دائمًا ما ترد كلمة خطوط الطول ودوائر العرض في دروس الجغرافيا، أما أن ترد في التاريخ فهذا أمرٌ غريب، والأشد غرابةً أن ترد وسط جملة تقول «على جانبي دائرة العرض هذه سقط أكثر من 5 ملايين قتيل». والمُفزع أن هؤلاء الملايين الخمسة قد سقطوا في «حربٍ مَنسيّة»، وهو الاسم الذي أطلقته وسائل الإعلام الأجنبية وبعض المؤرخين الذين تحدثوا عن الحرب الكورية التي نشبت بين الجارتين الشمالية والجنوبيّة مطلع العام 1950؛ إذ لم تحظ هذه الحرب بنصيبها من التغطية الإعلامية كما حدث في الحرب العالمية الثانية مثلًا.

لكي ندخل إلى إحدى الثكنات في قلب ميدان المعركة لنعرف ما دار في تلك الحرب الملعونة، علينا تخيّل شبه الجزيرة الكورية كملعبٍ لكرة القدم، مُقسم إلى نصفين شماليّ وجنوبيّ، لكن المختلف في هذا الملعب أنه كان من الواجب على كل قسم أن يلتزم بنصف ملعبه، وألا يحاول أبدًا تخطي خط المُنتصف، المعروف هنا بدائرة العرض 38، وهو ما لم يحدث أبدًا. هنا يأتي سؤالٌ منطقيّ من الذي وضع هذا التقسيم؟


من المُحتل الديكتاتور إلى المُحتل الديمقراطي

الحرب الكورية (1950-1953)

عام 1910 احتلت اليابانُ كوريا وأعلنتها جزءًا من الإمبراطورية اليابانية، وظلت تابعةً لها طوال الحرب العالمية الثانية وحتى انتهائها باستسلام ألمانيا عام 1945. وبعد أسبوعين من استسلام ألمانيا تعهد ستالين للولايات المُتحدة أن يَكفيها مؤنة قتال اليابان، وأن يتكفل هو بهذه الحرب شريطة أن تسمح له الولايات المُتحدة بإطلاق يده في الصين كما يشاء.

وقد كان، وفي أغسطس/آب 1945 نجح ستالين في دحر الوجود الياباني حتى خط العرض 38؛ لينتهي الأمر تمامًا في سبتمبر/أيلول من نفس العام بإعلان اليابان استسلامها نهائيًا. هنا كان من الواجب على الحكومة الأمريكية والاتحاد السوفيتي أن يتصرفا في تركة هذه الإمبراطورية المدحورة.

فعمدت الحكومتان إلى تقسيم شبه الجزيرة إلى نصفين تفصلهما دائرة العرض 38، ويكون النصف الشمالي تحت احتلال السوفييت، والجنوبي تحت الاحتلال الأمريكي. وتم تكوين لجنة مشتركة من الحكومتين لحكم كوريا خمس سنوات تمهيدًا لمنح كوريا استقلالها، لكن هذه اللجنة لم تلقَ ترحيبًا من الكوريين شأنها شأنُ الاحتلال الأمريكي والسوفيتي لنصفي الجزيرة، وثارت اعتراضات كثيرة من الشعب الكوري، اضطُرت الولايات المُتحدة إلى الخضوع لها والدعوة إلى انتخابات مبكرة عام 1946 لترحل بعدها من كوريا.

لكن المفاجأة أن الاتحاد السوفيتي رفض هذه الانتخابات مُعللًا أنها لن تكون نزيهة بالشكل الكافي، وقرر عدم إجراء انتخابات في نصيبه الشمالي. فتمت الانتخابات في النصف الجنوبي في العاشر من شهر مايو/آيار عام 1946، وبعدها بثلاثة أشهر تمت في الجزء الشمالي، ليصبح التقسيم بذلك حتميةً راسخةً، وتتحوّل دائرة العرض 38 من مجرد شيء وهمي يفصل بين منطقتي نفوذ لمُحتليّن أجنبيين اقتسما وطنًا واحدًا إلى حدود شائكة بين دولتين صارتا غريبتيّن.


الشمالية تدعو للوحدة وتستعد للحرب

بعد إتمام الانتخابات في النصفين، بدأت الأمور تركن إلى الاستقرار شيئًا فشيئًا، فنجحت الحكومة الكورية الجنوبية في إصدار دستورها في الـ 17 من يوليو/تموز عام 1948، وانتخب لي سونغ مان رئيسًا للجمهورية في العشرين من نفس الشهر، أما في كوريا الشمالية فقد أصبح كيم إيل سونغ رئيسًا في الخامس عشر من شهر أغسطس/آب 1948. وفي نفس العام سحب الاتحاد السوفيتي قواته، وبعد ذلك بعامٍ سحبت الولايات المُتحدة قواتها، ولكن كان الاحتلال قد ترسخ في وجدان الشعب الواحد وحوّله إلى شعبين، أحدهما تابع للسوفييت والآخر تابع للولايات المُتحدة.

وقد حاول رئيس كوريا الشمالية سونغ جاهدًا الحصول على دعم ستالين من أجل توحيد كامل الجزيرة مرةً أخرى، لكن أبى ستالين في بادئ الأمر لانشغاله بالصين التي صارت مرتعًا خصبًا له وللشيوعية عامةً. وكما كانت الصين هى سبب رفضه كانت هى سبب موافقته؛ فعدم تدخل الولايات المُتحدة فيها رغم نجاح الثورة الشيوعية فيها ووصولها إلى الحكم أعطى ستالين انطباعًا أن الولايات المُتحدة لن تُقحم نفسها في النزاع الشماليّ-الجنوبيّ إذا نشب، فقام ستالين بتسليح كوريا الشمالية وإعطائها ضوءًا أخضر بالحرب وبالحماية.

وبالفعل في فجر يوم الأحد الخامس والعشرين من يونيو/تموز 1950 بدأت الجارة الشمالية هجومًا عنيفًا على جارتها الجنوبية مُتذرعة بهجوم الأخيرة على مدينة هايجو الحدودية، إضافة إلى رفضها عرض الشمالية بالوحدة وبإجراء انتخابات في كامل شبه الجزيرة الكورية الذي أُرسل به دبلوماسيون ثلاث من قبل كوريا الشمالية إلى كوريا الجنوبية في الحادي عشر من نفس الشهر. يُذكر أن مناوشات قد دارت بين الدولتين قبل الإعلان الرسمي للحرب، راح ضحية هذه المناوشات 10 آلاف من الجانبين.


الشيوعية تبتلع العالم

إذا خذلنا كوريا، فسيواصل السوفييت تقدمهم وسيبتلعون البلد إثر الآخر
هاري ترومان

هكذا رأت الولايات المُتحدة هذه الحرب. لم ترها مجرد نزاع حدوديّ بين ديكتاتورين اثنين يرى كلٌ منهما أنه أحق بالسيطرة على كامل الجزيرة، أو أنّ هذه هى النتيجة الطبيعية لنيران الفتنة التى أشعلتها وعملت على إذكائها منذ سنوات. ولهذا لم تستطع الولايات المُتحدة الصمت إزاء هذه الحرب، خاصةً وقد أحرز الجانب الشماليّ نصرًا ساحقًا وسريعًا بسبب امتلاكه للآليات العسكرية الثقيلة كالدبابات والمدافع التي كانت تفتقدها كوريا الجنوبية، مما اضطر رئيس كوريا الجنوبية وحكومته بعد 3 أيام فقط من بدء الحرب إلى الفرار من عاصمتهم سيؤل، والقيام بتفجير الجسر المُؤدي إليها، ولكن تفجير الجسر لم يحل دون وصول القوات الشمالية إليها في نفس اليوم.

ورغم هلع الولايات المُتحدة من تلك النتائج وعلمها أن سقوط كوريا الجنوبية يعني أكثر من سقوط جيش ضعيف غير مُنظم أنهكه قتال الشيوعيين المُتمردين في بلاده أمام جيش قوي مُدرب، إلا أنها حاولت أن تعمل بمظلة دُولية أُممية قدر الإمكان؛ إذ إن تدخلها المباشر والعلنيّ سيؤدي إلى تدخلٍ مباشر من الاتحاد السوفيتيّ، مما يعني احتمالية نشوب حربٍ عالمية ثالثة، ولم يكن العالم قد تعافى بعد من آثار العالمية الثانية.

هرعت الولايات المُتحدة إلى مجلس الأمن في نفس يوم سقوط العاصمة الجنوبية بمشروع القرار 82، الذي حصل على الموافقة في نفس اليوم، وجاء فيه: 1- إنهاء كافة العمليات العدائية وانسحاب كوريا الشمالية إلى خط عرض 38. 2- تشكيل لجنة للأمم المتحدة في كوريا لمراقبة الوضع وإبلاغ مجلس الأمن. 3- على جميع الأعضاء مساندة الأمم المتحدة في تحقيق ذلك والامتناع عن إمداد كوريا الشمالية بالمساعدة.

وبسبب رفض كوريا الشمالية الانسحاب، أصدر مجلس الأمن القرار 83، والذي نص على ضرورة مساعدة جميع الدول لكوريا الجنوبية من أجل طرد العدوان الشمالي.


النصر الحائر بين نصفي الملعب

حين اكتمل الحشدُ الأممي للحرب صار لدينا الآن معركة بين فريقين؛ الأول، في نصف الملعب الشمالي، ويتكون من كوريا الشمالية ومعها الاتحاد السوفيتي، وهذا الفريق الآن في قلب منتصف الملعب الجنوبي. الثاني، محصور في جزء ضئيل من نصف ملعبه الجنوبي، ويتكون من كوريا الجنوبية، الولايات المُتحدة، بريطانيا، فرنسا، كندا، أستراليا، نيوزيلندا، جنوب أفريقيا، تركيا، تايلاند، اليونان، هولندا، أثيوبيا، كولومبيا، الفلبين، بلجيكا، ولوكسمبورج.

أولًا: الاكتساح الشمالي

صافرة البداية بين الفريقين كانت في معركة «أوسان»، وقد خسرت القوات الأممية، وازداد توغل القوات الشمالية في الجانب الكوري حتى سيطرت على ما يُقارب الـ 90% من كوريا الجنوبية. فركنت الشماليةُ إلى اقتراب النصر، واشتعلت أمريكا غضبًا، وأرسلت تعزيزات ضخمة إلى حليفتها الجنوبية للثأر من هذه الهزيمة. ودارت رحى معركة ثانية وانتهت بهزيمة الجنوب مرةً أخرى؛ فأطلقت الولايات المُتحدة العنان لطائراتها وقامت بدك القوات الشمالية وتدمير معسكراتها وقطع خطوط إمدادها، لتصير القوات الأممية بحال أفضل قليلًا.

أدى قطع الإمدادات إلى ضعف الجانب البحري والجوي للجيش الشمالي، فرأت الولايات المُتحدة أن الفرصة سانحة للإجهاز على العدو بعملية إنزال برمائية خلف خطوط دفاعه في مدينة إنشون، ولتبدأ معركة «إنشون»، التي كان النصر فيها حليف القوات الأُممية هذه المرة.

وهنا، تدخل ستالين وتدخلت الصين بنفس النصيحة للرئيس الشمالي بضرورة سحب القوات من «أوسان» وحشدها أمام العاصمة لمنع القوات الأممية من الظفر بها، ولكن كوريا الشمالية رفضت نفس النصيحة مرتين. وقد كان أن تقدمت القوات الأممية إلى العاصمة سيؤل وظفرت بها، وفى التاسع والعشرين من سبتمبر/أيلول عام 1950 عاد الرئيس الجنوبي وحكومته إلى العاصمة الجنوبية. وبهذا تعود الأمور نظريًا إلى المربع صفر، كلٌ في منتصف ملعبه مرةً أخرى.

ثانيًا: الاكتساح الجنوبي

بعد أن كان توحيد كوريا وشيكًا تحت الراية الشمالية، صار الآن أقرب من الحدوث تحت الراية الجنوبية. فبعد أن أعادت القوات الأمميةُ عدوها الشماليّ إلى جهته من دائرة العرض 38 لم تقنع بذلك، واستلهمت من نصرها حافزًا إلى التقدم نحو الداخل الشماليّ، وفي الأول من أكتوبر/تشرين الأول 1950 تجاوزت القوات الجنوبية دائرة التقسيم، وبعد ذلك بـ 17 يومًا طالب قائد القوات الأممية «ماك آرثر» الجيش الشمالي باستسلامٍ غير مشروط، فرفض الجيش الشمالي ذلك بشدة، ما حدا بالقوات الجنوبية إلى مزيدٍ من التقدم حتى اكتسحت العاصمة الشمالية بيونج يانج بعد يومين من رفض الاستسلام، ولم تنس القوات الجنوبية قطع طرق الفرار أمام الحكومة الشمالية إلا أنّ الحكومة قد لاذت بالفعل بالفرار.

وبهذا تكون المعركة قد انقلبت رأسًا على عقب، وصارت كوريا بأكملها تحت سيطرة الجنوب ومن ورائه القوات الأممية والولايات المُتحدة.


الصين تُهدي القوات الأُممية هدية «الكريسماس»

روسيا، الصين

في اللحظة التي اقتربت فيها المعركة من حدودها قررت الصين النزول من مُدرج المُشجعين إلى ساحة المعركة، فبعد أن اكتفت بالنصح للجانب الشمالي وإمداده ببعض القوات والدعم اللوجيستيّ، رأت أن الاشتباك المُباشر ضرورة لحماية أمنها القومي، لذا بعد تنسيقٍ مع الاتحاد السوفيتي بدأت القوات الصينية سرًا بعبور «نهر يالو» في نفس يوم سقوط العاصمة بيونج يانج، وبعد أسبوع هاجم الجيشُ الصيني القوات الأممية قرب حدودها مع كوريا.

وكان الغطاء الجوي السوفيتي إلى جانب سرعة القوات الصينية في تنفيذ ضرباتها وسرعة اختبائها في الجبال، سببًا في حالة «عدم يقين» انتابت القوات الأممية حول أن الصين قد تدخلت بالفعل. ولكن استمرار تراجع القوات الأُممية والجنوبية كان دليلًا كافيًا لهم أن الصين قد دخلت إلى ساحة المعركة؛ فقد استمرت المعارك قرابة شهرين، لم تشهد فيها القوات الأممية إلا التراجع شيئًا فشيئًا، حتى وجدت نفسها خلف دائرة العرض 38 مرةً أخرى.

وقامت الصين بعزل الرئيس الشمالي من قيادة جيش بلاده وتولت هي القيادة، وكحال المعركة من البداية لم تكن الصين بأقل من الكوريتين لترضى بمجرد عودة العدو إلى بلاده، فقررت مهاجمته في عقر داره وفي احتفالات عيد رأس السنة بقوات قليلة العدد، كثيرة المجموعات، مصحوبة بأبواق عالية الصوت لإرباك العدو ولتسهيل التواصل بين المجموعات المُتفرقة. وبالفعل نجح الصينيون باحتلال العاصمة سيؤل، ثم التقدم في 14 فبراير/شباط 1951 واحتلال مدينة هوينج سيونج.


الولايات المُتحدة تثأر لنفسها وتُصاب بالملل

كما أودى نقص الإمدادات بتقدم الجيش الشمالي، أودى كذلك بالقوات الصينية في كوريا الجنوبية. واستغل الجيش الأمريكي ذلك وهاجم القوات الصينية في أواخر فبراير/شباط، وانتزع منها مدينة هوينج سيونج، وفي 14 مارس/آذار 1951 تمكن من الظفر بسيؤل مرة أخرى.

لكن حدث أمرٌ مُلفت بعد هذا النصر الوليد للولايات المُتحدة، وهو قيام الرئيس الأمريكي «ترومان» بعزل «ماك آرثر» من قيادة العمليات العسكرية في كوريا وتعيين «فان فلييت» بدلًا منه. ولهذا التغيير دلالاتُه على الأرض، فقد جاء في حيثيات الإقالة أن ترومان طالب آرثر بانسحابٍ مُنظم من كوريا الشمالية وتوقيع هدنة بين الطرفين لكن آرثر لم يفعل.

حتى أن «ماك آرثر» بعث برسالة لزعيم الجمهوريين في مجلس النواب «جوزيف مارتن» -الذي كان يؤيد موقف ماك آرثر بإعلان الحرب على الصين- قال فيها إنه «لا يوجد بديل للنصر» في الحرب على الشيوعية العالمية.

بعد الإقالة عاد الوضع إلى حالته المُعتادة انتصار وهزيمة. فالقوات الصينية انتفضت من انتكاساتها لتثأر في «هجوم الربيع» المُقسم على مرحلتين؛ الأولى، معركة نهر «إيمجين» بين الثاني والعشرين والخامس والعشرين من شهر أبريل/نيسان عام 1951 لوقف تقدم القوات الأممية، وقد نجحت في ذلك. والثانية، في 15 مايو/أيار ضد الجيش الأمريكي الثامن الموجود عند ضفاف نهر سوينج، ونجحت في ذلك أيضًا. لكن الجيش الأمريكي شنّ هجومًا مُضادًا ظفر بالنصر فيه، واستعاد خط كانساس شمال دائرة العرض 38.


مشهد النهاية: مزيدٌ من القتلي لربح التفاوض

بدأت مفاوضات بين الصين وكوريا الشمالية من جهة، والولايات المُتحدة وكوريا الجنوبية من جهة ثانية. استمرت المفاوضات من يوليو/تموز 1951 لعامين، حتى يوليو/تموز 1953، ولكن المفاوضات لم تعنِ توقف المعارك، بل سعى كل طرفٍ إلى حصد المزيد من الأرواح لتحسين موقفه على طاولة المفاوضات، ولكن لم يُجدِ الأمر، فظلت المعركة سجالًا بين الطرفين كما كانت دومًا.

وبوصول «أيزنهاور» إلى السلطة ظهرت رغبة جادة في إنهاء هذه الحرب، وبالفعل تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في 27 يوليو/تموز 1953، وجاء فيه: (إنشاء منطقة مجردة السلاح على الحدود بين الكوريتين الشمالية والجنوبية – تشكيل لجنة (العودة للوطن) لمناقشة مصير من يرغب في العودة إلى وطنه ممن لا يرغب، إذ كان الكثير من الكوريين الشماليين لا يرغبون في العودة لبلادهم، وكذلك كان الجنوبيون – وضع لجنة دولية مكونة من مراقبين سويسريين وسويديين على الحدود بين الكوريتين لمراقبة وقف إطلاق النار).

وبعد مرور عام على هذه الهدنة أجرى الفريقان (عملية المجد) لتبادل الأسرى بدءًا من يوليو/تموز وحتى نوفمبر/تشرين الثاني 1954. لتنتهى بذلك حربٌ يمكن وصفها بقصيرة المدة، ولكنها كارثية الأثر؛ إذ قُتل في هذه الحرب 5 ملايين إنسان، أي ما يُعادل 10% من سكان الكوريتين آنذاك، وهو ما يفوق الخسائر المدنية في الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام معًا. كما قُتل فيها 40 ألفًا من الجنود الأمريكيين، وجُرح ما يُقارب الـ 100 ألف منهم.

ورغم أن الحرب قد حدثت منذ ما يُقارب السبعين عامًا فإنها قد أسست مبدأ توازن القوى بين الدول العظمى، وأنّ الدخول في حرب بين هذه القوى ليس بالخيار المنطقي، إذ أثبتت الحرب أن كل دولةٍ من هذه الدول عاجزة عن حسم الحرب لصالحها، ولهذا صار مصير الكوريتين مرتبطًا بموازين القوى المحيطة بهما، وصارت فرقتهما مؤشرًا فعليًا على قطبية القوى العظمى.