الطفولة مرحلة غنية بالكثير من الأحلام المتفائلة ثم الاكتشافات الواقعية التي تحتاج لكثير من الصبر، هذه المرحلة تحتاج من الأبوين انتباهًا خاصًا، فهي المرحلة التي يتطور فيها الدماغ بسرعة كبيرة، ويؤثر الأسلوب في التربية في تنمية ذكاء الطفل، والحقيقة أن أطفالنا جميعهم لديهم مزيج فريد من نقاط القوة والضعف، هذا المزيج السحري هو مادة خام بين يديك فلا تضيعه.


الذكاء، المشكلة والحل..

1. تعريف الذكاء

يعرف البعض الذكاء بالقدرة على التفكير السليم، أو وضع حلول للأزمات التي نواجهها، ولكن هناك تعريفًا آخر أكثر دقة، الذكاء هو حاصل التخيل حيث إن كلًا من الخيال والذكاء طرفان مهمان في نمو الطفل، كما أنه هو القدرة على تكيف الفرد مع المجتمع المحيط به والقدرة على اكتساب المهارات والتعلم من خلال الاحتكاك بالأفراد ضمن المجتمع.

2. أنواع الذكاء

نشير هنا إلى تقسيمات «ثرستون نري – Thurston Nary» الذي اعتقد بوجود عدد من العوامل أطلق عليها «القدرات العقلية الأوّلية»، ورأى أن السلوك الذكي يعد نتيجة لهذه القدرات العقلية التي تختص كل منها بوظيفة عقلية معينة.

وضع ثرستون 8 أنواع للذكاء منها الذكاء اللفظي ويعني ذكاء الكلمة والتعبير الذكي بالكلمات بتراكيب لفظية إبداعية. الذكاء الرياضي المتعلق بالعمليات الحسابية والهندسية. الذكاء الحسي أو الحركي وهو القدرة المتقدمة على الحركة ويتميز بها الرياضيون الذين يتميزون بقدرتهم على إتقان الألعاب الرياضية بمهارة. الذكاء الاجتماعي ويهتم فيه الطفل بالتفاعل مع غيره من الأفراد وتكوين العديد من العلاقات الاجتماعية، ويتسم هذا النوع من الذكاء أن صاحبه شخص قيادي، وهناك الذكاء الذاتي أو الفردي وتجد الطفل المتسم به ينخرط ضمن المجتمع دائمًا ليحلل ويفسر التصرفات وأحيانًا أخرى ينعزل لتجده مهتمًا بقراءة كتاب معين.

الذكاء الموسيقي حيث يهتم بحفظ الأغاني والألحان ويقوم بتحويل كل مايريد حفظه للحن معين فهو لا يصعب عليه حفظ أي شيء ويكتشف إيقاع كل شيء في الحياة حتى صوت هدير الماء. الذكاء الصوري أو البصري ويصور الطفل فيه الأحداث في صور متعددة أو فيلم ومن ثم يحفظها فيرتبها داخل ذهنه، وأخيرًا الذكاء الحيوي أو البيئي لأشخاص يميلون إلى حب الدراسة والاهتمام بالبيئة المحيطة وتصوير جمالها والابتعاد عن الرتابة والروتين والانعزال عن الأفراد.

3. التطوير منذ الصغر

وفقًا للدراسة التي أجراها «رونالد فيرغون – Ronald Ferguson» بجامعة هارفارد، فإن إعطاء طفلك السبق في التعلم يجب أن يبدأ من سرير الطفل، بعدد من الأنشطة التالية لدعم تنمية الطفولة المبكرة، ومنها الحديث والغناء واستخدام ألعاب الإيقاع والعدد. وعلى الأب أن يستمع لطفله وهو يتحدث ويعزز جهود التواصل بينهما، فقد أظهرت دراسة أخرى أن الأطفال الذين منحهم الحظ محادثات أكثر في المنزل كان لديهم قدر أكبر من النشاط الدماغي والموقف اللفظي، وبالتالي عليك أن تطرح الأسئلة وتنتظر الرد بدلاً من الانخراط في سرد أحادي الاتجاه من الأطفال.

اقرأ أيضًا:هل تريد طفلاً عبقريًا؟ إليك الطريقة


وسائل تنمية ذكاء الطفل

1. اللغة والحديث

من يلوم على بعض الأمهات اللاتي يستخدمن طريقة الحديث مع الطفل ووضع الاختيارات أمامه أو استخدامهم كلمات يصفها البعض أكبر من سنه، لا يدري قطعًا أن الحديث مع الطفل عن كل شيء وأي شيء طوال الوقت سوف يبني مهاراته اللغوية، تحدث معه وحسب، فوفقًا لدراسة أمريكية الأطفال الذين يربون في أسر ثرية اللغة حصلوا على درجات معدل ذكاء أعلى بـ38 نقطة من الأطفال الذين تربوا في منازل منخفضة اللغة أو ذوي قاموس لغوي ضعيف.

2. تحدي ذاكرة الطفل

اطلب من طفلك بعد قراءة القصة أو الكتاب أو مشاهدة فيلم الكارتون أن يكرر ما فهمه أمامك مرة أخرى بكلماته الخاصة، واكتشف ما إذا كان بإمكانه إعادة إنشائها أم لا، لبناء ذاكرته اللفظية والبصرية.

3. استخدم الأرقام

ابنِ لطفلك المفاهيم الرياضية في محادثاتك، على سبيل المثال: قل له :«العشاء سيكون جاهزًا في أقل من 5 دقائق / هل تريد كعكة كاملة أم نصف كعكة؟ / الآن لديك 5 تفاحات» فهذا النشاط الحسابي يحمل طفلك إلى منطقة قياس الأشياء بالعقل، وهي مطلوبة لرفع درجة ذكائه.

4. دع طفلك يحل المشاكل بنفسه

جميعنا يريد تسهيل الحياة على أطفاله، ليحقق لهم مساحات أكبر من المتعة، ولكن دعه يتحرك، اطلب منه أن يستعيد الكرة التي ابتعدت عن المكان على طريقته الخاصة، امنحه صوتًا في اتخاذ الخيارات، امنحه الفرصة في الاشتباك مع الحياة.

5. لا تقرأ لطفلك.. اقرأ معه

لا تدعهم فقط ينظرون إلى الصور في الكتاب، ولكن تتبع الكلمات بيدك وأشر إله ما تدل عليه في الصور، وجِّه انتباههم إلى الكلمات واقرأ معهم لا تقرأ لهم فقط.

6. الحرمان من النوم يقلل من ذكاء الطفل.

أوضح العلماء أن خسارة ساعة واحدة من النوم تعادل سنوات من النضج المعرفي والتنمية، وأن هناك علاقة بين الدرجات ومتوسط كمية النوم.

ما سبق بعض مما يمكنك أن تقوم به في البيت كأم أو أب مع طفلك لتنمية ذكائه، والتي تعد طرقًا واضحة، وهناك أيضًا طرق منهجية تحتاج إلى وقت أطول، منها ما قالته «ويندي ماس – Wendy Masi» في كتابها «الآباء» ونشر في مقالها: إنه يجب جعل طفلك يفهم أن لا إجابة واحدة صحيحة لكل موقف، كما تنصح ويندي بجعله يستخدم اللعب التي تمنحه اختيارات كثيرة، أو الألعاب التي تحتاج للتفكير، وتعرفه بوجود أكثر من إجابة محتملة لكل موقف.

7. ممارسة الأنشطة

1. شجع ابنك على التمارين الرياضية، فهي لا تجعله قويًا فقط، إنما تجعله طفلاً ذكيًا ، عليك أن تعرف أن التمرين يزيد من تدفق الدم إلى الدماغ ويبني خلايا دماغية جديدة.

2. الاعتقاد أنه لا علاقة بين العاطفة والنمو الدماغي للطفل اعتقاد خاطئ، فقد لاحظ العلماء أن الأطفال الذين لا يبادلهم آباؤهم مشاعر الحب الواضحة، أعاق ذلك نمو دماغهم، فالمحبة والعناق تخلقان تفاعلاً بينك وبين طفلك وتوفر مهارات التفكير العليا وتعد قاعدة آمنة لطفلك.

3. الأنشطة المرتبطة بالعقل والحركة جميعها تنمي الذكاء كاستخدام المكعبات الخشبية، وهناك أحد التمارين المهمة، ويستخدم فيها العجين والأجسام المختلفة من الزجاج والطباشير والأقلام الملونة والورق، ويتم عمل أشكال من العجين وتوضع جانبًا، ثم يأتي الطفل بالورقة ويرسم عليها أشكالاً مختلفة ويميزها بأسماء، ويطلب من الطفل مطابقتها بما صمم من العجين.

4. أنشطة التخمين تجعل الطفل يميز الأشياء وهو معصوب العينين، ويمكنك في ذلك استخدام الفاكهة أو الأدوات الخشبية أو العلب الخاصة بالحليب، ويخمن ما يلمس.

ولثراء أكبر فيما يخص أنشطة الطفل المساعدة على نمو ذكائه فقد أصدرت وحدة النمو في مرحلة الطفولة المبكرة التابعة لليونيسيف كتابًا خاصًا بمرحلة الطفولة، ويشتمل على مجموعة من التمارين والأفكار التي تنمي قدرات الطفل العقلية والعضلية، والكتاب يحمل عنوان «صندوق حافل بكنوز الأنشطة» وصدر عام 2009.

في النهاية نتمنى أن ينعم أطفالنا بقدرات متفوقة من الذكاء.