صدر آخر كتاب، ونأمل ألا يكون الأخير، من سلسلة الروايات الملحمية «أغنية الجليد والنار» للكاتب الأمريكي «جورج.ر.ر.مارتن» عام 2011، أي في نفس عام إذاعة الموسم الأول من مسلسل «صراع العروش» المُقتبس عنها. أذيعت الحلقة الأخيرة من الموسم السادس في 26 يونيو/حزيران عام 2016. أذيعت الحلقة الأولى من الموسم السابع في السادس عشر من يوليو/تموز الجاري.

انتظرنا أكثر من عام كامل. انتظر بعضنا ست سنوات. وأول ما خطر لمعظمنا كما أظن، بعد مشاهدة المشهد الافتتاحي؛ «حسنًا ،هذا مخيب بشدة للآمال». لكننا سنتحلى بالتفاؤل. ما زال هناك خمس حلقات والكثير من الاحتماليات. فكما يقول بيتر باليش: «كل متوالية أحداث ممكنة، تحدث الآن دُفقّة واحدة».

أعلن صناع المسلسل عن عناوين الحلقات الثلاث الأولى (دراجون ستون، وليدة العاصفة، وعدالة الملكة)، واللاتي يدرن بشكل واضح حول الثلاث ملكات: «سيرسي لانستير»، «داينيريس تارجاريان»، و«سانسا ستارك».

شاهدنا بكثير من الرعب، والدهشة، والإعجاب، تفجير سيرسي لمعبد «بايلور» المقدس وبداخله مستقبل عائلة «تايرل»، الدُورِي الأعلى بالإضافة إلى جيشه من المتدينين المتطرفين وثلث نبلاء البلاط. سلمت الراهبة أولينا لأيدي الجبل -أو النسخة اللا ميتة منه- وأعلنت نفسها ملكة الممالك السبعة. تتحدث سيرسي عن أعداء حد الشرق، أعداء حد الغرب، أعداء حد الجنوب، وأعداء حد الشمال. تقول لجايمي إنهما محاطان بالخونة، إنهما سيقهران أيا ما يقف في طريقهما.


النار البرية والملك المجنون

يحكي جايمي لبريان التارثية عن الملك آريس المجنون:

هل سمعتي عن النار البرية؟ كان الملك المجنون مهوسًا بها. كم أحب مشاهدة الآخرين يحترقون، قام بحرق سادة نبلاء لأنه لم يفضلهم، قام بحرق أيادي الملك لأنهم لم يطيعوه، قام بحرق كل من كان ضده. قبل مرور وقت طويل، كانت نصف المملكة ضده. رأى آريس ظلال الخونة بكل مكان.

ترى هل يجمع بين آريس وسيرسي غير افتتان بقدرات النار البرية وهوس بالقوة المطلقة؟

في عام 263 بعد الفتح يتزوج يد الملك «تايون لانيستر» من قريبته «جوانا لانيستر»، خلال مراسم الزفاف، يمزح الملك «آريس» بأنها خسارة فادحة أنه تم إلغاء حق الملك في الليلة الأولى. تدور الشائعات في البلاط عن سماح آريس لنفسه «ببعض الحريات»مع العروس أثناء ليلة الزفاف، لتتوتر العلاقة بين آريس وتايون أكثر.

بعد مضي فترة قصيرة تصرف الملكة «رايلا»، زوجة آريس، جوانا لانيستر من منصبها كوصيفة الملكة دون إبداء أسباب رغم علاقتهما المقربة، لتغادر جوانا مدينة «كينجز لاندينج» عائدة إلى «كاستيرلي روك» بعدها لفترة قصيرة، ولن تطأ قدمها العاصمة مرة أخرى إلا نادرًا.

عام 266 بعد الفتح تلد جوانا التوأمين جايمي وسيرسي.

عام 272 بعد الفتح، احتفالًا بالذكرى العاشرة لجلوس الملك آريس على العرش الحديدي، أُقيمت دورة ألعاب الفروسية بالعاصمة. اصطحبت جوانا لانيستر جايمي وسيرسي إلى العاصمة لتقدمهما إلى البلاط.

عام 273 بعد الفتح، بقلعة كاستيرلي روك، توفت جوانا إثر ولادتها لتيريون لانيستر.


الرأس الثالث للتنين

معظم معجبي عالم الجليد والنار لا يرون في الفقرة السابقة إلا دليلاً لنظرية من أكثر النظريات شعبية وتداولًا، وهي أن تيريون ابن آريس المجنون وبالتبعية هو الرأس الثالث للتنين.

معظم مناصري هذه النظرية يعتمدون على علاقة تايون السيئة بتيريون ورفضه لتقبله كدليل لكون تيريون الابن غير الشرعي لعلاقة بين الملك المجنون آريس وزوجة تايون الراحلة جوانا. مما يعطي تيريون دم التنين. في أول ظهور لتيريون لانستر في كتاب صراع العروش يصفه جورج.ر.ر.مارتن بأن شعره أشقر فاتح للغاية، حتى أنه أقرب للأبيض، عيناه غير متماثلتين، إحداهما سوداء والأخرى خضراء. يبدو هذا أقرب للون شعر التارجاريون المميز منه لشعر اللانستير الأصفر الذهبي كما أن العينين غير المتماثلتين عادة ما تنتجان عن التهجين.

بعد الموسم الأخير عادت هذه النظرية للسطح مرة أخرى، مستمدة قوة جديدة. لماذا؟نجى تيريون من الإصابة بمرض الصدفة الحجرية (Grey scale) رغم تعرضه لهجوم من الرجال الحجريين وإصابة جوراه مورمنت، هناك من يعتقد أن التارجاريين لديهم مناعة ضد الأمراض. تذكر دانيريس في كتاب رقصة مع التنانين أن أخاها فيسيريس كثيرًا ما أكد على مناعة التارجاريين ضد الأمراض المعدية، تؤكد داني أنها تتذكر كونها خائفة، جائعة، ظمأى أو باردة لدرجة أنها لا تستطيع النوم لكنها لا تستطيع أن تتذكر كونها مريضة.

في الحلقة الثانية «البيت»يقرر تيريون أن يفك قيود تنيني داينيريس المقيدين في قاع هرم ميرين منذ الموسم الرابع، يحكي لهم تيريون عن افتتانه بالتنانين منذ كان صغيرًا، عن حزنه عندما علم بأنه لم يعد هناك تنانين على الأرض، وأنه هنا ليساعدهما، أنه صديقهما. يبدو على التنينين التفهم، يتقبلان تيريون ويسمحان له بلمسهما. هل استطاع فيسيريون ورايجال الاحساس بدم التنين يجري بعروق تيريون؟!


نظرية مغايرة

جمع أحد المشاهد في الحلقة التاسعة «معركة اللقطاء»بين داينيريس وتيريون على ناحية، ويارا جريجوي وأخيها ثيون على الناحية الأخرى. فهل كانت هذه إشارة من صناع المسلسل لصلة الدم بين داينيريس وتيريون؟ ربما ولكنني شخصيًا، لست مقتنعة بأن تيريون تارجارياني مخفي، يبدو هذا أسهل من اللازم، حل بسيط يفسر كل شيء. بعد قراءة سلسلة أغنية الجليد والنار لا أعتقد أن جورج.ر.ر.مارتن يفضل المخارج السهلة. في الواقع، أعتقد أن جايمي وسيرسي هم أبناء الملك المجنون آريس وتيريون هو الابن الوحيد من صلب تايون لانيستر.

في بداية الإعلان التشويقي للموسم السابع، نسمع صوت سيرسي يقول: «نحن كل من تبقى من عائلة لانيستر، نحن كل من يُعد»بينما ينتقل المشهد ليظهر تيريون يراقب التنانين تطير فوق قلعة دراجون ستون.

تقول جينا لانيستر، أخت تايون الصغرى وعمة جايمي، في كتاب رقصة التنانين:

عُرِفَ عن التارجاريين تزويج الأخ لأخته لإبقاء دم التنين النقي، يحاول جايمي إقناع سيرسي بإعلان علاقتهما بعد وفاة روبرت قائلًا: «إنما كنا ولدنا تحت اسم تارجاريان، لكنا زوج وزوجة الآن، لكنا حكمنا معًا»يقول مثل شعبي في ويستروس «كلما ولد تارجارياني، يلقي الآلهة بعملة في الهواء، إما مجنون أو عظيم». ألا يمكن أن يفسر ذلك نرجسية سيرسي وجنونها المتزايد، كما يفسر التباين في الطباع بين جوفيري، مارسيلا وتومين؟يبدو لي أن هذا هو نوع الخسارة التي يفضلها جورج.ر.ر.مارتن. ترى سيرسي نفسها كابنة تايون الحقيقية الوحيدة. فجايمي يهتم برأي الآخرين ويرفض أن يضع العائلة أولًا، ويتخلى عن منصبه كواحد من فرسان الملك البيض، وتيريون وحش قتل والدتها ليأتي للعالم ثم قتل والدها ليحتفظ بحياته. انتظرت طيلة حياتها أن يراها تايون كوريثه الشرعي الأحق. لكنه ظل يراها كابنة يمكن بيعها كمهرة لتتزاوج.

بينما تايون رافضًا لتقبل ابنه الوحيد الحقيقي كل هذه السنوات، يعتبر أطفال الرجل الذي يحمل له كل احتقار وكراهية، مستقبله. فقط ليقتل في النهاية على يدي ابنه/وريثه الشرعي. ولتكون آخر كلماته: «انت لست ابنًا لي»


قاتل الملك

عزيزي جايمي، لقد عرفتك منذ كنت رضيعًا على ثدي جوانا. أنت تبتسم كجيريون، تقاتل كتيج وهناك بعض من كيفن بداخلك، وألا لم تكن لترتدي تلك العباءة البيضاء..لكن تيريون هو ابن تايون، وليس أنت. لقد قلت ذلك لأبيك مرة في وجهه، ظل رافضًا للحديث معي بعدها لأكثر من نصف عام

في بداية الإعلان التشويقي للحلقة الثانية من الموسم السابع نسمع سيرسي تقول: «ابنة الملك المجنون ستدمر المملكة»لم ينتقل المشهد لداينيريس بل انتقل لجيش لانيستر الأحمر متأهبًا.

بريان: لابد من الثقة، لتقوم هدنة. جايمي: أنا أثق بك…. ها هي. ها هي تلك النظرة، أراها منذ سبعة عشر عامًا في كل وجه. كلكم تحتقرونني. قاتل الملك. حانث بالعهد. رجل بلا شرف.

حُكم على جايمي أن يعيش بشرف ملطخ منذ أن غمد سيفه في ظهر ملكه المجنون، ليمنعه من حرق آلاف الأبرياء من سكان كينجزلاندينج. تُرى هل يضطر في يوم قريب أن يفعل المثل لكن مع توأمته/حبيبته؟ فارس آل لانيستر الذهبي، أصغر من تلقى شرف ارتداء عباءة حراس الملك البيضاء، لم يكن حتى الآن إلا بيدق في أيدي ملكه، أبيه وتوأمته.

انضم جايمي لأخوية حراس الملك الأسطورية، متخليًا بذلك عن حقه الشرعي كوريث تايون لانيستر، قلعة كاستيرلي روك، ليظل بالقرب من سيرسي. فقط ليكتشف في نفس ليلة تنصيبه أصغر عضو في تاريخ أخوية حراس الملك الأسطورية على يد قائد حراس الملك، أن الملك آريس لم يمنحه شرف العباءة البيضاء، إلا ليسلب من تايون لانيستر وريثه الذهبي. لم يتوقف تايون عن لوم جايمي لتخليه عن واجبه نحو اسم لانيستر.

يقول تايون:

لقد ماتت أمك. قبل مرور وقت طويل سأموت أنا. أنت، أخوك، أختك وكل أطفالها، أيضًا، ستموتون. جميعنا موتى، جميعنا نتعفن في الأرض. اسم العائلة هو ما يخلد. هو كل ما يهم، ليس مجدك الشخصي أو شرفك، بل العائلة. هل تفهم؟ لقد مُنحتَ نعم قليل من الرجال يمتلكونها، وُلدتَ لإحدى أقوى عائلات الممالك السبع، مازلت تنعم بشبابك. وماذا فعلت بكل ما مُنحت؟ خدمت كخفير أَغَرُّ لملكين، أحدهما مجنون والآخر سكير.

إذا ما افترضنا سقوط سيرسي، شبه المحتم، في هاوية الجنون، واستطاع جايمي أن يجلب نفسه لإيقافها بالدم، هل يعامل ساعتها كخائن أم مُخَلّص؟ هل يولد من تضحيته بتوأمته/حبه الحقيقي بطلًا، الأمير الموعود؟