أثق بنسبة 99% بأنني سأعود إلى مستواي مع فريق لوهافر، لقد كان لدي العديد من المشاكل في الماضي وارتكبت العديد من الأخطاء، ولكن المتعة التي أشعر بها وأنا أداعب الكرة أقوى من أي شيء آخر. لا يهمني أين ألعب ولكن المهم أنني ألعب

كان تلك هي آخر تصريحات المهاجم البرازيلي السابق أدريانو مع الصحافة الرياضية، تلك التصريحات كانت قبيل انضمامه إلى فريق لوهافر في دوري الدرجة الثانية الفرنسي عام 2014، وهو الانضمام الذي لم يتم لينطلق بعدها إلى فريق ميامي الأمريكي في نفس العام، ليلعب معهم مباراة واحدة فقط، ثم يقرر العودة مرة أُخرى إلى ريو دي جانيرو لتبدأ رحلته مع المعاناة والتحول التام الذي لا رجعة فيه، تحول أثار دهشة العديد من متابعي كرة القدم حول العالم حين رأوا أحد أهم نجوم العقد الأول من الألفية الجديدة يحمل السلاح ويشرب المخدرات والكوكايين علنًا، ويتفاخر على صفحات التواصل الاجتماعي بانضمامه لأحد أخطر عصابات ريو دي جانيرو.

لا أحد يعلم بالتحديد ماذا حدث، ولماذا أقدم أدريانو على تلك التصرفات الطائشة وتحديدًا منذ عام 2006؟ هل هي تحولات اجتماعية في أسرته مرتبطة بوفاة والده مثلما أعلن مرارًا وتكرارًا؟ أم أن الأمر برمته له بُعد آخر متعلق بسلوك لاعبي البرازيل المنحدرين من أصول فقيرة، مثل المعجزة الحية رونالدينهو جاوتشو؟ أم أن هناك شيئا آخر لا يعلمه إلا أدريانو نفسه؟


نقطة التحول

جاءته مكالمة من البرازيل تقول له إن والده قد توفي، ألقى الهاتف وبدأ في صراخ لا يمكن أن تتخيله، واصل بعد ذلك مسيرته واستمر في إحراز بعض الأهداف وإهدائها لوالده، ولكن بعد تلك المكالمة لم يعد أي شيء كما كان من قبل
تصريحات خافيير زانيتي القائد السابق لإنترميلانو الإيطالي

بدأ المهاجم البرازيلي مشواره مع الساحرة المستديرة وهو في السابعة عشرة من عمره مع نادي فلامينجو البرازيلي، حتى نجح في خطف أنظار بعض الأندية الأوروبية التي كان أبرزها نادي إنترميلانو الإيطالي، والذي تعاقد معه في موسم 2001 / 2002 ليخرجه إعارة إلى فريق باروما الإيطالي لمدة موسمين كانا كافيان لأدريانو ليتألق خلالهما ويحرز فيهما 26 هدفًا خلال 44 مباراة، ليثبت للعالم أنه واحد من أبرز مهاجمي اللعبة حول العالم، ويستعيده نادي إنترميلانو مرة أُخرى عام 2004، وهو نفس العام الذي نجح فيه أدريانو في الفوز ببطولة كوبا أمريكا مع منتخب بلاده، وكذلك الحذاء الذهبي للبطولة ذاتها.

كانت مسيرة أدريانو مع النيراتزوري مميزة بشكل كبير، حيث نجح في إحراز 47 هدفًا خلال 115 مشاركة مع الفريق. الرقم قد يبدو قليلًا وغير مميز بالنسبة لك عزيزي القارئ، ولكن دعني أخبرك أن تلك هي الأرقام الطبيعية التي اعتادت عليها الجماهير حول العالم قبل أن يغيّر ميسي وكريستيانو قواعد اللعبة منذ عام 2008 وحتى الآن، كما أن اللعب في الكالشيو في تلك الحقبة لم يكن سهلًا، فطالما اتسم الدوري الإيطالي بقوة وصلابة دفاعاته.

لقد قلت له إنه يملك مزيجًا من إمكانيات الظاهرة البرازيلية رونالدو دي ليما وزلاتان إبراهيموفيتش، قلت له إنه بإمكانه أن يصبح أفضل مهاجم في العالم لمواسم طويلة.
تصريحات إيفان قرضبة لاعب إنترميلانو السابق

استمر أدريانو في أدائه وعروضه المميزة مع الفريق الإيطالي حتى وفاة والده عام 2006، فكما يقول خافيير زانيتي إنه بعد ذلك اليوم لم يعد أدريانو كما كان. أصبح يقضي جلّ وقته إما في الحانات والملاهي الليلية وإما في التعافي من إصاباته، وهو ما دفع المدير الفني لمنتخب البرازيل حينها كارلوس دونجا إلى استبعاده من قائمة منتخب بلاده مرة تلو الأُخرى، إلا أن ذلك لم يغيّر من نمط حياته، وبدأ نجم أدريانو في الخفوت منذ ذلك العام، فبالرغم من فوزه بلقب الدوري الإيطالي منذ ذلك العام وحتى عام 2009 فإن أداءه لم يكن مُقنعا للكثيرين ولم يكن هذا هو أدريانو الذي أمتعهم منذ 2004 وحتى 2006.


فشل متكرر

رحل أدريانو إلى موطنه الأصلي ليلعب مع نادي فلامينجو مرة أُخرى في موسم 2009 / 2010، وبدأ في استعادة جزء من مستواه، وكأن ذكريات والده معه في نفس المكان بعثت في روحه المزيد من القوة والمثابرة لإكمال مشواره مع الساحرة المستديرة، فلعب معهم 32 مباراة نجح خلالها في إحراز 19 هدفًا، ليقرر العودة مرة أُخرى إلى إيطاليا ولكن هذه المرة كانت عبر بوابة روما الإيطالي.

قضى أدريانو مع نادي العاصمة أياما لا يمكن وصفها إلا بالكارثية، حيث قضى في روما موسما كاملا لم يلعب فيه إلا خمس مباريات فقط، أحرز خلالها.. عفوًا لم يحرز خلالها أي هدف. موسم كامل لمهاجم برازيلي كان هو الأبرز على الساحة الكروية العالمية منذ سنوات قليلة لا يحرز خلاله أي هدف كان كافيًا ليُنبئ الجميع بأن هناك أياما مظلمة في انتظار أدريانو أن أيامه مع الساحرة المستديرة أصبحت معدودة.

وبالفعل بدأ أدريانو في التنقل بعد ذلك من نادٍ لآخر ليجد ضالته، إلا أن النهاية الفاشلة كانت حتمية في كل مرة، فمن روما إلى كورينثيانز، ثم بارانيانسي، ثم انتقال لم يتم لفريق فرنسي يلعب في الدرجة الثانية، ثم الانتقال لفريق أمريكي مغمور لم يلعب معه إلا مباراة واحدة، ست سنوات من التنقل لم يحرز خلالها أدريانو إلا هدفًا واحدًا .. كوميديا سوداء!


الدخول إلى عالم العصابات

أدريانو وسط مجموعة الكوماندوز الأحمر

كانت النتيجة الحتمية للاعب متهور ينحدر من أصول برازيلية فقيرة هي العودة مرة أُخرى لمدينته لينفق فيها أمواله التي جمعها طيلة الفترة الماضية على ملذاته، إلا أن أدريانو قرر الاستمرار في إثارة دهشة متابعيه وعشاقه السابقين، فقرر عام 2014 الانضمام إلى عصابة تُعرف بـ «الكوماندوز الأحمر» والتي قيل عنها إنها أجبرت أدريانو على الانضمام إليها مقابل توفير الحماية له ولعائلته، إلا أن تلك الرواية أثبتت عدم صحتها بعد ذلك لظهور أدريانو في أكثر من مناسبة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر بصور يحمل فيها السلاح مع أحد قيادات العصابة وصور أُخرى يرفع فيها شعار العصابة وهو مبتسم، فأصبح واضحا للجميع أن أدريانو قد اختار الطريق الأسوأ للاستمرار في جمع المال الذي قد اعتاد عليه وهو أحد نجوم اللعبة حول العالم، والذي وصل إلى 100 ألف يورو أسبوعيًا في أشد فترات توهجه مع إنترميلانو الإيطالي.

تم القبض على أدريانو أكثر من مرة والتحقيق معه بقضايا تتعلق بتهريب المخدرات منذ عام 2010، إلا أنه يخرج في كل مرة لعدم وجود أدلة كافية، أو هكذا يُقال للرأي العام. كما أصبحت حياة المهاجم البرازيلي مادة دسمة لوسائل الإعلام الرياضي، فتارة يتم وضع اسمه في قضايا تهريب سلاح، وتارة أُخرى يُثار الحديث عن مقتل صديقته وهي معه في السيارة بعد إطلاق النار عليهما، حتى صارت الأخبار عن حياة أدريانو غريبة وأكثر غموضًا من أدريانو نفسه، فأصبح لا شيء مؤكدا فيما يتعلق بأدريانو، الشيء الوحيد المؤكد هو أن كرة القدم العالمية قد فقدت واحدًا من أهم مهاجميها في العشرين عامًا الأخيرة.