ماما أنا خايف

معظم الأطفال في فترة ما خلال سنوات طفولتهم يرددون هذه الجملة، ويأتي على رأس مخاوفهم: الظلام، الوحوش، المراحيض، الأقنعة، الغرباء، وحتى المكنسة الكهربائية.

غالبا ما يسأل الأهل هل هذه المخاوف طبيعية أم لا؟!

نعم كل مخاوفه طبيعية تماما، الخوف في حد ذاته شعور يساعد الإنسان على التكيف ويحميه من الخطر ويعلمه الكثير، كما يعتبر خوف الطفل دليلا على تطور عقله الصغير، كونه يتخيل ويتوقع سيناريوهات مختلفة،المشكلة في أن معظم خيالاته تكون غير حقيقية، كون عقله لا يملك الحكمة والخبرة الكافية للربط والتقييم.

إذن لا داعي للخوف على طفلك، الخوف ليس المشكلة، ولكن طريقة التعامل معه هي التي تحدد إن كان سيبقى أم سيزول، فالخوف يبدأ عابرا، وسوء التعامل معه قد يجعله خطرا مُقيمًا، إذن أنت غير مسئول عن التحكم في خوفه، لكنك مسئول عن مساعدته كي يفعل هو ذلك.


إليك 10 نصائح ستساعدك في هذا:

1. احترم مشاعر الطفل

قد تبدو هذه النصيحة سخيفة وغير عقلانية ولكنها حقيقية جدا بالنسبة له، لذلك حاول تجنب الضحك وأنت تنظر أسفل سريره بحثا عن الوحش، فالتقليل والسخرية من مشاعره يجعله في وضع الدفاع عنها، وقد يقرر ألا يفصح لك عنها مرة أخرى إذا تعاملت معها بسخرية.

بدلا من ذلك احتضنه واستبدل بجملة «مفيش حاجه تخوف أنت كبير متخافش» جملة «أنا فاهم إنك خايف أوي من الظلمة وحاسس بيك.. تحب أساعدك ونمشي سوا ولا ننور بكشاف؟».

2. لا تجبره على المواجهة

من أشهر الأخطاء في معاملة الخوف أن تجبر طفلك على التعامل مع شيء يخاف منه قبل أن يكون مستعدًا لذلك،عليك بتدريبه تدريجيا، فإذا كان يخاف صوت المكنسة الكهربائية فشجعه على لمسها وهي مطفأة، ثم شغلها وهو في غرفة أخرى ثم اجعله يقترب تدريجيا.

دعه يقرر متى يريد أن يواجه خوفه بنفسه.

3. أعلمْه عن المجهول

قد يخاف الطفل لقلة خبراته ومعلوماته وهذا يجعله يتصور أشياء غير حقيقية، فقد يتخيل أنه سيقع في المرحاض أو أن المكنسة الكهربائية ستشفط رأسه الصغير، فقط اشرح له ماهية الشيء وكيف يعمل وما أهميته، مثلا إن كان يخاف الحيوانات، رحلة صغيرة الى حديقة الحيوانات قد تساعده على تجنب خوفه من الحيوانات، وكن بجانبه دائما لتطمئنه وتشجعه.

4. اجعله يعبر عن مشاعره

بعض الأطفال لا يستطيعون التعبير جيدًا باللغة عن مخاوفهم، لذلك يمكنك إخباره أنه يستطيع التعبير عن خوفه بالأرقام من (1 إلى 10) أو حتى باليد «خايف قد إيه؟ قد كده؟» أو حتى بالرسم، مع تكرار هذه الطريقة يمكن تقييم الخوف مره تلو الأخرى بسهولة.

5. تحكم فيما يشاهده

الطفل لا يستطيع التمييز بين ما هو حقيقي وما هو من نسج الخيال في عمره المُبكر، قد يشاهد على الشاشات مشاهد عنيفة أو مرعبة أو حتى غريبة عن أفكاره،فمثلا الديناصور في الكرتون قد يكون وحشا أسفل سريره. ساعده باختيارك وتحكمك فيما يشاهد، واخلق معه حديثا ونقاشًا حول كل مشاهداته.

6. حدثه عما كان يخيفه

تحدث مع طفلك عن ذكرياته مع الخوف، وأن شخصيته أصبحت أقوى، فهذا يزيد من ثقته بقدراته وإمكانياته في مواجهة مخاوفه، كما فعل سابقا، حدثه كذلك عن مخاوفك أنت أيضا وكيف تعاملت معها ليعلم أنه غير مختلف وأن هذا شعور طبيعي.

7. كن صادقا معه وقدوة له

هناك أشياء مخيفة لا جدال فيها، يخاف منها الكبار والصغار، فمثلا نحن جميعا نتخوف من ألم الحقن، إذن لا تكذب ولا تتجمل، أخبر طفلك بما سيحدث وأنك أيضا تخاف من الألم، ولكنك تواجه هذا الخوف بالدعاء بالتخيل بالتنفس فإن الألم سيزول سريعا.

8. لا تخيفه أنت!

قد يلجأ أحيانا بعض الأهل إلى تخويف الأطفال للضغط عليهم في سماع بعض الأوامر: «لو ما أكلتش كل الأكل العو هيجي»، «لو نزلت معايا الدكتور هيدي الحقنة».. هذه العبارات تتردد في عقله وتخيفه وتعزز وجود الخيالات في ذهنه.

9. ابحث فيما وراء الخوف

قد يكون الخوف رسالة غير مباشرة لمشاعر مكبوتة بداخله كطريقة التعامل العنيفة،اللوم والنقد الكثير لشخصه، طفل جديد في العائلة، مسكن جديد أو مدرسة، مشاكل الأب والأم أو حتى موقف عابر .

ساعده في التنفيس عن هذه المشاعر بأن تختلق حديثا تعبر بكلامك عما يدور بداخله فمثلا «أنا عارف أنك مش عايز البيبي ونفسك يمشي لكن هو لما يكبر هتلعبوا كتير أوي مع بعض».

10. الصبر.. الصبر

لا تتوقع حلا سحريا في غضون أيام (هناك بعض الحالات تحتاج استشارة متخصصة) ولكن اصبر على طفلك وتقبل مشاعره ولا تيأس واحترم رغباته أيا كانت.


الخوف نعمة كبيرة من الله لا تجبر طفلك على مقاومتها وكبتها، قدم له يد العون دوما بأن تكون سنده وأن تُشعره بأنك تشعر بما يمر به، وأنك تتقبله في كل حالاته.

فتعامله الصحيح مع الخوف أحد أهم دروس تعامله مع مشاعره الإنسانية كلها، والتي ستستمر طول عمره.