محتوى مترجم
المصدر
Foreign Affairs
التاريخ
2015/08/30
الكاتب
سارة فيليبس

أحد تفسيرات هذا التناقض الواضح أنه منذ أن بدأت هجمات الطائرات بدون طيار، أصبحت الحكومة اليمنية أضعف، مما أتاح لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الاستفادة بشكل عملي من المساحات غير المحكومة نسبيًا. والشيء الآخر هو أن هجمات الطائرات بدون طيار قد قتلت مدنيين، وهو ما أعطى وزنًا لدعوة تنظيم القاعد التي تقول إن اليمن يتعرض لهجوم من قِبل قوة أجنبية، كما عزز من جاذبية المجموعة.

ربما كان هناك شيء من الحقيقة في الأمرين. لكن، وإلى حد كبير، المشكلة أيضًا نتاج فشل الغرب في فهم الطريقة التي ينظر بها اليمنيون إلى تنظيم القاعدة – وهو فشل يسهِّل من توسع المجموعة ويقوِّض هؤلاء الأقدر على مواجهتها: غالبية اليمنيين الذين يعتقدون أن الجماعة من اختلاق النخبة.

هناك نوعان من الأخطاء في التفكير الغربي التقليدي حول القاعدة في جزيرة العرب. الأول هو الاعتقاد بأن الحكومة في صنعاء مدفوعة بالضرورة لمحاربة الجماعات التي تتحدى حكمها بعنف – ومن المفهوم أن تفعل ذلك عن طريق سكانها. والثاني هو أن تنظيم القاعدة يمثل بشكل أصيل شريحة من المجتمع اليمني، وهو ما يعطي المجموعة أساسًا متينًا تقوم من خلاله بتوسيع قاعدة دعمها.

بالنسبة إلى اليمنيين، على الرغم من ذلك، الخط الفاصل بين الدولة وتنظيم القاعدة ليس واضحًا دائمًا، وخسارة القاعدة لا تعني بالضرورة أن يكون الفوز للحكومة المركزية. ويعتقد الكثيرون أن الفصائل المتنافسة في السياسة اليمنية تشعل تهديد تنظيم القاعدة لتحقيق مكاسب سياسية. وفي المقابل، فإن المعركة ضد تنظيم القاعدة مجرد مسرح تلعب عليه صراعات السلطة المحلية.

بطرح تنظيم القاعدة على أنه مجرد منظمة إرهابية، يكون الغرب قد فقط السيطرة على المواجهة الداخلية التي يستمر بالتالي سوء فهمها

وعن طريق طرح تنظيم القاعدة على أنه مجرد منظمة إرهابية – وليس جزءًا أيضًا من حبكة تحافظ على شجار النخبة – يكون الغرب قد فقط السيطرة على المواجهة الداخلية التي يستمر بالتالي سوء فهمها. وتُتَحمل النتائج المترتبة على هذا عن طريق اليمنيين العاديين، الذين «علقوا بين الطائرة بدون طيار من جهة والقاعدة من جهة أخرى»، كما قال أحد رجال الدين لباحث من هيومن رايتس ووتش.

خذ على سبيل المثال، التفجير الانتحاري الذي أودى بحياة ما يقرب من مئة من أفراد قوات الأمن المركزي اليمني في صنعاء، في مايو 2012. تم إيراد الحادث دوليًا على أنه هجوم لتنظيم القاعدة، وادعت الجماعة الإرهابية بسرعة المسؤولية. لكن وسائل الإعلام اليمنية تناولت نظريات بديلة.

فهؤلاء التابعين لعلي محسن (قائد قوي قاد سلسلة من الانشقاقات ذات المستوى العالي عن النظام، في العام السابق) زعموا أن الموالين للرئيس السابق، علي عبد الله صالح، هم العقل المدبر للهجوم. وقالت القنوات التابعة للرئيس السابق أن محسن، في الواقع، هو من جند الانتحاري.

في كلتا الحالتين، كان نُظِر إلى تنظيم القاعدة على أنه ليس أكثر من مجرد أداة بيد اللاعبين الأكثر قوة. وفي الواقع، في اليمن، يمتلك الاعتقاد الذي يقول إن القاعدة لديها القليل من الإرادة الحرة تواجدًا وانتشارًا واسعًا. تُظهر صور من المظاهرات التي أدت إلى استقالة صالح، في عام 2011، المتظاهرين يحملون لافتة تقول: «إزالة النظام = إزالة تنظيم القاعدة».

وفي وقت سابق من هذا العام، قامت توكل كرمان، وهي الصحفية التي فازت في 2011 بجائزة نوبل للسلام لدورها في الانتفاضة اليمنية، بالكتابة على تويتر قائلة «تنظيم القاعدة في اليمن هو ميليشيا تابعة للمخلوع علي صالح».

وفي 10 أغسطس 2014، كتبت منى صفوان، وهي صحفية أخرى معروفة، على حسابها الخاص على تويتر أن «تنظيم القاعدة والحوثيين مجرد لعب فقط في أيدي المتنافسين الرئيسين في اليمن لأكثر من عشر سنوات: علي عبد الله صالح وعلي محسن».

وتورد وسائل الإعلام اليمنية أيضًا على نطاق واسع تغريدات «طامح»، وهو مصدر يعتقد أن لديه صلة، أو وضع مهم داخل، الأجهزة الأمنية اليمنية. ويزعم طامح أن الرئيس الحالي للقاعدة في جزيرة العرب، قاسم الريمي، يتعاون مع صالح وعائلته. حتى أنه يدعي أن صالح دفع للريمي 70 مليون دولار كي يدعي علنًا أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب كان مسؤولًا عن اعتداء ديسمبر 2013 على مستشفى العرضي الذي يقع في مجمع وزارة الدفاع في صنعاء.

وقد أسفر الهجوم عن مقتل 56 مدنيًا. لقد شن صالح ومؤيدوه، كما يوضه طامح، هجومًا في محاولة لاغتيال خليفة صالح، عبد ربه منصور هادي. وبعد أن فشلت خطتهم، حاولوا التستر على الأمر.

فكرة أن تنظيم القاعدة لديه القليل من الإرادة الحرة لا تقتصر على الصحفيين. ففي الآونة الأخير، في فيلم وثائقي لقناة الجزيرة، أدلى هاني مجاهد، عضو تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يدعي أنه كان يعمل وكيلًا للحكومة اليمنية، باتهامات مماثلة.

زعم مجاهد أنه قد حذر ابن شقيق صالح، عمار (نائب قوي لرئيس مكتب الأمن القومي في اليمن الممول من قِبل الولايات المتحدة)، من هجوم وشيك للقاعدة على السفارة الأمريكية في صنعاء، في عام 2008، ولكن دون جدوى.

وقد أسفر الهجوم عن مقتل ما لا يقل عن عشرة مدنيين وحراس. يزعم مجاهد أيضًا أن عمار صالح قد وفر المتفجرات التي استخدمت من قِبل الريمي في هجوم انتحاري على قافلة من السياح الأسبان في مأرب العام السابق. يصف مجاهد الريمي، بأنه من «إنشاء مكتب الأمن القومي في اليمن» ويدعي أن «العديد من قادة تنظيم القاعدة كانوا تحت السيطرة الكاملة لعلي عبد الله صالح».

في عام 2011، قال حمود الهتار، الوزير السابق للشؤون الدينية الذي قاد الحوار الذي ترعاه الحكومة مع تنظيم القاعدة، أن «صالح يستخدم القاعدة لابتزاز الدول الأجنبية لدرجة للحصول على المزيد من الدعم المالي منها». وبالمثل، لقد روت مصادر عديدة لديها صلة بصالح، في محادثات معي، تباهى صالح بأنه بسيطرته على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وأن المجموعة بالتالي لا تشكل تهديدًا خطيرًا.

تعزيز قدرة الدولة في اليمن هي وجهة نظر الغرب لمحاربة القاعدة، بينما يؤدي هذا التعزيز من وجهة النظر اليمنية إلى تفاقم المشكلة

حقيقة مثل هذه التصريحات أمر غير ذي صلة. هذه الآراء، التي يتم الإعراب عنها بشكل روتيني وعلني، تكشف عن عدم الثقة العميقة تجاه الروايات الرسمية حول تنظيم القاعدة وما يحافظ عليه. كما أنها تتحدى فهم الغرب بأن تنظيم القاعدة يوفر متنفسًا لليمنيين الساخطين أو الفقراء، وأنه يستفيد من «القاعدة الطبيعية من الدعم الشعبي اليمني».

إذا كانت وجهة النظر الغربية صحيحة، فإن وسيلة محاربة القاعدة قد تكون في تعزيز قدرة اليمن على تحسين حياة مواطنيه وتعطيل الشبكات الإرهابية. ومع ذلك، إذا كانت وجهة النظر اليمنية هي الصحيحة، فإن مساعدة الدولة قد لا تؤدي إلا إلى تفاقم المشكلة عن طريق مكافأة النظام على تمثيليته.

وقد تبالغ المساعدات والهجمات على الشبكة أيضًا في الأهمية المجتمعية للقاعدة، وتتجاهل درجة مقاومة اليمنيين العاديين للجماعة الإرهابية دون المطالبة الخارجية.

اختار الغرب، بطبيعة الحال، هجمات الطائرات بدون طيار والتعاون مع الدولة اليمنية رغم الشكوك الخاصة حول الدوافع اليمنية، التي نشأت في وقت مبكر من عام 2006، عندما استطاع 23 من أكثر الشخصيات البارزة في التنظيم الخروج من السجن في مشكلة واضحة. حتى ذلك الحين، كان لا يزال ينظر إلى دعم النظام على أنه الخيار الوحيد القابل للتطبيق.

كما قال وزير الدفاع الأمريكي، أشتون كارتر، في أبريل، «إنه دائمًا من الأسهل مكافحة الإرهاب عندما تكون هناك حكومة مستقرة في مكانها».

وعلاوة على ذلك، يعتقد البعض في الغرب أنه بدون تدخل خارجي، قد يختار اليمنيون دعم القاعدة. وكدليل على ذلك، يستشهدون بحقائق تاريخية تعتبر ذات أهمية ضئيلة بالنسبة إلى الوضع الراهن. «عاد كثير من المجاهدين إلى اليمن بعد الانسحاب السوفياتي من أفغانستان»، هكذا قال كارل ليفين، السناتور الديمقراطي السابق عن ولاية ميشيغان، خلال عام 2009، في شهادته أمام الكونغرس، و«هو [اليمن] موطن أجداد أسامة بن لادن».

في اليمن، مع ذلك، القليل من الأدلة القائمة على المسح التي تبرهن على أن وجود القاعدة لا يتمتع بشعبية. فقد أظهر استطلاع للرأي على 1005 من اليمنيين في مارس 2011 أن 86 في المئة من المستطلعين قد رأوا أن القاعدة إما لا تحظى بشعبية «أبدًا» أو «نوعًا ما» في منطقتهم المحلية.

وفي الوقت نفسه، قال 96 في المئة إنهم لا يوافقون على تعاون الحكومة اليمنية مع الولايات المتحدة. وأن القاعدة سيئة، لكن السياسة الداخلية والدولية المحيطة أسوأ – في الواقع، في معظم الروايات، هي ما حافظ على المجموعة.

إن محاولات الغرب لدعم حكومة مركزية لمكافحة الإرهاب، وميل الحكومة للعب بورقة الإرهاب، ربما يعطى القاعدة السيقان الطويلة أكثر من أي وقت مضى مما هو من الدعم الشعبي وحده.

لا ينكر اليمنيون أن تنظيم القاعدة موجود، ولكن فهمهم للمجموعة يتضمن أسباب مرونتها وهو ما يختلف جوهريًا عن ذلك الفهم الموجود في معظم العقول الغربية. وربما تحط ضربات الطائرات بدون طيار من قدرة القاعدة كما يراه الغرب – الكيان الإرهابي غير الحكومي الذي يختبىء في المناطق اليمنية النائية – بينما تساعد في نفس الوقت ما هو أكثر وضوحًا لليمنيين. يدل تنظيم القاعدة على عدد وافر من المظالم المحلية التي كان الغرب طرفًا في كثير منها.