محتوى مترجم
المصدر
Foreign Policy
التاريخ
2015/08/31
الكاتب
جايمس ستافريديس

لا يمكنني إخباركم على وجه التأكيد بما إذا كان جون سنو في عِداد الأحياء أم الموتى، بيد أني أستطيع القول إن العالم الذي يجد حلف شمال الأطلسي (الناتو) فيه نفسه اليوم يشبه بدرجة كبيرة تسلسل الأحداث في الموسم القادم من غيم أوف ثرونز (لعب العروش).

وبينما يدير الحلف المهيب النظر في محيطه، يرى نيران الحرب جنوبًا وشرقًا وعالمًا يتجمَّد بشكل متزايد في القطب الشمالي.

على الحافة الشرقية من الحلف، تستمر روسيا في زعزعة أوكرانيا؛ خلال الأسابيع السابقة، استمرت في التأجج تقارير عن قتال أكثر حدة – عشرات من القتلى جراء القصف والقنص، بالإضافة إلى 6900 قتيل حتى الآن في هذه الأزمة.

لقد تعثر اتفاق وقف النار «ذا منسك 2»، ويقول الرئيس بيترو بروشينكو إن القتال سيستمر لعقود، وتستمر روسيا ببساطة في إنكار تورطها على الأرض. ويتوقع معظم المراقبين استئناف القتال بشكل أكثر ضراوة خلال الأسابيع القادمة.

لا يمكن أن يكون بيت ملكي آمنا وسط قارة منقسمة بغض النظر عن الثروة والسلطة وتقع السلامة والأمن في العثور على مجموعة من الشراكات في المحيط الخارجي

بالنسبة إلى جنوب الشرق، تستمر أزمتا سوريا والعراق كلما بدا أن الدولة الإسلامية تحبط الجهود التي تعمل احتوائها جديًا، و«إضعافها و تدميرها كليًا».

ومع أكثر من 250 ألف قتيل (كلهم تقريبًا منتمين إلى نظام الأسد، بالطبع) وأكثر من 6 ملايين لاجي، تبدو الحرب الأهلية السورية أسوء من ذي قبل.

في الجنوب، مئات الآلاف من اللاجئين يعبرون حدود التحالف، بدرجة تزيد عن القدرة الإنسانية للدول المستهدف دخولها.

لدى حلف شمال الأطلسي ألف ميل من الحدود البرية مع الشرق الأوسط الغارق في الكوارث (بين تركيا وسوريا والعراق) وثلاثة آلاف ميل من الحدود البحرية، وبهذا يكون هناك أربعة آلاف ميل تحت ضغط هائل.

وتناقش ألمانيا وحدها الوصول المحتمل لثمانمئة ألف لاجيء هذا العام، ويأتي العديد من اللاجئين من خلال البلقان، بينما يأتي آخرون عبر البحر الأبيض المتوسط.

وفي الوقت ذاته، إلى الشمال، تضيف روسيا النامية الانتقامية وحدات عسكرية بالقطب الشمالي وتكثِّف من الدوريات الجوية وتدفع بنزاعات حدودية وتقوم بتدريبات معقدة على المدخل الأمامي للرواق المجمّد لحلف شمال الأطلسي. و تدعي موسكو بعدوانية 1.2 مليون كيلومتر أخرى من قمة جبل لومونوسوف.


إنها حقًا دائرة من النار والجليد، فما هي أفضل استراتيجية أمام حلف شمال الأطلسي؟

أولًا، الأخبار الجيدة. يجلس حلف شمال الأطلسي بالفعل على العرش ولديه القوة والثروة. وهو أغنى تحالف في التاريخ ولديه القدرة الكافية لمواجهة التحديات والتهديدات التي تحدث في محيطه. ومع قرابة 52 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للعالم ممثلًا في 28 عضوًا وثلاث ملايين من الرجال والنساء المسلحين ( أغلبهم متطوعين تقريبًا) و28 ألف طائرة عسكرية و800 سفينة، تتوافر بدرجة كبيرة الأدوات الأمنية الأولية.

ولكن بالنظر إلى مستوى التحدي – وإحجام العديد من الحلفاء عن قضاء حتى الاثنين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع وهو ما تدعو له عقيدة الحلف – فإن الحلف في حاجة إلى إيجاد موارد إضافية للتعامل مع هذه التحديات.

يحتاج حلف شمال الأطلسي لتوسيع وتحسين برنامج «الشراكة من أجل السلام» – الذي يمتلك بالفعل 22 شريكًا حول حواف التحالف. ولسوء الحظ، مثل بعض التحالفات الهشَّة في غيم أوف ثرونز، لا يحقق هذا قدرًا كبيرًا من القوة التشغيلية الحالية.

يحتاج مسؤولو الحلف أيضًا إلى تعزيز علاقات الشراكة والتحالف الموجودة، خاصّة مع دول الخليج السُنية. وقد شاركت بعض دول هذه الشراكة من أجل السلام في حملة أفغانستان وعمليات مكافحة القرصنة قبالة الساحل الشرقي لأفريقيا وخلال العملية الليبية.


وإن مفاتيح التجنيد الناجح لشركاء جدد واضحة

تحديد هؤلاء الشركاء بعناية. ليست هناك فائدة كبيرة في اشتراك الدول التي ترغب فقط في تعليق شارة حلف شمال الأطلسي على زي جنودها. فإن ما يحتاجه حلف شمال الأطلسي هو هؤلاء الشركاء الذين سيأخذون الاشتباك مع الحلف على محمل الجد، وسيعملون على إجراء عمليات في العالم الفعلي، وبالتالي يكونوا قادرين في نهاية المطاف على تقديم إساهمات حقيقية للأمن الإقليمي والعالمي.

لا ينبغي أن يكون المرشحين مثاليين ولكن ينبغي أن تكون لديهم مستويات منخفضة من الفساد وقوات مسلحة قادرة بشكل معقول على نشر الجنود وقبل كل شيء إرادة سياسية للانخراط مع حلف شمال الأطلسي.

إجراء التمارين الهادفة وعمليات التدريب. يحتاج حلف شمال الاطلسي إلى تجاوز «السياحة العسكرية» – حيث يكون أهم شيء على جدول الأعمال هو حفل عشاء مصحوب بالخمور ولوحة تذكارية لطيفة.

يجب أن يلتزم كل شريك خارجي جديد على الأقل بتدريبين كبيرين في السنة، بما يدل على القدرة على المشاركة في العمليات مع مستوى معقول من الكفاءة. ويجب أن يكون أحد التدريبات «محليًا» وداخل المنطقة المباشرة لتعامل الدولة مع حلف شمال الأطلسي، ويجب أن يُظهر الآخر مستوى نشر الجنود عن طريق الجو أو البحر أو الأرض.

يحتاج حلف شمال الأطلسي لتوسيع وتحسين برنامج الشراكة من أجل السلام الذي يمتلك 22 شريكا حول حواف التحالف

إشراكهم بسرعة في العمليات الجارية في العالم الفعلي لحلف شمال الاطلسي. سيكون هذا هو الجانب الأكثر إثارة للجدل في برنامج شراكة معزز. هناك إيجابيات وسلبيات واضحة لمشاركة الدول غير المنحازة في العمليات الفعلية.

لكن استنادًا إلى تجربة التحالف في أفغانستان، على سبيل المثال، من المنطقي جلب أكبر عدد ممكن على متن الطائرة.

في أفغانستان، كان هناك 28 دولة متحالفة ولكن قدَّمت أكثر من 20 دولة إضافية مساهمات عسكرية كبيرة.

وقد كانت جهودهم – خاصّة من دول مثل جورجيا، التي كانت من حيث أساس حصة الفرد من بين أكبر البلدان المساهمة بقوات عسكرية – قمية وذات مغزى. ولا يجب أن تكون هذه العمليات غزوات قتالية عالية؛ يمكنهم البدء عند مستوى منخفض مع مراقبين بسيطين ومحللي استخبارات ولوجستيين وغير ذلك مما هو أقل خطورة نسبيًا.

الإجابة على سؤال «ماذا يحمل ذلك بالنسبة إلينا».

في حالة كل دولة تنظر في دور تعزيز الشراكة مع حلف شمال الأطلسي، ينبغي أن تكون هناك مجموعة من الحوافز المحددة. في كثير من الحالات، ستكون في شكل فوائد سياسية واضحة – دولة مثل جورجيا، التي تريد عضوية في الحلف ولديها رغبة أيضًا في تعزيز وإضفاء الطابع المهني على قواتها المسلحة نظرًا للاحتلال الجزئي المستمر عليها من قِبل روسيا.

والأمر نفسه بالنسبة إلى مولدوفا. والأردن، وهو بلد زرته عدة مرات باعتباري القائد الأعلى للقوات المتحالفة في حلف شمال الأطلسي، يريد الاحتراف والتدريب، وإقامة علاقة أقوى مع أوروبا، والتحوط ضد الإرهاب والمغامرة الإيرانية في المنطقة.

بدأت منظمة حلف شمال الأطلسي القيام ببعض من هذا مع ما يسمى بمبادرة «بناء قدرات الدفاع». وضع الدبلوماسى الأمريكي المخضرم ونائب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي الكسندر فيرشبو كمسؤول عن بناء قدرات الدفاع أول خطوة مثالية في ذلك.

وكسفير الولايات المتحدة السابق لدى موسكو وسيول ولدى منظمة حلف شمال الأطلسي أيضًا، يُعد فيرشبو من ذوي الخبرة العميقة، ويعرف أين تكمن خطوط الصدع، وله ثقل لدعم مفهوم بناء قدرات الدفاع في العواصم الأجنبية.

اللاعب المحتمل الرابع، ليبيا، أكثر صعوبة في الوقت الحالي، بطبيعة الحال، نظرًا للبيئة الفوضوية وصعوبة العثور على الشركاء الحكوميين المناسبين في الأرض وهيكل الحكم الداخلي المتخبط بشدة. وبالنظر لقربها من نشاط ما يسمى بالدولة الإسلامية، وكذلك الرجفات المستمرة لتنظيم القاعدة، ليبيا هي المكان المنطقي جدًا لعمل حلف شمال الأطلسي.

وإذا استقرت ليبيا، ربما بعد اتفاق تتوسط فيه الأمم المتحدة، قد يقوم حلف شمال الأطلسي بتدريب القوات المسلحة الليبية وتبادل المعلومات الاستخباراتية والمشاركة مع القوات الليبية ضد العناصر الجهادية في جميع أنحاء البلاد. وإن مصر من المرجح أن تكون شريكًا في هذه العملية.

المكان الآخر الواضح لبناء قدرات الشركاء في سيناريو العالم الفعلي هو العراق. بالفعل هناك الكثير من جنود دول حلف شمال الأطلسي على الأرض لإجراء مهمات تدريبية – الولايات المتحدة وبريطانيا واسبانيا وايطاليا وهولندا وبلجيكا والدنمارك وفرنسا، وآخرين لديهم بشكل جماعي أكثر من أربعة آلاف جندي هناك. وهو ما من شأنه أن يكون ساحة لإثبات الذات المثالية لنشاط شريك إضافي.

ومن بين الدول الأخرى المهتمة بالمشاركة دول من العالم العربي. ويمكن أن يتحول هذا بسهولة إلى مهمة تدريب أخرى لحلف شمال الأطلسي – العراق، مثل تلك التي كانت جزءًا من جهود التحالف في العراق حتى غادرت بعثة الحلف في عام 2011 مع القوات الأمريكية.

كما هو الحال في غيم أوف ثورنز، الدرس الرئيس هو أنه لا يمكن أن يكون بيت ملكي آمنًا في وسط قارة منقسمة، بغض النظر عن الثروة والسلطة. وتقع السلامة والأمن في العثور على مجموعة من الشراكات في المحيط الخارجي. هل ستأتي الملكة دينيرس تيغريان، أم التنين، لإنقاذ حلف الناتو؟ على الأغلب لا.

لكن الفكرة الأساسية التي دفعت البيوت العظيمة في غيم أوف ثرونز – العثور على حلفاء وشركاء مناسبين – هي الاستراتيجية الصحيحة لمنظمة حلف شمال الأطلسي.

أوه، أراهن على عودة جون سنو، بالمناسبة.