيل وبغداد يمكنك قراءة هذه المادة من (هنا).

عملَ اللوبي الكردي في الولايات المتحدة على العديد من الملفات سنأتي على ذكرها تفصيلًا. لكنّ أهمها خلال العقد الماضي: الضغط لتحصيل دعم أمريكي أكبر للقوات الكردية، بخاصة قوات البيشمركة، والضغط لتسليحها وتمويلها وتدريبها أمريكيًا لتستطيع حماية المناطق الكردية من تنظيم «داعش» ولتعمل على طرده من أراضٍ سيطر عليها التنظيم، والملفّ الثاني هو: الضغط لتدعم الولايات المتحدة إقليم كردستان في مساعيه للانفصال عن العراق، هذه هي الخطوط العريضة التي عملَ عليها اللوبي الكردي في العقد الماضي.

ويعمل اللوبي على مهام أخرى من أهمها بناء قنوات اتصال مستمر مع عدد من أعضاء الكونجرس المؤيدين للاستقلال الكردي والمتابعين لملف الأكراد في العراق وسوريا وتركيا وإيران، وبعضهم مناصرون لانفصال الإقليم وأيّدوا في السنوات الماضية تسليح الجماعات الكردية في شمال سوريا وفي العراق لمواجهة تنظيم «داعش» وليؤسسوا مناطق حكم ذاتي للأكراد.

وتاليًا نستعرضُ موجزًا سريعًا لمجموعة من أهم عقود لوبي أكراد العراق في الولايات المتحدة:

  • من أطول عقود حكومة إقليم كردستان تعاقدها مع شركة «بي جي آر للشؤون الحكومية – BGR Government Affairs» الذي بدأ في يناير 2006 وما زال مستمرًا حتى اليوم، وباختصار عملت الشركة على كل الملفات التي شغلت إقليم كردستان، وتواصلت بشكل مكثّف مع الكونجرس وركّزت على لجان القوات المسلحة والمخصصات والشؤون الخارجية، وتواصلت الشركة أيضًا مع وزارة الخارجية الأمريكية ومع وسائل إعلام دولية مختلفة، ومنذ مطلع 2011 وحتى منتصف 2020 أخذت الشركة 4 ملايين و260 ألف دولار أمريكي.
  • ثاني عقود حكومة إقليم كردستان بدأ في 15 فبراير 2007، مع «مجموعة تطوير الأعمال الأمريكية – American Business Development Group»، استمرّ هذا التعاقد حتى 31 أكتوبر 2011، وأخذت عنه الشركة 110 آلاف دولار، بحسب وثائق وزارة العدل، والهدف منه تنسيق احتفال بعيد النيروز الكردي في داخل الكونجرس، وثانيًا تنسيق زيارة للكونجرس لقباد طالباني، ممثل حكومة كردستان في الولايات المتحدة، واقتصر نشاط الشركة على الكونجرس وتنسيق اجتماعات مع 11 عضوًا. وقباد طالباني هو المُوقّع على هذا التعاقد، وكان حينها ممثلًا لكردستان في أمريكا، وصار في 2014 نائبًا لریس الوزراء الكردي.
  • عقد قديم آخر لحكومة إقليم كردستان سُجّل في 14 سبتمبر 2007 ومستمرٌ حتى الآن، مع شركة «جرينبيرج تراوريج – Greenberg Taurig»، وهي من أهم شركات الضغط التي تعمل لزبائن من الشرق الأوسط، وكان من أكبر زبائنها دولة تركيا. يعملُ في الشركة لصالح الأكراد بيتي هوكسترا، نائب جمهوري ترأس سابقًا لجنة الاستخبارات بمجلس النواب منذ نهاية 2014 وحتى أغسطس 2015، نسّقت الشركة اجتماعات دورية لمسؤولين أكراد، مثل وزيري الخارجية والداخلية، مع أعضاء بالكونجرس، وضغطت على لجان الخارجية والقوات المسلحة والمخصصات في الكونجرس، وتواصلت أيضًا مع مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية الأمريكية، وضغطت بشكل كبير في ملف تسليح الأكراد في العراق. وأخذت الشركة مليونين و209 آلاف دولار منذ 2007 وحتى خاتمة عام 2020.
  • في 27 فبراير 2009 سجّل في وزارة العدل الأمريكية مكتبُ تمثيلي في الولايات المتحدة لحكومة إقليم كردستان العراق، وما زال المكتب نشطًا حتى اليوم، ومجموع نفقاته منذ 2011 يتجاوز 15 مليونًا و500 ألف دولار، بعضها نفقات تشغيل وأنشطة المكتب، وبعضها دُفع لشركات ضغط استأجرتها حكومة إقليم كردستان.

وباختصار ينسّق المكتب أنشطة اللوبي بالكامل، ويرتّب لرحلات وفود من الإقليم يزورون واشنطن، ويتواصل المكتب بشكل مستمر مع البيت الأبيض، ومجلس الأمن القومي فيه، ومع البنتاجون وشخصيات عسكرية أمريكية مثل رئيس أركان الجيش، ومع وزارة الخارجية ودبلوماسييها العاملين على العراق، وللمكتب اتصالات مع اللوبي المناصر لإسرائيل، بخاصة مع اللجنة اليهودية الأمريكية.

  • عقدٌ آخر سجّل في 19 يونيو 2009، لحكومة الإقليم مع الشركة الشهيرة «كورفيز – Qorvis»، أهم شركة في اللوبي السعودي وواحدة من كبرى شركات العلاقات العامة العاملة في المجال. استمرّت علاقة الشركة بحكومة الإقليم حتى 17 مايو 2016، وأخذت عن خدماتها قرابة 400 ألف دولار أمريكي، ومجددًا أشرف على هذا التعاقد قباد طالباني، بصفته ممثل الإقليم في الولايات المتحدة. تواصلت الشركة عشرات المرات مع أعضاء في الكونجرس من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ونسقت مقابلات إعلامية لمسؤولين أكراد مع صحف أمريكية كبرى.

من الجدير بالذكر، أن الشركة كثّفت تواصلها مع النائب الديمقراطي آدم سميث، زعيم الأقلية الديمقراطية في لجنة القوات المسلحة في الكونجرس ورئيسها لاحقًا، الذي انتقد قرار إدارة ترامب بوقف إمداد القوات الكردية شمال سوريا بالسلاح، وقد زار إربيل في إقليم كردستان العراق ليقابل مسرور بارزاني، رئيس وزراء إقليم كردستان منذ منتصف 2019.

  • في 31 مارس 2014 تعاقدت حكومة الإقليم مع شركة «سكواير باتون بوجز – Squire Patton Boggs»، وانتهت العلاقة بعد أكثر من عام في 30 يونيو 2015 بفاتورة قيمتها 452 ألف دولار أمريكي، والهدف الأهم: الضغط لرفع أسماء حزبين كرديين عن قوائم «الإرهاب» الأمريكية، وهما أهم وأكبر حزبين في الإقليم: الحزب الديمقراطي الكردستاني، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وقد رفض مسعود برزاني، رئيس إقليم كردستان (2005 – 2017) أن يزور البيت الأبيض إلا بعد رفع تصنيف «الإرهاب» عن هذين الحزبين.

ويعمل في الشركة لصالح الأكراد ديفيد تافوري، محام أمريكي وموظف سابق بالخارجية الأمريكية عمل في السفارة ببغداد بين 2007-2008. من أهم مَن عملوا لصالح إقليم كردستان في لوبيات واشنطن، ومعه فرانك وايزنر، دبلوماسي وسفير أمريكي سابق لمصر (1986 – 1991) والهند وتسلّم عدة مهام دبلوماسية دول أخرى.

  • واحد من أهم تعاقدات حكومة إقليم كردستان مع شركة «دينتونس يو أس – Dentons US» بدأ في 1 مارس 2015، ومستمرٌ حتى الآن بمدفوعات وصلت إلى أكثر من مليون دولار. وقدّمت الشركة خدمات ضغط سياسي لحكومة الإقليم ولكن الجزء الأكبر منها تركّز على تأمين مساعدات أمريكية وزيادة الدعم العسكري للإقليم وقواته، وتابعت الشركة هذا الملف والعمل عليه باستمرار سنويًا منذ استئجارها، وأنشطتها منصبةٌ بالكامل على الكونجرس وأعضائه وزعماء اللجان فيه. عملَ في الشركة ديفيد تافوري الذي ذكرناه في السطور السابقة.
  • عقدٌ أخير باسم وزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان، مع شركة «باس جلوبال إستراتيجيك للاستشارات – PASS Global Strategic Consultancy» بتاريخ 8 أغسطس 2017 ومستمرٌ حتى اليوم بمدفوعات وصلت إلى مليون و664 ألف دولار، ووقع على العقد كريم سينجاري، وزير الداخلية الكردي آنذاك، وهو وهو رئيس موظفي مكتب رئيس حكومة الإقليم حاليًا، نيجيرفان بارزاني.

هدف التعاقد هو العمل على خطة استراتيجية للتقليل من اللاجئين والمُهجَّرين الموجودين داخل إقليم كردستان، والعمل على مؤتمر دولي للدعم الإنساني للإقليم، مع السعي لاستصدار قرار في الكونجرس يدعم المؤتمر بالتوازي مع الضغط على أعضاء الكونجرس ليؤيّدوا القرار. وأخيرًا نسقت الشركة اجتماعات لوفد كردي فيه فؤاد حسين، كبير موظفي الرئاسة الكردية، وفلاح مصطفى بكر، نائب رئيس وزراء العراق.

هذا التقرير جزءٌ من مشروع «الحج إلى واشنطن»، لقراءة المزيد عن «لوبيات» الشرق الأوسط اضغط هنا.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.