الاقتصاد الفنزويلي أصابه نوع من التشرنق الحاد، يتوقع أن يستمر خلال العام الجاري.

فشل خليفة هوجو تشافيز، الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، في الاستجابة الفعالة لتلك التحديات هبط بشعبيته إلى نسبة 23 %.

هوجو تشافيز

وعلاوة على ذلك، ثمة مظاهر تصدع داخل صفوف الحكومة الفنزويلية ذاتها.

بواعث قلق جديدة

أصبحت الحكومة الفنزويلية أكثر استبدادا منذ انتخاب مادورو عام 2013.

وفي فبراير ومارس 2014، قوبلت مظاهرات مناهضة للتضخم ونقص المنتجات الأساسية بالقوة القمعية، ما أسفر عن مقتل العشرات، وإصابة المئات، واعتقال الآلاف.

وتسبب رد الفعل العنيف في فقدان إدارة مادورو لمصداقيتها في عيون العديد من المراقبين الدوليين.

العلاقة بين الولايات المتحدة وفنزويلا سامة، حيث اعتاد مادورو على اتهام واشنطن بالتواطؤ في حرب اقتصادية ضد بلاده، والعمل على قلب نظام الحكم.

نيكولاس مادورو

واستغل مادورو قرارا أعلنته أمريكا مؤخرا بفرض عقوبات على فنزويلا، وصفت خلاله الوضع في الدولة الأمريكية الجنوبية بالتهديد الاستثنائي على الأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة.

واتخذ الرئيس الفنزويلي ذلك القرار ذريعة لكي يسعى ويحصل من الهيئة التشريعية على مرسوم يعضد من حكمه.

وعلاوة على ذلك، اتخذ اتحاد دول أمريكا الجنوبية قرارا بالإجماع يدعم فنزويلا، ويطالب الولايات المتحدة بإلغاء العقوبات، واحترام السيادة الفنزويلية.

رسم بياني يوضح التضخم في فنزويلا

رسم بياني يوضح التضخم في فنزويلا

الانهيار الذي شهدته أسعار النفط العالمية عمق من مشكلات فنزويلا، تلك الدولة التي تبلغ نسبة صادراتها النفطية أكثر من 96% من إجمالي أرباح التصدير بشكل عام.

القيود الخاصة بالأسعار، واضطرابات سعر الصرف أحدثتا نقصا حادا في الغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى.

ولا يستطيع كل من تجار التجزئة في القطاع الخاص، أو المتاجر الحكومية المدعمة في توفير مخزون من السلع.

ويضطر آلاف الفنزويليين إلى الوقوف في صفوف طويلة يوميا لابتياع إمدادات محدودة من المواد الغذائية.

الأدهى، أن بعض المرافق الطبية اضطرت إلى التوقف عن إجراء عمليات جراحية، وبعض الإجراءات، بسبب النقص في الأدوية.

ذلك الشح المتعلق بالاحتياجات الأساسية الغذائية والطبية بات بمثابة طامة كبرى. وإذا لم ترتد أسعار النفط إلى مستويات مرتفعة، سيعاني الشعب الفنزويلي، على الأرجح، من مرحلة تشقف حاد، خلال الشهور المقبلة قبل الانتخابات التشريعية، المزمع إجراؤها في خريف 2015.

وبالإضافة إلى ذلك، قد تشهد فنزويلا اتساع نطاق المصادمات بين متظاهري المعارضة من جانب، ومجموعات مدنية مسلحة من أنصار الحكومة تعرف باسم (كوليكتيفوس) والقوات الأمنية من جانب آخر، إذا استمرت شعبية مادورو في السقوط، وتصاعدت احتمالات إحكام المعارضة قبضتها على المجلس التشريعي.

مجموعات كوليكتيفوس

وكذلك، إذا اكتسبت المطالبات باستقالة مادورو زخما أكبر.

ومن الاحتمالات القائمة أيضا، اندلاع أعمال شغب بسبب الغذاء، وتفشي النهب، إذا تزايدت حدة النقص في المواد الأساسية.

يذكر أن قائد المعارضة ليوبولدو لوفيز ما زال قابعا في غياهب السجن، كما ألقت السلطات القبض على حاكم كراكاس أنتونيووليديزما في فبراير 2015. وبات اعتقالهما نقطة حشد للمعارضة.

متوقعة صعودا في نطاق الاحتجاجات، أعلنت وزارة الدفاع أن القوات الأمنية سيكون لديها تفويض لاستخدام القوة المميتة.

تداعيات

لا تستطيع واشنطن فعل الكثير لإحداث تغيير داخل فنزويلا، لكن استمرار الأزمة السياسية والاقتصادية سيجلب تأثيرات ضارة، لا سيما فيما يتعلق بالاهتمامات الأمريكية طويلة الأمد في حماية حقوق الإنسان، والترويج للديمقراطية، والنمو الاقتصادي المستدام في نصف الكرة الغربي، والحد من التدفقات المالية غير المشروعة، الناجمة عن الفساد الفنزويلي.

ثمة تداعيات سلبية أخرى، مثل صعوبة السيطرة على تجارة المخدرات عبر فنزويلا.

ويمنح رد فعل اتحاد دول أمريكا الجنوبية، تجاه العقوبات الأمريكية على فنزويلا، مادورو الثقة، ويقلل من احتمالات تغييره المسار الذي تسلك بلاده سياسيا واقتصاديا، في ظل غياب ضغوط إقليمية قوية.

ومن المتوقع أن تقابل أي جهود أمريكية إضافية لتخفيف تداعيات الأزمة الحالية بالرفض من فنزويلا واتحاد دول أمريكا الجنوبية، واعتباره أحد أشكال التدخل.

توصيات

ليوبولدو لوفيز

-ينبغي على الولايات المتحدة استخدام الدبلوماسية العامة، و “صوت أمريكا” في توضيح أن واشنطن لا تتدخل في الشأن الداخلي لفنزويلا، والتشديد على أن تدهور الوضع الإنساني الحقوقي، وإلغاء الحريات السياسية يمثلان هواجس قلق إقليمية.

-يجب على واشنطن استغلال نفوذ اتصالات وزارة الدفاع الأمريكية مع الجيوش الواقعة في محيط فنزويلا للتأكيد على القوات الأمنية الفنزويلية بضرورة الالتزام بالدستور والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.

-يتعين على الإدارة الأمريكية طمأنة جيوش أمريكا اللاتينية بأنها لا تعتزم تنفيذ عمل عسكري ضد فنزويلا.

-يجب أن تعمل واشنطن مع منظمة الدول الأمريكية، ودعم جهود دول أمريكا الجنوبية في بدء حوار فعال داخل فنزويلا يستهدف إجراء انتخابات تشريعية حرة وعادلة وذات مصداقية، وإقناعها بوجود مراقبين.

-حث دول مثل البرازيل وشيلي وكولومبيا وبيرو، بشكل سري، على تأييد دعوة الأمين العام لمنظمة الدول الأمريكية لإجراء حوار مع المعارضة، وتذكير فنزويلا بالتزاماتها باعتبارها وقعت على الميثاق الديمقراطي للبلدان الأمريكية.

-ينبغي على واشنطن تذكير الدول الإقليمية المحيطة بأن العقوبات الأمريكية الحالية تستهدف أفرادا، وليس الغرض منها معاقبة فنزويلا ككل.

– يتعين على المسؤولين الأمريكيين التأكيد على استمرار الولايات المتحدة السوق الأكبر للنفط الفنزويلي، والسعي لتجنب إجراءات من شأنها خلق صعوبات أكبر على الشعب الفنزويلي.

-العمل الشعبي والدبلوماسي على توصيل فكرة أن الولايات المتحدة لم تقطع علاقتها بفنزويلا، وأنها ما زالت تهتم بتأسيس علاقات بناءة وعملية.

المصدر

اقرأ المزيد

إيران تُقرض فنزويلا نصف مليار دولارفنزويلا تسعى إلى صدارة المجموعة من بوابة بيروفنزويلا ترفع مستوى تمثيل فلسطين من ممثلية إلى سفارةرئيس فنزويلا: العقوبات الأمريكية الجديدة تهدف إلى الإطاحة بحكومتي