لتصنع فيلمًا جيدًا سوف تحتاج إلى ثلاثة أشياء: السيناريو، السيناريو، السيناريو
ألفريد هيتشكوك

شهدت سنة 2020 تراجعًا ملحوظًا في عدد الأفلام، حيث لم تُقدم السينما المصرية سوى 23 فيلمًا، وهو رقم طبيعي لكونها سنة ذروة الوباء الذي قوض ظروف الإنتاج وفرص خروج الجمهور لمشاهدة فيلم في عرض مزدحم، لذا جاء العام الماضي بزيادة طفيفة مُقدمًا 27 فيلمًا مع تراجع شراسة الوباء، ورغم أننا في عام 2022 نشهد انفراجة أكبر مع انحسار كورونا التام فإن السينما المصرية لم تقدم هذا العام أكثر من 24 فيلمًا!

لم يخلُ العام رغم قلة الأفلام من حضور نجوم الصف الأول مثل تامر حسني وأحمد السقا، والثنائي كريم عبد العزيز وأحمد عز في فيلم «كيرة والجن» الذي انتظره الجمهور طويلًا، كذلك عاد النجم أحمد حلمي بفيلمه «واحد تاني» بعد غياب ثلاثة أعوام عن الساحة الفنية، ولم تخل الأفلام كذلك من التنويع بين جونرات الكوميديا والجريمة والدراما والفانتازيا، لكن لم يشفع التنوع والحضور الثقيل للنجوم في تقديم أفلام على مستوى مُتقن، ربما لغياب أهم عنصر في المُعادلة السينمائية وهو الورق الجيد، يُحاول هذا المقال المرور في رحلة سريعة على أهم أفلام العام موضحًا جوانب قوتها وجانب ضعف واحد مُستعاد فيها، وهو السيناريو!

أفضل 10 أفلام مصرية في 2022 – اختيار «إضاءات»:

  1. الجريمة
  2. قمر  14
  3. 11.11
  4. حامل اللقب
  5. واحد تاني
  6. العنكبوت
  7. كيرة والجن
  8. بحبك
  9. فضل ونعمة
  10. 19 ب

1. الجريمة

يدور الفيلم حول رجل الأعمال المُسن «عادل» المُقيم في مصحة نفسية، يستقبل فيها زيارة من ابنه، ليبدأ عبر الفلاش باك والتذكر رحلة مثيرة حول طفولته وصدمات نفسية سوف تشكل شخصية مضطربة تصير بتتابع الأحداث المُشتبه به الأول في جريمة مروعة تحدث في السبعينيات. تستمر رحلة التذكر لنصل لرؤية جديدة عبرها للشخوص المروية.

يعتمد الفيلم على ثقل عملية التذكر النفسية، فالتذكر يعني عدم الاكتفاء بالسطح، إنما التعمق وسبر الأغوار والمُخاطرة بتحطيم الرواية المُعتادة وصولًا لرواية أكثر صدقًا لكنها ربما تكون أكثر ترويعًا. لهذا حاول الفيلم تقديم حكايته في قوالب مُقبضة تُناسب تلك الرحلة مثل الإثارة النفسية والجريمة والرعب.

نجح «شريف عرفة» بخبرته الإخراجية في خلق أجواء بصرية قاتمة ومُقبضة بألوان تتراوح بين الأسود والأحمر الناري مما يُناسب الجونرة التي ينتمي لها الفيلم، وكان العُنصر التمثيلي حاضرًا بقوة، باجتهاد كل الأبطال مع تميز مُستحق لماجد الكدواني.

تعتمد أفلام الإثارة على دفع الأمور بالغموض نحو الحافة مع تقديم وعد خفي للمتلقي بالصبر لكون المشهد من الحافة يستحق الرحلة، لكون التويست أو التفسير النهائي ذكيًا كفاية ليجعل المشاهدة الصبورة تستحق العناء، كانت الإاضطرابات النفسية بطلًا أساسيًا في السيطرة على تصرفات الأبطال لكن لم يقدم السيناريو عبرها تفسيرًا مُقنعًا وذكيًا لكل الاختيارات المأساوية التي كان الأبطال أسرى لها، جاء التفسير النهائي لدوافع الأبطال مبتورًا وغير منطقي ونمطي، أتى المعنى النهائي للجريمة ورحلة التذكر سطحيًا بما لا يناسب رحلة تعتمد على التعمق في ما وراء طبقات السطح. مما جعل الفصل النهائي الذي يُعد الأكثر ثراء في جونرة الجريمة هو الأضعف. 

2. قمر 14

‎الإعلان الرسمي لفيلم قمر 14 12/1/2022 بجميع دور العرض Official Trailer – YouTube

يدور الفيلم حول حكايات حب منفصلة في إطار رومانسي، خلال ليلة يحتل فيها البدر السماء، تمر العلاقات العاطفية بكل أطوار القمر، من المحاق للهلال وصولًا للبدر، هذا المجاز يؤسس للرابط بين اسم الفيلم وحضور القمر وما يود الفيلم إيصاله. كل العلاقات تمر بأطوار مشابهة ستصل لكمالها في ليلة القمر المُكتمل

سبق الفيلم عام 2022 بعرضه على هامش مهرجان الجونة في العام الماضي، لكنه لم يحقق نجاحًا جماهيريًا هذا العام، رغم انتمائه لجونرة نفتقدها وهي الرومانسية الصرفة التي لا تُخفف بالكوميديا والفانتازيا، رغم احتوائه على كوكبة من النجوم مثل خالد النبوي وأحمد الفيشاوي.

تمتاز الحكايات المُنفصلة التي يضمها إطار واحد وهو في حالتنا مجاز القمر، بقدرتها على إنقاذ السيناريو من الملل، بضخ حكايات جديدة تناسب عملية التلقي التي تقسم بشكل لا واعي ما تراه لفصول، لكن التيمة تملك نُقطة ضعفها وهو التفاوت بين حكاية جيدة جدًا وحكاية متوسطة أو سيئة مما يُفسد إيقاع المُشاهدة كاملًا، وهو ما حدث، رغم اجتهاد الممثلين، بعض القصص حققت بذكاء ما تصبو له مثل قصة «أحمد مالك»، وبعضها أخفق في ذلك مثل قصة «أحمد الفيشاوي»، لنصل لتجربة طموحة نفتقدها في السينما المصرية، لكنها اقتربت من عيوب تيمة السيناريو خاصتها أكثر من مُميزاتها

3. 11.11

يدور الفيلم حول رجل على وشك الانتحار في سيارته، تُفلت من مسدسه رصاصة في توقيت 11:11 من ليلة بعينها مُستهدفة في رحلتها مصائر ثلاثة آخرين، ينطلق الفيلم بأثر عكسي من تلك اللحظة عودة لحكايات الشخوص الأربعة وكل الأقدار التي أوصلتهم لتلك النقطة.

تنتمي الحبكة لواحدة من أجمل ألعاب السيناريو، وهي التلاعب بالخط السردي، نحن نُدرك أن كل الأبطال مرشحون للموت، وأن أثر الفراشة الذي أوصلهم لنقطة حتفهم مُرهف جدًا ويعتمد على آلاف التفاصيل، لذلك قوة السيناريو تكمن في ذكاء عرض حكايات الشخوص وتفاصيلها مُتنقلًا بينها بخفة وصولًا للحظة مُتألهة يحاول فيها المُتلقي أن يصدر حكمه بمن يستحق الموت بالرصاصة؟ قبل أن تفض النهاية مكنونها وتخبرنا.

رغم ذكاء الفكرة فإن السيناريو فقد بريقه بمُجرد تقديمها، جاء التنقل بين الحكايات ثقيلًا، بعضها قدم شخوصه في عشر دقائق وبعضها إحتاج إلى نصف ساعة كاملة وهي توازي نصف الفيلم نسبة لزمنه (76 د). بعض الحكايات اعتمدت على قرار مصيري سيغير حياة صاحبه، وبعضها كان خفيفًا جدًا أشبه بحكايات المراهقين، خبا بريق الفكرة بالوقت وتحول الأمر لنهاية مُستهلكة عندما أصر صناع الفيلم عبر راو خارجي على أن يقدم لك هدف الفيلم لمدة خمس دقائق كاملة من السرد المباشر قبل تتر النهاية.

4. حامل اللقب

يدور فيلم «حامل اللقب»، حول اللاعب يحيى وزوجته طبيبة النساء مسك، اللذين تجمعهما علاقة حب وثيقة لا يفسدها إلا رغبة مسك المُلحة في الإنجاب، بينما تقف أنانية الزوج في وجه استدامة محاولات زوجته لذلك، تتطور الأحداث بشكل كوميدي ليجد يحيى نفسه أول رجل في العالم يحمل طفلًا في أحشائه بينما تتوسل له زوجته للحفاظ عليه.

يكمن سحر الكوميديا في قدرتها على طرح رؤى جديدة ومُتطرفة من خلال حبكة غير منطقية، ماذا لو تحول السيد حنفي لآنسة؟ ماذا لو قرأت أفكار من حولك؟ ماذا لو امتلكت قوة خارقة؟ لا نتوقف كثيرًا أمام معقولية الحدث بقدر ما نستمتع بالكوميديا التي تنبع من متابعة أبطال معتادين في ظرف غير معتاد، وما يستثيره ذلك من مفارقات ورؤى. قدم المؤلف هشام ماجد أفلامًا كثيرة متميزة تنتمي لتلك النوعية مثل الحرب «العالمية التالتة» و«بنات العم».

ينتمي فيلمه كذلك لتلك النوعية ويجتهد لخلق الكوميديا من مُفارقتها، لكن يقوض محاولاته طموح محدود واستسهال مفاجئ غير مُعتاد منه، يُمكن أن تثير تلك الحبكة أسئلة عن تجربة الرجل للحياة من منظور أنثوي، النظرة الرجولية لتجربة الحمل والولادة من خلال التورط في تقمُصها، أفكار كتلك قدمها هشام ماجد بشكل أكثر طزاجة في فيلم «بنات العم»، ولكنها تأتي في هذا الفيلم باهتة ومؤممة لصالح كوميديا إفيهات مٌباشرة يحملها أبطال مساعدون مثل محمد ثروت ومحمد سلام. 

5. واحد تاني

 بعد فيلمه الأخير «خيال مآتة» الذي كان مُحبطًا على مستوى الجمهور والنُقاد، توقف «أحمد حلمي» ثلاثة أعوام ليعود بفيلم «واحد تاني».

يدور الفيلم حول «مُصطفى» الذي يحضر حفل لم شمل للأصدقاء القُدامى، يُلقي انعكاسًا مؤلمًا على حياته، بينما حقق أصدقاؤه شغفهم وأحلامهم القديمة، يجد مصطفى أنه يحيا نُسخة باهتة مُخجلة من نفسه، خانت أحلامها القديمة وذاته الشابة التي حملت لقب «إكس» التي كانت الأكثر حماسة وشغفًا بين أقرانه، لهذا يُقرر مصطفى العودة للشغف بقبوله لعرض فانتازي من صديق وهو «لبوسة إلكترونية» تُغير صاحبها بشكل سحري، ليحيا بعدها نزاع داخلي بين هويته القديمة وهويته الجديدة المُصطنعة.

تٌبشر الفانتازيا الخيالية في الحبكة بقدر كبير من الكوميديا يُمكن أن يولد من تضاد الذات القديمة والجديدة للبطل، كذلك تؤطر القيمة الأساسية لسيناريو مثل ذاك وهي رحلة التحول الشخصية من الخمول للشغف، سؤال ذكي يُمكن أن يتماهى معه المتلقون من كل الأعمار.

قدم السيناريو فصل تمهيدي سريع ولاهث، ثم مُنتصف مرتبك مُثقل بكوميديا ذات إيحاءات جنسية اعتمد عليها السيناريو باستسهال بدلًا من توليد مواقف طازجة وذكية، ثم جاءت تحولات البطل في النهاية مثل البداية، سريعة ولاهثة، مما أفقد الفيلم تماسكه الدرامي، ورغم تألق الشخصيات الثانوية على مستوى التمثيل مثل روبي وأحمد مالك إلا أن أدوارهم لم تحمل أي سمة منطقية في دوافعها وتحولاتها، ليصل أحمد حلمي في النهاية لفيلم أفضل بالتأكيد من خيال مآتة لكنه أقل كثيرًا مما توقعه الجمهور كعودة قوية.

6. العنكبوت

يدور فيلم العنكبوت، حول عائلة «جُبران» الإجرامية الضليعة في تجارة المُخدرات التي تتعرض لضربات مُتتالية بعد موت رأس العائلة وتسليم السلطة لولده «آدم»، في ظل وجود شخصية غامضة تُدعى «العنكبوت» تتدخل في أنشطة العائلة لتُخرب صفقاتها وتدفعها لحافة الانهيار.

يستغل الفيلم ثقل شخصية بطولية تختبيء وراء قناع مثل الأبطال الخارقين وتعتمد في تقديم نفسها على التماهي مع العنكبوت، الصياد الماهر الأكروباتي الذي يأسر الجميع في مُخطط شبكة حريرية خفية ليصير الكل فرائسه، ترجم الفيلم ذلك المجاز بصريًا في جرعة مُطولة من مشاهد العنف والأكشن التي يهبط فيها «السقا» من علً مثل العنكبوت، مُتخفيًا بغموض يزيد شهية المشاهدين للمتابعة لنحاول أن نعرف قصة الأصل لهذا البطل الخارق.

يتحول الفيلم فجأة من تمهيده البطيء الصبور ليصير أحد أفلام on the run، أو الهروب على الطريق، يصير العنكبوت فريسة تحاول الهرب وتقتحم السيناريو شخصية ليلى أو منى زكي، التي تُضفي بحضورها بُعدًا كوميديًا يُخفف جدية الفيلم. ينطلق البطلان في رحلة هروب من عصابة جُبران.

لم يستغل السيناريو بُطء الأحداث في البداية لتقديم تمهيد جيد لشخوص عائلة جبران التي تحتل مساحة كبيرة من الفيلم بتضارب المصالح بين أفرادها، بل جاء التمهيد مُباشرًا ومملًا واعتمد في ما بعد على لعبة كراسي موسيقية يتبادل فيها الشخوص الأدوار بين خائن وضحية، بينما أدى انتقال الفيلم لنمط الهروب اللاهث لفترات توقف قصيرة ومُصطنعة قدم فيها العنكبوت قصة أصل توضح دوافعه، لكنها لم تفسر أبدًا من أين اكتسب الإمكانيات المادية والقدرات الجسدية الهائلة ليؤدي مُهمته؟

ربما العنصر الأكثر تميزًا في الفيلم هو مشاهد الحركة التي جاءت موفقة وإن أفسد بعضها الاعتماد المفرط على مؤثرات بصرية مصطنعة أفقدت بعض المشاهد أصالتها.

يستحق مخرجين مثل «تارانتينو» عظمتهم من القدرة على كتابة سيناريو لاهث ومتفجر لكنه يمنح شخوصه التأسيس الكافي، لكن جاء فيلم العنكبوت كمحاولة متواضعة من السيناريو لتقديم بطل خارق لم يؤسس لحكايته جيدًا في سياق أكشن مع تطعيم الفيلم بعناصر كوميديا جاءت موفقة بشكل منفصل لكنها دخيلة على جو الفيلم كاملًا.

7. كيرة والجن

يمثل الفيلم التعاون الخامس بين أحمد مراد ومروان حامد، مُتخذًا رواية «1919» إطارًا مبدئيًا لتقديم حكاية عن خلية مقاومة مصرية للاحتلال الإنجليزي، تمثل نُسخة مصغرة عن أطياف الوطن وقتها مثل طبيب مصري من الطبقة المُتعلمة وشاب أرستقراطي وصعيدية قبطية ورجل يهودي، وأخيرًا ينضم لهم الأفاق أو الشخصية الفهلوية «عبد القادر الجن».

توحي القصة في عرضها أن أقوى عناصرها هو تنوع شخوصها وقدر الدراما التي يُمكن أن تولد عندما تضع كل هؤلاء في ظرف عصيب، لكن قدم الفيلم إتقان بصري بديع، وإدارة جيدة لمشاهد قتالية صعبة، وواقعية في الأزياء للمبدعة «ناهد نصر الله»، إلا أن أضعف حلقة في كل ما سبق هي السيناريو، الذي لم تشفع له مُدة الثلاث ساعات في استعراض شخوصه بالشكل المُناسب. تشتت السيناريو خلال تتبع حكايات أبطاله مع قفزات زمنية مُتتالية أفقدت الفيلم إيقاعه، وتحولات درامية غير مبررة لبعض الشخوص من الوطنية للخيانة وصولًا لنهاية متوقعة لكن أفقدها الملل والانقطاع في السيناريو المتعة. 

8. بحبك

يدور الفيلم حول قصة حُب بين علي وحبيبة تُتوج بتحديد موعد الزفاف لكن تظهر فجأة خطيبته الأولى «ياسمين» التي يُدرك «علي» أنها مريضة بالسرطان لذا يتمزق بين رغبته في مُساندتها وقصة حُبه الحالية مع حبيبة.

يُعد الفيلم التجربة الإخراجية الأولى لتامر حسني، وذلك بعد خوضه تجربة الكتابة في أفلام سابقة، لهذا نجد الفيلم مُخلصًا بشدة لصورة النجم التي يُصدرها «تامر»عن نفسه، فالسيناريو مؤمم بالكامل من خلال مُصادفات ميلودرامية لإبراز صورة الرجل المثالي الفُكاهي الحامي، بينما كل الشخوص الأخرى بخاصة الأنثوية تؤطر تلك السردية. بحضور باهت يخدم البطل.

نجح فيلم بحبك في شباك التذاكر مُستندًا لنجومية صاحبه، الذي صرح بأن إيرادات الفيلم في دول العالم جاوزت 298 مليون جنيه، ولكن الفيلم يُعد أكثر الحالات السينمائية تعبيرًا عن الصورة المُتخيلة للنجم، التي يريد تامر حسني تصديرها والتي امتلك زمامها بالتمثيل والكتابة في أفلام سابقة، ثم يؤطرها الآن بالإخراج نفسه، مما يجعل كل العناصر السينمائية بخاصة السيناريو الدرامي، مؤممة برداءة لصالح النجم. الذي لا يبرز إلا في حكاية ميلودرامية تنتظر بطلًا بعينه لينتصر ويُحقق العدالة والفكاهة والنهاية السعيدة.

9. فضل ونعمة

يدور الفيلم حول الزوجين فضل ونعمة اللذين يجتهدان في عمل بيزنس خاص بإعداد وتوصيل الطعام أملًا في جمع المال الكافي لامتلاك شاحنة بيع طعام، لكن تورطهما حبكة خفيفة في حيازة مُخدرات، وتصير مسئوليتهما توزيع المُخدرات تحت إدارة عصابة لا ترحم أملًا في النجاة

يضم الفيلم كل العناصر الواعدة لصُنع كوميديا جيدة، بدءًا من ماجد الكدواني وهند صبري التي تعد أحد أفضل الوجوه النسائية في جونرة الكوميديا، تحت إدارة المخرج رامي إمام الذي قدم لنا بعض أفضل أعمال الكوميديا في الألفية مثل «غبي منه فيه» و«بوحة» و«عايزة أتجوز»، لم تخلف تلك العناصر وعدها وظهرت جميعها في أفضل حالة مُمكنة مع أدوار مُساعدة مُمتازة لممثلين مثل محمد رضوان وطه الدسوقي.

تتسم الأفلام الكوميدية بحبكة خفيفة لا يتوقف عندها المتلقي كثيرًا بحثًا عن منطق، يُمكن لعوكل أن ينام في تابوت فيستيقظ في تركيا، أو للصعيدي كتكوت أن يُنقذ الوطن من خلية تجسس، لا نبحث كثيرًا وراء واقعية الأمر ما دامت الحبكة قادرة على تحويل الملابسات والمصادفات لحالة كوميدية صافية. رغم ذلك لم يخلُ السيناريو من قدر مُبالغ فيه من التكرار لمواقف وأخطاء بعينها تُضحك في البداية لكنها تفقد طزاجتها بالتكرار مع إفساد الإيقاع بمشاهد شديدة المُباشرة تطرح المورالة أو هدف الفيلم، حافظ فضل ونعمة على القدر الكافي من المعقولية ليصير كوميديا مقبولة لكن السيناريو أضاع فرصة لطيفة لاجتماع عناصر خبيرة في أفضل حالاتها لصنع فيلم يحيا لسنوات أطول في ذاكرة المتلقين

10. 19ب

يقدم  «أحمد عبد الله» فيلمه السادس، الذي عُرض في مهرجان القاهرة السينمائي ليحصد ثلاث جوائز أبرزها جائزة أفضل فيلم عربي وجائزة هنري بركات للمصور «مصطفى الكاشف».

يدور الفيلم حول حارس عقار عجوز يحيا مع حيواناته الأليفة في فيلا مهجورة، فيما يشبه قطعة مُنعزلة عن مجريات العالم وأحداثه، لكن ينقلب السلام رأسًا على عقب بحضور السائس «نصر» الذي يحاول استغلال الفيلا لتخزين بضائعه المهربة، يصطدم واقع القاهرة الفج وقسوتها المتمثل في نصر مع سلام وعُزلة حارس العقار الذي يحيا خارج الزمن مع كائنات أكثر ألفة من البشر.

عبر مجاز شديد البساطة يُذكرنا بتجارب روائية خالدة عن السكون واقتحام عوالم العزلة مثل «الحمامة» لباتريك زوسكيند يُقدم المخرج تجربة جمالية بصريًا وشعرية، تُثير من التأملات أضعاف ما تقدمه بساطة الحبكة، لم يُصنع الفيلم ليعتمد على المنافسة التُجارية وهو ما منح مؤلفه الجرأة لصنع خلطة مُتمهلة وسيناريو هادئ وإن شابه بعض الملل في تكرر المواجهات بين حارس العقار والسائس فيما بدا كخط ساكن بينما كان يُفترض أن يكون مُتصاعدًا، بخاصة مع مدة الفيلم المحدودة (93 د)، لكن جمالية المجاز وروعة الأداء من الممثلين والصورة البصرية التي ترجمت أحوال الأبطال النفسية منحت الفيلم تماسكًا جعله تجربة تستحق المشاهدة أكثر من مرة.

حضر النجوم وغاب السيناريو

السيناريو هو أضعف عناصر الفيلم المصري حاليًا.
الناقد محمود عبد الشكور

لم تخل الأفلام السابقة من حضور النجوم والميزانية والمؤثرات، التي خلت منها أفلام قديمة مثل أفلام الواقعية الجديدة التي عانت خلال الثمانينيات من غياب الإنتاج والتمويل لكنها نجت بالسيناريو الجيد من النسيان وصارت مُستعادة حتى اليوم رغم مرور أكثر من 30 عامًا، بينما اليوم نشهد مقلوب المعادلة، يملك المشهد السينمائي المصري كل مقومات صنع الفيلم الجيد عدا السيناريو، والنتيجة أفلام نفكر كثيرًا قبل المراهنة عما سيصمد منها في الذاكرة ربما بعد سنوات من الآن.