هذا هو المقال الرابع في سلسلة تتناول “الجبهة الإسلامية” الذي يمثل التحالف الثوري الأكبر المناهض لحكومة الأسد في سوريا.

وأعلنت الجبهة خلال بيان رسمي عن رغبتها في “تأسيس دولة مستقلة تسود فيها شريعة الله، ويتمتع مواطنوها بالعدل والحياة الكريمة”.

الالتزام بتطبيق الشريعة يمثل ديدنا للأصوليين، لكن الكثيرين في الحركة الإسلامية المعاصرة، لا سيما الإخوان المسلمين، والجماعات التابعة لها يرون أن تطبيق الشريعة، أو القانون الإسلامي، ينبغي أن يكون في إطار عملية تدريجية من الإصلاح الاجتماعي والتعليم العام، ترتكن على انتصارات انتخابية وهيمنة سياسية مؤسسة بعناية.

لكن الجبهة الإسلامية ليست كذلك، رغم أنها تناصر الجهود الاجتماعية والتعليمية التي تساعد على تنمية الوعي الإسلامي العام، لكنها ترفض فكرة السماح للسوريين بالتصويت على تطبيق الشريعة، أو أي من درجاتها.

ووفقا لقراءة الجبهة الإسلامية للقرآن، المستوحاة من المنهج السلفي، فإن ترك قرار الشريعة في يد الشعب يعني وضع الرغبات البشرية فوق السيادة الإلهية، بما يندرج تحت بند البدعة.

دولة إسلامية أو لا شيء

ولذلك، لا يبعث على الدهشة أن تنبذ الجبهة الإسلامية العلمانية، وتعتبرها فصلا للدين عن الحياة والمجتمع، وتقيدا بالطقوس والعادات والتقاليد. كما تعتقد أن ذلك يناقض الإسلام الذي ينظم شؤون الأفراد والمجتمع والدولة.

وعلاوة على ذلك، تزدري الجبهة الإسلامية مصطلح “دولة مدنية”، والذي استخدمته جماعة الإخوان، وفصائل إسلامية أخرى لتجاوز الاختلافات مع فصائل علمانية، وحلفاء غربيين.

ووفقا للبيان الرسمي، فإن المصطلح المذكور فقير التعريف ومضلل، كما أعلنت الجبهة عدم استعدادها لقبول أي غموض بشأن هدف إنشاء دولة إسلامية.

وعلاوة على ذلك، فإن الديمقراطية والحكم البرلماني من الأمور المرفوضة من وجهة نظر الجبهة الإسلامية، التي ترى أن الأنظمة الانتخابية تستند على تشريع يمنح حقوقا للشعب من خلال مؤسسات ممثلة له، بينما ينبغي أن يكون الحكم لله فقط في الإسلام، استنادا إلى الآية القرآنية “إن الحكم إلا لله”.

الثيوقراطية مع الضوابط والتوازنات

رأى حسن عبود رئيس المكتب السياسي للجبهة الإسلامية، والقيادي بأحرار الشام، تلك الجماعة السلفية المسلحة، أن الدولة الإسلامية سوف تضمن الحرية السياسية، وتابع في مقابلة مع الجزيرة الإنجليزية: “يعاني الغرب من مفاهيم خاطئة عن الإسلاميين بوجه عام”.

ويعتنق عبود ورفاقه رؤية مفادها أن تلك الدولة الإسلامية في سوريا ستكون مبنية على نظام مؤسسي وليس حكما استبداديا، كما لن يهمين فرد أو فصيل واحد على مقاليد الأمور، بالإضافة إلى رصد ممارسات المسؤولين، عبر القوانين والمحاكم، ومنع التراكم غير المستحق للسلطة.

وأشار عبود إلى أن المرأة سيسمح لها بالدراسة والعمل، بما لا يخالف شرع الله.

وسخر عبود من تساؤلات تتعلق بإمكانية السماح للمرأة بقيادة السيارات، وأضاف أنه لا توجد اقتراحات بمنع المرأة من ممارسة ذلك.

لا ديمقراطية لكن يسمح ببعض التصويت

وتابع عبود: “عندما نرفض الديمقراطية، فإن ذلك لا يعني رغبتنا في نظام استبدادي ديكتاتوري شمولي يصادر الحقوق ويقمع الناس، بل نرغب في نظام يعتمد على الشورى ومشاركة الأمة التي يمكن أن تلعب دورا في الإشراف على حاكمها، ويسمح هذا النظام بتصويت في بعض الأمور، مثل تعيين مسؤولين، وتخصيص الموارد، طالما لا يمس ذلك الشريعة”.

وعلى ما يبدو، فإن عبود يرغب في تأسيس دولة أشبه بنسخة سنية من إيران، رغم أنه قد لا يحب تلك المقارنة، حيث يصبو إلى نظام ثيوقراطي يشرف عليه رجال الدين، ويتضمن درجة من درجات التنافس السياسي داخل إطار الشريعة، مع وجود مؤسسات معاصرة، على أن يكون دور السياسيين هو إدارة التنفيذ الصارم للشريعة، وليس وضع قوانين خاصة بهم.

المصدر