يعتبر الإطار التركي إطارًا فريدًا من نوعه إذا ما أردنا أن نسبر أغوار العلاقة بين الإسلام والعلمانية، فالجمهورية التركية المعاصرة قد ورثت الثقافة العثمانية الإسلامية، والأغلبية المسلمة من السكان عندما تأسست عام 1923، ومن ثم اختارت النخبة المؤسسة وعلى رأسهم مؤسس الجمهورية «مصطفى كمال أتاتورك» ومرافقيه من رجال الفكر والحكم محاكاة مشروع التحديث في الغرب، مشروع التحديث العلماني.

ومثلت المرأة أساسًا في المشروع الجمهوري لبناء دولة على النظام الغربي؛ لأن تحسين مكانة المرأة مرتبط ارتباطًا وثيقًا بنجاح عملية التحول المدني/العلماني، وهو الهدف الأساس من مشروع التحديث.


حقوق المرأة التركية قبل الإسلام

وقد تطلبت الحاجة إلى تطوير القومية التركية إلى الرجوع إلى عصر ما قبل الإسلام، فظهرت شخصيات كان لها أثرًا هامًا في التأسيس للفكر القومي منذ نهايات القرن التاسع عشر تحت مظلة الحكم العثماني، مثل عالم الاجتماع التركي «ضياء گوك ألب» الذي وضع الأسس الفكرية للقومية التركية بحماس، وكانت له آراء تتعلق بالمرأة مثل أنها كانت لها الحقوق نفسها كالرجل في عصر ما قبل الإسلام في تركيا، كما أنه استطرد موضحًا كيف كانت المرأة تتقلد منصب الحاكم والرئيس والمحافظ والسفير، وكيف أن المراسيم الرسمية في ذلك الوقت كانت تصدر بمشاركة الحاكم وزوجته.

ظهرت شخصيات أخرى تنادي بنفس الأفكار مثل المؤرخ التركي ذو الأصل اليوغسلافي «أنور ضياء قارال» الذي نادى بالعودة إلى حقوق المرأة التركية قبل الإسلام، وعدها ضرورة لابد منها، فكانت مكانة المرأة حجر زاوية هام في تعزيز الجهود الخاصة بتطوير الفكر القومي بتركيا الجديدة.


خطوات عملية من أجل حقوق جديدة للمرأة

وعندما أخذت الثورة الكمالية تنمو وتتقدم، عملت على تغريب الدولة في كل نواحيها الاجتماعية والسياسية والفكرية، من ملابس، وأطعمة، وفنون، وقوانين، وتعليم، بجانب أن المرأة التي سعت الأفكار الكمالية لصناعتها هي المرأة التركية الجديدة، التي تتخذ من أسلوب حياة النساء الغربيات منهج تسير عليه في حياتها، والتي تظهر في المجال العام بنفس المستوى الذي يظهر فيه الرجل.

فعلى الجانب القانوني اسُتبدل القانون المدني الإسلامي المتمثل في «مجلة الأحكام العدلية» بقانون علماني على هيئة القانون المدني السويسري، وصدر في 4 تشرين الأول/أكتوبر عام 1926، وقد منع هذا القانون تعدد الزوجات، والطلاق أحادي الجانب [أي من جانب الرجل فقط]، وأعطى حقوق متساوية للمرأة مع الرجل فيما يتعلق بالإرث والوصاية على الأطفال، كما تم إباحة زواج المسلمة بغير المسلم، ووضع حد لسن الزواج، وقد أقر هذا القانون صيغة رسمية للمساواة بين الرجل والمرأة في المجتمع في نطاق قانوني علماني جديد.

وقد حصلت المرأة على مجموعة من الحقوق الاجتماعية الجديدة في العهد الكمالي، منها حق التصويت في الانتخابات لأول مرة عام 1930، وبعد مرور 4 سنوات أي عام 1934 أعطى البرلمان للمرأة الحق للترشح لعضوية مجلس الأمة، فحصلت 18 امرأة على مقاعد في البرلمان عام 1935 -بأمر من أتاتورك-، في وقت لم تحو فيه أقوى برلمانات الدول الديمقراطية الأوروپية على هذا العدد من النساء.

كما قامت الحكومة بافتتاح مجموعة من المعاهد النسائية، ومدارس للبنات والفتيات الصغار ضمن خطة الارتقاء بالمرأة، وأصبح هناك مجموعة صغيرة من صفوة نساء المجتمع، يشاركن في الحياة والمجال العام.

ومنذ العام 1932 بدأت الدولة بالمشاركة في مسابقة ملكة جمال العالم، وكانت أولى البنات المشاركات في هذه المسابقة والتي فازت بالمركز الأول هي حفيدة آخر شيخ للإسلام في الدولة العثمانية الشيخ «مصطفى صبري التوقادي».


تعليم المرأة

بحلول العقد الثاني من قيام الجمهورية التركية، دخل حوالي ثلثي النساء اللاتي كن في المدارس الثانوية إلى المدارس التقنية والمهنية، واستمرت ربات المنزل في تأهيل غالبية النساء اللاتي لم يتلقين التعليم، وعلى الرغم من ذلك، فقط ظهرت مجموعة متميزة من النساء في المجتمع حصلن على التعليم الذي يؤهلهن للعمل الرفيع المستوى، ووجد عدد هائل من الأطباء السيدات وصولًا إلى ستينات القرن العشرين، وكان ربع عدد خريجي كليات الطب من النساء، وأما المحامون في السبعينات فقد كان حوالي ثلث المحامين في إسطنبول من السيدات، وفي البلد بكامله حوالي خُمس العدد، بالإضافة إلى وجود عدد كبير – حوالي الثلث – يعملن في وظائف أكاديمية، وذلك قبل أن تلقى موجة المساواة النسوية بتأثيرها في تعليم النساء في الغرب.


المرأة في المجال السياسي

وبعد أن حصلت المرأة على الحق السياسي في التصويت في الانتخابات البرلمانية، ثم الترشح للبرلمان، واصلت النضال للحصول على المزيد من الحقوق السياسية،إلا أن سياسات الجمهورية لم تكن تقف في صفها في حالة تعارضها مع سياسة الدولة.

ففي العهد الجمهوري عملت الدولة على القبض على جميع المنظمات والجمعيات بما فيها المنظمات والجمعيات النسائية لتجعلها تابعة لها، الأمر الذي أثر على حركة النساء وحريتهن في إنشاء المنظمات والجمعيات بشكل أكبر مما كان في أواخر العهد العثماني السابق، وكان من ضمن الأمثلة التي وجهت إليها ضربة بواسطة الدولة هو «حزب الشعب النسائي»، الذي تم تأسيسه عام 1923 بواسطة الناشطة النسائية «نزيهة محيي الدين» ، والتي أسسته للدفاع عن حقوق المرأة، إلا أن الحزب الحاكم برئاسة «مصطفى كمال أتاتورك» حل الحزب، واقتصر الأمر على تحويل الحزب إلى منظمة لأنه كان يقوم بخطوات مستقلة عن الدولة.

ونجد بالإضافة إلى المثال السابق، منظمة تم تأسيسها بواسطة «أنور پاشا» أحد قادة جمعية الاتحاد والترقي أثناء الحرب العالمية الأولى، وهي «منظمة توظيف المرأة» فقد تم إغلاقها في فترة حكم الحزب الواحد عام 1926؛ لأنها كذلك لم تكن تحت سيطرة الدولة.

استمرت ترقي المرأة في المجال السياسي حتى وصلت إلى أعلى منصب سياسي في الدولة وهو منصب رئيس الوزراء، الذي شغلته عام 1992، وفي فترة أتت بعد ثلاثة عقود فقط من تبوء أول امرأة المنصب على مستوى العالم.


الحركة النسوية في تاريخ الجمهورية

كانت الموجة الأولى من الحركة النسوية في تركيا في أوائل القرن العشرين، عندما بدأت المنظمات النسائية في بدايات القرن العشرين بالمطالبة بالمساواة في الحقوق المدنية بينها وبين الرجل، والتي وصلت إلى درجات عُليا في العهد الكمالي بعد تأسيس الجمهورية.

وطالبت المنظمات النسائية التي زاد عددها منذ بداية تأسيس الجمهورية وصولًا إلى فترة الثمانينيات، بمناقشة الإجماع الذي تكون في المجتمع، في ما يتعلق بالمساواة بين الجنسين وتحرير المرأة من خلال السياسات الكمالية إلى الانهيار، فمنذ بداية الثمانينيات فصاعدًا، ظهر جيل جديد من المتعلمات ذوات الخبرة في المهن الاختصاصية من الطبقة المتوسطة واللاتي أطلقن على أنفسهن اسم «النسويات»، وفندن الطبيعة المتحررة لهذه الإصلاحات، وهن بنات سيدات الجيل الأول اللاتي تلقين تعليمًا جيدًا، وتغيرت حياتهن بشكل كبير بسبب الفرص التي وفرتها لهم السياسات الكمالية.

وعلى العكس من أمهاتهن، فقد أخذ الفرص المتاحة كمُعطى وركزن على نقاط الضعف في هذا النظام وطبيعة آلية هذه الإصلاحات. وفي إطار عولمة العالم واختراق الحدود، بدأت موجة ثانية من المطالبة بالمساواة بين الجنسين تنساب، وبعد التدخل العسكري عام 1980، هدفت النخبة العسكرية إلى تأسيس مجتمع بعيد عن السياسة يتم فيه محو الانقسامات اليمينية واليسارية.

فبدأت النساء تعبر عن معانتهن وتسييس اهتماماتهن. وعلى الرغم من هذا المناخ غير السياسي الذي سيطر في الثمانينيات، إلا أن النسويات استطعن التعبير عن قضاياهن، وقد سهل تاريخ السياسات العلمانية الذي بدل حالة المرأة، وكذلك تلك الشريعة التي اكتسبها الخطاب النسائي المنادي بحقوق المرأة محاولات النساء في الحصول على حقوقهن.

تعتبر النسويات مهمّات إلى السياسة التركية، وذلك ليس بسبب التغييرات الأساسية التي تمكنت من إحداثها في تحسين الأوضاع التعليمية والصحة للمرأة، بل لأنهم كن يحثثن بقوة على ضرورة التعجيل بإدخال تعديلات جوهرية على القوانين البالية التي لم يطرأ عليها أي تغيير أو تعديل منذ العشرينيات، بالإضافة لخطباتهن التي كان يتم فيها تحليل بعض السلبيات في الجمهورية ونقدها بواسطة ناشطات، وروائيات، ومحررات، وكاتبات، وإعلاميات.

وكان من بين الانتقادات التي كتبتها الناشطات ضد التحديث الجمهوري، كانت تلك التي تتعلق بالطبيعة غير الليبرالية المجتمعية لإصلاحات التحديث، كما ادّعت النسويات أن طبيعة هذه الإصلاحات الذرائعية قد قيّدت احترام فردانية المرأة. وبينما طالب الجيل الجديد بالحصول على احترام حقوقهن الفردية بما فيها حرية التعبير عن شخصياتهن، وطبيعتهن الأنثوية، بالإضافة إلى حمايتهن من التحرش الجنسي أو العنف المنزلي.

وقام الجيل الأصغر من النسويات العلمانيات بعرض المتطلبات الخاصة بفردانيتهن، وبحقوقهن الفردية عندما أعربوا عن المشكلات التي تواجههن بسبب كونهن نساء، بدءًا من أمورهن الشخصية أي ما يعنيهن بشكل واضح وصريح وصولًا إلى المشكلات الأخرى التي تتعلق بغيرهن.

وفي إطار هذه العملية الخاصة، لم يكن هناك مهمة ولا هدف محدد لإنقاذ الأخريات مما قد يعود عليهن من ضرر من جرّاء النهج الذي انتهجه الآباء المؤسسون لهذه الجمهورية عند البدء بتطبيق الإصلاحات التي وضعوها، ومن ثم قامت النسويات بمواجهة السياسات الجمهورية وقمن بشكل صريح وواضح بمناقشة ليس فقط أهمية الإصلاحات الخاصة بالنساء بالنسبة إليهن، بل مدى أهميتها في مشروع التحديث نفسه.

بالإضافة إلى ذلك قمن بتفصيل الظروف التي تمت في إطارها الإصلاحات، وأكّدن أن النخبة في الجمهورية قد احتفظوا بالمميزات المقدمة للنساء على حساب قمع مبادرات النسويات، كما أرادت النسويات المعاصرات التعبير بأنفسهن وعن معاناة المرأة وعدم ترك هذا المجال للرجال الذين يظنون أنهم على دراية باهتمامات النساء ومتطلباتهن أكثر مما يعرف النساء أنفسهن. وعلى عكس ما قام به الآباء المؤسسون من اتباع للغرب من دون تطبيق الليبرالية، طالبت النسويات اللاتي ظهرن في الساحة العامة بالحاجة إلى تطبيق القيم الليبرالية.


انتشار الحجاب يصطدم بأسس الدولة الكمالية

وعندما قدمت النخبة السياسية التي تبنت مفهوم العلمانية للتحديث، وتطبيقها في إطار مجتمع يشكل الأغلبية العظمى منه من المسلمين، لم تكتف بفصل الدين عن السياسة بل أيضًا وضعت الدين تحت مراقبة الدولة. وقد تجاهل هذا المفهوم العلماني القيود التي فرضتها العلمانية على الحريات الدينية، وقامت الدولة التي حاولت قصر الدين على الحياة الخاصة فقط بتحديد المدى الذي يمكن أن يظهر فيه الدين في الحياة العامة، وكذلك كيفية تعليمه؟ ومن يستطيع تعليمه؟ وكيف يمكن تفسيره؟

ومثّل الحجاب بعد قيام الجمهورية التركية رمزًا للعصر العثماني السابق، فكان التخلص منه من ضروريات التحديث التي يجب أن تتم من وجهة نظر النظام الحاكم الجديد، لذا شجعت الدولة على فكرة التخلص من الحجاب وتغطية المرأة لجسدها، واستبدلت بها ظهور المرأة بملابس أوروپية في المجال العام، فعملت على إظهارها في المجلات والصحف بملابس البحر، وإظهار المرأة ذات التعليم العالي من طبيبات، ومهندسات، ومحاميات، وبرلمانيات دون حجاب، كما أظهرت المرأة مع زوجها في حفلات الرقص وفي جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة دون حجاب كذلك، وقد شارك مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك في التشجيع على الأمر عبر الظهور بزوجته وابنته التي تبناها في المناسبات وهن غير محجبات.

وساعد على عودة الحجاب الإسلامي بشكل واضح منذ تأسيس الجمهورية، زيادة عدد النساء في مدارس الأئمة والخطباء، والتي زادت قوتها في فترة الثمانينيات، وكذلك زيادة عدد الفتيات المتخرجات من هذه المدارس والتحاقهن بالجامعات. وقد تعرضن المحجبات إلى هجوم وضغوط كبيرة من جانب العلمانيين المتشددين، مثل الاتهام أن المحجبات قد تعرضن لغسيل دماغ، أو تم الدفع لهن مقابل ارتداء الحجاب، وأصبح هؤلاء العلمانيون يتداولون هذه الحجج والأقاويل على نطاق واسع.

كان تحدي النساء لعلمانية الجمهورية عبر ارتدائهن الحجاب أمرًا خطيرًا، فطالما سعت الجمهورية إلى غرس قيمها العلمانية الثورية بداخل النساء، وطالما كان ظاهرًا أن النساء استفدن أكثر من العلمانية الجمهورية، ومن هنا كانت عودة النساء إلى الإسلام التحدي الأقل توقعًا، وخيانة بالنسبة للعلمانيين المتعصبين.

وردًا على زيادة أعداد النساء الآتي يرتدين الحجاب في المؤسسات العامة والجامعات، أقر مجلس الوزراء تشريعًا ينص على منع ارتداء الطالبات أو الموظفات الحجاب، وعقب هذا التشريع أصدر مجلس التعليم العالي عام 1982 قرارًا بمنع ارتداء الحجاب داخل الجامعات واحتجاجًا على ذلك القرار، تظاهر عدد من النساء المحجبات وبعض جماعات التيار الإسلامي، واستجابة لهذا الضغط المتزايد، أصدر المجلس عام 1984 قرارًا نص على السماح للمرأة بتغطية رأسها بتُربان [وهو غطاء لا يغطي سوى الشعر فقط]، واعتبر المجلس أن هذا التُربان يتماشى مع الملابس المعاصرة.

كان رد الفعل من جانب العلمانيين أن قام رئيس هيئة الأركان السابق، والذي أصبح رئيسًا للبلاد بعد كنعان إيفرين بمبادرة لمنع التُربان، وفي بداية عام 1987 قام المجلس بالتراجع عن قراره الذي يسمح بارتدائه. وفي فصل الربيع من العام نفسه أعيد إطلاق القرار مرة أخرى في اجتماع لرؤساء الجامعات، ولكن ما لبث أن تراجع مجلس التعليم العالي عن موقفه عام 1989، وألغى المادة التي تمنع ارتداء التُربان داخل الحرم الجامعي .

من ناحية أخرى، أعلنت السلطان القضائية عدم شرعية ارتداء الحجاب داخل الجامعات، وعلى الرغم من أن بعض محاكم الدرجة الأولى أصدرت قرارات مؤيدة لارتدائه، إلا أن المحكمة العليا الخاصة بمجلس الدولة، وكذلك المحكمة الدستورية رفضت هذه الأحكام. وفي عام 1984، رفض مجلس الدولة الطعن المقدم لإلغاء تشريع عام 1982 الخاص بمجلس التعليم العالي، والذي نص على منع ارتداء الحجاب، وفي عام 1987 رفض مجلس الدولة قضية مشابهة، وعقب ذلك في عام 1989، قررت المحكمة الدستورية أن تشريع مجلس التعليم العالي الخاص بالسماح بارتداء التُربان في الجامعات مخالفًا ولاغيًا.

رُفعت القضية إلى اللجنة الأوروپية لحقوق الإنسان، وذلك عندما رفضت إدارة إحدى الجامعات ورق طلب اثنتين من الطالبات، حيث أصرتّا على استخدام صورتيهما بالحجاب في أوراق الإعداد للدبلوم، وقامت لجنة الحقوق برفض القضية برمتها.

استمرت النساء المحجبات بممارسة الضغط على السلطة عبر العصيان المدني واسع النطاق؛ للاستجابة إلى حقهن في ارتداء الحجاب، وفي بداية التسعينات بدأت النساء اللاتي تعرضن للتدخل الصريح من قبل الدولة بمنعهن من دخول الجامعات، وكذلك منعهن من العمل في مؤسسات الدولة، برواية قصص قمعهن حيث بدأت بعضهن في كتابة الكتب والروايات التي تتحدث عن الظلم الواقع على المرأة المحجبة، وبنهاية فترة التسعينات نشأت بعض المؤسسات التي تدافع عن حقوق النساء ضد قوانين الدولة التي تمنع الحجاب مثل: جمعية حقوق حرية الفكر والتعليم (Özgür-Der)، ورابطة حقوق المرأة ضد التمييز (AKDer).

وبعد انقلاب 28 شباط/فبراير 1997 على حكومة رئيس الوزراء «نجم الدين أربكان»، حُرمت أكثر من 300 ألف فتاة من حقهن في الدراسة، كما تعرضت النساء المحجبات في المصالح الحكومية وأماكن العمل إلى الطرد، كما تعرضن أيضًا للسجن.

وتعد قضية «مروة قاوقچى» المحجبة التي انتُخبت عضوا في البرلمان عن حزب الفضيلة لرئاسة مدينة إسطنبول عام 1999 من أشهر القضايا التي لاقت تعاطفًا إسلاميًا ودوليًا، فقد رفض الرئيس التركي حينذاك سليمان ديمريل دخولها البرلمان بحجابها مما أدي لأزمة سياسية كبري في البلاد، وأسقطت عضويتها من البرلمان علي إثرها، وطوردت في أنحاء البلاد إلي أن هاجرت للولايات المتحدة الأمريكية.

وفي السنوات الأخيرة، استطاع حزب العدالة والتنمية الحاكم إصدار قرارات وتشريعات تعمل على كسر الحظر المفروض على الحجاب في الدولة، فصدر في 2010 من مجلس التعليم العالي قرار بوقف طرد أي طالبة محجبة من قاعات المحاضرات بالجامعات والسماح لكل الطالبات المحجبات بالحضور دون أحقية أي أستاذ على الاعتراض على حجابها، كما صدر في عام 2013 قرار برفع الحظر المفروض على الحجاب للعاملات في المؤسسات الرسمية للدولة بما فيها البرلمان، كما تم في 2014 رفع الحظر عن الطالبات في المدارس المتوسطة والثانوية، ليكون بذلك قد تم منع الحظر عن الغالبية العظمى من مؤسسات الدولة إذا استثنينا الحديث عن الجيش والقضاء.