قبل وفاته، زرع الخليفة العباسي هارون الرشيد بذور الفتنة بين ولديه الأمين والمأمون من دون أن يقصد؛ حين قرر تولية الأمين وليًا لعهده انتصارًا لأمه زبيدة بنت جعفر، العربية الهاشمية العباسية، وللحزب العربي داخل الدولة العباسية.

ولكنه في الوقت ذاته كان مقتنعًا بتولي المأمون ولاية العهد أكثر من أخيه، فأوصى له بولاية العهد من بعد الأمين، كما أوصى بجعل الإقليم الشرقي للخلافة (خراسان وما وراءها) تحت حكم المأمون ولا ينازعه فيه الأمين حتى وهو خليفة.

شعر الأمين أن خلافته منقوصة السيادة، في ظل وضع أخيه المأمون في خراسان، فحاول عزله، فوقعت بينهما حروب انتهت بانتصار المأمون ومقتل الأمين.

كانت مدة خلافة الأمين (193 إلى 198هـ) في أغلبها نزاع بينه وبين أخيه، وأدى هذا النزاع إلى اضطراب في الدولة العباسية كلها، إذ كانت الخلافة نفسها محل نزاع، ولا توجد سلطة مركزية تسيطر بشكل كامل على الدولة مترامية الأطراف.

واستغل خصوم العباسيين هذه الفوضى في الثورة عليهم، وبخاصة العلويون والأمويون، بل تمرد قادة عباسيون وحاولوا الانفصال أو إقامة حكم ذاتي لهم في ظل الخلافة.

في مصر تحزب فريق للأمين وآخر للمأمون، وكذلك استغل عدد من القادة العسكريين حالة التفكك السياسي والاضطراب وطمعوا في الحكم لأنفسهم، وانقلبوا حتى على قادتهم المباشرين، وأقاموا مناطق حكم ذاتي لأنفسهم.

 نتيجة لذلك قُسِّمت مصر لأقاليم جغرافية يحكم كل إقليم حاكم منقلب على قائده، وزاد التفسخ فصارت مصر مطمعًا لوافدين من الخارج، حيث استولى نازحون من الدولة الأموية في الأندلس على مدينة الإسكندرية، وحكموها لفترة طويلة.

في سطورنا التالية نرصد الصراعات السياسية والحروب الداخلية التي عاشتها مصر في زمن فتنة الأمين والمأمون، والتي استمرت لسنوات بعدها، ولم تنتهِ إلا عام 212 هـ، أي بعد وفاة الأمين بحوالي 14 عامًا.

واليان وخليفتان: مصر بين الأمين والمأمون

عقب وفاة الخليفة هارون الرشيد ثار فريق من الجيش العباسي في مصر على الوالي الحسن بن التختاخ، ووقعت حرب طاحنة بينه وبينهم، وفي هذه الأثناء تولى الأمين الخلافة.

لكن الأمين لم يعزله رغم هذه الاضطرابات، ولكن لأن أموال الخراج التي كان يرسلها من مصر إلى بغداد سُرِقت وهي في الطريق وتحديدًا عند الرملة في فلسطين.

وعين الأمين بدلًا منه حاتم ابن هرثمة بن أعين، ولكن بعد فترة بسيطة عزله لأن والده هرثمة بن أعين انضم لمعسكر المأمون، واستبدله الأمين بجابر بن الأشعث الطائي، وكان جابر له شعبية بين المصريين.

وحين ترددت الأنباء في مصر عن انتصار جيش المأمون بقيادة طاهر بن الحسين على جيوش الأمين، وقع اضطراب بين صفوف الجنود العباسيين، إذ دعا القائد العسكري السري بن الحكم بن يوسف إلى خلع الأمين وواليه.

في الوقت نفسه أرسل المأمون دعاته إلى مصر لدعوة أهلها وجنودها إلى تأييده، ولقيت دعوته استجابة كبيرة، بفضل السري بن الحكم وبفضل هرثمة بن أعين الذي عاش قبل ذلك في مصر وكانت له أملاك وضياع بها، والذي كان يرسل رسائله إلى أنصاره في مصر لتأييد المأمون.

ونتيجة لما سبق ثار الجنود العباسيون على الوالي جابر بن الأشعث وأخرجوه من مصر عام 196هـ، وعين المأمون واليًا من قبله وهو عباد بن محمد. ومنذ هذا التوقيت وحتى عام 212هـ ظلت مصر في صراع على السلطة، أي حوالي 16 عامًا.

لم يستسلم الأمين وأرسل إلى ربيعة بن قيس، زعيم قبيلة قيس في مصر، معلنًا اختياره واليًا عليها من قبله، كما راسل الأمين كثير من الأعيان يطلب منهم نصرته، والوقوف بجانب واليه ربيعة بن قيس، فاستجابوا له.

هنا أصبح لمصر واليان، ودانت مصر لخليفتين في نفس الوقت، وكان لزامًا أن تدور الحرب بينهما، وهو ما حدث بالفعل.

تحرك أنصار الأمين بزعامة ربيعة بن قيس، وكانوا يتمركزون بمنطقة الحوف (بالقرب من دمياط) باتجاه «العسكر» عاصمة العباسيين شمالي الفسطاط، وكان في انتظارهم الجيش الموالي للمأمون بزعامة عباد بن محمد، الذي حفر خندقًا حول الفسطاط ليواجه من خلاله جيش الأمين.

استمرت الحرب بين الفريقين عند الخندق لشهور ولم ينتصر أي فريق على الآخر، بل كر وفر بين كليهما، وهنا أرسل عباد بن محمد جيشًا آخر إلى «الحوف» بقيادة عبد العزيز ابن الجروي، حيث نفوذ ربيعة بن قيس، فانهزم الجروي وكان ذلك عام 197هـ.

فر الجروي إلى فاقوس بمحافظة الشرقية، حيث تتمركز قبيلته وكان له أنصار بين قبيلتي لخم وجزام هناك، فشجعوه على أن يطلب الولاية لنفسه، وقالوا له: لم لا تدعو لنفسك، فما أنت من دون هؤلاء الذين غلبوا على الأرض؟

صادف ذلك هوى في نفسه، وانفصل عن الوالي عباد بن محمد، وانطلق إلى بلبيس بالشرقية ليجعلها مركز إمارته، وأرسل عماله يجمعون الخراج من سكان الوجه البحري لمصر.

وهنا أصبحنا أمام ثلاثة حكام، وهم: ربيعة بن قيس والي الأمين، وعباد بن محمد والي المأمون، وعبد العزيز بن الجروي الذي انفصل عن والي المأمون وسيطر على منطقة شرق الدلتا، أما غرب الدلتا ومعه مدينة الإسكندرية فقد سيطرت عليه قبيلتا لخم وجذام، بقيادة بهلول اللخمي.. أي إن مصر صارت مقسمة على 4 أجزاء.

حرب بين العاصمة وشرق الدلتا

خلال عمليات القتال بين أنصار الأمين والمأمون في مصر، وصل الخبر بمقتل الأمين، وإعلان المأمون خليفة للمسلمين، وأول إجراء اتخذه المأمون بالنسبة لمصر كان عزل واليه عباد بن محمد، الذي لا يستطيع السيطرة على الأمور، وعين بدلًا منه المُطَّلِب بن عبد الله الخزاعي.

ولم تمضِ 7 أشهر حتى عزل المأمون واليه المطلب، وعين مكانه العباس بن موسى بن عيسى، ولكن العباس لم يأت إلى مصر مباشرة، بل أرسل ابنه عبد الله إلى مصر نائبًا عنه للاطلاع على الأوضاع وموافاته بطبيعة الحالة التي تعيشها البلاد.

أول ما فعله عبد الله بن العباس بن موسى كان القبض على الوالي السابق المطلب بن عبد الله الخزاعي، وسجنه.

ثار الجنود العباسيون على نائب الوالي ووقعت بينهما معارك انتهت بطرده من مصر، وإخراج المطلب بن عبد الله من السجن وإعادته إلى كرسي الولاية عام 199هـ.

حدث كل ذلك ووالي مصر نفسه العباس بن موسى لم يحضر إليها، ولكنه حين علم بما جرى لابنه وطرده، قدم من مكة إلى الحوف (بجوار دمياط) ثم نزل في بلبيس خشية مقابلة الوالي الذي اختاره الجنود، ومات هناك.

بعد موت العباس تفاوض المطلب (الوالي الفعلي الذي عينه الجيش) مع أهل الحوف فبايعوه، وبعدها قرر المطلب تعيين نائب له على الوجه البحري وهو يزيد بن خطاب الكلبي.

في هذا التوقيت كان عبد العزيز بن الجروي، الذي كان قد انفصل عن والي المأمون المخلوع عباد بن محمد يسيطر على أجزاء كبيرة من الوجه البحري، فحاول المطلب استرضاءه.

قرر المطلب تولية الجروي على تنيس (كانت مدينة مهمة وقتها، تقع على جزيرة في بحيرة المنزلة، جنوب غربي بورسعيد)، وأمره أن يحضر إلى الفسطاط للقائه.

كان الهدف من تكليف المطلب للجروي بولاية تنيس تخديره، ليأتي إلى الفسطاط ويوقع به، لأنه يدرك أنه طامع في ولاية مصر هو الآخر.

لم يذهب الجروي إلى الفسطاط خوفًا من قتله أو اعتقاله، فأعلن المطلب خلعه وتولية وال آخر على تنيس، فطرد الجروي والي المطلب من تنيس، فبعث إليه المطلب بقائده السرِي بن الحكم في قوة من الجند يسألونه الصلح فاستجاب لهم في العلن، إلا أنه أراد الغدر بهم، ففطنوا لذلك وحاربوه.

ثم عاد ودعاهم للصلح، وكانت خدعة جديدة، استطاع الجروي من خلالها القبض على السري، وسجنه في تنيس.

في هذا التوقيت (199هـ) كانت مناطق واسعة في شرق الدلتا تخضع لحكم الجروي، فأراد ضم باقي الوجه البحري لحكمه، فتحرك بقواته لقتال يزيد بن الخطاب والي المطلب على الوجه البحري، وهزمه، فأرسل المطلب جيشًا لمحاربته بقيادة ابن عبد الغفار الجمحي ولكن الجروي هزمه أيضًا وأسر ابن عبد الغفار في نفس العام.

علم الجروي أن المطلب يحشد كل قواته لمحاربته، فأراد تقوية نفسه فتوصل لصفقة مع السري بن الحكم (قائد جيش المطلب السجين لدى الجروي في تنيس).

اتفقا على الإفراج عن السري، وأن يعلن الجروي -كذبًا- أن الخليفة المأمون أرسل خطابًا بتعيين السري بن الحكم واليًا على مصر، في مقابل أن يحارب السري الوالي المطلب.

وقعت حروب بين السرِيّ والمُطّلب انتهت بهزيمة المطلب وطلبه الأمان من السري وخروجه من مصر عام 200 هـ، وبايع الجنود السري واليًا على مصر، إلا أن سيطرته كانت على العاصمة والوجه القبلي، وكان الجروي مطلق اليد في شرق الدلتا، وذكرنا أن إقليم غرب الدلتا ومعه الإسكندرية كانت تسيطر عليهما قبيلتا لخم وجذام بزعامة بهلول اللخمي، منذ عهد والي المأمون عباد بن محمد.

غرب الدلتا والإسكندرية: صراع آخر على الحكم

تمرد بهلول اللخمي على حامية الوالي عباد بن محمد وسيطر على الإسكندرية والبحيرة وغرب الدلتا منذ عام 196هـ، فلما تولى المطلب بن عبد الله مصر من قبل المأمون سنة 198هـ، عيّن على الإسكندرية حديج بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج واليًا عليها، فثار ضده بنو مدلج بالإسكندرية.

فبعث إليهم المطلب بأخيه هارون فانهزم أمامهم، ولما ولي المطلب بن عبد الله ولايته الثانية على مصر بإجماع الجند (199-200هـ) قرر تعيين محمد بن هبيرة بن هاشم بن حديج واليًا على الإسكندرية، فاستخلف من بعده عمر بن عبد الملك بن محمد بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج، المعروف بعمر بن هلال، فوليها عمر بن هلال 3 أشهر ثم عزله المطلب وولّى عليها أخاه الفضل بن عبد الله.

في تلك الأثناء رست سفن الأندلسيين على شواطئ الإسكندرية، بكميات كبيرة، وكانوا يأتون إليها كثيرًا للتجارة، ولكن هذه المرة أتوا بعدد ضخم يتجاوز 15 ألف رجل، بخلاف النساء والأطفال، لاجئين بعد طردهم من بلادهم بأمر من الأمير الأموي الحكم الربضي (الحكم بن هشام)، على أثر ما عرف بواقعة الربض بقرطبة عام 198هـ.

ولما عُزِل عمر بن هلال أرسل إليه عبد العزيز الجروي يأمره باسترداد الإسكندرية من الوالي الذي عينه المطلب، معلنًا دعمه له في ذلك، فاستعان عمر بن هلال بالأندلسيين فلبوا طلبه ووجدوها فرصة للتمكن من استيطان الإسكندرية.

واستطاع ابن هلال إخراج الفضل بن عبد الله والي المطلب، ودخل الأندلسيون الإسكندرية، فثار عليهم أهلها وطردوهم منها فعادوا إلى سفنهم الراسية في البحر.

أرسل المطلب واليًا جديدًا للإسكندرية وهو إسحاق بن أبرهة بن الصباح، فنشبت بينه وبين عمر بن هلال معركة في رمضان 199هـ، انتهت بهزيمته، فأرسل المطلب واليًا جديدًا وهو أبوبكر بن جنادة بن عيسى المعافري فدخلها عنوة، وانسحب عمر بن هلال إلى خارجها، حيث نفوذه في غرب الدلتا.

في هذه الأثناء (200هـ) انهزم المطلب أمام السري بن الحكم، فانطلق عمر بن هلال إلى الإسكندرية لإعادة ضمها إليه، وبالفعل انتصر وطرد أبوبكر منها، وأعلن بن هلال مبايعته للجروي كوال على الوجه البحري، وكان وقتها الجروي ووالي مصر السري بن الحكم في وئام واتفاق.

الأندلسيون يتحالفون مع الصوفية

ذكرنا أن ابن هلال كان قد استعان بالأندلسيين في حربه ضد الوالي الذي عينه المطلب على الإسكندرية، فلما عاد ابن هلال إليها بعد أن دانت الأمور للجروي كوال على الوجه البحري، وللسري كوال على العاصمة والصعيد، ذهب إليه الأندلسيون يبغون أن يسكنوا الإسكندرية، فطردهم إلى سفنهم.

هنا غضب الأندلسيون وأرادوا الانتقام من الرجل الذي استعان بهم وقت احتياجه، وطردهم حين استتبت له الأمور، فوجدوا ضالتهم في ظهور طائفة في الإسكندرية عرفت بـ«الصوفية»، بزعامة أبو عبد الرحمن الصوفي.

الصوفية لم يكونوا بالصورة الذهنية التي نعرفها عن أهل التصوف، بل كانوا طائفة متشددة دينيًا، تمارس فكر «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، ويعارضون الحاكم في ما يعتقدون أنه مخالف للشريعة الإسلامية.

تحالف الأندلسيون مع الصوفية ضد ابن هلال وسلطة العباسيين، وانضمت إليهم قبيلة لخم صاحبة النفوذ الكبير في غرب الدلتا، وحشدوا جيشًا ضد ابن هلال وحاصروه بالإسكندرية وقتلوه وانتصروا وحكموا الإسكندرية عام 200 هـ.

بعد انتصار تحالف الأندلسيين والصوفية واللخميين، وقع خلاف بين اللخميين والأندلسيين، ونشأت بينهم حرب أهلية في شوارع الإسكندرية انتهت بانتصار الأندلسيين، ولكنهم لم يولوا عليها واحدًا منهم بل بايعوا عبد الرحمن الصوفي.

إلا أن أهل الإسكندرية كانوا يكرهون الأندلسيين، فاستمر الاضطراب بالمدينة ولم يستطع عبد الرحمن الصوفي السيطرة على الأوضاع، وانتهى الأمر بعزل الأندلسيين له وتعيين واليًا منهم عرف بـ«الكناني»، وهكذا أصبحت الإسكندرية دولة للأندلسيين داخل مصر العباسية.

تمرد في بغداد وفوضى بمصر

في هذه الفترة حدثت أزمة جديدة في الخلافة، بسبب قرار المأمون تعيين الإمام علي الرضا وليًا لعهده، وهو من البيت العلوي المعارض للعباسيين، فبايع العباسيون في بغداد عمه إبراهيم بن المهدي خليفة للمسلمين، وخلعوا المأمون من الخلافة.

بويع إبراهيم في مصر، وتولى البيعة له زرعة بن قحزم بالفسطاط، وعبد العزيز ابن الجروي في الدلتا، وسلامة بن عبد الملك الأزدي الطحاوي بالصعيد، وانضم سليمان بن غالب بن جبريل إلى الجروي، وجرى تعيين عبد العزيز الأزدي واليًا عامًا على مصر، فوقعت حرب بينه وبين السري (الوالي بحكم الأمر الواقع وبقوة السلاح) انتهت بقتل الأزدي عام 202هـ.

لكن الأمر انتهى سريعًا بعد إعلان موت الإمام علي الرضا، وعودة المأمون للسيطرة على الأوضاع وهروب الخليفة إبراهيم بن المهدي، ولكن الأمور استمرت كما هي مضطربة في مصر، بين الأندلسيين في الإسكندرية والجروي في شرق الدلتا والسري في العاصمة والصعيد.

وكانت هناك محاولات مستميتة من الجروي لاسترداد الإسكندرية، ووقعت معارك وكر وفر بينه وبينهم، تارة يستردها ومرة يفقدها، وتحالف الأندلسيون مع السري ضد الجروي الذي كان حليفًا للسري قبل ذلك.

وفي هذه الأثناء استولى الجروي على الصعيد، ليحاصر السري من الجنوب، وزاد الطين بلة أن ثار الأقباط في سخا (تتبع محافظة كفر الشيخ شمالي مصر) ونشأت حرب بينهم وبين الجروي، الذي صار يحاربهم ويحارب السري في نفس التوقيت.

انسحب الجروي من سخا إلى الإسكندرية وقرر أن يستميت عليها، فحاصرها لمدة 7 أشهر، وقصفها بالمجانيق، ولكن الأمر انتهى بمقتله، وبعد وفاته بثلاثة أشهر مات السري أيضا وذلك عام 205هـ.

ورث عليّ بن الجروي ملك أبيه، كما ورث أبو نصر بن السري ملك أبيه أيضا واستمر النزاع بينهما، واستمرت الإسكندرية تحت سيطرة الأندلسيين، ومات أبو نصر فورثه أخوه عبيد الله بن السري.

كل هؤلاء كانوا خارج سيطرة المأمون الذي حاول بعد أن دانت له الأمور أن يسترد مصر، فأرسل خالد بن يريد بن مزيد الشيباني واليًا على مصر، ففشل في السيطرة على الأمور وطُرِد.

وظلت الأوضاع مضطربة حتى أرسل المأمون جيشا بقيادة قائده القوي عبد الله بن طاهر بن الحسين فسيطر على الأوضاع في العاصمة، ثم انطلق إلى الإسكندرية فحاصر الأندلسيين وهزمهم عام 212هـ، وطردهم من مصر، وأعاد مصر إلى الحظيرة العباسية.. وهكذا انتهت فترة من الفتن والنزاعات في مصر امتدت لنحو 16 عامًا، منذ صار لمصر واليان أحدهما يتبع الأمين والآخر يتبع المأمون وذلك عام 196هـ.

المراجع
  1. “تاريخ الأمم والملوك”، الطبري
  2. “كتاب الولاة وكتاب القضاة”، الكندي
  3. “سير الآباء البطاركة”، ساويرس ابن المقفع
  4. “الكامل في التاريخ”، ابن الأثير
  5. “النجوم الزاهرة”، ابن تغري بردي
  6. “المواعظ والاعتبار”، المقريزي
  7. “الحضارة الإسلامية”، آدم متز
  8. “مصر في فجر الإسلام”، سيدة إسماعيل كاشف