على مدار عامٍ كامل أبدع الفلسطينيون في الأراضي المحتلة بتحقيق إنجازات أبهرت العالم، فكان لشبابه الصدارة في مختلف المجالات العلمية والفنية والأدبية حاصدين أكبر الجوائز على مستوى العالم والوطن العربي؛ ما يُشير إلى أن المعاناة التي يتكبدها الفلسطيني لا تلوذ به إلى الفراغ والانطواء على نفسه بل تدفعه إلى إثبات ذاته وقدراته عبر الإنجاز، بعيدًا عن أي مثبطات سياسية احتلالية.

«إضاءات» في حصاد 2016 حاول تسليط الضوء على أبرز 10 شخصيات فلسطينية استطاعت تحقيق إنجازات هامة:


1. حنان الحروب (المعلم الأفضل في العالم)

في الربيع أزهر إنجازها لتكون الفلسطينية الأولى على مستوى العالم التي تفوز بجائزة أفضل معلم في العالم، التي تُقدمها مؤسسة «فاركي فاونديشن» البريطانية (الذراع الخيرية لمؤسسة GEMS الدولية التربوية)، وتبلغ قيمة الجائزة مليون دولار.

«الحروب» ابتدعت منهاجًا يُربي الأمل لدى الأطفال الفلسطينيين، ويُساعدهم على تخطي الصدمات التي يعيشونها، تُحاول أن تُنهي تفاصيل المأساة التي تعكسها الأوضاع الأمنية الصعبة من خلال سياقات مُتعددة كـ اللعب والرسم والحركة؛ لتقودهم إلى التساؤل والحوار والتفكير والشعور، ما يجعلهم يُعبرون عن قيمهم وأخلاقياتهم كبشر صغار ينمون بشكل يضمن عالما أكثر عدلًا وجمالًا وحرية.

المنهج الذي ابتدعته الحروب من واقع المعاناة ونفذته في بيئة الألم المُحيطة بالطالب في المراحل الدراسية الأولى حقق إنجازًا بإعادة سلوك الطلبة الذين تعرضوا للصدمة والخوف نتيجة أعمال القتل والعنف والإرهاب الإسرائيلي بحقهم وحق أُسرهم؛ إلى طبيعته فباتوا يُحققون نتائج إيجابية في دروسهم وكذلك باتوا أكثر قوة وثبات وثقة بأنفسهم وبقدراتهم.

تفوقت الحروب على ثمانية آلاف مشارك في المسابقة من كافة بلدان العالم، كان بينهم معلمون من دول حققت إنجازات عظيمة في مجال التربية والتعليم كالهند واليابان وفنلندا.

حنان الحروب

2. هبة الشرفا (أول معلمة متلازمة في قطاع غزة)

مثّلت هبة الشرفا (26 عامًا) حالة استثنائية في قطاع غزة، فكانت الأولى ممن عانين من مرض متلازمة «داون سيندروم»، وأصبحت في مارس/أذار 2016 معلمة لأطفال يمرون بذات المعاناة والألم الذي عايشته منذ ولادتها، مُحققة بذلك حلم الطفولة وطموح العمر.

انتقلت من مقاعد الدراسة في جمعية الحق في الحياة، والتي لازمتها منذ كانت في الخامسة من عمرها، إلى طاقم التدريس في ذات الجمعية، التي تُعد الأولى في رعاية المصابين بمتلازمة «داون» بتعليمهم وتدريبهم من أجل دمجهم في المجتمع.

المُعايشة لذات الوجع الذي يمر به أطفال متلازمة داون من حيث عدم تقبل المجتمع لهم منحتها قدرة أكبر على فهم احتياجاتهم، وباتت تنقل لهم الخبرات العلمية والمهارات التي حاول والداها تعزيزها لديها منذ كانت طفلة في الخامسة.

هبة الشرفا

3. ربعي المدهون (أول فلسطيني يفوز بجائزة البوكر)

من بين 159 عملًا روائيًا قدمتها 18 دولة عربية تُوجت «مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة» لكاتبها الفلسطيني «ربعي المدهون» بالمرتبة الأولى ليكون أول فلسطيني يفوز بجائزة «البوكر»؛ الجائزة العالمية للرواية العربية.

ترعى الجائزة «مؤسسة جائزة بوكر» في لندن، فيما تمولها «هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة» في الإمارات العربية المتحدة، بقيمة 50 ألف دولار أمريكي للفائز، بالإضافة إلى ترجمة روايته إلى اللغة الإنجليزية، ودعمه في كل الاتجاهات للحصول على تقدير عالمي والوصول إلى أعلى نسبة مبيعات للرواية.

عُدت «مصائر» المكونة من أربعة أقسام بأنها رواية “رائدة” تمكن خلالها الراوي في كل جزء من معالجة إحدى حركات الكونشرتو (صنف من التأليف الموسيقي، وُضع لآلة واحدة أو لعدة آلات مرافقة الفرقة الموسيقية؛ أي تقوم آلة أو آلتان أو ثلاث بأداء الدور الرئيسي، أما الفرقة فتكون مرافقة فقط)، وصولًا إلى الجزء الرابع الذي يطرح فيه أسئلة حول القضايا الفلسطينية الثابتة كـ النكبة وحق العودة.

ربعي المدهون

4. أشرف أبو عمرة (جائزة أندريه ستينين للتصوير الصحفي)

في أغسطس/آب 2016 تمكن المُصور الصحافي «أشرف أبو عمرة» من الفوز بجائزة المسابقة الدولية للتصوير الصحفي «أندريه ستينين» عن صورته التي التقطها للطفلة الشهيدة رهف حسان وهي بين ذراعي والدها الذي أُصيب في القصف ويرفض أن يتركها، ويُناديها بأن تستفيق، لكن دون جدوى.

إنسانية الصورة وحجم المأساة والألم التي جسدها الأب، كانت الهدف الذي سدده أبو عمرة في مرمى المسابقة الدولية للتصوير الصحفي على مستوى العالم عن فئة الصورة الإخبارية التي نظمتها وكالة «روسيا سيغودنيا» برعاية اللجنة الروسية لشؤون اليونسكو، والتي تُعد المؤسسة الأكبر والوحيدة في روسيا للمصورين الشباب، متجاوزًا بذلك 71 دولة على مستوى العالم وأكثر من 7 آلاف مصور صحافي.

كانت الجائزة إهداءا نوعيا من أبو عمرة لروح الشهيدة رهف حسان، ولوالدها ولكافة الإعلاميين الشهداء الذين اصطادتهم رصاصات وصواريخ الاحتلال أثناء تأديتهم واجبهم المهني والإنساني، وتأكيدًا على حجم المعاناة التي يتجرعونها أثناء عملية كشف الحقيقة سواء بالألم النفسي أو بالإصابة.

أشرف أبو عمرة

5. حسين مرتجى (فريق خبراء الأمم المتحدة لدراسة الشباب والأمن والسلام)

لم يمر اليوم الدولي للشباب الذي وافق 12 أغسطس/آب 2016 اعتياديًا على الشاب «حسين مرتجى»، فقد تم اختياره من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ليكون ضمن فريق استشاري من الخبراء للقيام بدراسة مرحلية حول الشباب والسلام والأمن.

اختيار مرتجى لم يكن من قبيل المصادفة، بل لأنه رسم حدود مستقبله بالعلم والمعرفة ودعمها بالنشاط التفاعلي على المستوى المحلي والعربي والدولي، فهو في البداية أنهى دراسته من جامعة الأزهر بغزة في تخصص هندسة الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات، ومن ثم استكمل مشواره التعليمي في مجال تطبيقات الأعمال والريادة فحصل على درجة الدبلوم.

تميزه جعله يحصد منحة التبادل الطلابي EACEA آنذاك. وفي عام 2008 كان ناطقًا باسم ضحايا النزاعات في قطاع غزة، واستطاع بعدها أن يُؤسس لمجموعة «رسائل الشبابية» التي أدت دورًا كبيرًا في تفعيل الأنشطة الشبابية على المستويين المحلي والدولي التي تُعرِّف العالم بالقضية الفلسطينية.

حسين مرتجى

6. أديان عقل (بطلة العرب في الذاكرة الاستثنائية)

في 30 أغسطس/آب 2016 تُوجت «أديان عقل» بثوب البطولة العربية للذاكرة الاستثنائية بنسختها الخامسة المتعقدة في الجزائر، بعدما تفوقت على قرابة 317 شخصا من 11 دولة في اختبار «حساب اليوم الموافق».

تمكنت الفتاة التي لم تتجاوز الثامنة عشر من ربيع عمرها، من تسجيل رقم قياسي على المستوى العربي بتحديد 94 تاريخًا خلال 5 دقائق فقط، فيما منافسها الجزائري لم يتمكن من تحديد أكثر من 36 تاريخًا.

فهي تحفظ تقويما سنويا يُقدر بمليار سنة، تُتقن التواريخ الماضية والمستقبلية فيه وتستطيع تحديد اسم اليوم الذي يوافق أي تاريخ بدقة متناهية خلال ثانية واحدة فقط، وتلك ملكة من الله خصها بها دون غيرها تتمنى أن تنفع بها دينها، وهو ما حملها إلى دراسة الشريعة لتتمكن من فهم الإعجاز العددي في القرآن الكريم ويقودها إلى تطوير حلمها بدراسة الفلك لترفع اسم فلسطين عاليًا.

أديان عقل

7. ميس شديد (جائزة الملك عبد الله الثاني للإبداع العلمي)

ظفرت «ميس» ابنة بلدة طولكرم بالضفة المحتلة، منفردة من بين 13 منافسًا على مستوى الوطن العربي قدموا 83 بحثًا واختراعًا علميًا، بجائزة الملك عبد الله الثاني بن الحسين للإبداع العلمي في البحوث التطبيقية، والتي تُمنح مرة كل عامين، وذلك عن رسالة الماجستير الخاصة بها والتي حملت عنوان «التجفيف الشمسي للحمأة المستخرجة من محطات معالجة المياه».

تخرجت المهندسة شديد من كلية الهندسة الكيميائية في جامعة النجاح الوطنية بدرجة امتياز خلال العام الدراسي 2011 فكانت من العشرة الأوائل، ومن ثمَّ استكملت مشوارها العملي والمهني في الجامعة.

على مدار عام كامل عملت مساعدة بحث وتدريس في قسمها الذي تخرجت منه، وبعدها حصلت على منحة DAAD لعام 2012؛ ما مكنها من استكمال رسالة الماجستير في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الأردن بتخصص هندسة كيميائية متقدمة.

خلال دراستها للماجستير تمكنت «شديد» من اختراع جهاز يُستخدم في تجفيف الحمأة (مخرجات ورواسب عملية تنقية ومعالجة المياه العادمة) عبر الطاقة المتجددة للاستفادة منها بدلًا من إلقائها في الأودية التي تُؤدي إلى مشاكل بيئية وتُلحق الأذى بالسكان والأراضي الزراعية.

ميس شديد

8. أحمد السوافيري (جائزة إنجاز العمر)

في عام 2008 أُصيب «أحمد السوافيري» خلال الحرب التي عُرفت وقتها بـ «الرصاص المسكوب»، ما أدى إلى بتر ثلاثة من أطرافه (الطرفين السفليين والطرف العلوي الأيسر وثلاثة أصابع من الطرف الأيمن)، لكن إرادته في الحياة لم تُبتر، وإصراره على استكمال الحلم لم يفتر.

استكمل دراسة الثانوية، وما لبث أن التحق ببرنامج الدبلوم في تخصص تأهيل الدُعاة بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، وتخرج بتفوق عام 2012، ما أهله لاستكمال دراسته الجامعية والحصول على ليسانس التربية الإسلامية من جامعة الأمة للتعليم المفتوح.

تفوقه الدراسي كان سببًا في حصوله على فرصة عمل كمدرس لمادة التربية الإسلامية لطلاب المرحلة الابتدائية في مدرسة شهداء الزيتون بغزة، والذي عدته مؤسسة «روتا» إنجاز العمر وكافأته عليه بمنحه الجائزة التي انطلقت عام 2012، وأُقيمت نسختها الثانية في 2014 فيما نسختها الثالثة هذا العام.

فهو من تحدى إرادة المحتل في تعجيزه عن استكمال حياته الاجتماعية والعلمية والمهنية، فأعجزها عن هدفها وتمكن من تكوين أُسرة ومن الالتحاق بقطار العمل في قطاع التعليم، ليكون قدوة لأجيال متتابعة لا تهن ولا تلين برغم ما تُعانيه من آلام وصعوبات.

أحمد السوافيري

9. أحمد بديع طه (الأول في حفظ القرآن الكريم في العالم الإسلامي)

من بين 78 دولة نافست على المرتبة الأولى في حفظ القرآن على مستوى العالم الإسلامي، كانت الغلبة للطبيب «أحمد بديع طه» ابن فلسطين البالغ من العمر 24 عامًا من الضفة المحتلة.

رحلة حفظه للقرآن الكريم بدأت متأخرًا بعد انتهائه من الثانوية العامة وخوضه المرحلة الجامعية في كلية الطب بجامعة القدس أبو ديس، لكنها لم تستغرق أكثر من عام أتم خلاله الحفظ بأحكام التلاوة والتجويد.

وما إن بات على أعتاب السنة الدراسية الثانية، حتى حصل على إجازة السند المُتصل، التي أهلته للمنافسة في العديد من المسابقات المحلية والعربية. فخلال العام 2012 حصد المرتبة السادسة في مسابقة القرآن الكريم في دبي، وبعدها بثلاث سنوات (2015) حصد المرتبة الثالثة في دولة الكويت، وأخيرًا تُوج بالمرتبة الأولى على مستوى العالم الإسلامي في مسابقة الملك عبد العزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم.

أحمد بديع طه


10. هاني الخوري (أكبر لوحة في العالم مصنوعة من الخبز منتهي الصلاحية)

أحمد بديع طه

بصورة بورتريه للكاتب الفلسطيني طه محمد علي، خط ملامحها بأقراص الخبز المُحمص منتهي الصلاحية وعُدت أكبر لوحة في العالم، استطاع «هاني خوري» من الناصرة بالداخل المحتل 1948، والذي يُدير مشروع «بصمة»، الانضمام لموسوعة جينيس للأرقام القياسية خلال يناير/كانون الثاني 2016 الماضي.

حاول خوري عبر لوحته معالجة قضية الجوع في العالم، عبر استخدام آلاف أقراص الخبز منتهي الصلاحية، والتي تم تجميعها من المُخلفات اليومية للسكان.

وأراد من خلال شخصية الكاتب طه محمد علي، المعروف بتواضعه وبساطته، أن يضع بصمة أُخرى، وهي النظر إلى تلك المخلفات ومحاربة الجوع بها عبر تقليصها وتوجيهها إلى المحتاجين والجياع والفقراء في شتى أرجاء العالم.

هاني الخوري
المراجع
  1. "ربعي المدهون يفوز بجائزة البوكر العربية"، موقع الجزيرة نت، 26 إبريل 2016.
  2. "المهندسة ميس شديد من جامعة النجاح تفوز بجائزة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للإبداع"، موقع جامعة النجاح الوطنية.
  3. "طبيب فلسطيني حفظ القرآن وفاز على العالم الإسلامي"، موقع رام الله مكس، 27 أكتوبر 2016.