تقرير ممتع عن مبيعات تطبيقات الهواتف الذكية في عام 2017، أصدره appannie عملاق إحصائيات واستشارات عالم التطبيقات الرقمية منذ يومين، وهو الذي يحظى بشراكات متميزة مع الكثير من أساطين التقنية والاقتصاد العالميين مثل جوجل وأمازون وإي-باي وكوكا كولا وبنك باركليز .. إلخ، ويعتمد على إحصاءاته أكثر من مليون مستخدم مسجَّل في موقعه الإلكتروني.

التقرير الدسِم كمًا وكيفًا -أكثر من 160 صفحة- احتوى عشرات بل مئات الإحصائيات الشيقة والصادمة عن سوق تطبيقات الهواتف الذكية حول العالم، واتجاهات المستخدمين، وأولوياتهم، وعن الشركات صاحبة النصيب الأكبر من هذه الكعكة الدسمة للغاية. ولا أبالغ إن قلتُ إن هذا التقرير الوافي يمثل مادة خام غنية للباحثين في مجالات التقنية والاقتصاد والإدارة والتسويق، وحتى علم النفس والاجتماع.

بداية ليس في العنوان أية أخطاءٍ مطبعية. بالفعل أنفق البشر حول العالم 86 مليار دولار (أكثر من تريليون ونصف جنيه مصري) لشراء التطبيقات لهواتفهم الذكية في عام 2017، وهو أكثر قليلًا من ضعف ما تم إنفاقه عام 2015، في دلالة معبرة عن مدى النمو الجنوني لهذا القطاع الواعد. وانفردت الصين بالمركز الأول في هذا المضمار بما يقارب 33 مليار دولار دفعها المستخدمون الصينيون لشراء التطبيقات. هذا المبلغ يساوي تقريبًا ما أنفقه مستخدمو الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وبريطانيا مجتمعين.

والآن هيا لنستمتع ببعض عجائب هذا التقرير، أو للدقة عجائب البشر في زمن الهواتف الذكية.


شهر ونصف!

التطبيقات, أندرويد, أبل
التطبيقات, أندرويد, أبل

قام البشر حول العالم بأكثر من 175 مليار عملية تحميل للتطبيقات من مختلف المواقع كجوجل بلاي وأبل ستور وغيرها. هذا الشغف بتحميل تطبيقات الهواتف الذكية لم يأتِ من فراغ، إذ أظهرت النتائج أن متوسط الوقت الذي يقضيه كل منا مستخدمًا تطبيقات هاتفه الذكي حوالي شهر ونص كل عام! أي حوالي 3 ساعات يوميًا، بزيادة أكثر من 30% عن عام 2015؛ أي أن كلاً منا يزداد هوسًا بالتطبيقات مع مرور الأعوام. جديرٌ بالذكر كذلك أن عدد التطبيقات على منصتي جوجل بلاي الخاصة بأندرويد، وأبل ستور الخاصة بمستخدمي أبل، قد تجاوز 6 ملايين تطبيق.


العملاق الهندي ينتزع ميدالية فضية وأكثر

أندرويد, الهواتف الذكية, أبل
أندرويد, الهواتف الذكية, أبل

تربع التنين الصيني بفارق شاسع على صدارة جدول عدد مرات تحميل التطبيقات في 2017 والأعوام السابقة كذلك، بزيادة قدرها الضعف والربع عن عدد تحميلات الصينيين عام 2015، نتيجة الثورة الهائلة في إتاحة الهواتف الذكية للمستخدمين في الصين، بجانب عدد السكان بالطبع. تجاوزت تحميلات الصينيين 85 مليارًا عام2017؛ أي ما يعادل نصف ما قام البشر جميعًا بتحميله خلال نفس العام.

كانت المفاجأة من العملاق الهندي، الذي انتزع المركز الثاني بحوالي 15 مليار تحميل، متجاوزًا بجزء من المليار ما قام به مستخدمو الولايات المتحدة الأمريكية. بينما حل مستخدمو البرازيل وروسيا في المركزين الرابع والخامس على التوالي.

لم يكن هذا أقصى ما حققه الهنود. فقد حازوا المرتبة الأولى في متوسط عدد ما يستخدمه المستخدم الواحد من تطبيقات في الشهر، بأكثر من 40 تطبيقًا، كما شهد سوق مشاهدة الفيديو عبر الإنترنت طفرة هائلة في الهند بعد تفعيل خدمات الـ 4G في سبتمبر 2016، فتضاعف استهلاك باقات الفيديو حوالي 7 أضعاف خلال عام 2017.


طفرة بتطبيقات التسوق

شهد عام 2017 طفرة بارزة في نمو واستخدام تطبيقات التسوق الإلكتروني. طبقًا للأبحاث في عدة دول، بلغ النمو نسبة 210% في إسبانيا مقارنة بعامين سابقين فقط. وبلغت النسبة 130% و 110% و 100% في كل من ألمانيا وفرنسا واليابان على التوالي. وهكذا يحتل التسوق الإلكتروني مساحات شاسعة أكثر فأكثر بشكل غاية في التسارع، يفوق خيال أكثر المتفائلين بهذا المجال الواعد.


علي بابا والـ 800 مليون دولار في 6 أشهر

أندرويد, الهواتف الذكية, أبل, علي بابا
أندرويد, الهواتف الذكية, أبل, علي بابا

أعلن عملاق التسوق عبر الانترنت Alibaba.com أنه كسر حواجز جديدة في أرقام الأرباح القياسية عام 2017. ففي الربع الثاني من العام حقق 389 مليون دولار، وفي الربع الثالث من العام تجاوزت الأرباح 433 مليون دولار أمريكي. بزيادة قياسية تجاوزت ضعف أرباح العام الماضي. والسبب كما ذكرت إدارة علي بابا هو التمدد الهائل بين المستخدمين في وسط وجنوب شرق آسيا حيث عشرات الملايين من المستخدمين المتعطشين لخدمات علي بابا ونظائره، التي تتواكب مع الطفرة التقنية التي تشهدها هذه المنطقة الهامة.


تطبيقات التسلية والانفجار المدوي

شهد سوق أرباح التطبيقات في تصنيف التسلية Entertainment في كل من جوجل بلاي وأبل ستور خلال عام 2017 قفزة لا تصدق مقارنة بعام 2015. بلغة زيادة الأرباح من هذا السوق في الصين ما يقارب 900%؛ أي حوالي 10 أضعاف! وجاءت كل من أسبانيا وكوريا الجنوبية في المرتبة التالية بما يتجاوز 370% زيادة في الأرباح مقارنة أيضًا بأرقام 2015. ثم جاءت فرنسا 345%، ثم أستراليا 292%، ثم الولايات المتحدة الأمريكية 277%. وفي القلب من تطبيقات التسلية تأتي تطبيقات مشاهدة الفيديو عبر الإنترنت، والتي سببت طفرتها هذه الطفرة الهائلة في هذا القطاع.


اليوتيوب والثبات على القمة

أندرويد, الهواتف الذكية, أبل
أندرويد, الهواتف الذكية, أبل

ما زال اليوتيوب محتفظًا بتاج الصدارة في سوق مشاهدة الفيديو عبر الإنترنت في كل الدول التي تم دراستها في هذا التقرير، باستثناء الصين بالطبع. وجاءت شبكة Netflix في المركز الثاني في عدة دول كالولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا. وجدير بالذكر في هذا السياق أن خدمات شبكة الإذاعة البريطانية BBC iplayer و BBC sport، والتي اقتحم بها هذا العملاق الإعلامي التقليدي زمن الهواتف الذكية قد احتلت المركزين الثالث والرابع بين المستخدمين في بريطانيا.


ولتطبيقات السفر نصيبها من التطور

شهد تحميل واستخدام تطبيقات تصنيف السفر من منصة جوجل بلاي، مثل تطبيق الملاحة الشهير Google maps، وكذلك تطبيقات حجز رحلات الطيران والقطارات، والفنادق مثل skyscanner و booking … إلخ. زيادة كبيرة في 2017. ففي أسبانيا وكوريا الجنوبية شهد هذا القطاع نموًا بمعدل 100% و 90% على التوالي. وفي كل من أستراليا وبريطانيا اقترب معدل النمو من 90%، وفي فرنسا بلغ 70%.

اقتحمت تطبيقات الهواتف الذكية كل مراحل السفر بقوة. فمن خلال تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي، ومواقع تقييم الأماكن السياحية نحسن اختيار أهدافنا للسفر، وكيفية التحضير له، وكيفية الاستفادة من تجارب السابقين الإيجابية منها والسلبية. ومن خلال تطبيقات أخرى سنفاضل بين وسائل السفر، ونختار أفضلها، ونقوم بحجز أماكننا فيها دون الذهاب إلى فروع هذه الشركة أو تلك. وكذلك سنحجز الغرفة الأنسب في الفندق أو أي مكان إقامة مفضل. بل حتى يمكن حجز برنامج السفر كاملاً، ثم بعد العودة يمكن نقد التجربة وتقييمها ليستفيد غيرنا، وتنغلق الدائرة، وتستمر العجلة في الدوران والازدهار.


45 مليار دولار لأوبر وأخواتها

يبدو أنه خلال سنوات قليلة ستنقرض سيارات الأجرة التقليدية، أو تنتظم في سلك أوبر وكريم ومثيلاتها، التي تقضم كل يوم أجزاءً أكبر من هذا السوق الحيوي الذي لا غنى عنه للجميع. احتل تطبيق أوبر الشهير المركز الأول في الأرباح في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، وحلَّ ثانيًا في كل من اليابان وروسيا وجنوب شرق آسيا، وهذه البلاد يتجاوز عدد سكانها أكثر من نصف سكان العالم!


تطبيقات الألعاب: المبدأ والمنتهى

بلا منازع كانت تطبيقات الألعاب هي الحصان الأسود في تلك النقلة الهائلة في سوق التطبيقات، إذ تجاوزت أرباح هذا القطاع 36 مليار دولار أمريكي في اليابان والصين والولايات المتحدة الأمريكية. كانت الطفرة الأكبر في سوق التنين الصيني الذي تضاعفت أرباحه 250% مقارنة بعام 2015.


التنين الصيني: الرافعة الأضخم

مما سبق من نماذج لما ورد في التقرير، تبين لنا مدى مساهمة التطورات في العملاق الصيني في دفع سوق التطبيقات العالمي هذه الدفعات الجبارة. لقد قضى الصينيون في عام 2017 حوالي 220 مليار ساعة مستخدمين تطبيقات الهواتف الذكية. وهذا حوالي ضعف ما قضاه مستخدمو الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا واليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا وأسبانيا مجتمعين! ويمتاز السوق الصيني بالكثير من التطبيقات صينية المنشأ في كافة المجالات حتى الألعاب، مما يكسبه نوعًا من الخصوصية والتميز، ويشجع على مزيد من النمو الداخلي لهذا القطاع. كما أسهمت التسهيلات التي تقدمها الحكومة الصينية خاصة في الضرائب في تشجيع الكثير من شركات التقنية الكبرى على نقل مقراتها مصانعها إلى الصين، مما قفز بمجال التقنية وكل فروعه نقلة بارزة.

سنكتفي بهذا القدر، ولكن يلح سؤال لابد منه: أين البلدان العربية منتجين أو حتى مستهلكين من هذه المعارك السابقة؟ لا يبدو أن الأعوام القادمة ستحمل ردًا على هذا السؤال.