تقدم مذكرات سيد عويس «التاريخ الذي أحمله على ظهري» مادة خصبة لقراءة كل من ثورة 1919 وحركة الجيش يوليو 1952، ليس من وجهة نظره كعالم اجتماع، وإنما من خلال عيني طفل عايش ثورة 1919 في أسرته الممتدة بحي الخليفة الشعبي، ومن خلال ملاحظات موظف عمل في حكومة نظام يوليو في شهورها الأولى سواء كموظف في إدارة الأحداث بوزارة الشؤون الاجتماعية، أو كمساعد لأحد الضباط الأحرار في تنسيق مشروع معونة الشتاء في رئاسة الوزراء منذ أغسطس/آب 1952 حتى سفره للولايات المتحدة أغسطس/آب 1953. لنطّلع من خلالها على رؤى بعض فئات الشعب المصري إزاء هذيْن الحدثين المهمين من التاريخ المصري.


ثورة 1919 كما رآها طفل مصري

ما يزال أغلب الباحثين المصريين يستخدمون العمل الكلاسيكى للرافعي كمصدر أساسي في دراسة ثورة 1919، بالإضافة إلى تقرير القنصل البريطاني، والصحف، ومذكرات الزعماء السياسيين، وبعض الوثائق غير المنشورة كالالتماسات الموجّهة إلى المحكمة العسكرية.

ثمة توجهات تاريخية قد ظهرت في الآونة الأخيرة تعيد دراسة ثورة 1919 باعتبارها أكبر ثورات التمرد لفلّاحي العصر الحديث، وأخرى تحاول وصف الثورة من وجهة نظر المجتمعات المحلية، ولكن ما زالت الدراسات التي تحاول دراسة آراء تجارب الناس العادية الذين عايشوا الثورة قليلة، منها دراسة عالم الاجتماع والمستعرب الياباني إيچى ناجاساوا المعنونة «ثورة 1919 كما رآها طفل مصرى» التي رصد فيها أوضاع المجتمع المصري في تلك الفترة من خلال سيرة سيد عويس.

يتبين لنا من خلال سيرة عويس سوء الأوضاع الاقتصادية في النصف الأول من العشرينات، ومعاناة الناس فترة ما بين الحربين، فكثير من العمال قد أُجبروا على العمل مع الجيش البريطاني في سوريا وفلسطين تاركين أسرهم تتضور جوعًا في مصر. فيُذكر أن عدد المزارعين المجندين للخدمة العسكرية كعمال وصل إلى مليون ونصف المليون، فكان هذا التجنيد أحد أهم أسباب ثورة 1919.

ونرى من خلال سيرة سيد عويس كيف تعاملت بعض الفئات من المصريين مع هذه الأوضاع الاقتصادية القاسية، فنجد بعض النسوة الفقراء يخاطبن جنود الاحتلال طلبًا للمال. فيذكر أنه في ذات يوم لعب الكرة مع أصدقائه في أرض فسيحة بجوار القلعة. وفي طريق عودتهم، رأوْا نساء شبه عاريات تحت سور القلعة يصحن: «هالو جوني جيفت موني»، «هالو چورچ جيفت فود»، والإنجليز يضحكون ويهللون ويقذفونهن بـالبقسماط أحيانًا، وبـالسليقة أحيانًا أخرى. وعند رؤية هذا المنظر، قذف سيد وأصدقاؤه هؤلاء النسوة بالحجارة حتى غضبن وأخذن يجرين يطاردن الصبية غير أنهن لم يستطعن اللحاق بهم.[1]


تباين مواقف أسرة عويس من الاحتلال الأجنبي

وعندما اندلعت ثورة 1919، كان عويس في السادسة من عمره، ويصف تأثير الثورة على أسرته بأنها «أحداث حزينة ومثيرة»، فيتذكر قائلًا:

ولا يمكن إلا أن أذكر ما حدث في أثناء ثورة 1919. وكان الجميع يتحدثون عنها في البيت وفي الشارع وفي المقهى. وكنت أعلم عنها عن طريق جدّي لأبي وعن طريق ابن عمي عبد المنعم الذي كان في ذلك الحين شابًا يافعًا يدرس في الأزهر، كان الإنجليز يجوبون شوارع القاهرة وهم يحملون البنادق لينشروا الخوف والفزع فى قلوب المصريِّين أطفالًا كانوا أو شبابًا أو نساء أو رجالًا. وعندما مر الإنجليز أمام الحارة التي يقع بيتنا فيها لم يكن ابن عمي عبد المنعم في البيت. كان مع زملائه الشبان يملئون الشوارع هتافًا بحياة مصر وسقوط الإنجليز والخونة. عندئذ، أي عندما مر الإنجليز حاملو البنادق أمام الحارة، صرخت زوجة عمي أم عبد المنعم صراخًا متواليًا مزعجًا. رجع جدّي لأبي من عمله، ثم عاد ابن عمي عبد المنعم بعد الغروب. وإذا بزوبعة تثور. سمعت حديثًا صاخبًا يصدر عن جدي لأبي وابن عمي. كان جدّي وحده وفي إحدى يديه كرباج، أما اليد الأخرى فقد كانت ممسكة بذراع عبد المنعم وكان جدّي يقول صارخًا: «ما لهم الإنجليز يا ولد يا خنزير؟ مش هُمَّ اللي جابوا لنا الكهربا، مش هم اللى جابوا لنا الترمواي، مالهم الإنجليز يا ولد يا خنزير؟»، ويردّ عليه ابن عمي صارخًا هاتفًا «تحيا مصر. ويسقط الإنجليز(……) وكنت ومعي أطفال الأسرة، وكانوا كثيرين، نقف ونسمع ولا نقول شيئًا. ولكن كانت قلوبنا الصغيرة التي بدأت تكبر تخفق لهتافات عبد المنعم.[2]

لقد كانت الثورة جزءًا لا يتجزأ من تاريخ أسرة عويس، ونلحظ أن أفراد أسرته قد تباينت مواقفهم إزاء الثورة والاحتلال البريطاني تبعًا لاختلاف مواقعهم الاجتماعية. فنجد أن جده قد جمع ثروته أثناء الحرب العالمية الأولى، فقام بتوسيع تجارته عن طريق الحصول على مركز الوكيل الوحيد لشركة شل للبترول بالقاهرة، ووسع تجارته بفتح مكتب في ميدان العتبة. وكان تقديره للحكم البريطاني بأنه حقق التطور الاقتصادي من خلال تدفق رأس المال الأجنبي وتشييد البنية التحتية الحديثة في البلاد.

أما ابن عمه عبد المنعم فهو أحد طلاب الأزهر الذين شاركوا في الثورة بعدما اندلعت بخروج مظاهرة طلاب مدرسة الحقوق في 8 مارس/آذار 1919 بعد نفي سعد زغلول ورفاقه إلى مالطة، والتي تلتها مظاهرات وإضرابات العمال وموظفي الحكومة بالإضافة إلى النساء والأطفال. وفى 11 مارس/آذار قُتل طالب، وكان أول ضحية، برصاص الجنود البريطانيِّين، وفي 16 مارس/آذار قُتلت امرأة من قسم الخليفة، مسقط رأس عويس، فكانت الضحية الأولى من الإناث في المظاهرات، مما أدى إلى تصاعد الأحداث.[3]

وقد لعب طلاب الأزهر دورًا مهمًا في مدّ الثورة إلى كل أنحاء البلاد، خاصة الريف الذي ينتمي أغلب طلابه إليه. وكذلك عبد المنعم ابن عم سيد الذي عمل على الدعاية للثورة بين أطفال أسرته والأسر المجاورة أثناء إعطائهم دروسًا في العربية. ومن الملفت للنظر أن هذا الجد نفسه قد حرص على متابعة الشأن العام ومشاركة أحفاده في الإطلاع على الكتب والصحف اليومية، وتعليمهم التعاليم الإسلامية، فهو لم يكن متفرنجًا أو متماهيًا مع الاحتلال تمامًا رغم معارضته القوية لموقف حفيده عبدالمنعم.

ونلحظ امتزاح العام بالخاص في حيوات الناس حتى هؤلاء الذين لم يشاركوا بأنفسهم في الثورة، وإنما تضامنوا معها سواء أم عويس نفسها التي تدرك في وعيها البسيط مساؤي الاحتلال، وتولع حبًا بشخصية الزعيم مصطفى كامل وكذلك أبوه، فقد حرصا على تسمية ابنهما الأكبر كامل تيمنًا به، ورغم وفاة هذا الابن مبكرًا فإنهما ظلا فترة طويلة يحبذون أن يُنادوا بكُنية أبو كامل وأمّ كامل.

وقد شارك سيد عويس كغيره من الأطفال الذين تفاعلوا مع الثورة سواء بترديد أغاني سيد درويش وغيرها من الأغاني الشعبية التي تولدت في خضم الحدث الثوري، ومن خلال المشاركة في الإضرابات والمظاهرات، فيذكر عويس أنه قد شارك في الثورة مرتين؛ أولهما، حينما شارك فى إضراب ومظاهرة نظّمهما طلاب أكبر منه فى المدرسة الأولية، وثانيهما، في مظاهرة أخرى هتف فيها مع أصدقائه: «فلتسقط لجنة ملنر»، دون أن يعرف ما يعنيه هذا الهتاف [4].

وحتى بعد أن مرت ذروة الثورة، ظل حماسها باقيـًا في حياة الناس. فيذكر عويس أن الثورة قد هزت نظام السلطة في المدرسة كما في الأسرة، فقد أصبح طلاب المدارس أكثر جرأة في تحدي سلطة الناظر للدفاع عن مواقفهم السياسية.


سيد عويس موظفًا في حكومة يوليو في شهورها الأولى

وصل سيد عويس من بعثته التعليمية في إنجلترا إلى ميناء الإسكندرية صباح يوم السبت 26 يوليو 1952. ويصف المناخ الذي هيمن على الإسكندرية حينئذ قائلاً إن الأجواء كانت تشع الفرح والانطلاق، وانتشرت طوابير الاستماع إلى الراديو في الميناء لتلقّي ما يبثه من بيانات تاريخية، ذكر منها نص بيان محمد نجيب الذي أعلن فيه تنازل الملك عن العرش ومغادرته البلاد، وتنازل نجيب عن رتبة فريق بدرجة وزير التي عرضها عليه الملك، لأنه قانع برتبة اللواء مراعاة لحالة الدولة المادية.

يُعقّب عويس على ذلك قائلًا إن اسم محمد نجيب قد لمع وسط الناس حينها، وإن رغبته في التنازل عن الرتبة باعتبارها مكسبًا، ذلك إما لأنه تأثر باليوتوبيا التي خلقها المناخ الثقافي المصري وقتئذ، أو لأنه أراد كسب دعم شعبي للثورة في أيامها الأولى. ولم يكن أحد من المصريين قد عرف جمال عبدالناصر حتى عُيّن مديرًا لمكتب محمد نجيب، فقد كان قادة حركة يوليو غير معروفين للشعب مقارنة بقادة ثورة 1919.

ونرى تاريخ الحكومة في أولى شهورها من خلال شخصية عويس الذي تسلم عملّه كمفتش اجتماعي في إدارة الأحداث بوزارة الشؤون الاجتماعية أغسطس/آب 1952. يرى عويس أن ما كان يحدث في قطاع الموظفين يبرز كثيرًا مما كان خافيًا من نظام حركة يوليو. فيذكر أن المسؤولين عن إدارة الأحداث كانوا يتحدثون همسًا عن التطهير، وكانت المصلحة لا هم لها إلا أن تيسّر للمحققين مهمتهم في تقرير الموظفين الذين سيكون نصيبهم التطهير. وكان الموظفون يؤدّن أدوارًا مسرحية سياسية، فقد بدا له حينها أنهم أرادوا التخلص من أناس بعينهم سواء في الوزرات أو الجامعات أو المؤسسات الأخرى.

فالجميع كان متوجسًا، والأصابع تشير إلى أن هذا أو ذاك من كبار موظفي الوزارة سيخضع للتطهير، مؤكدة أسماء بعينها، فصارت مكاتب هؤلاء المعرَّضين للتطهير خاوية لا يدخلها ولا يمر أحد بجانبها خشية الاتهام، لتعكس حالة النفاق الثقافي والاجتماعي المصري.[5]

ويروي عويس أنه فوجئ في نوفمبر/تشرين الثاني 1952 بدعوة وكيل مصلحة الخدمات له للذهاب إلى رئاسة مجلس الوزراء لمقابلة الصاغ مجدي حسنين مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء. لم يكن يدري لماذا وقع الاختيار عليه، ولكن كانت الحكومة الجديدة تحاول توطيد دعائمها من خلال القيام بعدة مشروعات اجتماعية منها مشروع معونة الشتاء الذي كان أول مشروع تقوم به، ويعتمد المشروع على جمع التبرعات من الأسر لكل ما يمكنهم الاستغناء عنه سواء ملابس، أجهزة، قطع أثاث وإلخ، وإعادة توزيعها على من يستحق.

كانت تلبية نداء التبرعات بمثابة استفتاء اجتماعي للحكومة الجديدة ومن ورائها القادة الثوار، فرغم حوادث كفر الدوار التي حدثت في أغسطس/آب 1952، أي بعد مرور 3 أسابيع من حركة الجيش 1952، وانتهت بإعدام مصطفى خميس ومحمد البقري، والغصّة التي أصابت البعض حينها بسبب الحكم الجائر، إلا أن سرعة الأحداث التي توالت ذلك الحين ألهت الناس عن مصير البقري وخميس، خاصة حينما صدر قانون الإصلاح الزراعي الذي أصبح محور أحاديث المجتمع، والذي أُعفيَ علي ماهر بسببه من رئاسة الوزارة في 7 سبتمبر/أيلول 1952.[6]

أتاح انتقال عويس للعمل مع الصاغ مجدي بمجلس الوزراء فرصة لرؤية ما يحدث عن قرب، فيذكر عويس أنه في لحظات حماس جارف قد تبرع بعض الضباط المتزوجين لمشروع معونة الشتاء بدبل الخطوبة، ثم من العجيب أن كثيرًا من هؤلاء الضباط قد جاءوا بعد أن فترت حدة الحماس يطالبون بأخذ ما أعطوه، وقد قام عويس، بعد موافقة الصاغ مجدي، برد ما أعطوه.[7]

وقد رأى عويس الضباط ورجال الفكر الكبار يأتون ليقدموا التحيات ويؤكدوا الولاء لمجلس قيادة الثورة، وبعضهم اقترح أن تُحكَم البلاد كما حكم هتلر ألمانيا، وبعضهم الآخر رأى أن قانون الإصلاح الزراعي خطوة نحو الشيوعية.

ويذكر عويس بعض الطرائف التي كانت تحدث منها زيارة أحدهم وهو يلبس خرقة التصوف، ويعلق في رقبته بروازًا تطل منه شهادة ليسانس في الحقوق، ويقول صارخًا اتركوهم لا تفعلوا شيئًا إنهم سيخرجون وحدهم بلا رجعة، فلا تفعلوا شيئًا، اتركوهم لقد آن أوان جلائهم عن البلاد، قاصدًا الإنجليز. وكذلك الزيارة اليومية من أحد موظفي رئاسة مجلس الوزراء الكبار للصاغ مجدي ليقسم بأغلظ الأيمان أنه ذهب إلى ضريح السيدة زينب والحسين ودعا لتوطيد حركة الجيش، وأنه كنس الضريح حتى تُجاب دعواته.

يتتبع عويس في لحظات موجزة تطور شخصية حمزة بسيوني منذ كان برتبة الملازم ثان في الجيش حتى أصبح مسؤول السجن الحربي وقيامه بإدارة عمليات التعذيب في السجون الناصرية. فقد عمل البسيوني بمعسكر للجيش المرابط بجوار مؤسسة الزفاف التي تواجد بها عويس خلال الأربعينيات. فقد كان يأتي يوميًا للمؤسسة للحديث في الهاتف، ويسرد مواقف مختلفة عن طبيعة حياته منها أنه يوم نقصت عهدته من البطاطين قام بتمزيق كل واحدة لاثنين للخروج من المأزق، إلى أن أصبح حمزة بسيوني المسؤول عن مشروع توزيع تبرعات معونة الشتاء العينية. وما ذكره الصاغ مجدي حسنين، أحد الضباط الأحرار، عن دور حمزة البسيوني في ليلة 23 يوليو في الإشراف على إعداد سيارات النقل التابعة للسلاح التي كانت تحمل الذخائر، وعربات نقل الجنود لنقل سرايا الكتيية 13 إلى مواقعهم في تلك الليلة.[8]

يذكر عويس أنه كان من ضمن توقعات المجتمع وقتئذ إجراء انتخابات في فبراير/شباط 1953 كما وعدت الحكومة الجديدة على لسان محمد نجيب، فقد كان الرأي العام في شوق وترقب لحكم ديمقراطي بعد إلغاء الملكية. ولكن الشعب فوجئ في يوم 10 ديسمبر/كانون الأول 1952 بقيام مجلس الثورة بإلغاء دستور 1923.

وفي7 يناير/كانون الثاني 1953، أعلن هذا المجلس عن فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات على أن تؤجّل الانتخابات البرلمانية حتى انتهاء هذه الفترة، وتم حل الأحزاب والهيئات السياسية ومصادرة أموالها ما عدا جميعة الإخوان المسلمين باعتبارها جمعية دينية خاصة. وفي 10 فبراير/شباط 1953، أُعلِن الدستور المؤقت لفترة الانتقال الذي سيحل محل دستور 1923، وقد أعطى الدستور سلطة السيادة لقادة الثورة في مجلس قيادة الثورة كقيادة جماعية، وبصفة خاصة التدابير التي يراها ضرورية، وأصبح لمجلس الوزراء الحق في ممارسة السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ورسم السياسة العامة للدولة. ويؤكد عويس أن أحداثًا كثيرة لم يكن يتوقعها كثيرون كان لها تأثير عنيف عليه كمواطن يرنو إلى حرية أهل بلده.

يمكن خلال هذه القراءة الأولية لسيرة سيد عويس أن نجد تباين الوعي لدى المصريين إزاء ثورة 1952، وتأثيرها عليهم وامتدادها في نفوسهم، كما أنه يتبين لنا وقائع تتناقض مع الروايات الرسمية للأحداث التاريخية المهمة، كتلك التي تتبنى وجهة نظر رسمية تعدّ كل ما أحدثته ثورة يوليو من تغييرات اجتماعية ذا وقْع إيجابي على المجتمع بأجمعه، كما أنها تلقى الضوء على بعض الفئات التي صمتت على العنف الذي مارسته حكومة يوليو منذ شهورها الأولى نتيجة التواتر السريع للقوانين التي ركزت على البعد الاجتماعي لكسب دعم المجتمع، وأن ضباط الجيش لم يكونوا على نفس القدر من النزاهة من خلال المقارنة بين شخصيتي الصاغ مجدي وحمزة البسيوني.

إن أهم ما يميز سيرة عويس أنها لم تصدر عن شخصية سياسية، ولم تتبن موقفًا إيديولوجيًا معينًا يحجب رؤية الواقع المعيشي ويصادر أصوات الأناس العاديين، وإن لم تشتمل أيضًا على مواقف عامة المصريين كافة، ولكنها تشجع على إعادة قراءة التاريخ الاجتماعي من مصادر أكثر تنوعًا، استجلاءً لملامح التكرار والتغير في السلوك الاجتماعي للمصريين في الوقت الحاضر.


[1] سيد عويس، التاريخ الذي أحمله على ظهري الجزء الأول البذور، (القاهرة، دار الهلال، 1985)، ص96.[2] المرجع السابق، ص32- 34.[3] مركز وثائق وتاريخ مصر المعاصر 1984، ص52-65.[4] عويس، المرجع السابق، ص58-59.[5] سيد عويس، التاريخ الذي أحمله على ظهري الجزء الثاني: ماء الحياة، (القاهرة، المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم، غير محدد تاريخ النشر، الطبعة الأولى 1986)، ص122.[6] المرجع السابق، ص 127.[7] المرجع السابق، ص 131.[8] المرجع السابق، ص 132 -136.