محتوى مترجم
المصدر
Rand
التاريخ
2015/08/31
الكاتب
برايان مايكل جينكينز

يُشكِّل التقارب بين الشبكات الإرهابية الوحشية والعناصر الإجرامية الجشعة تحديات فريدة وخطيرة. يوفِّر المجرمون للإرهابيين الموارد البشرية والمهارات التي يمكن أن تُعزز من قدراتهم التشغيلية، في حين يوفِّر الإرهابيون للمجرمين مصادر جديدة للربح والترشيد السياسي. لكن ينطوي التقارب أيضًا على مخاطر بالنسبة إلى الجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية على حد سواء.

إنَّ قيام شبح عصابات المخدرات بإقراض مهاراتهم المتقدِّمة في اختراق حدود أمريكا للإرهابيين المتعطشين للدماء والعازمين على مهاجمة الوطن الأمريكي قد يبدو في الواقع أمرًا مرعبًا، لكن هذه العلاقات ليست شيئًا جديدًا ونادرًا ما قد تبدو مضاعفة شاملة للتهديدات.

تنخرط الجماعات الإرهابية في أنشطة إجرامية طوال الوقت لتمويل عملياتها. وينفِّذ أعضاؤها عمليات سطو على البنوك ويشاركون في خطف الفدى وعمليات الابتزاز. لقد أصبح الجيش الجمهوري الأيرلندي ضالعًا بشكل عميق في الاحتيال في مجال التأمين.

وتتحصَّل منظمات إرهابية في كولومبيا وأفغانستان والشرق الأوسط على إيرادات من الاتجار في المخدرات. ويشارك حزب الله في التزوير، بما في ذلك فبركة المنتجات الصيدلانية. وتدير الدولة الإسلامية اقتصادًا قائمًا على النهب وتستولي على أصول السيارات والمولدات ومعدات البناء في البلدات التي تحتلها لبيعها في السوق السوداء. كما يُخفي تدميرها للمواقع الأثرية التجارة المربحة في الآثار.

كما يقوم الإرهابيون بتجنيد المُدانين في صفوفهم، هؤلاء الذين يمكنهم أن يزوِّدوا المسلحين بالاتصالات والمهارات الجنائية التي قد يفتقر الإرهابيون أنفسهم إليها. وهم قد ينظرون إلى المُدانين أيضًا كضحايا للاضطهاد من قِبل المجتمع الرأسمالي الكافر، أو كأفراد قد يكونون على نحو خاص عرضة لدعايتهم التجنيدية. وقد يتبنى المجرمون الأيديولوجيات المتطرفة لتبرير وتغطية الجريمة.

لقد قامت حركة توباماروس في الأوروغواي بتجنيد المجرمين كما فعلت النواة البروليتارية المسلحة في إيطاليا، والتي نُظِر إليها على أنها «شبه بروليتارية». ويمكن أن توفِّر التسمية الإرهابية يمكن نوعًا من المصداقية الإجرامية للمجرمين الطموحين.

وإن قادة إرهابيين من قبيل أندرياس بادر، وهو المؤسس المشارك لفصيل الجيش الأحمر الألماني، ودونالد دي فريزي، الذي نصب نفسه «مشيرًا» لجيش التحرير التكافلي، قد بدأوا وظائفهم كمجرمين عاديين أصبحوا راديكاليين من خلال لقاءات مع متطرفين يساريين.

وفي الوقت نفسه، إن العصابات الإجرامية ليست بعيدة عن القيمة الإستراتيجية للإرهاب. لقد عرفت المافيا الإيطالية هذا منذ فترة طويلة، فقامت بتنفيذ حملات تخويف اشتملت على اغتيال مسؤولين عموميين وتفجيرات إرهابية لتخويف المحققين. كما قام تجار المخدرات في كولومبيا بعمليات خطف وتفجيرات لإثناء الحكومة عن تسليم رفاقهم المسجونين إلى الولايات المتحدة.

وتستخدم العصابات المكسيكية التكتيكات الإرهابية الكلاسيكية أيضًا، بما في ذلك قطع الرؤوس والقتل الجماعي.

قد تقوم الجماعات الإرهابية بتكليف المجرمين أو بالتعاون معهم في مهمات محددة. في عام 2011، زُعِم أنه قد قام مسؤول إيراني بارز بتجنيد ابن عمه في أمريكا لاغتيال السفير السعودي في واشنطن. وابن العم، في المقابل، تواصل مع من كان يعتقد أنه عضو منظمة مكسيكية، والذي كان، في الواقع، عميلًا سريًا للولايات المتحدة، للقيام بعملية القتل. وقد غذت هذه الحلقة الغريبة المخاوف من أن العصابات الإجرامية في المكسيك كانت بالفعل في تحالف مع الإرهابيين الجهاديين.

لكن تخلق مثل هذه التحالفات مخاطر لكلا الجانبين. تنتج الأنشطة الإجرامية لمنظمة إرهابية ما تدفقات نقدية يمكن أن تصبح غاية في حد ذاتها. وهو ما يمكن أن يحول الحماس الديني إلى جشع، ويحول القضايا السياسية إلى مؤسسات إجرامية هادفة للربح وأفراد فاسدين ويشوه سمعة الجماعة بين أتباعها الأكثر إخلاصًا.

وبافتقارها إلى الإخلاص الوطيد مع شركائها المتطرفين، لا تكون العناصر الإجرامية موالية عادة إلا إلى الربح وهي تضاعف بالتأكيد من التهديدات بين الإرهابيين. والمنظمات الإجرامية أيضًا أكثر عرضة للاختراق من قِبل المخبرين.

ربما الأكثر إثارة لقلق المجموعات الجنائية الناجحة هو أنه يمكن أن تؤدي التحالفات مع الإرهابيين إلى تهديد أعمالهم من خلال دفع السلطات إلى استهدافهم لإنفاذ أكثر عدوانية.

لقد تكلمت بعض التقارير عن أن عصابات المخدرات في المكسيك تجني المليارات من الدولارات سنويًا وليس من المرجح أن تتعامل مع الإرهابيين إذا كان يمكن أن يعني ذلك ضربة لمصالحها العليا. وعندما تتحول مشاكل إنفاذ القانون إلى تهديدات أمنية وطنية، فإن قواعد الاشتباك تتغير- وقد تحل ضربات الطائرات بدون طيار محل الاعتقالات والملاحقة القضائية.

إن فكرة أن الحكومات المعادية ستعمل من خلال عصابات إجرامية لتجنب المسؤولية بشأن هجمات معينة، ستعمل فقط إلى حد ما. وقد أثبتت الولايات المتحدة استعدادها للرد على تلك الدول التي تعتبرها راعية للإرهاب – ليبيا والعراق هما مثالان على ذلك – بغض النظر عمن ينفذ هذه الهجمات.

في حين أن فكرة توحيد القوى بين الإرهابيين والمجرمين تعد مخيفة بالتأكيد، فإنها ليست شيئًا جديدًا وليست شيئًا يعمل ببساطة في الناحية العملية كما لو كان في لوحة بيضاء. ومع ذلك، فإنه يشكل تهديدًا يستحق المراقبة.